سيسبب ارتفاعًا في درجة الحرارة بنحو 1.5 درجة مئوية في المناطق الحارّة.. ماذا تعرف عن مشروع إفريقيا العملاق “السور الأخضر العظيم”؟

أثارت دراسة أعدّها باحثون في جامعة كيبيك في كندا، تساؤلات بشأن التخلي عن مشروع السور الأخضر العظيم في أفريقيا.

وأظهرت المحاكاة الحاسوبية التي استخدمها الباحثون أن المشروع سيسبب ارتفاعًا في درجة الحرارة بنحو 1.5 درجة مئوية في المناطق الحارّة في المنطقة، في إشارة إلى أن الآثار السلبية المحتملة للسور الأخضر العظيم لم تُدْرَس بشكل كافٍ في الوقت الحالي.

وبحسب الدراسة -التي حملت عنوان “الصحراء الخضراء ونتائجها المناخية.. من الماضي إلى المستقبل”- ستنطوي مبادرة السور الأخضر العظيم، التي اكتملت حاليًا بنسبة 15% في منطقة الساحل الأفريقي، على تأثيرات سلبية أكثر منها إيجابية، وفقًا لما نشره موقع “أفريك 21” المعني بشؤون البيئة والتنمية الخضراء في أفريقيا.


مبادرة السور الأخضر العظيم

تأتي الدراسة حول الآثار السلبية المحتملة للسور الأخضر العظيم في أفريقيا، التي أعدّها باحثون في جامعة كيبيك في كندا، في وقت لا تزال فيه الوعود بالتمويل تتوالى لتنفيذ السور المرتقب بحلول عام 2030.

وتلقت مبادرة السور الأخضر العظيم، التي أطلقها الاتحاد الأفريقي منذ عام 2007، في عام 2021 نحو 3 تعهدات تمويل مهمة.

فقد تعهد بنك التنمية الأفريقي (إيه إف دي بي) بتقديم 6.5 مليار دولار على مدى 5 سنوات، و600 مليون دولار من وكالة التنمية الفرنسية (إيه إف دي)، ومؤخرًا تعهد البنك الدولي بتقديم 5 مليارات دولار على مدى 5 سنوات.

ويهدف مشروع مبادرة السور الأخضر العظيم، الذي وُضِعَت مخططاته لشريط من الأرض يبلغ طوله نحو 8 آلاف كيلومتر، إلى تغيير نمط حياة ملايين الأشخاص من خلال إنشاء مجموعة متنوعة من النظم البيئية الخضراء والمنتجة في شمال أفريقيا والساحل والقرن الأفريقي.

ووضع مصممو السور في البداية تصوّرًا على أنه ممر طويل بعرض 15 كيلومترًا، يعبر القارة الأفريقية بأكملها لمسافة 7800 كيلومتر، ويمثل ما يقرب من 117 ألف كيلومتر مربع أو 11.7 مليون هكتار من الغطاء النباتي.

وتعْبر السور 11 دولة أفريقية هي غامبيا والسنغال وموريتانيا ومالي والنيجر ونيجيريا وتشاد والسودان وإثيوبيا وإريتريا وجيبوتي، ويربط مدينة داكار عاصمة السنغال بجيبوتي.


الانعكاس البيئي المتوقع

تُظهِر المحاكاة الحاسوبية عالية الدقة، التي استخدمها باحثو جامعة كيبيك في كندا في سياق تقييم الانعكاس البيئي المتوقع لمشروع السور الأخضر العظيم في أفريقيا، حدوث انخفاض في متوسط ​​درجات الحرارة في الصيف بمقدار 1.5 درجة مئوية في معظم منطقة الساحل الأفريقي.

وبيّنت المحاكاة الحاسوبية أن اتساع رقعة الغطاء النباتي يشكّل حوضًا رطبًا في المنطقة؛ ما سيؤدي إلى تكثيف دورات المياه ومن ثم زيادة هطول الأمطار.

وتوقع الباحثون ازدياد سخونة المناطق الحارّة بمتوسط ​​درجات حرارة يصل إلى 1.5 درجة مئوية، وأوضحوا أن هطول الأمطار سيزداد أيضًا بشكل كبير؛ ويمكن أن يتضاعف، في بعض المناطق، بسبب نشاط وانتشار الرياح الموسمية في غرب أفريقيا.

اقرأ أيضًا: لماذا تجب زيادة دعم الدول النامية في مواجهة المناخ؟ (تقرير)


تُعد الدول النامية، خاصة في أفريقيا، هي الأكثر تضررًا من تداعيات تغيّر المناخ؛ ما يعني أن تعزيز التمويل لمساعدة القارة على التكيف مع الضرر المتزايد أمر بالغ الأهمية.

ومن شأن الخسائر المتزايدة في الأراضي والدخل جراء تغيّر المناخ، أن تؤدي لزيادة لاجئي المناخ، الذين ينتقلون خارج أفريقيا خصوصًا، بحسب رؤية مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، في تعليقات مع مؤسسة طومسون ورويترز، ونشرها منتدى الاقتصاد العالمي.

لذلك، يجب على الدول المتقدمة بصفة خاصة، التحرك بأسرع ما يمكن لمواجهة التهديدات المناخية وتسريع الجهود للحد من الانبعاثات وذلك بدعم الدول النامية، وفقًا للتقرير.

تكاليف المناخ في أفريقيا

حتى الآن؛ فإن التعهدات العالمية بخفض الانبعاثات تتراوح بين ثلث وثلثي المطلوب للحفاظ على الاحترار العالمي أقل من درجتين مئويتين، وهو الهدف الأقل طموحًا لاتفاقية باريس لعام 2015 بشأن تغيّر المناخ، حسب تصريحات جورجيفا.

وهذا يترجم إلى ارتفاع سريع في التكاليف للتكيف مع تداعيات تغيّر المناخ؛ حيث يقدر برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة أن الدول النامية في حاجة إلى ما يتراوح بين 140 و300 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030، للتعامل مع هذه الآثار.

وقالت جورجيفا إن ما لا يقل عن 30 إلى 50 مليار دولار من هذا المبلغ مطلوب فقط لدول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وفقًا لتقديرات صندوق النقد.

ويُكلف ارتفاع مستوى سطح البحر والفيضانات الشديدة نحو 3.8 مليار دولار سنويًا في غرب أفريقيا، فيما يصل إجمالي الخسائر في جميع أنحاء القارة إلى 8 مليارات دولار سنويًا، بحسب رئيس بنك التنمية الأفريقي، أكينوومي أديسينا.

ويشمل ذلك ملياري دولار من الأضرار التي لحقت بجنوب أفريقيا من الأعاصير في السنوات الأخيرة، فضلًا عن خسائر مليون هكتار من المحاصيل؛ بسبب الجراد، وأضرار أخرى من الفيضانات في شرق القارة وتحول المزيد من الأراضي إلى صحراء في منطقة الساحل، وفقًا لما قاله رئيس بنك التنمية الأفريقي.

أفريقيا أساس مواجهة المناخ

من شأن درء هذه المخاطر السلبية على الدول النامية خاصة في أفريقيا أن يعزز جهود العالم في مواجهة تغيّر المناخ.

باختصار “أفريقيا هي مفتاح العالم للفوز في المعركة ضد تغيّر المناخ”، كما يرى رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، قائلًا: “المعركة ضد تغيّر المناخ لا يمكن الانتصار بها ما لم يُجرَ الفوز بها في أفريقيا”.

وكان من المفترض أن تقدم الدول المتقدمة دعمًا إلى الدول النامية بنحو 200 مليار دولار سنويًا في 2020، لكنها فشلت في الوفاء بهذا التعهد.

وأعلنت الحكومة البريطانية، خلال قمة المناخ كوب 26، أنها ستخصص تمويلًا للمناخ يصل إلى 1.2 مليار دولار في أفريقيا، مع الإشارة إلى أنه سيكون المزيد من التمويل في المستقبل.

كما تعهد رئيس وزراء اليابان، فوميو كيشيدا، بتقديم تمويل إضافي يصل إلى 10 مليارات دولار إلى الدول النامية لمواجهة تغيّر المناخ.

المزيد من الاستثمارات

تتطلب مواجهة المناخ تغييرات مالية عالمية لخفض الانبعاثات، بدءًا من إنهاء 600 مليار دولار سنويًا من الدعم المباشر للوقود الأحفوري إلى تعزيز أنظمة تسعير الكربون لضمان إدراج تكاليف الأضرار المناخية في المنتجات، وفقًا لمديرة صندوق النقد.

وفضلًا عن ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمارات الخاصة لتعزيز الطاقة النظيفة، وتعزيز القدرة على التكيف مع تغيّر المناخ.

وفي العام الماضي، ارتفعت الاستثمارات المتعلقة بالمناخ بنسبة 50% على مستوى العالم، لكنها لا تزال تمثل نسبة ضئيلة في صناديق الاستثمار العالمية، بحسب التقرير.

وأظهر تقرير سابق لصندوق النقد أن إجمالي أصول الصناديق التي تركز على الاستدامة بلغ 3.6 تريليون دولار العام الماضي؛ ما يعادل 7% من إجمالي قطاع صناديق الاستثمار البالغ 50 تريليون دولار، مع تشكيل الصناديق المعنية بالمناخ نحو 130 مليار دولار من هذا المجموع.

صناديق الاستثمار المستدام.. كيف يمكن أن تدفع التحوّل الأخضر؟
ويرى صندوق النقد، أن تحقيق الحياد الكربوني يتطلب ضخ استثمارات إضافية تصل إلى 20 تريليون دولار على مدى العقدين المقبلين.

وتدعو جورجيفا الدول كافة للتحرك بأسرع ما يُمكن من أجل معالجة التهديدات المناخية وتكثيف الجهود لخفض الانبعاثات الكربونية الضارة بالبيئة، قائلة: “الدول الغنية يجب أن تفعل المزيد، والأسواق الناشئة يجب أن تفعل المزيد، والدول الفقيرة يجب أن تُساعَد لفعل المزيد”.

المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية

Exit mobile version