هل حان موعد ظهور عملاق الغاز الصاعد؟.. هل ينتشل غاز موريتانيا أوروبا من براثن أزمة الطاقة؟.. ما القصة؟

يمكن أن يصبح غاز موريتانيا بديلًا مثاليًا لتعويض العجز المتوقع في الإمدادات الأوروبية من روسيا، بفضل موقعها الإستراتيجي بالقرب من دول القارة، وتمتُّعها باحتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي والغاز المسال.

ودعمت أزمة الغاز في أوروبا آمال موريتانيا في تطوير 100 تريليون قدم مكعبة من الغاز اكتُشِفَت قبالة حدودها المشتركة مع شمال السنغال.

وتتفق شركتا بي بي البريطانية العملاقة، وشريكتها كوزموس الأميركية، اللتان تطوّران مشروع تورتو أحميم الكبير للغاز المسال، على أهمية تطوير جزء كبير من الأصول، عاجلًا وليس أجلًا.

المرحلة الثانية من حقل تورتو

قال المدير المالي لشركة النفط البريطانية بي بي، موراي أوشينكلوس: “لدينا الكثير من الخيارات لتوفير الغاز لمساعدة أوروبا، من حقل تورتو في موريتانيا والسنغال”.

وأضاف: “العمل في المرحلة الأولى مستمر، نحن نتطلع إلى المرحلة الثانية التي من شأنها أن تساعد في توريد الغاز إلى أوروبا”.

وكان من المتوقع بدء الإنتاج من المرحلة الأولى للمشروع -والتي تبلغ تكلفتها الاستثمارية 4.8 مليار دولار- في عام 2022، لكن بسبب تداعيات وباء كورونا، أعلنت شركة بي بي القوة القاهرة وتأجيل الموعد حتى عام 2023.


وقال الرئيس التنفيذي للشركة برنارد لوني: “نحن سعداء بالتقدم المحرَز في حقل تورتو، ونتطلع لتوسيع أعمالنا هناك، نحن بحاجة فقط لاستكمال المفاوضات الجارية مع الحكومة والشركاء والمورّدين”، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

واكتُشف حقل تورتو عام 2015، في مربع “سي 8” بالمياه البحرية الموريتانية، بعد حفر بئر تورتو1 الاستكشافية على عمق بحري يصل إلى 2.7 كيلومترًا، ورُصِد وجود غاز على عمق 117 مترًا.

إنتاج حقل تورتو من الغاز المسال

من المتوقع أن ينتج الحقل -الذي سيدخل حيز التشغيل في أواخر عام 2023- 2.5 مليون طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال في مرحلته الأولى.

وتهدف المرحلة الثانية من المشروع لمضاعفة الإنتاج إلى 5 ملايين طن سنويًا، تُمثّل فقط نصف السعة المخطط لها والبالغة 10 ملايين طن سنويًا، والسدس من 30 مليون طن (10 مليون طن سنويًا من كل مرحلة)، والتي تدّعي شركتا بي بي وكوزموس قدرةَ الحقل الموريتاني السنغالي على إنتاجها.

وستشهد المرحلة الأولى من مشروع تورتو أحميم للغاز المسال إرسالَ الغاز والمكثفات من نظام إنتاج في المياه شديدة العمق إلى محطة عائمة للإنتاج والتخزين والتفريغ، لمعالجة سوائل الآبار.

وتقول شركة كوزموس الأميركية: “نحن نواصل العمل بشكل وثيق مع شركة بي بي والحكومات وشركات النفط الوطنية، لتحسين مخطط التنمية فيما يتعلق بحجم الإنتاج والتوقيت”.

وأضافت: “العمل في الحقل يتقدم، ونتوقع صدور قرار بتطوير المرحلة الثانية في منتصف العام الجاري”.

مميزات غاز موريتانيا

كانت كوزموس قد توقعت، سابقًا، تطوير المرحلة الثانية من المشروع في عام 2026.

في مقابل ذلك، قال المدير المالي لشركة بي بي، موراي أوشينكلوس، إن أزمة الغاز في أوروبا أكدت ضرورة استكمال مراحل تطوير المشروع لإنتاج ما هو أكثر من 5 ملايين طن سنويًا، بحسب موقع ناتشورال غاز إنتل، والذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وكان من المقرر أن تضيف المرحلة الثانية للمشروع 3.75 مليون طن سنويًا، تليها مرحلة ثالثة بالطاقة الإنتاجية نفسها، لكن خُفِض الإنتاج إلى 2.5 مليون طن سنويًا، نتيجة تقليص التكاليف في 2020، مع الارتفاع العالمي في أسعار النفط وعوائده.

تتمتع الآن شركتا بي بي وكوزموس بملاءة مالية قوية، تسمح لهما بضخّ استثمارات في مشروعات ذات عوائد طويلة الأجل بدلًا من الحاجة إلى تدفّق نقدي إيجابي قصير الأجل.

وتتوقع كوزموس أن تحقق المرحلة الثانية من حقل تورتو عوائد مجزية، مع اقتراب سعر الغاز الطبيعي في أوروبا من 6 دولار/ لكل مليون وحدة حرارية.


وتعتقد الشركة الأميركية أن تكاليف التنقيب والإنتاج والشحن المنحفضة تمنح الغاز المكتشف من موريتانيا والسنغال ميزة إضافية على إمدادات الولايات المتحدة، بالإضافة إلى وقت إبحار يتراوح بين 5 إلى 6 أيام إلى شمال غرب أوروبا، أقلّ من نصف وقت الشحن من الخليج الأميركي والساحل الشرقي للولايات المتحدة، والذي يستغرق عادةً نحو 12 إلى 15 يومًا.

يأتي ذلك فضلًا عن انخفاض تكلفة الشحن التي يمكن أن تصل إلى دولار واحد تقريبًا لكل مليون وحدة حرارية، حسب تقرير لمجلة ميس الأميركية، اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ويتمتع الغاز الطبيعي المسال المستخرج من حقل تورتو بجودة عالية، لخلوّه تقريبًا من ثاني أكسيد الكربون.

أزمة الغاز في أوروبا

أسهمت أزمة الغاز في قارّة أوروبا بتركيز الأنظار على تطوير حقول الغاز التي اكتُشِفَت على المدى القصير، مثل حقول موريتانيا والسنغال، الّا أن المخاوف تظل عالقة؛ من تحوّل الطاقة، وهجرة الشركات الكبرى لاستثمارات النفط والغاز.

ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى تقليص وارداته من الغاز الروسي منذ شنّ الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، إلّا أن الأمر قد يتطور إلى حظر كامل مع الابتزار الروسي لدول القارّة ومطالبها بدفع مستحقات الغاز بالروبل، وهو الأمر الذي ترفض أوروبا الانصياع له حتى الآن.

وخلال 2021، استورد الاتحاد الأوروبي 155 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الروسي، تُمثّل نحو 45% من واردات أوروبا من الغاز، وما يقرب من 40% من إجمالي استهلاكها.. وفقًا لتقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية.

ويتوقع بعضهم أن الطلب العالمي على الغاز قد يبلغ ذروته خلال عقد من الآن، وربما أقلّ من ذلك للنفط، الأمر الذي أثّر في جاذبية عمليات الاستكشاف طويلة الأجل التي قد تُحقق عوائدها خلال عقود، ودفع الشركات الكبرى للتخارج من هذه المشروعات.

ويعمل مشروع تورتو أحميم الكبير للغاز الطبيعي المسال بين موريتانيا والسنغال بنظام بحري يربط 4 آبار لإنتاج الغاز بوحدة عائمة للإنتاج والتخزين والتفريغ.

وتهتم الوحدة العائمة بمعالجة الغاز المُنتج لإزالة الهيدروكربونات الثقيلة منه، قبيل نقله إلى سفينة الغاز المسال.

اقرأ أيضًا: بتروناس تبدأ إغلاق حقلي نفط وغاز في موريتانيا


استأجرت شركة النفط والغاز الماليزية بتروناس شركة هافرام النرويجية، لأعمال إيقاف التشغيل البحرية لحقلي نفط وغاز في موريتانيا.

ومنحت شركة بتروناس كاليغري موريتانيا 1 -وهي شركة فرعية مملوكة بالكامل لشركة بتروناس- العقد لـ هافرام، في مارس/آذار الماضي، حسبما جاء في بيان صحفي أصدرته الشركة النرويجية للخدمات البحرية.

وستوفر هافرام خدمات الهندسة والمشتريات، للتخلي عن المرافق البحرية وإيقاف تشغيلها في حقلي شنقيط وباندا، قبالة سواحل موريتانيا.

هافرام في أفريقيا

بموجب العقد، ستستخدم هافرام خبراتها الداخلية لإدارة البنية التحتية المتبقية وهندستها واسترجاعها والتخلص منها، بعد أن نفذت عمليات إيقاف تشغيل المرحلة الأولى في عام 2018.

وأكد الرئيس التنفيذي لشركة هافرام، أود سترومسنيس، أن هذا العقد يُعد بمثابة جائزة أخرى لمشروع مهم تحصل عليها الشركة في أفريقيا.

وقال: “إنه واحد من 4 مشروعات مُنحت لـ هافرام في أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط خلال الـ12 شهرًا الماضية، ما يعزز سجلنا القوي في المنطقة”.

وأضاف: “نحن فخورون باختيارنا من قبل بتروناس لتلبية احتياجات إيقاف التشغيل”.

شريك مثالي لـ بتروناس

من جانبه، قال نائب الرئيس التنفيذي لـ هافرام، كيفين ميرفي: “تركيزنا على تخفيف المخاطر وحلول التنفيذ الفعّالة جعل بتروناس تختارنا مرة أخرى بوصفنا شريكًا مثاليًا لعمليات إيقاف التشغيل”.

وشدد على أن “هافرام قدمت -باستمرار- مجموعة من المشروعات تحت سطح البحر في جميع أنحاء القارة لعملائنا، ونتطلع إلى تجديد شراكة العمل مع فريق شنقيط وباندا التابع لبتروناس”.

وسيكون مقر فريق إدارة المشروع وهندسته في مكتب هافرام في هيوستن بالولايات المتحدة، وقد بدأ العمل في المشروع.

حقل شنقيط النفطي

شنقيط هو أول حقل نفطي في موريتانيا، اكتشفته شركة وودسايد الأسترالية في عام 2001، باحتياطيات قُدّرت في البداية بنحو 120 مليون برميل، ثم خُفضت إلى 34 مليون برميل في عام 2007.

وبدأ أول إنتاج من الحقل في فبراير/شباط 2006 بنحو 75 ألف برميل يوميًا، إلا أنه تراجع إلى 6.75 ألف برميل يوميًا في عام 2013.

واضطرت موريتانيا إلى تعليق عمليات التنقيب عن النفط مع استمرار تراجع الإنتاج في عام 2018.

حقل باندا للغاز

في سياق آخر، وقّعت وزارة البترول والمعادن والطاقة الموريتانية، في ديسمبر/كانون الأول 2021، مذكرة تفاهم مع شركة نيو فورتريس إنرجي الأميركية، لتطوير حقل باندا للغاز لإنتاج الكهرباء.

إذ يهدف مشروع تطوير حقل باندا، بحلول عام 2024، إلى تزويد محطة الطاقة المزدوجة بقدرة 180 ميغاواط بالغاز، وإنشاء محطة جديدة لإنتاج الكهرباء ذات دورة مركبة بقدرة 120 ميغاواط.

ويقع حقل باندا للغاز في الساحل الموريتاني على بعد نحو 60 كيلومترًا من نواكشوط، وتُقدّر إمكاناته بـ1.2 تريليون قدم مكعبة.

المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية

Exit mobile version