تتوقع غلوبال داتا أن تتجاوز إيرادات صناعة البطاريات حاجز 168 مليار دولار بحلول عام 2030، ما يعني أن الصناعة قد تصبح واحدة من الصناعات الرائدة في غضون السنوات الـ10 المقبلة.
وأظهر تقرير حديث -صادر عن شركة البيانات والتحليلات، غلوبال داتا، بعنوان “البطاريات – البحوث المواضيعية”- أن العالم قد يشهد أزمة عجز -حادة لكنها مؤقتة- في صناعة البطاريات بحلول عام 2025، بسبب الزيادة المفاجئة في الطلب على السيارات الكهربائية.
وتوقعت شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي -في تقرير صادر مارس/آذار الماضي- أن يرتفع الطلب العالمي على البطاريات بحلول نهاية هذا العقد 15 مرة عن مستواه عام 2021.
زخم مبيعات السيارات الكهربائية
يرى تقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية، أن زخم مبيعات السيارات الكهربائية ما زال مستمرًا هذا العام مع بيع مليوني مركبة جديدة بالربع الأول من 2022.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تصل المبيعات إلى 65 مليون مركبة بحلول عام 2030 بموجب سيناريو تحقيق الحياد الكربوني منتصف هذا القرن مقابل 6.6 مليون وحدة مبيعة عام 2021.
وبحسب غلوبال داتا، من غير المرجح أن يُلبي استخراج المواد الخام الطلب المتزايد ما لم تغيّر أسواق رأس المال مسارها في مواجهة ضغوط الممارسات البيئية والاجتماعية وحكومة الشركات أو ما يعرف اختصارًا بـ(ESG)، والاستثمار بصفة كبيرة في مناجم جديدة.
إيرادات صناعة البطاريات
بلغت إيرادات صناعة البطاريات 55 مليار دولار خلال عام 2020، وفق ما نقلته وحدة أبحاث الطاقة عن أحدث تقرير صادر من غلوبال داتا حول البطاريات.
ويعني ذلك أن إيرادات صناعة البطاريات -التي تصفها غلوبال داتا بأنها براميل النفط الخاصة بالقرن الحادي والعشرين- قد تشهد قفزة قدرها 113 مليار دولار في غضون عقد من الزمن.
وكانت مبيعات السيارات الكهربائية عالميًا تتجاوز 3 ملايين مركبة خلال عام الوباء (2020)، كما تشير بيانات وكالة الطاقة الدولية.
ومن المتوقع أن يبلغ معدل النمو السنوي المركب في صناعة البطاريات نحو 14% حتى حلول عام 2030؛ مدفوعًا -في الغالب- بمبيعات بطاريات الليثيوم أيون، وفق التقرير.
ووفقًا للتقرير، يقول المحلل في فريق البحوث المواضيعية بشركة غلوبال داتا، دانيا كلارك، إنه يجب أن تؤدي الحكومات دورًا أكبر في تحفيز عمليات التعدين والتكرير وإنتاج خلايا البطاريات.
ويشير تقرير غلوبال داتا إلى أن الصين تتمتع بمكانة قوية للغاية في عمليات التعدين والتكرير وإنتاج خلايا البطاريات، فضلًا عن شبه احتكار لبعض مراحل سلسلة التوريد.
ومع ذلك، تتخذ كل من الولايات المتحدة وأوروبا خطوات ملموسة لتقليل الاعتماد على الصين خلال سلاسل توريد البطاريات الخاصة بهما بحلول نهاية العقد الحالي.
وفي هذا الشأن، يقول المحلل الاستشاري في فريق البحوث المواضيعية بغلوبال داتا، مايكل أورم، إن شركة تصنيع البطاريات سي إيه تي إل (أو CATL) -ومقرها الصين- جزء من خطة رئيسة للسيطرة على صناعة البطاريات العالمية الإستراتيجية، وكذلك السيارات الكهربائية عالميًا.
وتستحوذ الصين على نصيب الأسد من حجم مبيعات السيارات الكهربائية طوال السنوات الماضية، إذ كانت تُشكل وحدها نصف المبيعات العالمية تقريبًا (3.3 مليون مركبة) خلال العام الماضي.
وفي الوقت الحالي، تسيطر شركة سي إيه تي إل الصينية على أكثر من 30% من السوق العالمية، مقابل حصة لا تُذكر قبل 5 أعوام فقط، وفقًا لتقرير غلوبال داتا.
ومن شأن التحفيز الحكومي لعمليات التعدين وتكرير المواد الخام أن يكون بمثابة أمر رئيس لتحقيق أهداف العالم المناخية، جنبًا إلى جنب مع مبادرات إعادة تدوير البطاريات، كما يشير تقرير غلوبال داتا.
ويؤكد كبير المحللين في فريق البحوث المواضيعية بشركة غلوبال داتا، ليل ريد، أن إعادة تدوير البطارية أمر ضروري لتقليل التأثير البيئي ومنع استنفاد الموارد الطبيعية المحدودة.
اقرأ أيضًا: مبيعات السيارات الكهربائية على المحك بسبب ثغرات سلاسل توريد معادن البطاريات
كشف مؤشر ثغرات سلاسل التوريد الجديد عن أن البلدان التي تسجل أعلى مبيعات السيارات الكهربائية هي التي تواجه أكبر ثغرات لتوفير المعادن النادرة اللازمة لتصنيع البطاريات.
وطوّر هذا المؤشر شركة “غلوبال داتا” للاستشارات وتحليل البيانات، ومقرّها العاصمة البريطانية لندن،
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه مبيعات السيارات الكهربائية العالمية نموًا سريعًا، إذ بلغت مبيعات السيارات الكهربائية 6.6 مليون سيارة، في عام 2021، أي أكثر من ضعفَي مبيعات العام السابق، الذي شهد انخفاضًا إجماليًا في مبيعات السيارات بنسبة 16%، بسبب تفشّي وباء كوفيد-19.
وتبذل مختلف شركات تصنيع السيارات قصارى جهدها لتحويل أساطيل سياراتها للعمل بالكهرباء، في حين ما تزال شركة تيسلا الأميركية تهيمن على سوق السيارات الكهربائية منذ إطلاق سيارتها الأولى في عام 2008، حسبما نشر موقع “إنرجي مونيتور”.
التحول إلى السيارات الكهربائية
في سياق الانتقال إلى السيارات الكهربائية -الذي يُعدّ خطوة مهمة في تحقيق الحياد الكربوني- أعلنت شركة جنرال موتورز الأميركية أنها ستستثمر 35 مليار دولار في تطوير منتجات السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة حتى عام 2025.
وأوضحت الشركة أنها ستتوقف تدريجيًا عن تصنيع سيارات البنزين والديزل بحلول عام 2035، بينما تسعى شركة فولكس فاغن الألمانية لأن يكون نصف مبيعات سياراتها كهربائية بحلول عام 2030، وأن تصبح المبيعات كهربائية بالكامل بحلول عام 2040.
من جهتها، ستطلق شركة أودي الألمانية نماذج كهربائية بالكامل بدءًا من عام 2026، وتهدف إلى أن تصبح جميع مبيعات السيارات كهربائية بحلول عام 2030.
وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، يجب أن يكون أكثر من 60% من مبيعات سيارات الركاب سيارات كهربائية بحلول عام 2030، حتى يسير العالم على الطريق الصحيح لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وهذا يمثّل 18 ضعف مبيعات السيارات الكهربائية مقارنة بعام 2020، ومن المفترض أن تعمل جميع السيارات بالبطاريات أو خلايا الوقود، بحلول منتصف القرن.
وتتقدم النرويج على الدول الأخرى في سباق التحول إلى السيارات الكهربائية، وكان 93% من تسجيلات السيارات الجديدة في عام 2021، إمّا سيارات تعمل بالبطاريات الكهربائية أو هجينة، وتسعى الصين إلى تزويد 70% من سيارات الركّاب التي تعمل بالكهرباء بحلول عام 2025، و 100% بحلول عام 2035.
وتعتزم المملكة المتحدة التخلص التدريجي من مبيعات سيارات البنزين والديزل بحلول عام 2030، وتهدف إلى أن تكون جميع مبيعات السيارات كهربائية بحلول عام 2035.
وتؤيد 9 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي اقتراح المفوضية الأوروبية بالتنفيذ التدريجي والتوقف عن بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل في أنحاء القارّة بحلول عام 2035.
تحديات التحول إلى السيارات الكهربائية
يواجه التحول من السيارات التقليدية التي تعمل بأنواع الوقود الأحفوري إلى السيارات الكهربائية تحديات عديدة، لا سيما في سلسلة التوريد للسيارات الكهربائية.
واضطر العديد من شركات تصنيع السيارات إلى وقف إنتاج السيارات الكهربائية في الأشهر القليلة الماضية، بسبب مشكلات في توريد الرقائق الدقيقة.
فقد أوقفت شركة فولكس فاغن الإنتاج لمدة أسبوع في مصنعين ألمانيين في نوفمبر/تشرين 2021، وأوقفت شركة فورد الإنتاج في 3 مصانع تجميع في الولايات المتحدة والمكسيك في فبراير/شباط الجاري.
ثغرات سلاسل التوريد
يُظهر تقييم ثغرات سلاسل التوريد للسيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، الذي استخدم منهجية طوّرتها شركة “غلوبال داتا” للاستشارات وتحليل البيانات، أن البلدان التي لديها أكبر مبيعات للسيارات الكهربائية هي البلدان التي تواجه بعض أكبر الثغرات في سلسلة التوريد.
وأشار التقييم -الذي استثنى الصين من هذا الاستنتاج- إلى أن البلدان التي لديها أعلى فائض تجاري تواجه أعلى نسبة من ثغرات سلاسل التوريد للسيارات الكهربائية، في حين إن البلدان التي لديها أعلى عجز تجاري تواجه أقلّ الثغرات.
وفي حين إن ألمانيا والولايات المتحدة لديهما ثاني وثالث أكبر مبيعات للسيارات الكهربائية، فإن هذه البلدان لديها بعض ثغرات سلاسل التوريد وتعتمد كثيرًا على الواردات لتوفير بطاريات السيارات الكهربائية والمواد الخام، وفقًا لتحليل “غلوبال داتا”.
بصفة استثنائية، حققت الصين ما يقرب من 1.2 مليون من مبيعات السيارات الكهربائية في عام 2020، ومبيعات 3.4 مليون سيارة في عام 2021، وتهيمن الصين أيضًا على سوق بطاريات ومواد تصنيع السيارات الكهربائية.
جدير بالذكر أن الصين تمتلك أكثر من 70% من قدرة إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية العالمية، وكانت مسؤولة عن 16.9 مليار دولار من الصادرات في عام 2020.
الطلب على الليثيوم
يعني التوسع السريع في صناعة السيارات الكهربائية أن الطلب على السلع التي تدخل في صناعة البطاريات والسيارات من المتوقع أيضًا أن ينمو، ويمكن أن تستخدم المركبات الكهربائية أنواعًا مختلفة من البطاريات، بحسب ما نشر موقع “إنرجي مونيتور”.
وعلى الرغم من أن معظم بطاريات السيارات الكهربائية هي بطاريات أيون الليثيوم، يمكن أن تختلف المعادن اللازمة لذلك بناءً على التركيب الكيميائي للكاثودات.
ويندرج الليثيوم والكوبالت والنيكل والغرافيت والمنغنيز ضمن تلك المواد الأساسية، ويكمن التحدي الذي يواجه قطاع المعادن في مواكبة هذا الطلب.
ووفقًا للمدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، الذي أشار في تقرير خاص حول دور المعادن الحيوية في تحولات الطاقة النظيفة، إلى أن على الحكومات العمل الآن للحدّ من مخاطر تقلّب الأسعار واضطراب العرض.
وأضاف أن إهمال معالجة هذه المخاطر سيتيح للثغرات المحتملة في سلاسل التوريد إبطاء ورفع تكلفة التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، ومن ثم عرقلة الجهود الدولية للتصدّي للتغير المناخي.
وبلغ إجمالي الطلب الحرج على المعادن اللازمة لتصنيع السيارات الكهربائية في عام 2020، 0.4 مليون طن.
وبناءً على سيناريو التنمية المستدامة، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينمو هذا الطلب 30 مرة تقريبًا، ليصل إلى 11.8 مليون طن في عام 2050.
ومن المتوقع أن يشهد الليثيوم أكبر نمو، يليه النيكل والغرافيت، علمًا أن مشكلة تلبية الطلب لا تكمن في نقص الاحتياطيات.
ووفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، حُدِّد 89 مليون طن من موارد الليثيوم.
وحُدِّد 25 مليون طن من موارد الكوبالت، وما لا يقلّ عن 300 مليون طن من النيكل، على اليابسة وحدها، وعُثِر على احتياطيات كبيرة من الموارد من المعدنين في قاع المحيط أيضًا.
وتكمن الصعوبة في إنشاء مناجم تشغيلية جديدة لإنتاج المعادن الصالحة للاستخدام من تلك الاحتياطيات؛ إذ يستغرق نقل مشروع التعدين من مرحلة الاكتشاف إلى مرحلة التشغيل 16.5 عامًا في المتوسط، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
تقليل الواردات
يتمثل التحدي الآخر لسلسلة التوريد المستقبلية في أن عددًا قليلًا من البلدان فقط ينتج العديد من المعادن الضرورية للسيارات الكهربائية، وأن أكثر من نصف الإمدادات المعدنية اللازمة لبطاريات السيارات الكهربائية يأتي من أكبر 3 منتجين.
وكانت أستراليا، في عام 2020، مسؤولة عن 48% من إنتاج الليثيوم العالمي.
بالنسبة للغرافيت، تعدّ الصين المورد الرئيس في العالم، إذ يأتي ما يقرب من 79% من الإنتاج العالمي من البلاد، وأنتجت جمهورية الكونغو الديمقراطية 69% من الكوبالت العالمي، في عام 2020.
وأدى الطلب المتزايد على المعادن إلى إطلاق تحذيرات بشأن زيادة تكلفة البطارية، ووصلت أسعار عبوات بطاريات أيون الليثيوم إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق في عام 2021، إذ بلغت 132 دولارًا للكيلوواط / ساعة، بسبب تحسين التكنولوجيا ووفرة الإنتاج.
تقصير سلاسل التوريد
بدأت شركات تصنيع السيارات في البحث عن حلول لتأمين إنتاج السيارات الكهربائية، نتيجة تزايد المخاوف بشأن سلاسل التوريد، إذ طورت شركة جنرال موتورز الأميركية بطارية تحتاج الكوبالت بنسبة أقلّ من 70%.
وتستكشف شركات أخرى لتصنيع السيارات إمكان تصنيع بطاريات باستخدام كمية قليلة من الكوبالت أو دونه، ويرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار المعادن والقضايا الإنسانية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
في المقابل، أعربت منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية، عن مخاوفها بشأن القضايا الإنسانية في صناعة تعدين الكوبالت في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بما في ذلك ضعف التنظيم وانتهاكات حقوق الإنسان والتلوث.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية