لمواجهة “ابتزاز الطاقة” الروسية ولكسر جبروت موسكو.. أميركا وأوروبا تعلنان إجراءات هي الأولى من نوعها.. ما القصة؟
أدانت المفوضية الأوروبية والولايات المتحدة، في بيان مشترك، اليوم الثلاثاء 24 مايو/أيار، “ابتزاز” الطاقة الروسي، واستخدام موسكو الطاقة سلاحًا بعد قطع الإمدادات عن فنلندا.
وبموجب البيان، جددت المفوضية الأوروبية (الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي)، والولايات المتحدة، ضرورة اتخاذ اجراءات حاسمة لخفض واردات الطاقة الروسية، وتنويع إمدادات الغاز في أوروبا.
وأكدت المفوضية والولايات المتحدة أن روسيا أثبتت عدم موثوقيتها لتوفير الطاقة إلى أوروبا، من خلال مواقفها غير المقبولة، مثل قطع الكهرباء والغاز الطبيعي عن فنلندا، ووقف صادرات الغاز إلى بولندا وبلغاريا، فضلًا عن تهديدات مماثلة لدول أوروبية أخرى.
وشدد البيان على استمرار الجهود لتنويع الإمدادات وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
ابتزاز الطاقة
أشار البيان إلى أن المفوضية الأوروبية والولايات المتحدة تتفهمان الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات قوية لخفض الإمدادات الروسية، منتقدًا ابتزاز الطاقة الذي تستخدمه روسيا.
وجاء ذلك ردًا على إعلان شركة غازبروم الروسية وقف شحنات الغاز إلى بولندا وبلغاريا وفنلندا، بعد رفضها الامتثال إلى قرارات موسكو الجديدة المتعلقة بالدفع بالروبل.
وجددت هذه التحركات مخاوف نقص الإمدادات مع استمرار ارتفاع أسعار الغاز الأوروبية.
ووفقًا لبيانات إس آند بي غلوبال بلاتس، بلغت أسعار الغاز في مؤشر تي تي إف الهولندي (المؤشر المرجعي لأسعار الغاز في أوروبا)، 84.38 يورو (90.49 دولارًا أميركيًا)/ميغاواط/ساعة في 23 مايو/أيار، ارتفاعًا بنحو 240% على أساس سنوي.
(يورو= 1.07 دولارًا أميركيًا)
فريق عمل مشترك
تعهّد الاتحاد الأوروبي بخفض الاعتماد على الغاز الروسي بنحو الثلثين بحلول نهاية العام الجاري.
ولتحقيق أهدافه الطموحة، يأمل الاتحاد زيادة شحنات الغاز الطبيعي المسال، وزيادة إنتاج الميثان الحيوي، وتحسين كفاءة الطاقة.
وفي هذا الشأن، قالت المفوضية الأوروبية والولايات المتحدة، إنهما ستواجهان التحديات بوساطة فريق عمل مشترك يهدف إلى الحد من الإمدادات الروسية وتعزيز أمن الطاقة، الذي أعلن تشكيله الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في 25 مارس/آذار.
ووفقًا للبيان، سيواصل فريق العمل جهوده لتنويع إمدادات أوروبا من الغاز، ورحب باتفاق وقّعته فنلندا مع شركة إكسيليريت إنرجي الأميركية الأسبوع الماضي لاستئجار محطة عائمة للغاز المسال لمدة 10 سنوات، ومن المتوقع تشغيلها قبل نهاية 2022.
وبموجب الاتفاقية، ستوفر وحدة تخزين الغاز الطبيعي المسال وتغويزه -التي تتمتع بقدرة تغويز تصل إلى 5 مليارات متر مكعب سنويًا- الغاز المسال إلى فنلندا وإستونيا ومنطقة بحر البلطيق.
ووقعت شركة غازغريد فنلند المملوكة للدولة ونظيرتها الإستونية “إليرينغ” اتفاقية تعاون في أواخر أبريل/نيسان، لتركيب وحدة تخزين للغاز المسال وتغويزه، إذ يتطلع البلدان لإنهاء اعتمادهما على واردات الغاز الروسي.
وقالت شركة غازغريد فنلند إن وحدة تخزين الغاز الطبيعي المسال ستصل إلى إستونيا بحلول نهاية هذا العام، وفور تجهيز نقطة إرساء في فنلندا ستُنقل إليها.
أثر ابتزاز الطاقة الروسي
وفقًا لغرفة التجارية الفنلندية، فإن ابتزاز الطاقة الروسي وقرار وقف الإمدادات لن يكون تأثيره كبيرًا في البلاد، ويمكن توفير كمية كافية من الغاز عبر خط أنابيب بحر البلطيق خلال فصل الصيف.
وأشادت الغرفة بالتحركات السريعة للحكومة الفنلندية لتحسين البنية التحتية للغاز الطبيعي المسال، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ومع ذلك، اعترفت وزارة القوى العاملة والاقتصاد الفنلندية بأن قرار استبدال الغاز لن يخلو من المشكلات، وسيعتمد توافر الغاز وسعره على طرق الاستيراد ومدى نمو الطلب، موضحة أن الطلب خلال الصيف أقل مقارنة بفصل الشتاء.
وجاءت آليات فنلندا السريعة مع وقف روسيا إمدادات الكهرباء والغاز خلال الأيام الماضية، وعقب قطع موسكو الغاز عن بولندا وبلغاريا الشهر الماضي، في خطوة وصفها الاتحاد الأوروبي بـ”الابتزاز”.
وسبق أن صرّحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بأن استخدام الكرملين سلاح ابتزاز الطاقة ليس مفاجئًا.
وقالت: “فشل الكرملين مرة أخرى في محاولته زرع الانقسام بين الدول الأعضاء، ويقترب عصر الوقود الأحفوري الروسي في أوروبا من نهايته”.
اقرأ أيضًا: الدفع مقابل الغاز الروسي يواجه شروطًا صعبة من المفوضية الأوروبية
تواجه شركات الطاقة الأوروبية أزمة ضخمة، تتعلق بكيفية سداد ثمن الغاز الروسي، دون تجاوز الحصار الذي تفرضه دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على موسكو، ردًا على غزو موسكو لأوكرانيا.
وحددت المفوضية مجموعة من الشروط، يمكن من خلالها لشركات الاتحاد الأوروبي دفع ثمن الغاز الذي تشتريه من روسيا، دون خرق العقوبات التي يفرضها الاتحاد، وهي أحدث إرشادات صدرت ونشرتها وكالة رويترز.
وأبلغت المفوضية، في أبريل/نيسان الماضي، دول الاتحاد، أن الشركات الأوروبية بإمكانها دفع ثمن الغاز الروسي دون خرق العقوبات على موسكو، ولكن فقط إذا اتّبعت شروطًا معينة، بعد أن طلبت روسيا من المشترين الأجانب الدفع بالروبل، أو المخاطرة بفقدان إمداداتهم.
شروط حاسمة
شاركت المفوضية الأوروبية إرشادات محدّثة مع دول الاتحاد، أكدت فيها أن العقوبات لا تمنع الشركات من فتح حساب في بنك معين، ويمكنها دفع ثمن الغاز الروسي -ما دامت فعلت ذلك- بالعملة المتفق عليها في عقودهم الحالية، وإعلان اكتمال المعاملة عند دفع تلك العملة.
وبالنسبة لجميع عقود التوريد التي أبرمتها شركات الاتحاد الأوروبي مع شركة الغاز الروسية غازبروم، فقد جرى النص فيها على الدفع باليورو أو بالدولار، حسب وكالة رويترز.
وانقطعت إمدادات الغاز الروسي عن بولندا وبلغاريا الشهر الماضي، لرفضها الامتثال لطلب الدفع بالروبل.
وسعت بعض حكومات الاتحاد الأوروبي وكبار المستوردين إلى مزيد من التوضيح من بروكسل بشأن ما إذا كان بإمكانهم الاستمرار في شراء الغاز المستخدم في تدفئة المنازل وإنتاج الكهرباء، وتشغيل المصانع في جميع أنحاء أوروبا.
إعلان طرق الدفع
بحسب التوجيهات والإرشادات، يتعين على الشركات إصدار “بيان واضح”، وعندما تدفع باليورو أو الدولار، فإنها تعدّ التزاماتها بموجب العقود الحالية واجبة الوفاء بها.
وينبغي أن تعفي المدفوعات بتلك العملة، بشكل نهائي المشغّل الاقتصادي من التزامات الدفع بموجب تلك العقود، دون أيّ إجراءات أخرى من جانبهم فيما يتعلق بالدفع.
أي يمكن للشركات تجنّب التورط في التعامل مع البنك المركزي الروسي الخاضع للعقوبات، من خلال إنهاء التزاماتها بمجرد إيداع اليورو أو الدولار.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أصدر مرسومًا رئاسيًا ينصّ على أن صفقات شراء الغاز الروسي لن تكتمل إلّا بعد تحويل العملات الأجنبية إلى روبل.
وردّت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، على مرسوم بوتين، محذّرةً من المخاطر الكبيرة التي قد تتعرّض لها الشركات الأوروبية إذا وافقت على مطلب روسيا.
المصدر: مواقع إلكترونية – الطاقة