أعرب مارتين ويتسيلار، الرئيس التنفيذي لشركة “Cepsa” المتخصصة في قطاع الغاز والبترول، عن عزم الشركة إنشاء أنبوب غاز مباشر يربط إسبانيا بالمغرب، يكون مخصصا لنقل غاز الهيدروجين الأخضر، الذي يُعد هو “غاز المستقبل” حيث تتجه جمع الدول والقطاعات للاعتماد عليه.
وحسب صحيفة “ليكونيميستا” الإسبانية، فإن ويتسيلار، قال في هذا الصدد، بأن إنشاء هذا الأنبوب سيسمح بتصدير الهيدروجين الأخضر، من مصفاة سان روكي التي تتواجد بجنوب إسبانيا، نحو تراب المملكة المغربية، من أجل الرفع من صادرات الطاقة.
وفي سياق متصل، قرر المغرب مؤخرا استئناف مخططاته المرتبطة بانتاج وتصدير غاز الهيدروجين الأخضر بالنظر إلى الإمكانيات التي تتوفر عليها المملكة المغربية في مجال الطاقات المتجددة التي تُعتبر هي مصدر انتاج هذا الغاز الخالي من الكربون.
وأعربت وزيرة الانتقال الطاقي المغربية، ليلى بنعلي، عن هذا المسعى المغربي، حيث قالت بأن المملكة تُخطط لإرساء بنية تحتية غازيّة من شأنها أن تجعل المغرب رائدا في مجال الهيدروجين المنافس للغاز، موضحةً أن هذه البنية التحتية ستمكّن البلاد من تصدير الهيدروجين مستقبلا، مشيرة في نفس الوقت إلى أن العديد من الدول الأوربية تمكّنت من نقل الهيدروجين في 30% من خطوط الغاز.
ووفق الوزيرة المغربية، فإن الرباط تسعى ضرب “عصفورين بحجر واحد”، ويتعلق الأمر أولا بإعداد بنية تحتية لنقل الغاز الطبيعي والمسال، عبر الأنابيب والموانئ والمحطات الخاصة بالتخزين، وفي نفس الوقت الاستفادة من هذه البنية في السنوات المقبلة لنقل الهيدروجين الأخضر عند بدء انتاجه داخل المملكة المغربية وبدء مرحلة تصديره إلى الخارج.
وبدأ المغرب منذ سنوات في التخطيط لهذا الهدف، حيث كان قد وقع مع ألمانيا اتفاقية هامة تتعلق بتطوير قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر داخل التراب المغربي، بالاعتماد على الطاقات البديلة التي أصبح المغرب من ضمن البلدان العالمية الأولى الرائدة في هذا المجال.
ومن بين المشاريع التي كان قد بدأ فيها بالتعاون مع ألمانيا، يتعلق الأمر بمشروع مرجعي يحمل إسم “باور تو إكس” لإنتاج الهيدروجين الأخضر على الصعيد الصناعي، المُقترح من طرف الوكالة المغربية للطاقة المستدامة، ومشروع وضع منصة للأبحاث حول “باور تو إكس”، ونقل المعارف وتعزيز القدرات الراهنة بشراكة مع المعهد المغربي للأبحاث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة.
ووفق ما أوردته مصادر إعلامية متخصصة بشأن هذا الاتفاق، فإن ألمانيا والمغرب، قاما في أواخر 2019 بتهيئة روابط بين ميناء طنجة المتوسط في شمال المغرب وميناء هامبورغ الواقع في شمال ألمانيا، من أجل الاعتماد على هذين المينائين في نقل غاز الهيدروجين الأخضر من المغرب إلى ألمانيا.
ويُعتبر المغرب من بين البلدان العالمية الأولى التي يُتوقع أن تبدأ في إنتاج غاز الهيدروجين الأخضر، الذي يُعتبر حسب الخبراء من الطاقات المستقبلية، حيث تتجه جل بلدان العالم للتخلص من الطاقة التي مصدرها الوقود الأحفوري، وتعويضها بالهيدروجين الأخضر، من أجل سلامة البيئة.
ووفق “أفريك 21″، فإن المغرب قد يشهد ثورة في هذا المجال، نظرا للإمكانيات الأرضية التي يتوفر عليها، باعتباره من البلدان التي اتجهت منذ سنوات نحو الاعتماد على الطاقات البديلة، كالرياح والماء والشمس، وهي كلها مصادر لانتاج غاز الهيدروجين الأخضر.
وأشار المصدر ذاته، أن ألمانيا هي من أولى البلدان الأوروبية التي وضعت مخططا للاعتماد على الهيدروجين الأخضر في السنوات المقبلة في قطاعها الاقتصادي، وبالتالي قررت أن تتخذ من المغرب شريكا لها في إنتاج الهيدروجين الأخضر والاعتماد عليه في استيراد حاجيتها منه.
وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين ألمانيا والمغرب كانت قد شهدت العام الماضي خلافات ديبلوماسية بسبب قضية الصحراء، وهو ما أدى إلى إيقاف العديد من المشاريع نتيجة ذلك، من بينها مشاريع قطاع الهيدروجين الأخضر، لكن تحسن العلاقات واستئناف يدفع المملكة المغربية إلى استئناف مشاريعهما في هذا المجال.
كما أن تحسن العلاقات بين الرباط ومدريد التي كانت بدورها تضررت العام الماضي، سيؤدي بالبلدين إلى التعاون في مجال الربط القاري لنقل الطاقة، خاصة في الغاز الطبيعي المسال، ومستقبلا نقل الهيدروجين الأخضر عبر الأنبوب “المغاربي الأوروبي”.
وتتحدث مصادر متخصصة على أن المغرب قد يُصبح ابتداء من سنة 2030 بلدا مصدر لغاز الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، ومن المتوقع أن يستحوذ على ما بين 2 و 4 في المائة من سوق الهيدروجين على المستوى العالمي، خاصة في ظل تزايد البلدان، خاصة الأوروبية، التي تعتبر الهيدروجين الأخضر مصدر مهم للطاقة الخضراء التي يجب الاعتماد عليها، وإنهاء التعامل بالطاقات الأخرى التي تسبب آثارا بليغة على صحة البيئة.
جدير بالذكر أن الهيدروجين الأخضر هو عبارة عن وقود خالٍ من الكربون، ومصدره إنتاجه هو الماء، حيث تشهد عمليات الإنتاج فصل جزيئات الهيدروجين عن جزئيات الأكسجين بالماء، وتتم هذه العمليات بالاعتماد على الكهرباء التي يكون مصدرها طاقة متجددة.
ويعتبر الخبراء هذا الوقود الجديد، من الوقود الذي يلتزم بحماية البيئة ومكافحة الاحتباس الحراري، لكونه يعتمد إزالة الكربون وتقليص نسبته في الهواء.
اقرأ أيضاً: “معركة الغاز”.. المغرب يركز على مشروع خط الأنابيب النيجيري والجزائر تحذر إسبانيا
تتخد “معركة الغاز” التي تغذي التوتر في غرب البحر الأبيض المتوسط منحى جديدا بعد عزم المغرب تشييد عمل قد يكلفه ما يقرب من نصف ناتجه المحلي الإجمالي، لكن بالمقابل سيضمن له استقلاله في مجال الطاقة.
ونقلت صحيفة “إلكونفيدنشال” الإسبانية أن المعركة انتقلت على بعد 7000 كيلومتر جنوبا من غرب البحر المتوسط، وبالضبط إلى نجيريا، التي دخلت في اتفاق مع المغرب.
والأربعاء، أعلنت شركة WorleyParsons الأسترالية أنها وقعت عقدا مع البلدين لإجراء الدراسات الفنية الأولية لخط أنابيب الغاز الذي سيربط بينهما عن طريق البحر.
وينتظر أن يعبر الأنبوب المياه الإقليمية لـ 13 بلدا، 11 منها من غرب أفريقيا، ومن المتوقع أن تمتد إلى أوروبا عبر إسبانيا.
وتشير الصحيفة إلى أن المشروع رغم أنه نوقش في 2016 خلال زيارة قام بها الملك المغربي، محمد السادس إلى أبوجا، إلا أن تسريع المشروع الآن يعود إلى التوتر الحالي مع الجزائر ووقف العمل بالأنبوب المغاربي.
ومع خط الأنابيب القادم من نيجيريا، لن يوفر المغرب التكاليف فحسب، فالغاز التقليدي أرخص بكثير من الغاز الطبيعي المسال، لكنه سيقلل بشكل كبير من اعتماده على كل من الجزائر وإسبانيا ويعزز مكانته كقوة جيوسياسية في المنطقة. بحسب الصحيفة.
وسيكلف المشروع ميزانية تتراوح بين 23 ألف و47 ألف مليون يورو، ومقترح في البداية لربط نيجيريا والمغرب، إلا أن الشركة الأسترالية ذكرت أنها تسعى إلى اقتراحه على البلدان الواقعة على طول الطريق لتصدير غازها إلى البلدان المجاورة وأوروبا.
وتدير المشروع الضخم المؤسسة الوطنية النيجيرية للبترول والمكتب الوطني للمحروقات والمناجم في المغرب، وإذا اكتمل، سيصبح ثاني أطول خط أنابيب للغاز في العالم (7000 كيلومتر)، بعد خط الأنابيب الذي يربط آسيا الوسطى بشرق الصين (8700 كيلومتر)، وأكبر خط أنابيب يمر تحت سطح البحر.
وتأتي الخطوة المغربية في ظل وقف الجزائر في أكتوبر الماضي العمل بالأنبوب المغاربي المار عبر المملكة.
وكان المغرب يجبي رسوم مرور الغاز الجزائري في شكل كميات من الغاز بأسعار تفضيلية، توفر للمملكة 97% من احتياجاتها من هذه المادة الحيوية.
ويسعى المغرب إلى استغلال الأنبوب بشكل عكسي واستخدامه في التزود بالغاز من السوق الدولية مرورا بإسبانيا التي وافقت على مساعدته في ذلك.
ومارس الماضي، قالت وزارة التحوّل البيئي الإسبانية في بيان إن “المغرب طلب دعما لضمان أمنه في مجال الطاقة على أساس علاقاتنا التجارية، وإسبانيا ردّت إيجابا كما كانت ستفعل مع أيّ شريك أو جار”.
وأضافت “سيكون بمقدور المغرب الحصول على الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الدولية، وإيصاله إلى مصنع لإعادة التحويل في شبه الجزيرة الإسبانية، واستخدام خط أنابيب الغاز المغاربي (جي أم إي) لنقله إلى أراضيه”، من دون إعطاء أي تفاصيل بشأن الجدول الزمني لهذا الاتفاق أو كميات الغاز التي ستنقل عبر هذا الخط.
والأربعاء، أعلمت وزارة الطاقة الإسبانية وزير الطاقة الجزائري، محمد عرقاب، بقرار مدريد القاضي بالترخيص بالتدفق العكسي للغاز عبر أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي والشروع في العملية يكون بداية من اليوم أو الغد”.
وخشية تزويد إسبانيا المغرب بالغاز الجزائري، حذرت وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية نظيرتها الإسبانية أن ” كل تزويد بالغاز الطبيعي الجزائري الموجه لإسبانيا لأي وجهة غير منصوص عليها في العقد يعتبر إخلالا بأحد بنوده، مما قد يؤدي إلى إلغاء العقد الذي يربط شركة سونطراك الجزائرية بزبائنها الإسبان”.
يذكر أنه في أكتوبر الماضي، أمر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بعدم تجديد العمل بالأنبوب المغاربي المار بالمغرب إلى إسبانيا، بسبب ما وصفه بـ” الممارسات ذات الطابع العدواني من المملكة المغربية” بعد شهر من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
المصدر: الحرة – الصحيفة – مواقع إلكترونية