قد يتمكن البشر الذين سيستكشفون سطح القمر من إرسال خرائط دقيقة ومفصلة وغير مسبوقة لسطح القمر، وذلك بفضل جهاز جديد على شكل حقيبة ظهر طورته وكالة ناسا وشركاؤها.
هذا الجهاز يُسمى حقيبة الملاحة ورسم الخرائط. هذه الحقيبة مجهزة بماسح ضوئي محمول، يمسح الأرض باستمرار في أثناء التجوال، إضافةً إلى جمع معلومات مفصلة عن طوبولوجيا السطح المحيط.
قال عالم الكواكب مايكل زانيتي، من مركز مارشال لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا: «يساعد هذا الماسح على الملاحة ورسم الخرائط العلمية أساسًا، فهو قادر على إنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد فائقة الدقة -بمقياس السنتيمتر- ذات قيمة علمية عالية».
«ستساعد هذه الحقيبة على ضمان سلامة رواد الفضاء والمركبات الجوالة في بيئة القمر، حيث لا يمكن استخدام نظام تحديد المواقع، يمكن كذلك تحديد المسافات الفعلية للمعالم البعيدة، والحصول على المعرفة الآنية لمدى تقدم المستكشفين وكم تبقى ليصلوا إلى وجهتهم».
يستفيد النظام من تقنية ماسح الموجة المستمرة بتعديل التردد. كما يوحي الاسم، يُرسل شعاع ليزر مستمر بتردد معدل، عندما ينعكس هذا الضوء عن سطح ما يتغير تردده، وعندما يعود التردد المعدّل للضوء إلى الماسح يُقارن بالضوء المنبعث. الفرق بين الاثنين يتناسب مع المسافة إلى السطح، هذه العملية تولّد خريطة طبوغرافية مفصّلة.
لا تتطلب هذه التقنية استخدام الإلكترونيات السريعة، وهي محمية من التداخل مع الضوء المحيط. هذا يجعلها مبسطة وفعالة، وهو المطلوب للتعامل مع بيئات مثل بيئة القمر.
هذا الماسح قادر على جمع ملايين نقاط القياس في الثانية الواحدة ويمكن أن يعمل حتى في الظلام، وعلى هذا يُعد نظام ملاحة في الوقت الفعلي لمساعدة رواد الفضاء الذين يحاولون التنقل في بيئة غريبة.
قال زانيتي: «نميل إلى التوجّه والتنقل بناءً على معالم، مثل بناء محدد أو بستان. هذه الأشياء غير موجودة على سطح القمر. ستعمل الحقيبة باستمرار على تمكين المستكشفين الذين يعبرون السطح لتحديد حركتهم واتجاهاتهم وتوجههم إلى قمم بعيدة أو وديان. يمكنهم كذلك تحديد مواقع محددة حيث يجدون معادن فريدة أو تشكيلاً صخريًا، ما يسمح للآخرين بالعودة بسهولة لإجراء المزيد من الدراسات».
بالشراكة مع شركة «تورش تكنولوجي» لتطوير حقيبة الظهر وشركة «أيفا» لتزويد حساسات الماسح الضوئي، فإن لدى ناسا بعض العمل لتطوير النموذج الأولي. أظهرت الاختبارات الميدانية التي أُجريت في نوفمبر 2021 أن هذه التكنولوجيا فعّالة، إذ استُخدمت لرسم خريطة للحفر البركانية، وإعادة بناء نموذج ثلاثي الأبعاد للكثبان الرملية للحاجز البحري في مركز كينيدي للفضاء التابع لناسا.
سيواصل علماء ناسا استخدام هذه الحقيبة لتقييم تأثير التآكل الذي تحدثه العواصف في الكثبان الرملية التي تحمي حاليًا منصات إطلاق الصواريخ الأولية لوكالة الفضاء. ستخضع هذه الحقيبة أيضًا لاختبار ميداني كبير في المعهد الافتراضي لأبحاث استكشاف النظام الشمسي التابع لوكالة ناسا في نيو مكسيكو.
تحتاج هذه التقنية إلى بعض الحماية من القمر أيضًا، وذلك لتجنب التعرض للإشعاع الشمسي القاسي ومواجهة انخفاض الجاذبية على القمر. وسيجري العمل على تقليص وزن الحقيبة وحجمها، إذ تزن حاليًا نحو 18 كيلو غرامًا، وتعادل حجم حقيبة الظهر.
قال زانيتي: «بالاستفادة من أحدث التطورات في تقنية الماسح الضوئي المطوّر من شركة أيفا، وبدعم من شركة تورش تكنولوجي، سيكون الجيل التالي من وحدتنا الفضائية بحجم علبة الصودا، وقد تتيح عمليات إضافية على سطح القمر بشكل غير مسبوق».
قد يستطيع روّاد الفضاء امتلاك حقائب ظهر فعلية يمكنهم ملؤها بصخور القمر أو استخدامها في شيء آخر، مثل حمل المعدات، مع الاستمرار بالقيام بوظائف الخرائط والملاحة.
المصدر: ساينس أليرت – ترجمة: ibelieveinsci