يتزايد حجم توربينات الرياح البحرية مع تسارع التحول إلى الطاقة المتجددة، لكن السفن اللازمة لتركيبها لا تنمو بالقدر نفسه، ما قد يؤدي إلى تباطؤ إضافات سعة الرياح.
وبحلول عام 2024، من المرجح أن يتجاوز الطلب على توربينات الرياح البحرية فائقة الحجم إمدادات السفن المتاحة لتركيبها، بحسب تقرير صادر حديثًا عن شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي.
ونتيجة لذلك، يجب على الشركات الاستثمار في سفن جديدة أو تحديث السفن الحالية لتثبيت التوربينات فائقة الحجم التي من المتوقع أن تصبح القاعدة بنهاية العقد، حسب التقرير.
طفرة توربينات الرياح
شهد تركيب توربينات الرياح البحرية على مستوى العالم -باستثناء الصين- طفرة في النمو خلال السنوات الأخيرة.
وارتفع متوسط تركيب توربينات الرياح من 3 ميغاواط في عام 2010 إلى 6.5 ميغاواط حاليًا، مع أكبر عملية تشغيل تبلغ 10 ميغاواط، بحسب التقرير.
وحسب بيانات إدارة الطاقة الوطنية في الصين، شهدت البلاد تركيب 17 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية في عام 2021، لتستحوذ بكين على 26 غيغاواط من إجمالي 54 غيغاواط مثبتة في جميع أنحاء العالم.
وشكّلت التوربينات التي يزيد حجمها عن 8 ميغاواط 3% فقط من التركيبات العالمية بين عامي 2010 و2021، لكن من المتوقع أن ترتفع هذه الحصة إلى 53% بحلول نهاية العقد الحالي.
وبالنسبة إلى أحجام توربينات الرياح البحرية، فإنها تتجه إلى الارتفاع في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا (باستثناء الصين) حتى عام 2025 وما بعده.
وفي الشهر الأخير من 2021، شهدت أوروبا تركيب أول توربين تجاري بسعة 10 ميغاواط في مزرعة الرياح البحرية “سي غرين” في إسكتلندا، كما ستشهد الولايات المتحدة تركيب توربينات بقدرة 13 ميغاواط في مشروع فينيارد.
بينما من المتوقع أن تتخلف الصين عن أوروبا في متوسط حجم التوربينات حتى عام 2030، على الرغم من أنها ستعزز حجم التوربينات، لكن معظمها سيتراوح بين 6 و8 ميغاواط، وفقًا للتقرير.
الطلب على سفن التوربينات البحرية
من المتوقع ارتفاع الطلب على سفن تركيب توربينات الرياح البحرية في جميع أنحاء العالم، باستثناء الصين، إلى نحو 79 سفينة سنويًا بنهاية العقد الجاري، مقارنة مع 11 سفينة فقط العام الماضي، بحسب ريستاد إنرجي.
كما يتوقع التقرير زيادة الطلب على سفن تركيب التوربينات التي يزيد حجمها عن 9 ميغاواط، والتي لم تكن موجودة في 2019، إلى 62 سفينة سنويًا بحلول عام 2030.
ويتطلب تركيب توربينات الرياح البحرية الأكبر حجمًا رافعات أقوى على سفن التركيب لرفع المواد الثقيلة، وحتى الآن هناك عدد قليل من السفن المصممة لهذا الغرض والمتاحة في جميع أنحاء العالم قادرة على تركيب توربينات تزيد سعتها فوق 10 ميغاواط، وفق التقرير.
ونتيجة لذلك، انتقل العديد من السفن من أوروبا إلى الصين، إذ لا يزال الطلب مرتفعًا على السفن ذات الرافعات المنخفضة.
وأصبحت السفن التي أُنشئت العقد الماضي لا تتناسب مع نمو توربينات الرياح، مع تردد الشركات في بناء سفن جديدة باهظة الثمن.
وتتراوح تكلفة تصنيع سفينة قادرة على تركيب توربينات بسعة تتجاوز 14 ميغاواط، من 300 إلى 500 مليون دولار، مع عدم وجود سفينة بهذه القدرة حتى الآن، حسب التقرير.
اقرأ أيضًا: 10 مليارات دولار لتطوير أسطول سفن التوربينات البحرية بحلول 2030
يتطلب تحوّل الطاقة المزيد من الاستثمارات والابتكارات، حيث لا تزال الإنجازات والتوسعات الكبيرة التي شهدها قطاع التوربينات البحرية دون طموحات وكالة الطاقة الدولية، التي اقترحت تركيب سعة قدرها 80 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية بحلول عام 2030.
ويستوجب هذا المقترح تركيب نحو 3 أمثال سعة طاقة الرياح العالمية الحالية خلال 9 أعوام، وفقًا لتقرير أصدره منتدى الاقتصاد العالمي، مؤخرًا.
ووفقًا لدراسة أجرتها وكالة “وورلد إنرجي ريبورتس”، سيتطلب نمو عدد المشروعات المقترحة أكثر من 100 من التوربينات البحرية الجديدة وسفن التركيب والصيانة للمشروعات البحرية المخطط لها طوال العقد المقبل، حسبما أوردته مجلة “أوفشور إنجنيير”.
سفن تركيب جديدة
أشارت الدراسة إلى أن زيادة حجم التوربينات والأساسات تعني أن الأسطول المتاح حاليًا لن يكون قادرًا على تثبيتها، لأن معظم الأسطول الحالي سيصبح قديمًا بحلول عام 2025.
وقال مدير الأبحاث في وكالة “وورلد إنرجي ريبورتس”، فيليب لويس، إن هناك حاجة إلى سفن تركيب جديدة أو تطوير للسفن الحالية.
وأضاف أن هذا يوفر فرصة استثمار تزيد قيمتها عن 10 مليارات دولار للشركات الهندسية وبناة السفن وساحات التحويل، ومورّدي المعدّات ومقدّمي الخدمات ومموّلي الأصول البحرية.
ويرى لويس أن الطلب على سفن الرياح البحرية، من أنواع مختلفة، سيكون مدفوعًا بالدعم الحكومي المرتبط بسياسات تحوّل الطاقة، ثم بالطلب خارج الشبكة لدعم توسّع الإمدادات الكهربائية لقطاعات الاقتصاد.
وتوقّع أن تزداد السعة المركبة من 32 غيغاواط، في نهاية عام 2020، لتصبح قدرة عالمية تبلغ 235 غيغاواط بحلول عام 2030، منها 226 غيغاواط من المتوقع أن تكون ثابتة في قاع البحر.
توربينات جديدة مثبتة في قاع البحر
يرى لويس أن إضافات السعة الثابتة في قاع البحر، حتى عام 2030، ستتحقق من خلال 20000 منشأة جديدة لتوربينات الرياح، وسيكون أكثر من 95% منها قائمًا على قمصان وركائز فولاذية أحادية.
وأوضح أن التركيبات المستقبلية تتطلب قدرات ومهارات جديدة، وأن كل الأسطول الحالي، تقريبًا، من سفن تركيب توربينات الرياح الدولية،سيصبح زائدًا عن الحاجة من الناحية الفنية، كسفن تركيب بحلول عام 2025، حيث يزداد حجم مكونات توربينات الرياح بشكل أكبر.
وأشار إلى دور سرعة التغيير التكنولوجي في التحول من توربينات 3-4 ميغاواط في بداية العقد الماضي، إلى توربينات 8-10 ميغاواط اليوم، وتوربينات 12-15 ميغاواط بين عامَي 2022 و2024.
وتوقّع أن يتمثل التطور القادم للتوربينات في وحدات قدرتها 20 ميغاواط نهاية العقد.
الجيل الجديد من التوربينات
بيّن لويس أن زيادة طول ووزن برج توربينات الرياح يعود إلى الشفرات الأطول والمكونات الثقيلة، وقد جرى تصميم البرج ليحمل التوربينات فائقة الوزن والحجم.
وقال، إنه لواحد فقط من أسطول من سفن تركيب توربينات الرياح الدولية اليوم، تركيب الجيل التالي من توربينات 12-14 ميغاواط دون ترقية.
تجدر الإشارة أن شركة “كاديلير” الدنماركية، طلبت، يوم الأربعاء، سفينتين لتركيب توربينات الرياح من الجيل التالي.
وأفادت شركة “كاديلير” أن سفن تركيب توربينات الرياح الجديدة من الفئة “إكس X”ستكون قادرة، في كل حمولة، على نقل وتركيب 7 مجموعات توربينات كاملة بقدرة 15 ميغاواط أو 5 مجموعات من توربينات أكثر من 20 ميغاواط، مما يقلل من عدد الرحلات اللازمة لكل مشروع.
أساسات التوربينات البحرية
تتأثّر أساسات توربينات الرياح بعمق مياه البحر، الذي يمثّل تحديًا لسفن التركيب.
وقال لويس، إنه تمّت تلبية متطلبات تركيب الأساسات إلى حدّ كبير من خلال سفن تركيب توربينات الرياح، وسفن الرفع الثقيل المصممة لقطاع النفط والغاز، حسبما أوردته مجلة “أوفشور إنجنيير”.
وكشف أن متطلبات السوق تتحول الآن إلى سفن تركيب أساسات الرياح المصممة لهذا الغرض، والقادرة على التعامل مع أكبر الأساسات الأحادية، وستكون هناك حاجة إلى المزيد من السفن المتخصصة لهذا الغرض.
وأضاف أن إحدى سفن تركيب أساسات توربينات الرياح القادرة على قمصان وركائز تركيب أحاديات،من الفئة “إكس إل XL”، يجري بناؤها حاليًا في الصين لصالح الشركة النرويجية للنقل الثقيل البحري “أو إتش تي”.
أكبر مزرعة رياح
طلبت شركة “أو إتش تي” شراء سفينة “ألفا ليفت” بناء على توقعات في عام 2018، ومنذ ذلك الحين حصلت على عقود لتركيب الأساسات في أكبر مزرعة رياح في العالم – “دوغر بنك”في المملكة المتحدة.
وسيجري إرساء السفينة التي تزن 51,087 طنًا، في حين يستمر العمل على تركيبات الفولاذ والتجهيزات الداخلية، بما في ذلك الإنجاز الميكانيكي للأنظمة.
وتحتوي سفينة “ألفا ليفت”، التي صممتها شركة “أولشتاين”، على رافعة رئيسة تبلغ حمولتها 3000 طن، ومَتْن ذكي مساحته 10000 متر مربع، قادر على حمل وتركيب ما يصل إلى 14 عمودًا أحاديًا من فئة “إكس إل” أو 12 قميصًا في كل رحلة.
وستكون السفينة قادرًة على غمر السطح الرئيس بالكامل حتى عمق 14.66 مترًا، وعلى حمل شحنات تصل إلى 48500 طن.
اقرأ أيضًا: طاقة الرياح البحرية.. اتفاق عالمي لزيادة حادة في السعة المركبة
تؤدي طاقة الرياح البحرية دورًا مهمًا في التصدي لأزمة تغيّر المناخ؛ ما يتطلب الدفع بقوة نحو زيادة حصة هذا المصدر المتجدد في مزيج الطاقة العالمي.
ومن هذا المنطلق، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) والمجلس العالمي لطاقة الرياح اتفاقًا مشتركًا يحدد هدفًا يتمثل في تركيب 380 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030.
ومع حلول منتصف القرن الحالي، من المفترض تركيب 2000 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية، وفقًا للاتفاق المعلن حديثًا بين الوكالة الدولية للطاقة المتجددة والمجلس العالمي لطاقة الرياح.
سعة الرياح البحرية
بنهاية العام الماضي، بلغت سعة طاقة الرياح البحرية المركبة حول العالم نحو 35 غيغاواط؛ ما يساعد العالم على تجنب 62.5 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بحسب تقرير حديث للمجلس العالمي لطاقة الرياح.
ويتوقع المجلس العالمي أن تبلغ سعة طاقة الرياح البحرية الجديدة 235 غيغاواط على مدى العقد المقبل في ظل السياسات الحالية.
ومع ذلك، فإن هذا يمثل 11% فقط من السعة المطلوبة لتحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2050، بحسب التقرير.
وفي العام الماضي، ركّبت صناعة الرياح البحرية العالمية 6.1 غيغاواط من السعة، بانخفاض من 6.24 غيغاواط عام 2019.
أهداف الاتفاق
نتيجة لذلك، يهدف الاتفاق المشترك بين الوكالة الدولية للطاقة المتجددة والمجلس العالمي لطاقة الرياح إلى زيادة سعة طاقة الرياح البحرية.
ويأتي ذلك من خلال وضع طريق واضح لمساعدة الحكومات على إجراء التغييرات الأساسية المطلوبة لتحقيق هذا الطموح، وإنجاز أهداف المساهمات المحددة وطنيًا الخاصة بها.
ومن المقرر أن تساعد هذه الاتفاقية على ضمان عدم تخلف قطاع الرياح البحرية في أي بلد أو منطقة، والتأكد من تطوير إمكانات الموارد غير المستغلة لمساعدة العالم على تحقيق أهدافه لعام 2050.
ويرى الرئيس التنفيذي للمجلس العالمي لطاقة الرياح أن الرياح البحرية تؤدي دورًا رئيسًا في خطط إزالة الكربون العالمية؛ حيث تقدم حلولًا لكل شيء بداية من إعادة تشكيل مهارات العمال إلى توفير التكنولوجيا لتقديم حلول جديدة مثل الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع.
ومع ذلك، لن تحدث هذه التحولات دون اتخاذ الحكومات إجراءات قوية، ويهدف الاتفاق المشترك إلى دفع قادة العالم على فعل ذلك، حسب قوله.
تحقيق أهداف التنمية المستدامة
يعمل هذا الاتفاق -أيضًا- على تعزيز الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة بشأن الطاقة المستدامة للجميع، بما يتماشى مع اتفاقية باريس بشأن تغيّر المناخ، وذلك من خلال ما يلي:
أولًا: كهرباء ميسورة التكلفة؛ إذ من المتوقع أن تصبح سعة الرياح البحرية الجديدة أرخص من سعة الوقود الأحفوري الجديدة في وقت مبكر من هذا العقد، وفقًا لوكالة بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس؛ ما يعني -أيضًا- كهرباء نظيفة لملايين المنازل.
ثانيًا: الحد من انبعاثات الكربون وتقليل تلوث الهواء عن طريق استبدال مصادر الوقود الأحفوري التي يمكن أن تسبب الضباب الدخاني والربو وغيرهما من المشكلات الصحية.
ثالثًا: تعزيز النمو الاقتصادي؛ إذ يمكن لمشروع رياح بحرية بقدرة 500 ميغاواط توفير 2.1 مليون يوم عمل على مدار عمر المشروع البالغ 25 عامًا.
رابعًا: دعم أمن الطاقة من خلال تقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة والوقود الأحفوري، جنبًا إلى جنب مع العمل بعوامل عالية السعة وتقلبات أقل مقارنة بمصادر الطاقة المتجددة الأخرى.
خامسًا: توفير المياه من خلال التخلص من توليد الكهرباء القائم على الوقود الأحفوري المستهلك للمياه.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية