3 دول تتنافس عليه بسبب ثرواته الضخمة.. هل يصبح تطوير حقل الدرة طريقًا للريادة في الخليج العربي؟

مازال تطوير حقل الدرة موضع اهتمام كبير من قبل المملكة العربية السعودية والكويت وإيران، في ظل الحاجة المتزايدة إلى الغاز وأزمات الطاقة المتعاقبة.

وأكد الكاتب واين أكرمان -في مقال نشره معهد الشرق الأوسط (إم إي آي)- أن تطوير حقل الغاز يُعدّ بمثابة ريادة للعلاقات الإقليمية، أكثر من كونه يتعلق بسوق الغاز الطبيعي المسال العالمية.

إذ أشار إلى أن التأثير في سوق الغاز والغاز الطبيعي المسال العالمية سيكون غير مهم، نظرًا لأنه سيجري استيعاب أيّ إنتاج في قطاع الكهرباء والطاقة المحلي في أيّ من البلدان الثلاثة.

اكتشاف حقل الدرة

يقع حقل الدرة في المياه الضحلة قبالة الشاطئ في شمال الخليج العربي، عند تقاطع المطالبات الإقليمية المتنافسة من قبل الكويت وإيران والمملكة العربية السعودية.

واكتُشِف حقل الغاز في منتصف الستينات، في وقت كانت فيه الحدود البحرية غير محددة على نحوٍ جيد، ولم يكن الغاز يُعدّ من الأصول الإستراتيجية.

ومنحت الكويت وإيران امتيازات بحرية متداخلة بسبب الحدود البحرية غير المحددة، بينما طوّرت الكويت والسعودية منطقة محايدة، تُعرف باسم المنطقة المحايدة المقسومة، تغطي منطقة الحدود البرية والبحرية، إذ ستُطَوَّر جميع حقول الهيدروكربونات بالاشتراك مع شركات النفط الوطنية.

وسعيًا لتنمية الموارد، اتفقت السعودية والكويت على ترسيم المنطقة المحايدة والعمليات المشتركة داخلها.

ونظرًا لأن الدول الرئيسة المنتجة للنفط تركّز على تطوير الاحتياطيات في الأراضي غير المتنازع عليها، فإن حقل الدرة كان غير مطوّر.

ويحتفظ القطاع البحري في المنطقة المحايدة المقسومة بحقل نفط الخفجي العملاق وحقل غاز الدرة.

أهمية حقل الدرة

تختلف تقديرات الموارد في الحقل بشكل كبير من 60 تريليون قدم مكعبة، إلى 10-13 تريليون قدم مكعبة، و300 مليون برميل من النفط.

وتختلف تقديرات الإنتاج أيضًا، إذ تتراوح من 800 مليون قدم مكعبة يوميًا، إلى مليار قدم مكعبة يوميًا، و84 ألف برميل يوميًا.

وأشار الكاتب واين أكرمان إلى أن الكويت تمتلك حاجة ملحّة إلى موارد الغاز المحلية، ومن ثم فإن تطوير الدرة سيحتلّ مرتبة أعلى في قائمة أولوياتها من إيران أو السعودية، وكلاهما لديه موارد محلية لا يزال يتعين عليه استغلالها.

ومع ذلك، يمثّل الدرة مصدر قلق إقليمي للسعودية وإيران لأن كلتيهما ستسعى إلى حماية ما تعُدّانه “مواردهما” المشروعة، بحسب ما أكده أكرمان في مقاله.

بالنسبة للكويت، فإن المخاطر كبيرة، إذ إن تقسيم إنتاج مليار قدم مكعبة يوميًا بنسبة 50% سيوّفر أكثر من 12% من إجمالي 4 مليارات قدم مكعبة يوميًا من المتوقع أن تحتاجه البلاد بحلول عام 2030.

وبالنسبة للسعودية، فإن 500 مليون قدم مكعبة إضافية ستضيف 3% فقط إلى أحجام الغاز اليومية الحالية.

وبالنسبة لإيران، بافتراض المشاركة والاستغلال، فإن الإضافة إلى إجمالي إنتاجها أقلّ من ذلك، لأن أيّ إنتاج من إنتاج من الدرة يتضاءل أمام حقل بارس العملاق.

ومع ذلك، شدّد الكاتب على أن البلدان الثلاثة تعاني من نقص في الغاز، ولا يمكنها تلبية احتياجاتها المحلية.

محاولات تطوير مستمرة

أوضح أكرمان أنه لطالما كانت المناقشات الرسمية حول تطورات حقل الدرة صعبة، إذ سعت كل من السعودية والكويت إلى استغلال الموارد وفقًا للجداول الزمنية والاحتياجات والإستراتيجيات الخاصة بكل منهما.

وظل تطوير حقول النفط محط تركيز الحكومات، إذ ما زال حقل الوفرة البري وحقل حوت وحقل الخفجي البحري قيد التطوير، بينما لم يُعالَج استغلال الدرة.

وفي أوائل العقد الأول من القرن الـ21، مع زيادة طلب البلدين على الغاز، استؤنفت المناقشات بين السعودية والكويت حول التطوير المشترك لحقل الدرة.

وفي عام 2013، أوقف كلا البلدين المفاوضات بسبب الاختلافات في طرق خطوط الأنابيب وتقاسم إنتاج الغاز.

وفي السنوات اللاحقة، 2014-2015، أدى الاختلاف المستمر في الفلسفات التشغيلية إلى نزاعات، أدت في النهاية إلى تعليق إنتاج النفط من حقول المنطقة المحايدة، وتوقفت خطط تطوير الدرة مرة أخرى.

بحلول ذلك الوقت، بدأ كلا البلدين في رؤية قيمة الغاز مع نمو الطلب بقوة، وأراد كل منهما التقاط كميات لتلبية احتياجاتهما المحلية المتزايدة.

إذ طوّرت الكويت -نظرًا لكونها تفتقر إلى الغاز- محطة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، وشراء الغاز الطبيعي المسال من السوق العالمية.

وبالنسبة لمنتج رئيس للمواد الهيدروكربونية، كان الاعتماد على الغاز المستورد منذ عام 2008 لتزويد الاحتياجات المحلية قرارًا صعبًا بالنسبة للحكومة.

ومن جانبهم، لجأ السعوديون إلى قاعدة مواردهم المحلية، وسعوا إلى تطوير موارد غاز غير تقليدية -مثل حقل الجافورة-، مع استكمال احتياجات الكهرباء الداخلية بالسوائل.

تجديد التعاون الثنائي

في أواخر عام 2019، اتفقت السعودية والكويت على استئناف الإنتاج من حقول المنطقة المحايدة، الأمر الذي كان بمثابة مؤشر على أن المحادثات الأوسع يمكن أن تُستأنَف في حقل الدرة.

في أواخر عام 2020، أعلن كلا البلدين أنهما سيعيّنان مستشارًا تقنيًا واحدًا لمراجعة وتقييم خطة تطوير الحقل وتوقعات الإنتاج وخيارات التخزين وتكاليف التطوير وتحديد حصة الغاز لكل دولة.

وأوضح أكرمان أنه تبقى رؤية ما إذا كان بإمكان الكويت والسعودية تطوير ثقة متبادلة للتعاون الفني وتطوير حقل الدرة تجاريًا.

ومن المثير للاهتمام أن البلدين يلتزمان عادةً بفهم جغرافي بسيط: الحقول في القطاع الشمالي من المنطقة المحايدة تديرها الكويت، بينما الحقول في القطاع الجنوبي تديرها السعودية، بحسب ما أورده المقال.

يقع حقل الدرة في القطاع الشمالي، ومن ثم قد تضغط الكويت من أجل التشغيل. ومع ذلك، فإن الخبرة الفنية لتطوير حقل غاز معقد غني بالسوائل مع حافة نفطية تقع على عاتق السعوديين.

وعلى الرغم من إعلان السعودية والكويت رغبتهما في المشاركة في تطوير الحقل، فإنهما لا تزالان بحاجة إلى التفاوض بشأن العديد من الاتفاقيات، قبل صياغة خطة تطوير الحقل بشكل مشترك.

ومع مشكلات سلسلة التوريد الحالية والاختناقات، قد يدفع الجدول الزمني للتطوير أيّ إنتاج أول نحو نهاية العقد لاحقًا، وإذا اعتمدت الكويت والسعودية على الشركات المحلية لتطوير وإنتاج الحقل، فإن تاريخ الإنتاج الأول سيكون أطول.

مزاعم إيرانية

تدّعي إيران امتلاكها جزءًا من الحقل، وفي حين إن الحدود البحرية لم تُحَدَّد، ويُتَّفَق عليها من قبل جميع الأطراف، توصّلت الكويت والسعودية إلى تفاهم متبادل مع ترسيم حدود المنطقة المحايدة المقسومة.

ولم يُتَّفَق على الحدود الدولية أو الحدود الشرقية للمنطقة، التي تقوم بترسيم حدود الكويت وإيران وحدود السعودية وإيران.

انخرطت الكويت وإيران -في بعض الأحيان- بمناقشات حول حدودهما البحرية المشتركة، ولكن لم يُتَوصَّل إلى اتفاقيات رسمية على الإطلاق.

وأجرت السعودية وإيران محادثات أيضًا، لكن وفقًا لتقارير صحفية، كانت هذه المحادثات متقطعة وغير متّسقة، ولم تسفر عن نتائج تُذكر حتى الآن.

وتشير العديد من التصريحات الصحفية الأخيرة إلى أن السعودية والكويت تعتزمان المضي قدمًا في تطوير حقل الدرة.

وقد وجّه كلا البلدين -بصفتهما كيانًا تفاوضيًا واحدًا- دعوات للإيرانيين للمشاركة في المناقشات، وحتى الآن، رفض الإيرانيون العرض.

وأشار الكاتب إلى أنه من غير المحتمل أن تحدث محادثات جوهرية، إذا استمر المشروع السعودي الكويتي في تطوير الحقل.

وأضاف أنه يمكن أن يتوقع بعض الإيرانيين المضي قُدمًا في خطط التنمية الخاصة بهم، خلال سعيهم للاستيلاء على ما يعدّونه نصيبهم من الاحتياطيات.

ورأى أن تطوير الدرة قد يتقدم على غرار تطوير حقل بارس وحقل الشمال، إذ تستغل إيران وقطر الحقل بشكل مستقل لصالح أصحاب المصلحة بدلًا من تعظيم استعادة الحقل.

المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية

Exit mobile version