حضارات كثيرة مرت على الجزائر، تركت وراءها إرثاً متعددا، وخلف كل إرث أسرارا لا يزال معظمها بعيدا عن الاكتشاف العلمي.
ومن بين تلك الآثار القديمة والضاربة في التاريخ يوجد ضريح “إيمدغاسن” شرقي الجزائر، الذي يعود تاريخه إلى القرن الـ3 قبل الميلاد، ومصنف كـ”أقدم ضريح ملكي” بكل منطقة شمال أفريقيا.
ويقع الضريح في محافظة باتنة الواقعة شرق الجزائر والتي تعد “عاصمة الثورة التحريرية الجزائرية” ضد الاحتلال الفرنسي.
ويبدو الضريح منعزلا عن كل شسء قبل الوصول إليه ببضع كيلومترات وهو يظهر شامخاً من تلك المسافة، ليتأكد الزائر إليه فور الوصول بأن النظرة الأولى وكأنه “شيء يتيم بعيد” مجرد نظرة سطحية.
وعندما تطأ قدما الزائر “عرش الضريح” تبدأ وكأنها “مراسم استقبال ملكية على شرف الزائر”، قد تكون مبالغة، لكن لا يدري الإنسان وهو هناك كيف تتسرب إلى مخيلته حيوية ذلك المكان وهو يبوح بجزء بسيط فقط مما تراه العين وتُسحر به.
ولايزال هذا الضريح النوميدي إلى يومنا مزارا لمئات السياح من الجزائر ومختلف دول العالم، ليكون “إيمدغاسن” ورقة فقط من أوراق مجلدات تاريخ الجزائر العميق.
الملك النوميدي
قبل أن يكون ضريحاً أو مزارا سياحياً، فتلك المنطقة كانت موطناً للنوميديين، و”إيمدغانس” ملك أمازيغي نوميدي، وهو شاهد على ازدهار حضارة النوميديين منذ القرون الوسطى.
وكلمة “إيمدغاسن” باللغة الأمازيغية القديمة، وهي تنقسم إلى “ماد” “غيس” أو “الملك غيس”، ويقع في منطقة الأوراس التي كانت مهدا للثورة التحريرية الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي (1954 – 1962).
بينما تقول مراجع تاريخية أخرى بأن معنى كلمة “إيمدغاسن” “القبور” باللهجة الأمازيغية القديمة، وتذكر بأن الكلمة مشتقة من اسم منطقة محاذية للضريح الملكي والمسماة “مدغوسة”.
أما الرواية الثالثة عن حقيقة الاسم فتذكر بأن اسم “مدغاسن” ينقسم إلى قسمين، “مدغ” وهو اسم الملك النوميدي، و”سن” وهو العدد “2” في اللغة الشاوية الأمازيغية لأهل منطقة الأوراس الجزائرية، أي “الملك مدغ الثاني”.
ويصنفه المؤرخون أقدم ضريح ملكي في شمال أفريقيا، فيما لايزال الطلب الجزائري لدى منظمة “اليونيسكو” “معلقاً” منذ 2002 والخاص بإدراجه في قائمة التراث العالمي، غير أن المنظمة تصنفه كواحد من بين 100 أكثر الآثار المهددة بالزوال على كوكب الأرض.
بينما سارعت السلطات الجزائرية منذ 1967 إلى تصنيفه “تراثاً وطنياً محفوظاً”، رغم أن الاهتمام الرسمي بهذا الموقع التاريخي بقي بعيدا، وسط تحذيرات من أهالي المنطقة ومختصين من مخاطر تعرضه للمزيد من التلف.
وفي عام 2006 وخلال عمليات حفر، اكتشف علماء الآثار من الجزائر “معرضاً تحت الضريح” يبلغ طوله 7 أمتار، عُثر بداخله على أثاث جنائزي كبير يضم فخارا زجاجياً وقطعة من الفحم وعملة برونزية نوميدية قديمة.
وكان ضريح “إيمدغاسن” واحدا من المواضيع التي اهتم بها ودرسها ابن خلدون في مقدمته، ومما كتبه عنه بأن “مدغاسن وفقاً لمراجع المؤرخين البربر، كان سلفاً للنوميديين من البربر من فرع البُتر، من قبائل زناتة، كما أكد المؤرخ الأندلسي البكري، مدغاسن بأنه “كان ملكاً للبلاد في الفترة النوميدية”.
الاهتمام العالمي بتاريخ ضريح “إيمدغاسن” في الجزائر جسده أيضا باحثان أمريكيان وهما “إليزابث فنترس” و”مايكل بريت” وذلك في كتابهما “البربر”، وأشارا إلى أن “إيمدغاسن” هو “ثمرة إرادة وتنظيم محكم للجهود البشرية والمادية، والمعرفة التي كان عليها الحرفيّون النوميديون الماسيسيليون وقادتهم، الذين جسدوا هذا البناء”.
وكان الباحث الفرنسي “رابي كاهين” من أكثر المهتمين كذلك بتاريخ هذا الضريح، وخصص لذلك كتاباً بعنوان “مدغاسن”، ومما ذكر فيه أن هذا “إيمدغاسن” كان “واحدا من ملوك نوميديا، ويشكل ضريح مدغاسن أقدم وأجمل وأهم المعالم، فهو أقدم من الضريح الملكي الموريتاني قرب العاصمة الجزائرية (تيبازة) وقبور الجْدار قُرب وهران (تيارت)”.
فيما ذكر الباحث الفرنسي “موريس بيكر” في كتابه “مدغاسن الضريح الأفريقي” بأن هذا الضريح هو “مدفن لعدد من ملوك الأمازيغ، ومنهم ماسينيسا نفسه أحد أعظم الملوك النوميديين، ولا يزال هذا الضريح يحوي الكثير من الأسرار التي لم نتمكن من كشفها”.
قبة هرمية
كثير من الخبراء والمختصين يصنفه ضمن “أهرامات الجزائر المجهولة”، نظرا لشلكه الهندسي وطريقة تشييده، وكذا للأسرار التي لازال يخفيها.
ضريح “إمدغاسن” قبة عملاقة، وله تصميم فريد من نوعه حيث بني بالحجارة الضخمة، ويتوسط السهول والجبال الشاسعة لمنطقة الأوراس الجزائرية.
وضريح “إيمدغاسن” له قاعدة أسطوانية قطرها 59 مترا، ومزين بـ60 عمودا تحيط به بشكل دائري، وبه 3 أبواب كبيرة منقوشة على الحجر.
بالإضافة إلى غرفة جنائزية تمثل مرقدا للموتى، ومن الأعلى يتخذ الضريح شكلا مخروطياً، مثل الضريح الملكي الموريتاني في محافظة تيبازة الجزائرية (وسط).
وحول الضريح، يوجد نحو 10 أضرحة أخرى يقال إنها بربرية، مدفونة في مساحة تمتد على مساحة 500 متر.
اقرأ أيضاً: أهم المدن السياحية في الجزائر.. 10 وجهات رائعة
تمتلك الجزائر مقومات هائلة في قطاع السياحة تجعلها إحدى الوجهات المفضلة للسياح حول العالم.
في هذا التقرير تستعرض” العين الإخبارية” أبرز 10 مدن كوجهات سياحية مبهرة في جمالها بالجزائر، قد لا نذكر منها مستغانم، سيدي بلعباس، باتنة، بشار، جيجل، القالة، قالمة، عين تيموشنت، وغيرها.
الجزائر العاصمة.. “المحروسة”
من أقدم المدن الجزائرية، هي عاصمة البلاد يفوق عدد سكانها 3 ملايين نسمة. لها تسميات عديدة بينها “المحروسة”، “البهجة”، “المدينة البيضاء.
مدينة تجتمع فيها بشكل غريب هندسات معمارية لحضارات و استعمار، للفاطميين والعثمانيين و الفرنسيين، تظهر بشكل جلي في مساجدها العتيقة وعماراتها ومبانيها القديمة.
يُعرف سكانها بلهجتهم الخاصة والمتفردة عن مدن وسط البلاد، كما تشتهر بأكلات تقليدية بينها “الشطيطحة”، “الرشتة”، وغيرهما.
بها العديد من المتاحف والقصور القديمة التاريخية، وفيها أقدم حي شعبي في المنطقة هو حي القصبة العتيق الذي يتعدى عمره 25 قرناً.
قسنطينة.. أعجوبة الجسور المعلقة
المدينة الضاربة في التاريخ التي لا يقل عمرها عن 25 قرنا،الوحيدة في العالم التي بُنيت على صخرة كبيرة، يحلو للشعراء تسميتها “بمدينة الهوى والهواء” للطافة جوها
يذكر المؤرخون أن مدينة قسنطينة تأسست سنة 1450 قبل الميلاد، ومنهم من أرجع نشأتها إلى قبل هذا التاريخ بكثير، في حين ينسب آخرون تأسيسها إلى التجار الفينيقيين الذين أطلقوا عليها تسمية (قرتا) والتي تعني بالفينيقية “القرية” أو “المدينة”، فيما سماها القرطاجيون (ساريم بايتم)، ليتغير اسمها مع مرور الزمن إلى (سيرتا)، بعد أن نزح إليها بنو كنعان من فلسطين سنة 1300 قبل الميلاد، حيث امتزجوا بقدماء النوميديين وقتئذ.
تعاقبت على قسنطينة عدة حضارات، فمن البونيقيين إلى النوميديين حيث ذاع صيتها بعد أن اتخذها القائد الأمازيغي وملك نوميديا “ماسينيسا” عاصمة لمملكة نوميديا، واستطاع حاكم قرطاجة القائد “يوغرطة” أن يجعل منها قطبا مهما في المنطقة، ومن ثم إلى البيزنطيين والوندال والرومان، غير أن الرومان قاموا بتخريبها بأمر من الإمبراطور (ماكسينونس) سنة 311 .
عَنَّابة.. لؤلؤة المتوسط
تقع في شرق الجزائر بالقرب مع تونس، كانت تسمى “بونة”، من أجمل المدن الساحلية الجزائرية التي يقصدها الآلاف سنويا من السياح.
تمتلك إرثاً تاريخياً كبيرا، مرّ عليها الفينيقيون والرومان، ويعتبر القديس “أوغسطين” أشهر من عاش في هذه المدينة.
وهران.. بهية الجزائر
ثاني أكبر مدن الجزائر، وتعرف باسم “الباهية”، ومن أبرز مدن المغرب العربي، حتى إنها توصف بعاصمة الجزائر الثانية، ويفوق عدد سكانها مليون نسمة.
من أشهر معالم وهران السياحية والتاريخية فنجد” حي الدرب” و”حي المدينة الحديثة” و”ساحة الأول من نوفمبر” و”جامع الباشا” الذي شيد عام 1796.
وكذا منطقة” عين الترك” السياحية التي تتوفر فيها الفنادق، و”مجمع الأندلس” السياحي، وبرج “سانتا كروز” الذي أسسه الإسبان.
تلمسان.. لؤلؤة المغرب العربي
تعني “البئر الجافة”، أُسِّست في القرن الـ4 ميلادي، وشهِدت 10 حضارات، يُطلق المولعون بها عدة ألقاب عليها، من بينها “لؤلؤة المغرب العربي” و”عاصمة التقاء الحضارات” و”المتحف المفتوح على الطبيعة”، وتعدّ من أقدم المدن الجزائرية.
تلمسان تُخفي بين كل تفاصيلها كنوزاً حضارية وتاريخية وثقافية، جعلت منها “عاصمة المساجد العتيقة بامتياز” في الجزائر، بأكثر من 10 مساجد عتيقة يعود تاريخ جميعها إلى مئات السنين.
غرداية.. عاصمة الأصالة
محافظة تقع وسط شمال الصحراء الجزائرية، وتُنطق “تايردايت” أو “تاغردايت”، صُنفت عام 1982 كمعلم تاريخي ومكسب للحضارة الإنسانية من طرف منظمة اليونسكو، نظرا للهندسة المعمارية الفريدة من نوعها في كل ربوع الجزائر.
يعود أصل تسميتها “غَرْداية” إلى “غار داية”، وهي امرأة اسمها “داية”، كانت تسكن في غار كان محطة للرحالة.
وتشتهر غَرْداية بوجود حيوانات نادرة، كالظبي، الغزال، والفنك. الحضارات التي تشهد عليها الصناعات الحجرية، النقوش الصخرية، والمعالم الجنائزية، وخلال الفترة الإسلامية عرفت تجمعات سكنية على شكل قصور عتيقة تبدو موحدة في شكلها ومتجانسة في ألونها، ما جعل هذه المدينة تختلف عن بقية المدن الجزائرية، المعروفة بعمرانها وقصورها المتعددة، حملت تسميات عربية و بربرية.
جانت.. مدينة “المدينة” العجيبة
في محافظة ومدينة “جانت” الجزائرية الواقعة بأقصى الجنوب، توجد مدينة غريبة وعجيبة اسمها “سيفار” أكثر مدن العالم التي حيرت العلماء، بل هي المدينة الوحيدة في العالم التي لا يعيش فيها البشر، تبلغ مساحتها 89 ألف و342 كيلومتر، وتحديدا في سلسلة “طاسيلي ناجر الجبلية أو “هضبة الأنهار” وسط صحراء مدينة جانت في جنوب شرقي الجزائر.
هي أكبر المدن الصخرية في العالم، وصنفت عام 1982 من قبل منظمة اليونسكو كـ”أكبر متحف لرسومات ما قبل التاريخ في العالم، وأكبر مدينة صخرية في العالم”.
وتضم “سيفار” متحفًا كاملًا، يحتوي على أكثر من 15 ألف لوحة جدارية في 5 آلاف منزل كهفي، ومنحوتات ونقوش ورسومات في “غاية الغرابة والغموض”، ويقال إنها رموز للشفرات والحروب القديمة من عصور ما قبل التاريخ، تعود لأكثر من 20 ألف عام، وهي الرسومات التي تروي الكثير من الأساطير على أنها من “صنع الجن وليس البشر”، وهي المدينة التي يبقى تاريخها أقدم من تاريخ أهرامات مصر.
تيميمون.. مدينة “القصور المتحركة”
“القصور الحمراء” مدينة بأكملها تقع جنوبي الجزائر وتسمى أيضا “لؤلؤة الصحراء الجزائرية” وتحديدا في مدينة تيميمون السياحية والتاريخية، التي تتميز بطابع عمراني فريد من نوعه يعود لمئات السنين.
تشتهر المدينة بقصورها الـ40 الحمراء المصنوعة من الطوب الأحمر المحلي، وهي منازل عتيقة، حتى أن كل من يزورها يصفها بـ”الواحة الحمراء” المحاطة أيضا بواحات خضراء من النخيل والبساتين، وهي عبارة عن تجمعات سكانية، ومن أشهرها قصور “ماسين”، “بني مهلال”، “بدريان”، “تنركوك”، والتي يعود تاريخها إلى القرن الـ12 ميلادي، الإضافة إلى قصر “زاوية دباغ” الذي شيده الاستعمار الفرنسي سنة 1900 كثكنة عسكرية قبل أن يتم تحويله إلى زاوية.
وتذكر الدراسات التاريخية، بأن سكان المنطقة شيدوا في القرون الماضية قصورا جذابة كونوا بها قبيلة كبيرة لا يمكن التعرف على بداياتها من نهايتها إلا من حدود أبوابها ودروبها الطويلة الضيقة.
بجاية.. مدينة الأصالة والمعاصرة
بالسواحل الشرقية للجزائر، توجد مدينة بجاية، واحدة من أروع وأقدم المدن الجزائرية، مطلة على البحر المتوسط، تشتهر بقلاعها التاريخية وأماكنها السياحية الجذابة.
مدينة مرّ منها الفينيقيون والرومان والوندال والبيزنطيون وكانت عاصمة للدولة الحمادية، إحدى كبريات الدول الإسلامية المؤثرة التي سادت الشمال الأفريقي فترة من الزمن.
في بجاية، تزدهر السياحة الصيفية والشتوية، حيث توجد بها الغابات الجميلة، والشواطئ الجميلة، والمطاعم المتنوعة، وبها مناطق سياحية خلابة، أبرزها قمة جبل “قوراية”، “رأس كربون”، “قمة القرود”، “قصبة المدينة وغيرها.
تيارت.. مدينة الأهرامات
من بين الأهرامات الموجودة في الجزائر توجد 13 منها في محافظة تيارت الواقعة غربي البلاد، يقول الباحثون أن ومن أهم التصاميم المميزة لها لنقل هذه الطاقة الأهرامات التي تعد الأقوى في العالم فيما يخص نقل الطاقة. كما أن هذه الأهرامات العجيبة مليئة بالأسرار يعتقد الكثير من الناس أنها مجرد أضرحة لفراعنة وملوك حكموا البلاد والعباد خلال العصور الغابرة، ولكن في حقيقة الأمر شيدت لهدف وغرض آخر بقي سرا إلى الآن.
كما بعض الأبحاث أكدت بأن هذه الأهرامات لم تبنى لتكون أضرحة فقط لفراعنة أو ملوك أو حكام بل لتكون مخابر ودهاليز للاتصالات السرية والمعقدة مع خلائق شريرة تكتسب قدرات خارقة.
والعجيب في الأمر أن هذه الأهرامات بنيت حسب مواقع لنجوم معينة تعرفها النخبة حق المعرفة وفي أماكن تكون بها الطاقة قوية جدا. وهناك أيضا الانحناءات المقصودة لكل هرم وأشياء أخرى معقدة التصميم يطول الحديث عنها حاليا.
المصدر: العين الإخبارية – مواقع إلكترونية