ما قصة القرى الزراعية النموذجية والمبتكرة لتصدير الخضار من سوريا؟

يعاني المزارعون السوريون منذ مطلع العام الحالي من ارتفاعات متتالية لأسعار تكاليف زراعة الخضار والفواكه، وبشكل غير مسبوق، ويعود ذلك لأسباب عديدة، كان أبرزها رفع الدعم وموجات صقيع متلاحقة ضربت الإنتاج المحلي، إضافة لارتفاع أسعار المازوت المستخدم في عمليات الري، والغزو الروسي لأوكرانيا.

وزير الزراعة في الحكومة السورية محمد حسان قطنا، كشف عن نية الحكومة السماح بتصدير محصولي الثوم والبصل، بهدف دعم المزارعين، وذلك في ظل وجود إنتاج كبير وانخفاض في أسعار البيع.

خطة للتصدير

وأعلن قطنا خلال تصريحات نقلها موقع “الاقتصادي” الخميس، عن خطة تعمل عليها وزارة الزراعة، لإطلاق قرى زراعية تصديرية، “يتوفر فيها موارد وبنى تحتية وفلاحين مثقفين قادرين على إنتاج منتجات زراعية تتميز بمواصفات إنتاجية جيدة قابلة للتصدير“.

وبحسب ما أكد الوزير “سيتم ربط هذه القرى بمنظومة متكاملة للحجر الصحي ونوع البذار والسماد والممارسات الزراعية إلى جانب مشرفين زراعيين ووحدة تصديرية هدفها الإرشاد للوصول إلى منتج خاصر للتصدير“.

من جهة ثانية، قال عضو لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه بدمشق أسامة قزيز، يوم الأحد، إن أثر التصدير على ارتفاع أسعار الخضار والفواكه يخضع للعرض والطلب، في حين أنّ مواسم الإنتاج لم تكن حسب التقديرات المتوقعة، مضيفا أن، موجة ارتفاع جديدة في أسعار الخضار والفواكه كانت قد انتشرت خلال النصف الأول من شهر رمضان الماضي، وما لبثت أن استقرت الأسعار حتى حملت أيام عيد الفطر موجة “تخبط” غير معقولة في الأسعار، إذ توجد عادات متوارثة لدى بعض التجار بضرورة رفع أسعار الخضار والفواكه خلال مواسم الأعياد.

التصدير وعوامل أخرى ترفع أسعار الخضار

وفي سياق آخر لارتفاع الأسعار، نقل “هاشتاغ“، عن قزيز، أن التصدير أسهم في ارتفاع الأسعار في الأسواق، ومثال ذلك أسعار البندورة التي كانت حديث الأسواق ووصل سعرها في أيام عيد الفطر إلى 5 آلاف ليرة، إذ يتم إنتاج ما يقارب الألف طن من مواسم بانياس وطرطوس، يصدر منها أكثر من 400 طن إلى الأسواق الخارجية، رغم حاجة السوق المحلية لها، مع زيادة الطلب عليها، وبالتالي كان من الممكن في حال ضخها كلها في الأسواق أن تسهم في انخفاض أسعارها، لافتا إلى إمكانية خفض أسعارها بعد 15 يوما، وذلك بعد انطلاق موسم جديد من الإنتاج.

أما البطاطا، فقد ضربت موجات الصقيع أغلبية أماكن زراعتها، ما أدى إلى استيراد البطاطا المصرية، والتي تعد أسعارها مرتفعة، ولا حل إلى إعادة خفض أسعارها والاستغناء عن استيرادها إلا بانتظار موسم حصادها القادم والذي يحتاج شهرا آخر.

كما أن هناك عوامل أخرى تلعب دورا مهما في رفع الأسعار، مثل الوقود وأجور النقل وعبوات التخزين، إضافةً إلى أجور اليد العاملة وصعوبة الحصول على المواد الزراعية من الأسمدة والمبيدات.

وكان موقع “الحل نت“، تابع ارتفاع الأسعار خلال الأيام الماضية، حيث قفزت أسعار الخضار والفاكهة في أسواق دمشق، فبلغ متوسط أسعارها ، اللوز “العوجا” 8500 ليرة، والبندورة 4000 ليرة، والبطاطا 2900 ليرة، والفليفلة 6000 ليرة، والباذنجان بلدي 5000 ليرة.

كما وصل سعر كيلو جزر 1900 ليرة، وكوسا 4200 ليرة، والفليفلة الأميركية 5500 ليرة، والزهرة 2000 ليرة. والليمون 1800 ليرة، والبصل السلموني 2700 ليرة، والبصل الأحمر الفرنسي 1800 ليرة، والبصل فريك 1300 ليرة.

أما الفاكهة، فوصل سعر التفاح 3500 ليرة، والموز 5500 ليرة، والبرتقال مشمع 2500 ليرة. والبرتقال حواش 1600 ليرة، والبرتقال عصير 1300 ليرة، والفراولة 5500 ليرة.

اقرأ أيضاً: كيلو الثوم أرخص من كيس “شيبس” بسوريا.. ما القصة؟


وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن برنامج الأغذية العالمي، ارتفعت أسعار الأغذية الأساسية في سوريا بين عامي 2019 و2021 بنسبة مذهلة بلغت 800 بالمئة، وبحلول الأسبوع الثاني من أيار/مايو 2022، مع استمرار الحرب في أوكرانيا، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 18 بالمئة.

خلال العام الجاري، تبنت الحكومة السورية سياسة رفع الأسعار قبل زيادة الرواتب مرتين، والآن تُجبر العائلات السورية، على الاختيار بين شراء الطعام أو الوقود أو الدواء، وعلى سبيل المثال، سكان العاصمة دمشق لم يعودوا قادرين على تحمل تكاليف المعيشة، وبسبب ذلك ترك المزارعون مواسمهم بلا قطاف، وبات كيلو الثوم أرخص في سوريا من كيس مقرمشات الأطفال.

الثوم في مطب جديد

بلغ إنتاج الثوم الجاف الذي يزرع في 11 محافظة سورية، 3800 هكتار بإنتاج متوقع 30 ألف طن حسب الخطة الزراعية لعام 2020، الوعود والتصريحات الإعلامية من قبل مؤسسات الدولة كانت حبرا على ورق.

فوفقا للتقرير الصادر عن صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الخميس، فإن نفقات إنتاج وتسويق محصول الثوم، والأصناف المزروعة، وأماكن تركز الأسواق الرئيسة والفرعية، وأماكن توزيع السلع المصنعة من هذه المادة من تاجر الجملة والتاجر الوسيط، وحجم التكاليف التسويقية الناتجة عن الجني والأسمدة والفرز والتعبئة والنقل والعمولات والتخزين ومشكلات التسويق، لم يعوض بها المزارع.

“ صار المطب الذي تقع فيه أسعار الثوم يتكرر كل عامين تقريبا ”

وبحسب ما نقلته الصحيفة عن مزارع في منطقة الكسوة، ففي عام 2020، تراوح سعر كيلو الثوم بين 1100 و1200 ليرة، وبسبب ارتفاع مصاريف الإنتاج تضاعف سعره 10 مرات تقريبا في سوريا، لكن عند عرضه في سوق “الهال” لا يتراوح سعر الثوم البلدي أو الصيني حسب نوعه، بين 200 و300 ليرة وهي أقل من تكلفة النقل وأجور جنيه.

وطبقا لحديث المزارع، فإن أسعار الثوم تنخفض كل سنتين، حيث تبلغ تكلفة كيلو الثوم هذا العام 1000 ليرة، فهو الذي يمتلك 150 دونما فضل تركها للأغنام لتوفير دفع تكاليف قلع الثوم وتسويقه إلى سوق الهال رغم وفرة محصوله، حيث تكبد هذا العام بسبب قلة الأمطار في سوريا عناء السقي وشراء المازوت بالسعر الحر، لكن الأسعار في السوق كانت على خلاف آماله.

الأسواق الدولية في البلدان المجاورة، وخاصة الأردن والعراق، والتركيز على بيع بذور الثوم الصينية المرغوبة في هذه البلدان، هي ما يتمناه المزارع، إن تعرضه للضرر هذا العام سيمنعه ألا يزرع الثوم العام المقبل، مما سيؤدي حتما إلى ارتفاع أسعار الثوم بشكل كبير في العام المقبل.

دعوة لإنقاذ المزارعين

بسبب ما تتعرض له الزراعة في سوريا، طالب رئيس اتحاد غرف الزراعة السورية، محمد كشتو، بضرورة حفظ موسمي الثوم والبصل وإعادة طرحمها ضمن قوائم المواد المصدرة.

بعد غزو روسيا لأوكرانيا، أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية قرارا بمنع تصدير مجموعة من المواد، من بينها الثوم والبصل، لمدة شهرين، وبعد ذلك صدر قرار بالسماح بالتصدير المتة فقط، ووفقا لكشتو، فإن قرار عدم السماح بإعادة تصدير الثوم لا يزال ساري المفعول، مضيفا أن الغرفة بعثت برسالة إلى وزير الاقتصاد للسماح بتصدير الثوم، دون رد حتى اللحظة.

وإذا ما فتح باب التصدير لتعويض المزارعين عن بعض خسائرهم، قال كشتو، إن تجار سوق الهال مستعدون لنقل الثوم والبصل بسرعة إلى دول الجوار في الأردن والعراق ودول الخليج.

وفرة المعروض والأسعار

السوق السوري بشكل عام، وخلال الفترة الحالية يشهد وفرة نسبية في المعروض من المواد الغذائية والسلع الأساسية مثل الحبوب والسكر والبقوليات بأنواعها وغيرها من المواد، باستثناء الزيوت والسمنة النباتية التي تشهد انخفاضا في إنتاجها.

ولكن، بالرغم من الوفرة الموجودة في المحال التجارية، هناك شيء فرض نفسه كأمر واقع وهو ارتفاع الأسعار، والتي سجلت ارتفاعات قياسية، وصلت إلى حد أنه كان من المستحيل على نسبة كبيرة من العائلات شرائها إلا بكميات قليلة أو استبدالها بسلع لشركات أرخص ثمنا.

الخطر على الأمن الغذائي في سوريا، يزداد مع استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والكوارث التي تهدد القطاع الزراعي في البلاد، بسبب ارتفاع تكاليف الزراعة من جهة، والجفاف الذي بات أحد المشكلات الرئيسية التي يعاني منها المزارع، في وقت تقف دمشق عاجزة عن مواجهة هذه الأزمات.

مدير عام شركة “الكونسروة” في دمشق أحمد أمين أحمد، أكد أن الشركة تواجه صعوبات عديدة في إنتاج الأغذية المعلبة، وذلك في ظل نقص المستلزمات الأولية ونقص السيولة المالية.

وقال أحمد في تصريحات لصحيفة “البعث” المحلية الاثنين الفائت، إن الشركة تعجز عن تأمين مادة السكر، التي تدخل في صناعة جميع أنواع المربيات والحلاوة التي تنتجها الشركة، إضافة إلى صعوبة تأمين مادة المازوت لتشغيل خطوط الإنتاج، وأيضا النقص الحاد في اليد العاملة وخاصة الفنية والخبيرة بعمل الشركة بسبب التسرب الذي حصل نتيجة الاستقالات والتقاعد والمرض وغيرها من الأسباب.

الجدير ذكره، فإن السوريون لا سيما في المناطق الخاضعة لإدارة حكومة دمشق، يعانون من ارتفاع أسعار المواد الأساسية بشكل كبير، حيث لم يعد بإمكان معظم الأسر تأمين حاجياتها الأساسية من طعام، في ظل استمرار ارتفاع الأسعار وهبوط قيمة الليرة السورية مقابل الدولار.

المصدر: الحل نت – مواقع إلكترونية

Exit mobile version