من أجل تأمين الإمدادات الغذائية في العالم، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) نداء عاجلا بعد أن دفعت الجائحة مئات الملايين من الناس إلى الفقر، في ظل نقص الإمدادات الغذائية.
وقالت فاو إن الزراعة في العديد من البلدان معرضة للخطر كذلك نتيجة للحرب الروسية ـ الأوكرانية، داعية إلى اتخاذ إجراءات على نطاق واسع، بحسب أقوال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) تشو دونيو مساء الأربعاء (بالتوقيت المحلي) في اجتماع وزاري للأمم المتحدة في نيويورك.
وكخطوة أولى، دعا المسؤول الأممي إلى زيادة المساعدات الطارئة للزراعة. لجعل نظم الأغذية الزراعية أكثر كفاءة ومرونة واستدامة. وقال إنه يجب إعادة تصميم إنتاج الأغذية وتجهيزها في جميع أنحاء العالم لتصبح أكثر مرونة “لتجنب مستوى الضعف الذي نواجهه اليوم”.
وترى الفاو أن الحرب في أوكرانيا فاقمت في زيادة أسعار الغذاء العالمية. إذ أن روسيا وأوكرانيا يعتبران مصدران مهمان في أسواق الحبوب العالمية كما أن روسيا هي واحدة من أكبر مصدري الأسمدة في العالم.
مجاعة عالمية
من جهته حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من مجاعة عالمية تستمر لسنوات بسبب هجوم روسيا العسكري ضد أوكرانيا، وفق حساب المنظمة الدولية على “تويتر” الخميس.
"Our only chance of lifting millions of people out of hunger is to act together, urgently & with solidarity."
— @antonioguterres tells Global Food Security Call to Action ministerial meeting. https://t.co/LNJkziRZcb
— United Nations (@UN) May 19, 2022
وقال غوتيريش، خلال اجتماع وزاري حول الجوع بمقر الأمم المتحدة في نيويورك الأربعاء، إن الحرب أدت إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في الدول الفقيرة بسبب ارتفاع الأسعار.
وتابع: العالم قد يواجه نقص إمدادات الغذاء عالميا في الأشهر المقبلة، إذا لم يتم إعادة الصادرات الأوكرانية إلى مستويات ما قبل الحرب المتواصلة منذ 24 فبراير/ شباط الماضي.
وأوضح أن هذا الصراع “يهدد بدفع عشرات الملايين من الناس إلى حافة انعدام الأمن الغذائي، وما يترتب عليه من سوء التغذية وجوع جماعي، بل ومجاعة”.
مطالبات بالسماح بتصدير الحبوب
وكإجرائين اقترحهما غوتيريش لحلّ الأزمة، دعا الأخير روسيا السماح بتصدير الحبوب الأوكرانية المخزّنة في مرافئ هذا البلد، كما طالب في الوقت ذاته الغرب بالسماح بوصول الأغذية والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية.
وأضاف أنّه يمكن أيضاً “استكشاف طرق نقل بديلة” عن الممرّ البحري لتصدير هذه الحبوب، المخزّنة خصوصاً في مخازن مدينة أوديسا الساحلية المطلّة على البحر الأسود، “حتى لو علمنا أنّ هذا لن يكون كافياً لحلّ المشكلة”.
بالمقابل شدّد الأمين العام للأمم المتّحدة على “وجوب السماح للأغذية والأسمدة الروسية بالوصول الكامل وغير المقيّد إلى الأسواق العالمية”.
ولا تخضع الأسمدة الروسية للعقوبات التي فرضها الغرب على موسكو منذ بدأت قواتها بغزو أوكرانيا، لكنّ العقوبات المالية المفروضة ضدّ النظام المالي الروسي يمكنها أن تمنع دولاً ثالثة من شراء هذه الأسمدة، وفقاً لدبلوماسيين.
ويتفاوض غوتيريش حول هاتين المسألتين منذ أسابيع عدّة مع كلّ من روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة والاتّحاد الأوروبي بالإضافة إلى تركيا التي يمكن أن تساعد في إزالة الألغام الموضوعة بالقرب من الموانئ الأوكرانية وتأمين سلامة حركة السفن.
وقال الأمين العام “أنا متفائل، لكن لا يزال هناك طريق طويل لنجتازه. إنّ التداعيات الأمنية والاقتصادية والمالية المعقّدة تتطلّب حسن النية من جميع الأطراف”، رافضاً الإفصاح عن مزيد من التفاصيل كي لا يقلّل ذلك من فرص التوصّل إلى اتّفاق.
الحبوب كسلاح خرب؟
من جهتها، اتهمت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك روسيا الأربعاء بمنع صادرات الحبوب من أوكرانيا كسلاح حرب.
وقالت بيربوك في اجتماع لوزراء الخارجية في الأمم المتحدة بنيويورك: “تقود روسيا هذه الحرب بسلاح رهيب وقوي آخر هو الجوع والحرمان. من خلال إغلاق الموانئ الأوكرانية ومن خلال تدمير الصوامع والشوارع والسكك الحديدية، تشن روسيا حرب حبوب، مما أثار أزمة غذائية عالمية”.
وأضافت أن موسكو “تفعل ذلك في وقت فيه الملايين مهددون بالفعل بالجوع، لا سيما في الشرق الأوسط وأفريقيا، بسبب الآثار المدمرة لأزمة المناخ، وبسبب جائحة كوفيد، وبسبب الصراعات المستعرة في مناطقهم”.
ووفقا للحكومة الألمانية، تمنع روسيا تصدير 20 مليون طن من الحبوب من أوكرانيا، بشكل أساسي إلى شمال أفريقيا وآسيا. يتم حظر الكثير منها في ميناء أوديسا. روسيا من جهتها، ترفض هذه الاتهامات بشدة وتعتبر الغرب “مسؤولا” عن الوضع بسبب العقوبات التي فرضت على موسكو.
ويشير تقرير الأمم المتحدة العالمي حول أزمة الغذاء، الذي نشر في أوائل مايو/أيار، إلى أنه في عام 2021 إلى تأثر 193 مليون شخص في 53 بلدا/إقليما بشدة جراء انعدام الأمن الغذائي ويحتاجون إلى المساعدة بشكل عاجل. ووفقا للتوقعات، سيعاني حوالي 329 ألف شخصفي الصومال وجنوب السودان واليمن من انعدام الأمن الغذائي بحلول نهاية عام 2022.
اقرأ أيضاً: مؤشر الجوع العالمي: أكثر من 800 مليون إنسان جَوْعَى
حذرت منظمة مكافحة الجوع Welt Hunger Hilfe الألمانية المعنية بمكافحة الجوع من زيادة المجاعات في العالم. وقال الأمين العام للمنظمة ماتياس موغه لشبكة التحرير الصحفي الألمانية اليوم الخميس (14 تشرين الأول/أكتوبر 2021): “لقد ابتعدنا بشكل كبير عن مسار القضاء على الجوع حتى عام 2030، لأن الجوع في حالة زيادة حالياً من جديد”.
وأوضح أن نحو 811 مليون شخص يعانون حالياً من الجوع حول العالم، وأن هناك 41 مليون شخص على وشك مواجهة مجاعة، وقال: “يُظهر مؤشر الجوع العالمي الحالي أن 47 دولة لن تصل إلى مستوى منخفض من الجوع حتى عام 2030″.
وأشارت المنظمة إلى أن الوضع مأساوى للغاية في الصومال واليمن وأفغانستان ومدغشقر وجنوب السودان.
وتعتزم منظمة مكافحة الجوع عرض ما يسمى بـ”مؤشر الجوع العالمي” الخاص بها لعام 2021 بشكل رسمي اليوم الخميس في العاصمة برلين. و يحدد التقرير حالة الجوع على مستوى العالم، ومن شأنه توضيح المناطق التي تم إحراز تقدم بها والبلدان التي توجد فيها حاجة أكبر للتصرف واتخاذ إجراء.
وقال موغه: “منظمة فيلت هونغر هيلفه تدعو لمبادرات سياسية من أجل الحد من النزاعات على مستوى العالم ومن أجل مواجهة المجاعات الحادة”، مضيفاً أن هناك حاجة إلى اتفاقيات ملزمة في مؤتمر المناخ القادم للأمم المتحدة في غلاسكو لمكافحة تغير المناخ.
وأشار الأمين العام للمنظمة إلى أن وضع التغذية يسوء بسبب كثرة الأزمات وتنوعها، مثل الحروب والنزاعات وتغير المناخ والعواقب الناتجة عن تفشي فيروس كورونا المستجد، لافتاً إلى أن النزاعات زادت مجدداً خلال الأعوام الماضية، وأوضح أنها تعد أحد أكبر محفزات الجوع، وقال: “حيثما تسود حرب، يتم تدمير محاصيل وحقول وبنية تحتية ويهرب الناس من قراهم”.
المصدر: DW – مواقع إلكترونية