أول دولة تكتشف النفط في الخليج العربي، وأول دولة في العالم تطور النفط الصخري.. يُشكّل النفط والغاز المكون الرئيس لاقتصادها

يُشكّل النفط والغاز المكون الرئيس لاقتصاد البحرين ولقطاع الطاقة في البلاد، إذ تحصل المملكة على 63% من إيراداتها عبر بيع براميل الوقود الأحفوري، وقد تختلف مكانتها مع تطوير النفط الصخري.

ومملكة البحرين هي عبارة عن أرخبيل -مجموعة متقاربة ومتجاورة من الجزر- تتألف من 33 جزيرة، أكبرها جزيرة البحرين التي تضم العاصمة المنامة، وتمثّل 80% من إجمالي مساحة اليابسة للبلاد.

وتقع البحرين وسط الخليج العربي بالقرب من الساحل الشرقي للسعودية، والتي ترتبط معها بجسر الملك فهد، الذي أُنشئ عام 1986، بطول 25 كيلومترًا تقريبًا.

وتعدّ البحرين أول دولة تكتشف النفط في الخليج العربي، وهو ما كان له الأثر البالغ في تغيير كل مناحي الحياة للدول الخليجية، فضلًا عن قدرة البلاد في ضخّ استثمارات كبيرة في هذا الشأن.

اكتشاف النفط

ترجع أولى خطوات الوصول إلى النفط في البحرين لعام 1925، عندما وقّعت البلاد أول امتياز للتنقيب بالمملكة، ومن ثم أسست شركة نفط البحرين المحدودة (بابكو) في يناير/كانون الثاني 1929، لكنها لم تكن مملوكة للبلاد في ذلك الوقت.

وفي عام 1932، اكتشفت البحرين النفط في البئر رقم واحد بمنطقة جبل الدخان من قبل الشركة الأميركية “ستاندرد أويل كاليفورنيا”، واستطاعت استخراج كميات تجارية منه، فيما يُعدّ أول اكتشاف للوقود الأحفوري في الخليج العربي.

وبعد ذلك استُخرج النفط من البئر رقم 2 في منطقة جبل الدخان، وفقًا لبيانات الهيئة الوطنية للنفط والغاز في البحرين.

ومع تدفّق النفط بكميات تجارية، نجحت المملكة في تصدير أول شحنة من النفط الخام البحريني إلى اليابان من محطة سترة.

وأدت زيادة معدلات تدفّق النفط إلى افتتاح البحرين أول مصفاة تكرير عام 1936، بسعة تصل إلى 10 آلاف برميل يوميًا، والتي شهدت كذلك تكرير جزء من النفط السعودي عام 1945، عبر مدّ خط أنابيب من السعودية إلى مصنع التكرير في البحرين.

وكان عام 1966 هو بداية إنتاج النفط من حقل أبو سعفة البحري المشترك بين السعودية والبحرين، والذي يصل إنتاجه حاليًا إلى نحو 330 ألف برميل يوميًا، ويوزّع مناصفة بين البلدين.

ومع زيادة اعتمادها على النفط، نفّذت البحرين برنامجًا لتوسيع مصفاة التكرير من قبل شركة بابكو (Bapco) عام 1968، وارتفعت القدرة الإنتاجية للمصفاة إلى 250 ألف برميل يوميًا، قبل أن تمتلكها بشكل كامل عام 1997، وفقًا لـ”بابكو”.

وتنفّذ البحرين في الوقت الراهن توسعة لمصفاة بابكو بتكلفة 6 مليارات دولار، بهدف رفع الطاقة الإنتاجية في المصفاة إلى 360 ألف برميل يوميًا من نحو 267 ألف برميل يوميًا.

ومع إعلان مملكة البحرين دولة مستقلة عام 1971، اتخذت خطوات تهدف إلى تدعيم قطاع النفط في البلاد، منها تأسيس شركة نفط البحرين الوطنية (بانوكو) عام 1976، وبعدها تأسيس المجلس الأعلى للنفط عام 1980.

وبعد ذلك، رفعت الحكومة حصتها في أسهم شركة بابكو إلى 60% عام 1981، وأعيد تشكيلها بمشروع مشترك مع شركة كالتكس (Caltex) التي تمتلك نسبة 40% من رأس مال الشركة، وبعد سنوات استحوذت البحرين بشكل كامل على الشركة.

ومنذ عام 1982، أصبحت شركة بانوكو (BANOCO) المسوؤلة بشكل كامل ومباشر عن إنتاج النفط والغاز في مملكة البحرين، والتي اندمجت بعد ذلك مع شركة نفط البحرين (بابكو).

احتياطيات النفط في البحرين

تراجع احتياطي البحرين من النفط بنهاية العام الماضي إلى 94.6 مليون برميل، مقابل 108 ملايين برميل خلال عام 2019، وفقًا للبيانات المتاحة على موقع كنتري إيكونومي.

ويأتي هذا الانخفاض في احتياطيات النفط المؤكدة لدى البحرين، بعد أن ظل ثابتًا عند 124.6 مليون برميل طوال المدة من عام 2002 حتى عام 2018.

ورغم أن البحرين أول دولة تكتشف النفط في الخليج العربي، فإن إنتاجها من النفط يعدّ أقلّ بكثير من الدول المجاورة لها مثل السعودية، ومع ذلك يعتمد الاقتصاد البحريني على النفط والغاز.

إنتاج النفط

بحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن الهيئة الوطنية للنفط والغاز، ارتفع إجمالي إنتاج البحرين من النفط الخام إلى 71.1 مليون برميل خلال 2020، وذلك بفضل نمو معدل إنتاج حقل البحرين إلى 15.85 مليون برميل، بينما بلغ إنتاج حقل أبوسعفة 55.41 مليون برميل في العام الماضي.

بينما تراجع إنتاج النفط المكرر في البحرين إلى 84.1 مليون برميل في عام 2020، بانخفاض نسبته 15.9% مقارنة مع العام السابق له، وتجدر الإشارة أن إنتاج حقل البحرين البري يُضخّ بشكل كامل إلى مصفاة البحرين بابكو لتكريره.

وتشير تقديرات منظمة أوبك إلى أن إنتاج البحرين من النفط بلغ 195.7 ألف برميل يوميًا خلال عام 2020، مقابل 194.4 و193.2 ألفًا في العامين السابقين 2019 و2018 على الترتيب.

وتواصل الشركات العالمية اقتناص الفرص التي تطرحها البحرين لاستكشاف النفط بالمملكة، إذ بدأت إيني الإيطالية حفر أول بئر استكشافية في القطاع البحري رقم 1 شمال البحرين.

ويأتي حفر البئر ضمن اتفاقية الاستكشاف والمشاركة في الإنتاج الموقّعة مع الحكومة البحرينية والشركة الإيطالية في مايو/أيار لعام 2019 حول القطاع البحري رقم 1، والذي يُقدّر بمساحة 2800 كيلومتر مربع، وبعمق يتراوح ما بين 10 أمتار و70 مترًا.

وتتضمن الاتفاقية إلزام إيني بحفر البئر الاستكشافية والقيام بعدد من الدراسات الجيولوجية.

وفي السياق نفسه، وقّعت شركة تطوير للبترول البحرينية اتفاقية مع إيني؛ لعمل دراسة مشتركة بشأن القطاع البحري رقم 2 في مسعى لتقييم الإمكانات الهيدروكربونية عبر البيانات الجيولوجية والجيوفيزيائية ذات الصلة بالمنطقة.

النفط الصخري

نجحت البحرين عام 2018 باكتشاف أكبر حقل للنفط الصخري الخفيف والغاز الطبيعي في تاريخ البلاد، وذلك بالمنطقة الغربية من حدود المملكة، وهو ما يرفع أمل البلاد في زيادة إنتاجها النفطي بشكل كبير مع بدء الإنتاج منه، ويعدّ بمثابة داعم رئيس لقطاع النفط والغاز وأمل جديد نحو زيادة الإيرادات.

ويقدّر أن الحقل -الذي يقع على مساحة 2000 كيلومتر مربع- يحتوي على نحو 80 مليار برميل من النفط الصخري، وهو ما يجعله أكبر كشف للنفط والغاز في البلاد منذ عام 1932، كما تتراوح احتياطيات الغاز في الحقل بين 10 تريليونات إلى 20 تريليون قدم مكعبة.

وتستهدف البحرين إنتاج نحو 200 ألف برميل يوميًا من حقل النفط الصخري الخفيف، وهو ما قد يضاعف إنتاج البلاد الحالي من الخام، والذي بلغ 180 ألف برميل يوميًا في المتوسط خلال سبتمبر/أيلول الماضي، وفقًا لتقديرات وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس بشأن إنتاج أوبك+.

وتأمل المملكة بدء الإنتاج من حقل النفط الصخري بحلول عام 2023، مع توقّع وزير النفط البحريني، محمد بن خليفة آل خليفة، أن يبدأ التنقيب عن أول آبار في حقل النفط الصخري البحري الجديد بحلول نهاية عام 2022.

وتستهدف البحرين بدء الإنتاج من حقل النفط الصخري بحلول عام 2023؛ إذ تعوّل على زيادة أسعار النفط التي تشهدها الأسواق مؤخرًا في جذب المستثمرين لتطوير المشروع.

وبحسب ما نقلته وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس، جاءت التوقعات بشأن الاكتشاف في البحرين، على الرغم من عدم تجاوزها مرحلة الحفر الاختباري لحقل النفط الصخري.

الغاز الطبيعي

في عام 1848، اكتشفت البحرين الغاز الطبيعي، من قبل شركة بابكو، بينما أصبح دخلًا جديدًا للبلاد مع النفط، وفقًا لموقع الشركة.

واتجهت البحرين عام 1977 إلى تحديد أفضل طريقة للاستفادة من الغاز المصاحب المكتشف، وقررت إنشاء مصنع لمعالجة الغاز بتكلفة 100 مليون دولار بهدف تحويله إلى منتجات البروبان والبيوتان والنافثا، مع ضخّ الغاز الفائض للصناعات المحلية.

وأسست البلاد إثر هذا المشروع شركة غاز البحرين الوطنية مع الافتتاح الرسمي للمصنع في عام 1979، ويتضمن المشروع إنشاء 4 محطات لضغط الغاز، ومنطقة لتخزين المنتجات في مرفأ سترة، بالإضافة إلى مصنع لاستخلاص غاز البروبان والبيوتان والنافثا.

وفي عام 1980، نجحت البحرين بتصدير أول شحنة من البيوتان، وفقًا لموقع شركة بناغاز (Banagas).

وتعدّ بناغاز شركة مساهمة بحرينية، إذ تستحوذ الشركة القابضة للنفط والغاز على 75% من رأس المال، بينما تمتلك شركة شيفرون البحرينية نحو 12.5%، وشركة بوبيان للبتروكيماويات الكويتية 12.5%.

ووفقًا للشركة، تقوم بناغاز في الوقت الرهن بتشغيل مصنعين لمعالجة الغاز بإجمالي إنتاجية تبلغ نحو 300 مليون قدم مكعبة يوميًا.

وتمتلك البحرين كذلك مصنعًا ثالثًا لمعالجة الغاز، بدأت فكرته منذ عام 2008، إذ قررت البلاد وضع إطار قانوني لمشروع محطة غاز جديدة في حقل البحرين أطلق عليه “التوسعة”، وأسست شركة مستقلة تسمى توسعة غاز البحرين الوطنية، تقوم بإدارتها وتشغيلها بناغاز.

وبلغت تكلفة تمويل مشروع إنشاء مصنع الغاز الثالث -والذي بدأ العمل فيه عام 2018- نحو 645 مليون دولار، بسعة إنتاجية تصل إلى 350 مليون قدم مكعبة يوميًا.

وتقوم البحرين بتخزين منتجات البروبان والبيوتان في 3 خزّانات للبيوتان وخزّانين للبروبان في منطقة التخزين بسترة.

وبحسب بيانات شركة النفط البريطانية بي بي، سجّل احتياطي البحرين من الغاز الطبيعي أكبر مستوى له تاريخيًا عام 1980، إذ بلغ 0.6 تريليون متر مكعب (21.2 تريليون قدم مكعبة)، وظل يتراجع حتى وصل إلى 0.1 تريليون متر مكعب (3.5 تريليون قدم مكعبة) عام 2020.

واتّبع إنتاج الغاز الطبيعي في البحرين مسارًا صعوديًا منذ سبعينات القرن الماضي، ليرتفع من 0.7 مليار متر مكعب (24.7 مليار قدم مكعبة)، ويصل إلى 16.4 مليار متر مكعب (579.2 مليار قدم مكعبة) في عام 2020، وفق بيانات بي بي.

الغاز الطبيعي المسال

في إطار تطوير قطاع الغاز بالبلاد وزيادة مساهمته في الاقتصاد المحلي، نفّذت المملكة مشروع مرفأ البحرين للغاز الطبيعي المسال.

ويتألف هذا المشروع من وحدة تخزين عائمة، ومرفأ وحاجز بحري لاستلام الغاز المسال، ومنصة مجاورة لإعادة تغويز الغاز المسال، ليعود إلى حالته الغازيّة.

كما يشمل أنابيب تحت الماء لنقل الغاز من المنصة إلى الشاطئ ومرفق بري لاستلام الغاز، إضافة إلى منشأة برية لإنتاج النيتروجين، نقلًا عن وكالة الأنباء البحرينية.

وتبلغ قدرة مشروع مرفأ البحرين للغاز الطبيعي المسال نحو 800 مليون قدم مكعبة يوميًا، بينما تعود ملكية المرفأ بنسبة 30% للشركة القابضة للنفط والغاز و70% لتحالف شركات يضم نيكاي إل جي وسامسونغ ومؤسسة الخليج للاستثمار.

قطاع الكهرباء في البحرين

تعتمد البحرين على الوقود الأحفوري، خصوصًا الغاز الطبيعي، في توليد الكهرباء، ومع ذلك تسعى البلاد إلى رفع نسبة الطاقة المتجددة في قدرات الشبكة الكهربائية.

وكان للبحرين أيضًا السبق في تنفيذ محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز، إذ افتتحت في 30 أبريل/نيسان عام 1959 أول محطة في الخليج العربي لتوليد الكهرباء تعمل بالغاز الطبيعي في الجفير، وفقًا لبيانات الهيئة الوطنية للنفط والغاز البحرينية (نوغا).

ويبلغ إجمالي إنتاج المملكة من الكهرباء عبر محطات التوليد التي تعمل بالغاز الطبيعي نحو 3920 ميغاواط، بحسب رئيس هيئة الطاقة المستدامة في المملكة، عبدالحسين بن علي ميرزا.

وتستهدف البحرين ضمن إستراتيجيتها للتنمية المستدامة، زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، بهدف خفض الانبعاثات الكربونية لمواجهة تغيّرات المناخ، بالإضافة إلى إعادة توجيه الغاز الطبيعي الذي سيجري توفيره في دعم الاقتصاد.

وتضمنت خطة البحرين زيادة نصيب الطاقة المتجددة بنسبة 5% من قدرات التوليد في البلاد، أي ما يعادل نحو 250 ميغاواط بحلول 2025، ومن ثم رفع النسبة إلى 10% بحلول عام 2035.

وتمثّل مشروعات الطاقة الشمسية الجزء الأكبر من حصة الطاقة المتجددة التي تستهدفها البلاد، وذلك نظرًا للموقع الجغرافي والظروف المناخية التي تتمتع بها المملكة، وتمكّنها من الاستفادة من إشعاعات الشمس.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، أطلقت البحرين مبادرة تركيب أنظمة الطاقة الشمسية على أسطح منشآت ومباني 8 مدارس حكومية، في إطار سعي البلاد نحو تركيب أنظمة الطاقة الشمسية على المدارس والمباني الحكومية، بالتعاون مع القطاع الخاص.

وشهد نهاية 2020 توقيع اتفاقية شراء الطاقة لإنتاج 3 ميغاواط من الطاقة الشمسية بين وزارة التربية والتعليم وعدد من شركات القطاع الخاص الفائزة، بالمناقصات التي طرحتها كل من هيئة الطاقة المستدامة ووزارة التربية والتعليم في البلاد بوصفها مشروعًا تجريبيًا.

وتتوقع البحرين أن تحقق المبادرة وفورات في تكاليف استهلاك الكهرباء لوزارة التربية والتعليم بنسبة تتراوح بين 20 و30%، وفقًا لوكالة الأنباء البحرينية.

المصدر: الطاقة

Exit mobile version