عند تأسيس أوبك لم تكن ليبيا من الدول المصدّرة للنفط آنذاك، لكنها انضمت إلى المنظمة بعد عامين تقريبًا، وتحديدًا في 1962، لتصبح العضو السابع في هذا الكيان.
ويعتمد اقتصاد ليبيا -البالغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة- بشكل أساس على قطاع النفط الذي يمثّل نحو 69% من عوائد الصادرات.
وتسهم العوائد الكبيرة المحققة من قطاع الطاقة، إلى جانب انخفاض عدد السكان، في جعل ليبيا واحدة من أعلى الدول في أفريقيا من ناحية نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي الآونة الأخيرة، توقّف إنتاج النفط الليبي لعدة أشهر؛ بسبب الاضطرابات السياسية بين الشرق والغرب، قبل عودته مجددًا، بعدما قال قائد شرق ليبيا خليفة حفتر، في سبتمبر/أيلول 2020، إن قوّاته سترفع الحصار الذي دام لنحو 8 أشهر على صادرات الخام.
اكتشاف النفط
يعود تاريخ حفر أول بئر للنفط في ليبيا -التي تشتهر بأن لديها أفضل أنواع النفط في العالم- إلى عام 1959، قبل أن تبدأ الدولة في تصدير الخام بحلول عام 1961.
وبلغ إجمالي شحنات النفط الليبي في عام 1961 بأكمله نحو 7 ملايين برميل، مع حقيقة أن الشحنة الأولى صُدِّرَت إلى بريطانيا وقتها.
ويتميز أغلب النفط الليبي بجودته، إذ إنه من الأنواع الخفيفة الحلوة.
احتياطيات النفط
بينما تمتلك ليبيا أكبر احتياطيات مؤكدة من النفط الخام في أفريقيا، فإن الصراع المستمر منذ عام 2011، وأطاح بالرئيس الأسبق معمر القذافي، أثّر بالسلب في مستويات الإنتاج في البلاد.
وحتى نهاية عام 2020، كانت ليبيا تمتلك 48.4 مليار برميل من احتياطيات النفط الخام المؤكدة، وفق بيانات بي بي، ما يعادل حصة قدرها 4.1% من احتياطي منظمة الدول المصدّرة للنفط.
وتشغل ليبيا بذلك المرتبة السابعة في قائمة أكبر الدول في منظمة أوبك من ناحية الاحتياطي النفطي، بحسب البيانات المنشورة على موقع أوبك.
إنتاج النفط
كان إنتاج النفط الليبي قد وصل إلى مستوى 1.557 مليون برميل يوميًا في عام 2009، لكنه انخفض بشكل حاد إلى 462 ألف برميل يوميًا عام 2011، وهو ما تُرجم إلى انكماش اقتصادي بنحو 66.7% في العام ذاته، قبل أن يتعافى في السنوات اللاحقة.
ومنذ عام 2017، اتبع إنتاج النفط الخام في ليبيا اتجاهًا صعوديًا، إذ زاد من 811 ألف برميل يوميًا إلى 951 ألف برميل في العام التالي له، قبل أن يسجّل 1.097 مليون برميل يوميًا في عام 2019.
وخلال عام 2020، تشير تقديرات أوبك إلى أن إنتاج النفط الليبي سيبلغ في المتوسط 0.368 مليون برميل يوميًا.
وأدى هذا الانخفاض الحاد في إنتاج ليبيا النفطي خلال العام الماضي إلى انكماش اقتصاد البلاد بنحو 66.7%، كما تشير تقديرات صندوق النقد الدولي.
وجاء الهبوط في إنتاج النفط الليبي خلال عام 2020، على الرغم من إعفاء البلاد من اتفاق كبح الإمدادات بين تحالف أوبك+ الذي بدأ في مايو/أيار 2020، استجابة إلى انهيار أسواق الخام على خلفية تداعيات وباء كورونا.
ومن غير المقرر أن تنضم ليبيا إلى تحديد حصص الإنتاج بموجب اتفاق خفض إمدادات الخام -المطبّق حاليًا بين دول أوبك والمنتجين من خارجها- حتى يستقر إنتاج البلاد عند 1.7 مليون برميل يوميًا، على حد تصريحات سابقة نقلتها صحيفة وول ستريت جورنال، لرئيس مؤسسة النفط الوطنية الليبية، مصطفى صنع الله.
والآن، تضخ ليبيا 1.164 مليون برميل يوميًا من النفط الخام (الأرقام عن شهر أكتوبر/تشرين الأول 2021)، بارتفاع 15 ألف برميل يوميًا عن الشهر السابق له.
وتمثّل هذه الإمدادات النفطية زيادة قدرها 10 أمثال متوسط الإمدادات التي جرى ضخّها خلال الربع الثالث من عام 2020، والبالغة 121 ألف برميل يوميًا، أي قبل اتفاق وقف إطلاق النار.
وكان إنتاج ليبيا النفطي في عهد القذافي، يتراوح ما بين 1.5 و1.6 مليون برميل يوميًا، حسب تصريحات نقلتها وكالة فرانس برس لرئيس الأبحاث في معهد الشؤون الدولية والإستراتيجية، فرانسيس بيرين.
وتقدّر المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أن الحصار الذي كان مفروضًا في ليبيا -التي تُعدّ الدولة الـ16 من ناحية الكتلة الأرضية، إذ تبلغ مساحتها نحو 1.760 مليون كيلومتر مربع- أدّى إلى خسائر في الإيرادات بنحو 10 مليارات دولار.
وبالنظر إلى أن ليبيا معفاة من حصص إنتاج أوبك، فإن المنظمة بحاجة إلى مراقبة إنتاج البلاد مع تعافي الإمدادات التي تقوم بضخّها.
وفي حين كون رفع الحصار يسمح بزيادة الإنتاج والصادرات منذ سبتمبر/أيلول 2020، فإنه لا يزال يمثّل هدنة -اتفاق مؤقت- وليس اتفاق سلام.
الغاز الطبيعي
تمتلك لبيبا 1.4 تريليون متر مكعب من الاحتياطيات المؤكدة للغاز الطبيعي بنهاية عام 2020، وفق بيانات بي بي السنوية، ما يجعلها خامس أكبر مالك لاحتياطي الغاز في أفريقيا.
وتعطّل إنتاج الغاز الطبيعي الليبي بالكامل تقريبًا -كما هو الحال مع النفط- لفترات طويلة عام 2011، قبل أن يبدأ في التعافي حتى بلغ 13.3 مليار متر مكعب بنهاية عام 2020، مقارنة مع 16 مليار متر مكعب عام 2010، بحسب شركة بي بي.
وفي عام 2019، بلغ الطلب على الغاز الطبيعي في الدولة الأفريقية 4.939 مليار متر مكعب، وفق تقرير أوبك السنوي.
وصدَّرت ليبيا نحو 9.1 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي عام 2019، مقارنة مع 4.51 مليار متر مكعب في العام السابق له، إذ تحاول الصناعة التعافي بعد الأزمة السياسية.
وتذهب جميع صادرات ليبيا من الغاز الطبيعي إلى إيطاليا عبر خط أنابيب غرين ستريم (Greenstream)، إذ يعالج الغاز الطبيعي المنقول من حقل الوفاء البري وحقل بحر السلام البحري من أجل التصدير.
وفي عام 1971، أصبحت ليبيا الدولة الثالثة في العالم بعد الجزائر والولايات المتحدة، في بدء تصدير الغاز الطبيعي المسال، إذ صدّرت البلاد كمية صغيرة من الغاز المسال إلى إسبانيا.
حقول النفط والغاز
تقع أغلب حقول النفط في شرق خليج سرت، إذ تُشكل حقول النفط في حوض سرت الشرقي ثلث إنتاج ليبيا، مع حقيقة أنها تضخ نحو 350 ألف برميل يوميًا.
ويُعد حقل شرارة النفطي هو أكبر الحقول في ليبيا، إذ تجاوزت قدرته الإنتاجية 300 ألف برميل يوميًا.
وفي عام 1959، كانت ليبيا على موعد مع اكتشاف أول حقول النفط الليبية، وهما حقلا الأمل وزلطن.
واُكتشف حقل البوري البحري عام 1976، ومن الاكتشافات الحديثة حقل الجرف في عام 2003، وهو مصدر مهم لاستخراج النفط والغاز.
ولدى ليبيا العديد من الحقول أيضًا، مثل الفيل والزويتينة والمبروك ومرزق وأبو طفل.
قطاع الكهرباء
تعتمد القدرة المركبة الإجمالية من الكهرباء في ليبيا على الوقود الأحفوري بشكل كامل، ومع ذلك، فإن الطلب المحلي على الكهرباء يفوق التوسع في السعة، ما يؤدي إلى زيادة انقطاع التيار الكهربائي.
ويبلغ إنتاج الكهرباء في ليبيا نحو 5 آلاف ميغاواط، بينما يبلغ عجز الكهرباء 2000 ميغاواط.
وفي عام 2019 كان نحو 68.5% من سكان ليبيا يحصل على الكهرباء، انخفاضًا من 100% عام 2000، بحسب تقديرات البنك الدولي.
وتعمل ليبيا على تنويع مزيج الطاقة لديها وتسخير إمكانات البلاد من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إذ تهدف إلى أن يأتي 22% من توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
وفي نهاية عام 2018، بلغ استهلاك الكهرباء في ليبيا 27.74 تيراواط/ساعة، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
وفي محاولة لتوسيع القدرة المركبة، حددت الشركة العامة للكهرباء في ليبيا خطط تطوير طموحة على مدى العقد المقبل، بما في ذلك بناء محطة رئيسة لتوربينات الغاز ذات الدورة المركبة في بنغازي، والتي يمكن أن تكون لها قدرة توليد تبلغ ما يصل إلى 1.5 غيغاواط.
وتخطط ليبيا لإنتاج 6.075 ميغاواط إضافية من السعة الجديدة خلال المدة من عام 2021 وحتى عام 2030.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية