لماذا لم يحظى تركيب ألواح توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية على الأسطح لم باهتمام الناس؟
من المتوقع أن تُلزِم حكومة نيودلهي في الهند جميع المباني الحكومية في العاصمة بتركيب ألواح الطاقة الشمسية على الأسطح، في سياق مساعيها لتكثيف الجهود نحو مضاعفة توليد الطاقة الشمسية بحلول نهاية العام المقبل.
وبدأت هيئة الحوار والتنمية (دي دي سي)، يوم الخميس 12 مايو/أيار الجاري، العملية التشاورية لسياسة دلهي للطاقة الشمسية المقبلة، حسبما أوردت صحيفة إيكونوميك تايمز اليومية الهندية الصادرة باللغة الإنجليزية.
وأفاد المسؤولون بأنه على الرغم من الأهداف الطموحة الموضوعة على المستوى الوطني ومن جانب الحكومة المحلية والحوافز المقدمة للأفراد؛ فإن تركيب ألواح الطاقة الشمسية على الأسطح لم يحظَ باهتمام الناس.
الطاقة الشمسية في نيودلهي
تنتج ولاية دلهي، حاليًا، 230 ميغاواط فقط من الطاقة الشمسية مقابل هدف أكثر من 2700 ميغاواط، الذي حُدِّدَ في إطار مهمة الطاقة الشمسية الوطنية في يونيو/حزيران 2015.
بدورها، حددت دائرة الكهرباء هدفًا جديدًا لتوليد 500 ميغاواط من الطاقة الشمسية بحلول نهاية عام 2023، وفقًا لمسؤول كبير. وقالت المصادر إن الخطة تهدف إلى الحصول على 25% على الأقل من إجمالي الكهرباء المنتجة في دلهي من الألواح الشمسية.
وأشار مسؤول حكومي كبير إلى أن هذا ممكن فقط عند تغطية أكبر عدد ممكن من المباني الحكومية بألواح الطاقة المتجددة.
وأضاف أنه يمكن للخطة الجديدة أن تُلزِم جميع الإدارات التابعة لحكومة دلهي بتركيب ألواح للطاقة الشمسية.
وتُعَد دوائر التعليم والإيرادات والكهرباء والصحة والشركات البلدية، ومجلس دلهي جال لتوفير المياه، ودائرة الأشغال العامة، من بين الوكالات الحكومية التي لديها أقصى عدد من المباني والمساحات المفتوحة؛ حيث يمكن تركيب ألواح الطاقة الشمسية.
ووفقًا للمسؤولين، يوجد حاليًا نحو 100 مدرسة حكومية في دلهي لديها ألواح طاقة شمسية.
وحددت إدارة شمال ولاية دلهي في وقت سابق نحو 200 مبنى مدرسي، وزاد عددها لاحقًا إلى 1000؛ حيث تعتزم تركيب ألواح الطاقة الشمسية.
فوائد متعددة
لا تلبي الكهرباء المتولدة من ألواح الطاقة الشمسية متطلبات الكهرباء للمبنى فحسب، بل تتدفق الكهرباء الزائدة إلى الشبكة من خلال نظام قياس صافي توليد الكهرباء وتجني الدائرة المالكة المال من ذلك.
وفي حين أن الشركات الخاصة التي تتعامل في ألواح الطاقة الشمسية عرضت تركيبها فقط؛ فإن مسؤولية صيانتها تقع على عاتق الدائرة التي تملك المبنى.
وقال مسؤول حكومي إن هذا كان تحديًا كبيرًا، بينما أشار مسؤول آخر في حكومة دلهي إلى أنه سيجري النظر في كل هذه التحديات وحلها في خطة ولاية دلهي للطاقة الشمسية.
وأضاف أن العملية التشاورية التي تجريها هيئة الحوار والتنمية تهدف إلى أن يناقش جميع أصحاب المصلحة القضايا على منصة مفتوحة.
اقرأ أيضًا: تحديات تهدد مشروعات الطاقة الشمسية في الهند
تسعى الهند -إحدى أكبر دول العالم استهلاكًا للوقود الأحفوري- إلى التوسع بإنتاج الطاقة المتجددة في البلاد، وخاصًة الطاقة الشمسية؛ للوصول إلى مستهدفها بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2070.
وتواجه الطاقة الشمسية في الهند بعض التحديات التي تُهدد تحقيق خطّتها الطموحة في توليد 100 غيغاواط من الطاقة الشمسية المُركّبة خلال العام الجاري 2022.
ويرجع ذلك -بشكل كبير- إلى التباطؤ في نشر الألواح الشمسية على الأسطح، وفقًا لتقرير حديث صادر عن شركة “جيه إم كيه” للأبحاث ومعهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي.
وتسعى الهند إلى إنتاج 500 غيغاواط من مصادر الوقود غير الأحفوري، تمثّل نحو 50% من مزيج الكهرباء في البلاد، بحلول عام 2030.
الطاقة الشمسية في الهند
بدءًا من ديسمبر/كانون الأول 2021، بلغت السعة التراكمية للطاقة الشمسية المُركّبة في الهند 55 غيغاواط، وأسهمت مشروعات المرافق المتصلة بالشبكة بنحو 77% من الطاقة الشمسية، في حين أنتجت الطاقة الشمسية على الأسطح 20%، وأسهمت المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر -غير المتصلة بالشبكة- بنحو 3%.
وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة إيكونوميك تايمز المحلية، “حققت الهند نحو 50% فقط من هدفها لإنتاج 100 غيغاواط من الطاقة الشمسية، رغم بقاء 8 أشهر فقط على انتهاء العام الحالي”.
وتستهدف الهند إنتاج 40 غيغاواط من الطاقة الشمسية على الأسطح، و60 غيغاواط من الطاقة الشمسية على نطاق المرافق، خلال 2022.
ومن المتوقع أن تضيف الهند ما يقرب من 19 غيغاواط من الطاقة الشمسية في عام 2022، من بينها 3.5 غيغاواط من الطاقة الشمسية على الأسطح، و15.8 غيغاواط من نطاق المرافق.
وتتوقع وكالة التصنيف الهندية “كريسيل” أن تضيف الهند 14 غيغاواط من قدرة توليد الطاقة الشمسية سنويًا بين عامي 2022 و2024، وسيؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على الخلايا والوحدات الشمسية.
وبحسب تقرير شركة “جيه إم كيه” للأبحاث، فإن إضافة هذه السعة الإنتاجية من الطاقة الشمسية، ستحقق للهند 73% فقط من هدفها البالغ 100 غيغاواط من الطاقة الشمسية خلال العام الجاري.
العجز في الطاقة الشمسية
يتوقع التقرير، بحلول ديسمبر/كانون الأول 2022، وجود عجز قدره 25 غيغاواط في هدف الهند من الطاقة الشمسية على الأسطح، البالغ 40 غيغاواط مقارنة بـ1.8 غيغاواط عجزًا في توليد الطاقة الشمسية على نطاق المرافق.
وقالت مؤسسة شركة “جيه إم كيه” للأبحاث؛ جيوتي غوليا: “إن عملية توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية على نطاق المرافق في الهند تسير على طريقها الصحيح، إذ تقترب الهند من تحقيق 97% من مستهدفها بإنتاج 60 غيغاواط، خلال العام الحالي 2022”.
وأضافت غوليا، أن الهند بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد للتوسع في تركيب الطاقة الشمسية على الأسطح.
وبسبب الاضطرابات التي شهدتها سلاسل التوريد في الهند جراء القيود التي فرضتها الدولة الأسيوية لاحتواء انتشار فيروس كورونا في البلاد، واجهت مشروعات الطاقة الشمسية على الأسطح معوقات حالت دون تحقيق الإنتاج المستهدف.
وبحسب التقرير، يمكن أن يمّثل العجز المتوقع بمقدار 27 غيغاواط من مستهدف الهند للطاقة الشمسية في 2022 حجرَ عثرة في طريق البلاد للتحول نحو الطاقة المتجددة.
وتوقّع التقرير -بناء على المسار الحالي- أن تعجز الهند في إنتاج 86 غيغاواط من مخططها لتوليد 300 غيغاواط من الطاقة الشمسية في 2030.
كيفية مواجهة عجز الإنتاج
أكد التقرير، الصادر عن شركة “كيه إم جيه للأبحاث ومعهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي، ضرورة الدعم الحكومي لمشروعات الطاقة الشمسية في البلاد، عبر مزيد من الإجراءات قصيرة وطويلة الأجل لإعادة الهند إلى المسار الصحيح لتحقيق مستهدفات تركيب الطاقة الشمسية.
ودعا التقرير إلى تطبيق سياسات موحدة على المستوى الوطني في البلاد لمدة 5 سنوات على الأقلّ، وإلغاء القيود على التمويلات المصرفية لمشروعات الطاقة المتجددة.
وتتوقع وقالة كريسيل الهندية للتصنيغ الائتماني أن تنمو قدرة تصنيع وحدات الطاقة الشمسية في الهند من 8 غيغاواط إلى 38-43 غيغاواط بحلول نهاية مارس/آذار 2025، ما يمثّل زيادة قدرها 400%.
وتتوقع الوكالة الهندية، تنفيذ 30-35 غيغاواط من القدرة الإنتاجية لوحدات الطاقة الشمسية الجديدة بحلول نهاية العام المالي 2024-2025.
اقرأ أيضًا: الطاقة الشمسية في الهند.. أسعار الألواح تقفز 50% خلال شهرين
يشهد قطاع الطاقة الشمسية في الهند أزمة، بعدما فرضت الحكومة رسوم استيراد بنسبة 40% على الألواح الشمسية، و25% على الخلايا الشمسية؛ لمساعدة الشركات المصنعة المحلية على توسعة قدراتها الإنتاجية، وذلك في 1 أبريل/نيسان الماضي، وفقًا لما نشرته صحيفة “فايننشل إكسبرس” الهندية الصادرة باللغة الإنجليزية.
وقفزت أسعار الألواح الشمسية المحلية بنسبة تزيد على 50% في الشهرين الماضيين إلى أكثر من 30 روبية (0.39 دولارًا) لكل واط وقت الذروة بسبب فرض رسوم استيراد بنسبة 25% على الخلايا الشمسية وارتفاع أسعار السلع الأساسية بسبب أزمة أوكرانيا.
وأصبحت أسعار الألواح الشمسية المحلية الهندية تتساوى مع الألواح المستوردة من الصين أو حتى أعلى ثمنًا؛ ما أجبر العديد من المطورين على تعليق مشروعاتهم؛ لأنها أصبحت غير قابلة للتنفيذ؛ نظرًا للأسعار المضمنة في اتفاقيات شراء الكهرباء الحالية.
معاناة قطاع الطاقة الشمسية في الهند
يرى المحللون أن قطاع الطاقة الشمسية في الهند يعاني مشكلة مزدوجة تتمثل في ارتفاع أسعار السلع الأساسية وفرض رسوم استيراد على كل من المطورين والمصنعين.
وتوفر الصين نحو 85% من متطلبات الهند من الألواح لمشروعات الطاقة الشمسية. وَرَّد المصنعون المواد الخام مثل سبائك البولي سيليكون لتصنيع الخلايا الشمسية.
وقد أدت الرسوم المقترنة بارتفاع أسعار المواد الخام إلى زيادة تكلفة المدخلات للمصنعين المحليين؛ ما جعل الألواح المحلية مكلفة. وأصبحت الألواح الصينية باهظة الثمن بالنسبة لمطوري الطاقة الشمسية في الهند بسبب فرض رسوم بنسبة 40%.
وقال رئيس مجلس إدارة شركة واري إنرجيز، ثاني أكبر مصنع للألواح الشمسية في الهند، هيتيش دوشي، إن الشركة اضطرت إلى رفع أسعار الألواح؛ حيث زادت جميع تكاليف المدخلات بشكل كبير؛ حيث يترجم رسم 25% على الخلايا إلى 12.5% من سعر اللوح.
وأضاف أن ارتفاع أسعار السلع وتكاليف الشحن أدى إلى زيادة الأسعار، مشيرًا إلى أن الأزمة الكبرى تتمثل في نقص الطلب.
من جهتهم، علّق المطورون الهنود مشروعاتهم بسبب الطلب الضئيل في السوق.
وأصبحت اتفاقيات شراء المشروعات الموقعة غير قابلة للتطبيق في ظل مثل هذه التكاليف المرتفعة للمشروع، على الرغم من أن مصنعي عناصر الطاقة الشمسية في الهند يتمتعون الآن بقدرة تصنيعية جيدة ولديهم أحدث التقنيات، لكنهم بحاجة إلى طلب محلي جيد.
ضرورة تنظيم الأسعار
قال مسؤول الشؤون التنظيمية لدى شركة كلين ماكس إنرجي سوليوشنز الهندية، آشو غوبتا، إنه ليس إجراءً سليمًا أن يصبح سعر الألواح الشمسية المستوردة أرخص من أسعار الألواح الشمسية المحلية.
ودعا غوبتا إلى تنظيم الصناعة لتشجيع التصنيع في البلاد، وأكد أهمية تنظيم السعر لضمان عدم تأثر المستهلكين النهائيين.
وأوضح أن الأزمة الحالية المتمثلة في ارتفاع أسعار الألواح الشمسية تبدو وكأنها عملية طويلة الأمد ما لم تحقق الهند قدرة تصنيعية تبلغ 20 غيغاواط.
تجدر الإشارة إلى أن الهند تتمتع بقدرة تصنيعية معتمدة للألواح الشمسية تبلغ 12 غيغاواط سنويًا بدءًا من الشهر الماضي، ولكن لتحقيق هدفها الخاص بالقدرة البالغ 450 غيغاواط بحلول عام 2030؛ فإنها تتطلب 30 غيغاواط سنويًا.
وإذا صدقت المصادر المطلعة على الصناعة؛ فإن الحكومة الهندية تخطط للموافقة على نحو 8 غيغاواط من تطبيقات تصنيع الألواح بحلول الأسبوع الأول من مايو/أيار 2022.
وعند أخذ هذا السيناريو في الحسبان، ستظل الهند مقصرة بمقدار 10 غيغاواط لتلبية متطلباتها السنوية حتى عام 2030.
صدمة قوية متوقعة
يسود اعتقاد بأن الحكومة الهندية ستتعرض لصدمة قوية إذا لم تعدل سياساتها المتعلقة بالطاقة الشمسية في الهند في الوقت المناسب.
وقال الشريك المؤسس لشركة “سن ألفا إنرجي” الهندية، بونييت غويال، إن المطورين يحتاجون إلى بعض الحلول فيما يتعلق بتخفيض ضريبة السلع والخدمات على المشروعات التي تصل إلى 13.9%، أو زيادة الاستهلاك إذا تعذر تخفيض رسوم الاستيراد على الأجزاء المكوّنة للألواح.
بدوره، قال الشريك المؤسس لشركة “أورجان كلينتيك” الهندية، غوتام داس، إن عدم اليقين بشأن تأثير قائمة النماذج المعتمدة وسياسة الشركات المصنعة وزيادة ضريبة السلع والخدمات والقدرة التصنيعية المحلية المنخفضة قد فاقمت التقلبات في سعر ألواح الطاقة الشمسية في الهند.
وألمح غوتام داس إلى أهمية التركيز على تقديم حافز مرتبط بالإنتاج للترويج لسياسة “اصنع في الهند” بدلًا من فرض رسوم استيراد مرتفعة على الألواح الشمسية؛ لأن القدرة المحلية صغيرة جدًا في هذه المرحلة.
وقال داس إن الطاقة المتجددة هي حاجة الساعة ولا ينبغي أن تكون وتيرة تبني الطاقة الشمسية ضحية للرسوم على الواردات.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية