لا حاجة للبنزين والديزل بعد اليوم.. تعرف إلى خطط الدول الكبرى لكهربة الطرق السريعة

يعدّ قطاع النقل البري واحدًا من أبرز التحديات التي تعرقل جهود خفض الانبعاثات في قطاع النقل بصفة عامة.

وتعدّ عربات النقل البري والشاحنات المصدر الأسرع نموًا للطلب على النفط في العالم، ومن المتوقع أن تشكّل نحو 15% من الزيادة المتوقعة من الانبعاثات العالمية حتى عام 2050، حسبما ذكر منتدى النقل الدولي.

ومع تطوير تقنيات الطرق السريعة للشاحنات، فإنه لم يعد هناك حاجة للتزود بالوقود أو التوقف لإعادة الشحن، وهو ما يُنظر إليه بأنه أكبر خطوة لإزالة الكربون عن النقل البري السريع.

تقنيات النقل والشحن

يعدّ توصيل الشاحنات الكهربائية بخطوط الطاقة العلوية في طرق النقل السريعة، الطريق الأكثر كفاءة في استخدام الطاقة للشحن البري دون انبعاثات.

يسمح هذا النظام للشاحنات بسحب الطاقة الكهربائية من الخطوط العلوية المكهربة، إذ يمكن أن تصل سرعة الشاحنة إلى 90 كيلومترًا في الساعة.

تتولى ألمانيا والسويد الريادة في تقنية كهربة طرق قطاع النفل البري من خلال عدد من المشروعات التجريبية، ففي ألمانيا أنفقت الحكومة 70 مليون يورو (77 مليون دولارًا أميركيًا) لتطوير شاحنات يمكنها استخدام هذا النظام.

يُجمع عدد من الخبراء بضرورة أن تتدخل الحكومات للتشجيع على ضخّ الاستثمارات اللازمة في البنية التحتية.

كيف تعمل؟

يمكن للكهرباء المأخوذة مباشرة من الشبكة تشغيل محركات الشاحنات الكهربائية مباشرةً، وكذلك شحن البطاريات الموجودة على متنها، وتوجد طرق مختلفة لتوصيل الكهرباء إلى الشاحنات خلال التنقل، منها:

أنظمة التسلسل باستخدام خطوط الكهرباء العلوية، والشاحنات المزودة بالبانتوغراف، وهذا النهج مألوف في القطارات.
أنظمة الحث اللاسلكي من خلال استخدام ملفات مثبتة أسفل الأسفلت، والتي تنقل الكهرباء إلى السيارة دون اتصال مباشر (تستخدم هذه التقنية في شحن الهواتف المحمولة).
قضبان كهربائية في الطريق، إذ تمتد ذراع متحرك من الشاحنة إلى السكة.
يشار أيضًا إلى الطرق المجهزة بأيٍّ من هذه التقنيات باسم الطرق السريعة الإلكترونية أو الطرق الكهربائية أو الممرات المكهربة، ويمكن تجهيز شاحنات المستقبل ببطارية صغيرة نسبيًا لتغطية الطريق من -وإلى- الطرق المكهربة.

في المراحل الأولى من بدء التشغيل، يمكن تغطية هذه المسافات بمحرك احتراق في الشاحنات الهجينة.


فوائد تقنيات قطاع النقل

تعدّ الشاحنات الكهربائية إلى حدّ بعيد خيارًا يحقق مبدأ الكفاءة في الشحن البري، من ناحية استخدام الطاقة بشكل أكثر كفاءة، واستخدام خلايا وقود الهيدروجين.

ويُنظر إلى تقنيات الطريق السريع الكهربائية بأنها أكثر كفاءة من استخدام الشاحنات التي تعمل بالبطاريات فقط، لأن بعض الطاقة تُفقَد عند شحن البطاريات وتفريغها.

ووفقًا لوزارة البيئة الألمانية، تتمتع الشاحنات التي تعمل بالبطاريات بكفاءة إجمالية تبلغ 62%، مقارنة بنسبة 77% لأنظمة الطرق الكهربائية، و29% فقط لشاحنات خلايا الوقود الهيدروجينية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن شاحنات الطرق السريعة الإلكترونية أخفّ وزنًا، لأنها لا تحتاج إلى بطاريات ثقيلة، وهو ما يعني أن بإمكانها حمل المزيد من البضائع – مما يجعل كفاءتها لكل حمولة أعلى-، كما يستهلك تصنيع البطاريات الكثير من الطاقة والموارد.

سلبيات التقنية الجديدة

وعلى الرغم من وجود العديد من المزايا لكهربة الطرق السريعة لقطاع النقل البري، فإن هناك عددًا من التحديات والسلبيات، من بينها ضرورة توفر البنية التحتية الضرورية، والتي ستتطلب استثمارًا مقدمًا كبيرًا يبلغ نحو مليوني يورو (2.15 مليون دولار) لكل كيلومتر من الطرق.

وفي حال عدم توفر البنية التحتية، فإن شركات النقل لن تلجأ إلى الاستعانة بالشاحنات المجهزة بالتقنيات الحديثة، وهو ما يجعل خطط الاستثمار بخفض انبعاثات النقل البري في مهب الريح.

أبرز الدول

افتتحت السويد أول طريق كهربائي في العالم على امتداد طريق سريع في عام 2016، باستخدام خط علوي، كما بدأت مشروعات تجريبية لاختبار تقنيات الطرق السريعة الإلكترونية الأخرى.

وأكملت تركيب أول طريق عامّ كهربائي لاسلكي في العالم في ديسمبر/كانون الثاني 2020، إذ رُكِّبَت ملفات نحاسية بطول 1.5 مترًا تحت الأسفلت بين المطار ومركز المدينة.

وتختبر السويد أيضًا تكنولوجيا السكك الحديدية الكهربائية على طريق يمتدّ لمسافة كيلومترين

وفي ألمانيا، تعدّ تجارب البلاد باستخدام الأسلاك العلوية أكثر تقدمًا، وتحظى بدعم قوي من وزارة البيئة.

اقرأ أيضًا: الأمونيا.. وقود المستقبل لإزالة الكربون من قطاع النقل (تقرير)


بما أن معظم بلدان العالم تسعى إلى الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن، فإن نجاح جهود إزالة الكربون العالمية يعتمد على التطورات التكنولوجية في قطاع النقل.

ويمثّل قطاعا نقل الركّاب والبضائع معًا أكثر من ثلث انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية في قطاعات الاستخدام النهائي، وقد تركَّز التقدم في خفض الانبعاثات حتى الآن على تشغيل قطاع سيارات الركّاب بالكهرباء.

واستحوذت السيارات الكهربائية على ما يقرب من 9% من مبيعات السيارات العالمية الجديدة في عام 2021، إذ شهدت أميركا الشمالية وأوروبا والصين معظم النمو في المبيعات.

ويشير المحللون إلى صعوبات كبيرة في إزالة الكربون من أنماط النقل الأخرى، خصوصًا النقل بالشاحنات والقاطرات والطيران والشحن.

وفي حين تبدو تقنيات الهيدروجين والبطاريات عالية الأداء واعدة إلى حدّ كبير، فإنها تظل في مرحلة سابقة للتداول التجاري.

الاهتمام بدور الأمونيا

تجتذب الأمونيا اهتمامًا متزايدًا بصفتها عامل تمكين لخفض الانبعاثات في قطاعات النقل التي يصعب تخفيف انبعاثاتها.

وقد أُنتِجَت الأمونيا من خلال الجمع بين الهيدروجين والنيتروجين الجوي، واستُخدمت في صناعات مختلفة لأكثر من قرن، في المقام الأول بصفة مكوِّن كيميائي أساس للأسمدة الآزوتية.

إضافة لذلك، تمتلك الأمونيا كثافة طاقة حجمية عالية نسبيًا مقارنةً بالهيدروجين والتركيبة الكيميائية للبطاريات الحالية، ما يجعلها ناقلًا جذابًا للطاقة، إذ أتاحت التطورات التكنولوجية في السنوات الأخيرة فرصًا جديدة لاستخدام الأمونيا في قطاع النقل.

وتشمل هذه التطورات أساليب الأكثر كفاءة لتكسير الأمونيا لتوليد الهيدروجين واستخدامه في خلايا الوقود أو محركات الاحتراق؛ أو أنظمة التسييرالمُجهَّزة للاستخدام المباشر للأمونيا؛ أو طرق تجميع ومزج الأمونيا أو الهيدروجين بأنواع الوقود التقليدية.

من ناحيتها، طوّرت شركة” أموجي” الناشئة في بروكلين مفاعلًا مدمجًا وعالي الكفاءة، يعمل على تكسير الأمونيا في الموقع، ويستخدم الهيدروجين لتوليد الكهرباء من خلال خلية وقود.

ويستفيد التصميم من الخصائص الفيزيائية الفائقة للأمونيا السائلة في نقل مزايا أداء الهيدروجين بعيدًا عن مصدر الإمداد، ويقوم بذلك في درجات حرارة تشغيل منخفضة ومستويات كفاءة أعلى من التصميمات البديلة.

وتتجه تقنية شركة أموجي حاليًا نحو التداول التجاري، إذ يمكن رؤيتها قريبًا في قطاعي الشحن والنقل البري، بالإضافة إلى تطبيقات توليد الكهرباء الثابتة.

استخدامات الأمونيا

أصدرت شركة غايد هاوس إنسايتس، وهي شركة استشارية وبحثية رائدة في السوق تغطي التحول العالمي للطاقة مع التركيز على أنظمة البنية التحتية المرنة الناشئة، تقريرًا بعنوان”الأمونيا بصفتها وقودًا لإزالة الكربون من قطاع النقل، انطلاق وقود جديد في الأسواق القائمة وسط تحول الطاقة”.

وأشار التقرير -الصادر في الربع الثاني لعام 2022، وشارك في إعداده 3 محللين هم: شانتانو تشاكرابورتي، وبيتر مارين وجاك موس- إلى الاستخدامات المختلفة للأمونيا كونها ميسورة التكلفة وسهلة المنال وقابلة للتخزين بصفة وقود خالٍ من الكربون داخل قطاع النقل وخارجه.

واستعرض التقرير الدوافع التي تدعم استخدام كميات إضافية من الأمونيا، والعراقيل التي قد تعوق نموها، وتوصيات لأصحاب المصلحة الرئيسيين للنظر فيها.

ناقل الهيدروجين ووقود للنقل

نظرًا لاستخدامها طويل الأمد في قطاع الزراعة سمادًا، يتمتع إنتاج الأمونيا ونقلها واستخدامها بالنضج التقني والبنية التحتية الحالية ومعرفة الجمهور، ما يؤهلها للاستخدام في صناعات جديدة، مثل الوقود وتخزين الكهرباء.

إلى جانب ذلك، لفت تفشّي وباء كوفيد-19 الانتباه إلى حاجة العالم إلى سلسلة إمداد سلسة تعتمد بشكل كبير على النقل الفعال للسلع والبضائع من سفينة إلى شاحنة إلى مستودع.

وأكد انتشار الوباء أهمية النقل الرقمي السلس للمعلومات (حركة الإنترنت)، التي تستهلك كميات هائلة من الطاقة، ولها متطلبات موثوقية عالية.

لذلك، يمكن للأمونيا، بصفتها وقودًا للنقل وناقلًا للهيدروجين، أن تؤدي دورًا رئيسًا في تقليل الانبعاثات وتحسين مرونة الأداء في كلا الأمرين.

قطاع الشحن

يمثّل قطاع الشحن نحو 3% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، ويعتمد القطاع بشكل كبير على الوقود المشتق من النفط، مثل زيت الوقود الثقيل، وزيت الوقود منخفض الكبريت، وزيت الغاز البحري، لتلبية احتياجاته من الطاقة.

وتمثّل هذه الأنواع من الوقود مجتمعة ما يقرب من 221 مليون طن من الطلب على النفط سنويًا، ويشكّل الغاز الطبيعي المسال نسبة أقلّ من الطلب على وقود الشحن، مع 2.3 مليون طن من الوقود المستهلك في عام 2021.

ويُعدّ الوقود الحيوي البحري، الذي يشكّل أقلّ من 0.1% من إمدادات الوقود للقطاع، الوقود الوحيد منخفض الكربون المنتشر خارج نطاق المشروع التجريبي، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

ويوجد إجماع واسع على أن صناعة الشحن تحتاج إلى الانتقال إلى مجموعة جديدة من الوقود وتقنيات التسيير، لضمان الامتثال لأهداف الانبعاثات العالمية.

بدورها، أصدرت هيئة الأمم المتحدة المكلّفة بتنظيم الصناعة، المنظمة البحرية الدولية، إستراتيجيتها الأولية لغازات الاحتباس الحراري في عام 2018، داعيةً إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 50% مقارنة بمستويات عام 2008، بحلول عام 2050.

وكان قطاع الشحن مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بنمو الناتج المحلي الإجمالي، ومن المرجح أن يتطلب التوسع في الطلب على وقود الشحن في المستقبل انخفاضًا أكبر في الانبعاثات على أساس كل سفينة.

ونظرًا لأن متوسط ​​العمر المتوقع للسفينة يتراوح بين 25 و 30 عامًا، حددت الشركات الكبرى في الصناعة هدفًا بنسبة 5% للسفن عديمة الانبعاثات التي تدخل الخدمة بحلول عام 2030، لتجنّب تكاليف التحديث الباهظة وضمان مدة تكثيف كافية للتزويد بالوقود من البنية التحتية الجديدة.

وتمثّل الأمونيا إحدى خيارات التسيير والتشغيل الخالية من الكربون المستخدمة ضمن هذا القطاع، وتعتمد ملاءمة التقنيات الفردية الخالية من الكربون على حجم السفينة وسجلّها التشغيلي.

بالنسبة للسفن الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تقوم برحلات قصيرة منتظمة، مثل عبّارات الركّاب، فإن متطلبات كثافة الطاقة لأنظمة الوقود وأنظمة التسيير والدفع تكون متساهلة نسبيًا.

في المقابل، تعدّ كثافة الطاقة مؤشرًا مهمًا للأداء للسفن الكبيرة العابرة للمحيطات، مثل سفن الحاويات وناقلات البضائع السائبة وناقلات النفط والمواد الكيميائية، وتمثّل فئات السفن هذه 85% من انبعاثات غازات الدفيئة في قطاع الشحن، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة.

إلى جانب كثافة الطاقة الحجمية العالية ونقطة الغليان التي يمكن التحكم فيها، تتمتع الأمونيا بالعديد من المزايا الرئيسة التي تجعلها خيارًا مناسبًا للسفن العابرة للمحيطات، وكذلك السفن الصغيرة.

على سبيل المثال، تُعدّ الأمونيا سلعة متداولة عالميًا، إذ يُشحن 20 مليون طن من المادة الكيميائية سنويًا من بين ما يقرب من 200 ميناء، وتوفر البنية التحتية الحالية للنقل والتخزين أساسًا جاهزًا لسلسلة قيمة مستقبلية للوقود خالٍ من الكربون في الشحن.

وتقدّم الأمونيا مجموعة من الخيارات البديلة، مثل الميثانول والوقود الحيوي، إذ تشكّل القيود المفروضة على ثاني أكسيد الكربون وإمدادات الكتلة الحيوية المستدامة عقبات أمام استخدامها وانتشارها على نطاق واسع.

ومن الفوائد الإضافية للأمونيا هي أنها متوافقة مع أكثر من تقنية تسيير واحدة، ويمكن استخدام الأمونيا في السفن الصغيرة ناقلًا للهيدروجين في أنظمة التسيير الكهربائية القائمة على خلايا الوقود، إذ تقوم وحدة التكسير على متن السفينة بتجزئة الأمونيا لتوفير مصدر الهيدروجين.

وفي السفن الكبيرة، حيث تخفف كثافة الطاقة أو اعتبارات الكفاءة مقابل تقنيات خلايا الوقود، قد تكون الأمونيا مناسبة للحقن في محركات الاحتراق الداخلي المتكيفة.

ويستلزم استخدام الأمونيا داخل محركات الاحتراق الداخلي المتكيفة تعديلات طفيفة نسبيًا على تخطيط أنظمة التسيير مقارنةً بتبنّي خلايا الوقود.

ونظرًا لضيق نطاق قابلية الاشتعال للأمونيا، فإن صناعة الشحن تتصوّر استخدام الوقود مع كمية أقلّ من وقود الإشعال – إمّا زيت الكاز البحري أو الهيدروجين المستخرج من الأمونيا باستخدام جهاز تكسير.

وأعلنت شركتا تصنيع المحركات الرائدتان، وارتسيلا النرويجية، و”إم إيه إن إنرجي سوليوشنز” الأميركية، خططًا لإدخال محركات احتراق تعمل بوقود الأمونيا في السوق، بحلول عام 2024.

النقل بالشاحنات

يُعدّ الشحن البري عنصرًا حيويًا للنشاط الاقتصادي، وقد سلّط تفشّي وباء كوفيد-19 الضوء على أهمية القطاع، إذ نُشِر عدد متزايد من الشاحنات لتقديم المنتجات للمستهلكين النهائيين.

وتتوقع شركة غايد هاوس إنسايتس أن يصل الأسطول العالمي من المركبات الثقيلة إلى 94 مليونًا بحلول عام 2030، بزيادة قدرها 30% عن عام 2020، البالغ 74 مليون مركبة، ويأتي معظم هذا النمو من الأسواق النامية.

تمثّل الشاحنات حاليًا نحو 87% من سوق المركبات الثقيلة، وتمثّل واحدة من أسرع القطاعات نموًا، وتمثّل الشاحنات أحد قطاعات النقل التي تتطلب إزالة الكربون.

الحدّ من انبعاثات الكربون

أطلقت الشاحنات المتوسطة والثقيلة، في عام 2021، 1.8 غيغاطن من ثاني أكسيد الكربون، ما يمثّل 23% من جميع الانبعاثات المتعلقة بالنقل، و 9% من انبعاثات الكربون العالمية.

ويتطلب تقليل انبعاثات الكربون من قطاع النقل بالشاحنات الانتقال من المحركات التي تعمل بالديزل إلى تقنيات الوقود ونظام التشغيل البديل.

وكما هي الحال مع قطاع الشحن، يعتمد الاختيار الأمثل للتكنولوجيا على حجم ووزن المركبة والغرض المقصود منها وملف السفر المتوقع.

بالنسبة للمركبات الثقيلة طويلة المدى، قد يمثّل وزن البطاريات الكهربائية وأوقات الشحن المرتبطة بها قيودًا كبيرة.

ويوفر هذا السيناريو فرصة لأنظمة التسيير القائمة على خلايا الوقود حلًّا محتملًا؛ إذ تقوم خلايا الوقود بتحويل الهيدروجين إلى كهرباء لتشغيل مجموعات التسيير الكهربائية.

نتيجة لذلك، تشترك شاحنات خلايا الوقود في العديد من مزايا الأنظمة الكهربائية للبطاريات دون تحمُّل وزن إضافي أو أوقات أطول لإعادة التزود بالوقود، وتُظهر شاحنات خلايا الوقود أداءً أعلى من المركبات التي تعمل بالبطاريات في الظروف الجوية القاسية.

بفضل هذه المزايا، اعتمدت شركات تصنيع السيارات الرئيسة شاحنات خلايا الوقود، وتستثمر كل من الشركات الناشئة، مثل نيكولا موتورز وهايزون موتورز الأميركيتين، والشركات القوية في الصناعة، مثل تويوتا وهيونداي، بكثافة في التكنولوجيا.


وبدأت الحكومات في جميع أنحاء أميركا الشمالية وأوروبا عدّة مشروعات بحثية مؤخرًا، مع التركيز على توسيع نطاق البنية التحتية للتزود بالوقود، وتحسين الكفاءة التكنولوجية لأنظمة دفع خلايا الوقود.

وعلى الرغم من تخزين الهيدروجين على متن الشاحنات في حاويات مضغوطة، التي يمكن إعادة تعبئتها في محطات التزود بالوقود بالهيدروجين، فإن الاقتصاد باستهلاك الوقود لشاحنات الهيدروجين يتوقف على الشكل الذي يُسلَّم به الهيدروجين.

ويمكن تخزين الهيدروجين في حالة مضغوطة أو سائلة، أو يمكن توفيره عبر ناقل هيدروجين كيميائي، مثل الأمونيا.

بالمقارنة مع الهيدروجين المضغوط (4.7 ميغاجول/ لتر عند 690 بار و 15 درجة مئوية)، فإن الأمونيا السائلة لديها كثافة طاقة (12.7 ميغاجول/ لتر) أكبر بنحو 2.7 مرة، وتتطلب طاقة أقلّ بكثير لتخزينها ونقلها بأمان.

وتستفيد الأمونيا من البنية التحتية للإمداد الحالية وسهولة النقل والتخزين السائل، ويتيح استخدام الأمونيا ناقلًا للهيدروجين، إلى جانب جهاز تكسير مدمج وعالي الكفاءة لشاحنات خلايا الوقود، تحقيق كفاءة طاقة أعلى ونطاقات مماثلة لمحركات الديزل الحالية.

آلات مناولة المواد

أبرزَ النشاط المتزايد للبيع بالتجزئة عبر الإنترنت الناجم عن الوباء أهمية الشحن والنقل البري، وكذلك المعدّات الثقيلة لمناولة المواد مثل الرافعات الشوكية في المستودعات والموانئ والمطارات.

لقد شهدت سوق معدّات مناولة المواد، التي تعمل تقليديًا بالوقود الأحفوري مثل البنزين والديزل وغاز البترول المسال والغاز الطبيعي المضغوط، تحولًا جذريًا نحو الكهربة في السنوات الأخيرة، وتمثّل الرافعات الشوكية الكهربائية ما يقرب من 60% من سوق الرافعات الشوكية، وفقًا لشركة تويوتا اليابانية، أكبر مورّد للرافعات الشوكية في العالم.


وتوفر الرافعات الشوكية التي تعمل بخلايا الوقود فرص نمو هائلة؛ نظرًا لغياب الانبعاثات المرتبطة بمحركات الاحتراق الداخلي، وخيارات إعادة التعبئة السريعة والوزن الخفيف، مقارنةً بالرافعات التي تعمل بالبطارية.

من جهتها، تهدف شركة تطوير خلايا الوقود الأميركية “بْلَغْباور” إلى تحويل الرافعات الشوكية الكهربائية للعمل على خلايا وقود الهيدروجين، وقد قامت بتركيب 50 ألف خلية وقود 8 بالرافعات الشوكية في جميع أنحاء العالم.

مع استمرار توسّع المستودعات الضخمة، يمكن أن تمثّل الرافعات الشوكية التي تعمل بخلايا الوقود التي تعمل بالهيدروجين 20% من مبيعات الرافعات الشوكية بحلول عام 2030، و 60% من المبيعات بحلول عام 2050.

وفي حين تعدّ الولايات المتحدة أكبر سوق للرافعات الشوكية التي تعمل بخلايا الوقود، ستشهد آسيا نموًا أيضًا، مع توقّع أن يكون لدى الصين 5000 رافعة شوكية تعمل بالهيدروجين بحلول عام 2025، وتتوقع اليابان أن يكون لديها أسطول من 10 آلاف بحلول عام 2030.

تجدر الإشارة إلى أن توسيع نطاق خلايا وقود الهيدروجين لاستخدامها في معدّات مناولة المواد يواجه تحديات تتعلق بتوصيل الوقود وتخزينه، ويمكن أن تساعد الأمونيا إلى جانب جهاز التكسير الموجود على المركبة في التخفيف من هذه التحديات.

ويمكن للأمونيا أن تقدّم جميع مزايا خلايا وقود الهيدروجين مع سهولة أكبر في الاستخدام، بفضل إرشادات سلامة التعامل مع الأمونيا التي أُدرِجَت في الصناعة، وبنية تحتية تسليم ناضجة وخصائص فيزيائية أفضل للتخزين الفعال من حيث التكلفة في الموقع.

وتقدّم الاستخدامات الزراعية فرصة عبر الصناعة للأمونيا، التي تُستهلَك على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم لتطبيقات الأسمدة، كما يمكن استخدام الأمونيا في المواقع نفسها لتشغيل الآلات التي تساعد في زراعة المحصولات الغذائية وحصادها وتجفيفها وتخزينها وتبريدها.

ويمكن استخدام الأمونيا لتدفئة أو تبريد الحظائر والمنازل والمباني المأهولة الأخرى في البيئات الزراعية، وتُعدّ فوائد الأمونيا بصفتها وقودًا جذابة، خصوصًا في المواقع النائية؛ نظرًا لكثافتها العالية للطاقة، ما يقلل عدد مرّات إعادة التزوّد بالوقود.

أنظمة الطاقة ومراكز البيانات

في عام 2020، في ذروة تفشّي وباءكوفيد-19، قُدِّرت زيادة حركة الإنترنت العالمية بأكثر من 40%، وكان الدافع وراء هذه الزيادة هو الارتفاع المفاجئ في تدفّق الفيديو، ومؤتمرات الفيديو، والألعاب عبر الإنترنت، والشبكات الاجتماعية.

وتُوَجَّه الغالبية العظمى من حركة مرور الإنترنت عبر مراكز البيانات، والتي تمثّل 1% من الطلب العالمي النهائي على الكهرباء (200 تيراواط/ساعة – 250 تيراواط/ ساعة)، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

وتشير التقديرات إلى أن مراكز البيانات مسؤولة عن 2% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.

نظرًا لمعدل نمو الطلب على مراكز البيانات، من المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 3.2% بحلول عام 2025، ومن المتوقع أن يمثّل تخزين البيانات وحده 14% من الانبعاثات العالمية بحلول عام 2040.

وقد أخذ روّاد الصناعة مثل غوغل (12 تيراواط/ساعة في عام 2019)، وآبل (1.7 تيراواط/ ساعة في عام 2020)، وفيسبوك (7تيراواط في الساعة في عام 2020)، زمام المبادرة في شراء الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح؛ لتلبية متطلبات مركز البيانات.

ورغم ذلك، لا تزال المرافق غير مدعومة بالكهرباء المتجددة.

وتعدّ الخوادم التي تشغّل العمليات الحسابية عبئًا مهمًا يجب تلبيته في مراكز البيانات، وحتى الانقطاعات الصغيرة في إمدادات الكهرباء يمكن أن تؤدي إلى خسائر مالية كبيرة.

نظرًا لأن مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح -وهما مصدران شائعان للطاقة المستدامة لمراكز البيانات- متقطعة، فلا يمكن الاعتماد عليهما لتوفير الكهرباء المستمرة التي تحتاجها هذه المرافق، ويستلزم هذا الواقع دمج مصادر طاقة أولية أو احتياطية أكثر استقرارًا يمكن أن تكمل مصادر الطاقة المتجددة بتلبية الطلب على الكهرباء في مركز البيانات.

ويمكن للتقنيات المستدامة التي يمكن أن توفر كهرباء ثابتة مستمرة غالبًا في مواقع معزولة، مثل مراكز البيانات، الاستفادة من الفوائد التي توفرها الأمونيا وخلايا الوقود لقطاع النقل.

وتستثمر العديد من الشركات في خلايا الوقود لتشغيل مراكز البيانات الخاصة بها.

في عام 2021، أطلقت شركة كاتربيلر مشروعًا تعاونيًا لمدة 3 سنوات مع مايكروسوفت، وبالاردباورسيستمز، لإثبات موثوقية خلايا الوقود لتزويد مراكز البيانات بالكهرباء منخفضة الكربون.

وأطلق الاتحاد الأوروبي مشروع إيكو إدج برايم باور الذي يوضح أوجه التآزر بين خلايا الوقود والبطاريات لتوفير الطاقة الأولية للبنى التحتية الحيوية، مثل مراكز البيانات.

لمزيد من جهود إزالة الكربون وزيادة كثافة الطاقة، يمكن أيضًا تشغيل خلايا الوقود بوساطة الهيدروجين الذي يصنع بالاعتماد على الطاقة المتجددة، وتنقله الأمونيا عبر جهاز تكسير.

العوامل المحركة للسوق

على الرغم من أن استيعاب الأمونيا في قطاع النقل لا يزال ناشئًا، فمن المتوقع أن تؤدي مجموعة من العوامل إلى تطويره بصفة وقود للنقل وناقل للهيدروجين.

ويمكن أن تساعد مجموعة من سياسات الحدّ من الانبعاثات والتعاون مع القطاع الخاص وأوجه التآزر في البنية التحتية في تحفيز نشر أنظمة التسيير بالأمونيا، التي ستعتمد تفاصيلها على كل قطاع من قطاعات السوق.

ومن المرجح أن تتبنّى صناعة الشحن الأمونيا بصفة وقود نقل متجدد أولاً بين الأسواق المحتملة بسبب المهلة الطويلة لتطوير وبناء التقنيات البحرية؛ استجابة لكل من لوائح الحدّ من الانبعاثات الحالية والمتوقعة.

دوافع السياسة

لم تُدعَم أهداف خفض انبعاثات قطاع النقل على المستويين الوطني والدولي، حتى الآن، بإجراءات سياسية حازمة، تتجاوز بعض التمويل العامّ للبحث والتطوير.

ويجب على صانعي السياسات اتخاذ قرار بشأن مجموعة من أدوات السياسة المحتملة، بما في ذلك تسعير الكربون، والإعانات المقدّمة لاعتماد الوقود الكربوني المنخفض، ومعايير الوقود منخفض الكربون، ومتطلبات السفن الجديدة المجهزة بأنظمة تسيير عديمة الانبعاثات.

على المستوى الدولي، يوفر إدخال عام 2020 لسقف على محتوى الكبريت في وقود الشحن، المبين في لائحة المنظمة البحرية الدولية لعام 2020، مثالًا توضيحيًا لكيفية ظهور مخطط تسعير الكربون العالمي.

وفي أوروبا، كانت المناقشات لإدراج الشحن الدولي في نطاق نظام تداول الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي جارية منذ عدّة سنوات.

وبلغت هذه المناقشات ذروتها في اقتراح المفوضية الأوروبية الأخير “لائق لنسبة 55%”، والذي يهدف إلى إعداد الاتحاد لتحقيق أهدافه المناخية لعام 2030.

وستشهد المقترحات إدراج قطاع الشحن في نظام تداول الانبعاثات، إذا صُدِّق عليه من قبل المجلس الأوروبي والبرلمان.

ونظرًا لأن مخططات تسعير الكربون لا تقدّم دعمًا تقنيًا مستهدفًا، فإنها تفضّل أيّ مجموعة من التقنيات والتعديلات التشغيلية قادرة على تحقيق تخفيضات في الانبعاثات بأقلّ تكلفة.

ووفقًا لتحليل شركة غايد هاوس إنسايدر، يمكن أن يؤدي اعتماد الأمونيا عبر جهاز تكسير الأمونيا ونظام دفع خلية الوقود إلى توفير أكثر من 131000 دولار في نطاق كهرباء 500 كيلوواط، على مدى عمر السفينة المعتاد، 25 عامًا.

وذلك بافتراض سعر الكربون 120 دولارًا للطن، ومتوسط تكاليف الأمونيا 0.30 دولارًا/كغم، كما هو موضح في الشكل التالي:

ويمثّل اشتراط تزويد السفن بأنظمة تسيير عديمة الانبعاثات فرصة واضحة في الأسواق ذات أهداف السياسة الأكثر طموحًا.

وتتطلب الخطة البحرية النظيفة لعام 2019 التابعة لحكومة المملكة المتحدة أن تكون السفن الجديدة المصممة للاستخدام في مياه المملكة المتحدة خالية من الانبعاثات، من عام 2025 فصاعدًا.

وهذا يعني أنه يجب أن تكون مجهزة، إمّا بالبطاريات، أو بأنظمة تسيير قادرة على التحول إلى الأمونيا أو الهيدروجين أو أيّ وقود آخر محايد كربونيًا، بمجرد توفرها.

تجارة الأمونيا الدولية

جعلت الخصائص المتفوقة للأمونيا بصفة وسيط تخزين ونقل للهيدروجين عنصرًا إستراتيجيًا رئيسًا للعديد من مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر القادمة، خصوصًا المشروعات الكبيرة التي تبلغ غيغاواط الموجودة في المناطق النائية.

ونظرًا لأن هذه الأنواع من المشروعات تُصمَّم عادةً للاستفادة من موارد الطاقة المتجددة الأقلّ تكلفة، فإن تكاليف النقل ستكون الفارق الرئيس مقارنةً بالإنتاج المحلي في المناطق ذات أسعار الكهرباء المرتفعة نسبيًا.

لذلك برزت الأمونيا ناقلًا مفضلًا للهيدروجين؛ لأنه يسمح بنقل كميات أكبر من الهيدروجين على وعاء واحد مقارنةً بنقل الهيدروجين في صورة سائلة أو مضغوطة.

وسوف يتجه الميل إلى تداول الهيدروجين كأمونيا نحو المستخدمين النهائيين القادرين على استخدام المادة الكيميائية مباشرة، إمّا للنقل لمسافات طويلة، أو لتطبيقات الأسمدة.

ومن المرجح أن تستفيد صناعة الشحن خصوصًا بسبب حركة الأمونيا، بين الأمونيا الرمادية الأولى والخضراء في النهاية، عبر المحاور البحرية.

الممرات البحرية الخضراء

من المحتمل أن يكون عدد السفن التي تتحول في البداية إلى الأمونيا بصفة وقودٍ محدودًا، وهذا يعني وجود حافز ضئيل في السوق للاعتماد الوقائي للبنية التحتية لتزويد السفن بالوقود بالأمونيا، التي بدورها تشكّل حاجزًا أمام مالكي الأساطيل.

إدراكًا لهذه المشكلة، تقدّمت العديد من الموانئ للعمل بصفة ميسرين، للانتقال إلى السفن التي تعمل بوقود الأمونيا.

وأعلنت موانئ لوس أنجلوس وشنغهاي شراكةً لتطوير “ممر شحن أخضر” على طول أحد أكثر طرق الشحن ازدحامًا في العالم.

وفقًا لخطة تنفيذ الموانئ، ستُنشَر مرافق البنية التحتية لتمكين التوسع التدريجي للسفن عديمة الانبعاثات، طوال عشرينيات القرن الحالي، بهدف تقديم أول سفن حاويات عابرة للمحيط الهادئ محايدة كربونًا بحلول عام 2030.

في قمة المناخ كوب 26، وقّعت 22 دولة إعلان “كلايد بنك”، الذي يدعو إلى إزالة الكربون من قطاع الشحن الدولي، من خلال إنشاء 6 ممرات شحن خضراء، على الأقلّ بحلول نهاية العقد.

وعلى مستوى الموانئ الفردية، أعلنت سنغافورة -وهي حاليًا أكبر مركز تموين بالوقود في العالم- دراسة جدوى لتطوير سلسلة توريد لتزويد السفن بالوقود بالأمونيا.

ومن المتوقع أن تستغل الخطط أوجه التآزر مع قطاع غاز النفط المسال، إذ يمكن استخدام ناقلات غاز البترول المسال والبنية التحتية لتخزين ومعالجة الأمونيا السائلة.

في المقابل، يهدف ميناء روتردام إلى تطوير محطة تخزين ونقل الأمونيا بما يتماشى مع أهداف إزالة الكربون الأوسع.

وتستفيد الموانئ الكبيرة من المقياس اللازم لتمكين اعتماد الوقود البديل، حتى لو كانت نسبة صغيرة فقط من السفن تختار مبدئيًا أنظمة التسيير الخالية من الكربون.

ومن المحتمل أن يتركّز تبنّي الأمونيا، خلال مرحلة التكثيف المبكرة، حول المراكز الرئيسة وطرق الشحن المستخدمة بشكل متكرر قبل نشر التكنولوجيا على نطاق أوسع.

أسعار الوقود الأحفوري

أدى عدم الاستقرار الجيوسياسي في أواخر عام 2021 وأوائل عام 2022 إلى ارتفاع سريع في أسعار النفط والغاز الطبيعي.

في حين إن الآثار طويلة الأجل لتحركات الأسعار هذه تخضع لعدم اليقين، فقد كانت النتيجة المباشرة هي مضاعفة الاهتمام بالهيدروجين وأنواع الوقود الأخرى منخفضة الكربون وسيلةً لتقليل الاعتماد على صادرات الوقود الأحفوري الروسي.

والتزم الاتحاد الأوروبي بزيادة 4 أضعاف في أهداف الهيدروجين لعام 2030، ما يعني أنه سيتعين استيراد ما يقرب من 10 ملايين طن من الهيدروجين من خارج الاتحاد سنويًا.

اعتمادًا على قرب المصدِّرين المستقبليين من المستهلكين الأوروبيين، من المرجح توفير نسبة كبيرة من هذه الزيادة بشكل أمونيا خضراء.

من ناحية ثانية، ضمن قطاعات النقل المعتمدة على النفط، تخلق تكاليف الوقود المرتفعة حافزًا واضحًا للسعي إلى تحقيق مكاسب قصيرة الأجل في الكفاءة، وتقليل تعرّض الأسعار من خلال زيادة الإقبال على مصادر الوقود غير الأحفوري.

وأدى اعتماد الإنتاج الحالي، ضمن قطاع الأمونيا، على المواد الأولية للغاز الطبيعي إلى تقليص الإنتاج، بالإضافة إلى زيادة الاهتمام بمسارات الإنتاج القائمة على مصادر الطاقة المتجددة.

ومن وجهة نظر شركة غايد هاوس إنسايتس، تُعدّ التأثيرات الدقيقة لعوامل الخطر الجيوسياسية على قطاع الأمونيا معقّدة، ولكنها تشير إلى فصل طويل الأمد عن مدخلات الوقود الأحفوري وزيادة استخدام الأمونيا ناقلًا للطاقة.

حواجز السوق

في حين إن هناك العديد من العوامل التي تدفع إلى اعتماد الأمونيا وقودًا لإزالة الكربون من أجل النقل، هناك بعض الحواجز التي يجب معالجتها لضمان نموها المستدام، وتشمل هذه الحواجز:

وعلى الرغم من أن الأمونيا ليست وقودًا شديد الاشتعال، فإن تركيزاتها التي تزيد عن 1000 جزء في المليون يمكن أن تكون شديدة السمّية، وقد تؤدي إلى وفيات.

لذلك، لاستخدام الأمونيا على متن السفن، يجب تصميم أنظمة الوقود والبنية التحتية للتزويد بالوقود وتصنيعها وتشغيلها لضمان سلامة أطقم السفن وموظفي الموانئ ومورّدي الوقود.

ويؤدي احتراق الأمونيا في المحركات إلى إطلاق أكسيد النيتروز، وهو أحد غازات الدفيئة القوية، ويمكن تقليل هذه الانبعاثات إلى مستويات لا تُذكر، من خلال اعتماد أنظمة الاختزال الحفزي الانتقائي، وعن طريق تعديل المعلمات التشغيلية للمحرك.

أمّا من منظور القبول الاجتماعي، فقد تحتاج إلى تغيير تصوّرات الأمونيا خارج الصناعات المألوفة لاستخدامها.

وتُعدّ إجراءات معالجة الأمونيا راسخة جيدًا في صناعة الشحن؛ بسبب عمل المنظمات، مثل معهد تدريب سلامة الأمونيا، في الولايات المتحدة، المسؤول عن تحديد المعايير والإجراءات اللازمة، ومع ذلك، يلزم بذل جهود إضافية لتحديد قوانين السلامة والسماح للأمونيا وقودًا للسفن، وقد يلزم دعم السياسات الحكومية الدولية.

ونظرًا لأن الأمونيا الغازيّة أقلّ كثافة من الهواء، فإنها يمكن أن تتبدّد بسرعة كبيرة، مما يقلل من مخاطر الانفجار والحرائق في حالة حدوث تسرّب.

نظرًا لأن التقدم في مجال السلامة والوعي يسير بسرعة، مع قيام جمعيات التصنيف البحري مثل دي إن فيوإيه بي إس بصياغة إرشادات السلامة لاستخدام الأمونيا وقودًا بحريًا، لا يبدو أن الحواجز المتعلقة بالسلامة والقبول الاجتماعي تشكّل عوائق كبيرة أمام نمو اقتصاد الأمونيا.

علاوة على ذلك، فإن تغيير اللوائح التنظيمية الخاصة بالشاحنات، وتطبيقات التنقل على الطرق الوعرة لتفضيل الوقود البديل مثل الأمونيا، سيحسّن بشكل كبير التصور العامّ للأمونيا وقودًا.

وتميل مثل هذه اللوائح تاريخيًا نحو تحفيز التحسينات الإضافية لكفاءة محرك الديزل، وكانت الحوافز المقدّمة للتقنيات البديلة متخلّفة.

ومن المتوقع أن يتغير هذا مع الإعلانات الأخيرة من وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة التي اقترحت معايير جديدة أقوى تستهدف محركات البنزين والديزل شديدة التحمل.

سيكون للموافقة على هذه المقترحات دور في تقليل انبعاثات أكاسيد النيتروجين التي تشكّل الضباب الدخاني والسخام من الشاحنات بنسبة تصل إلى 60%، في عام 2045.

وسوف يستلزم التحول من الديزل والبنزين إلى أنواع الوقود البديلة المشتقة من الهيدروجين إصلاحًا شاملًا للبنية التحتية الحالية للتنقل.

ولتسهيل هذا التغيير في الولايات المتحدة، وضع برنامج دعم وتعزيز نشر المركبات عديمة الانبعاثات هدفًا لامتلاك 200 محطة للتزود بالوقود بالهيدروجين في ولاية كاليفورنيا الأميركية، بحلول عام 2025.

وفي الاتحاد الأوروبي، تحدد حزمة “لائق لنسبة 55%” هدفًا بنسبة 2.6% للجميع الوقود المتجدد المراد إنتاجه من الوقود المشتق من الهيدروجين.

علاوة على ذلك، تدعم لائحة البنية التحتية للوقود البديل أيضًا نشر البنية التحتية البديلة لإعادة التزود بالوقود، بما في ذلك توفير محطة واحدة للتزود بالوقود بالهيدروجين في كل 150 كيلومترًا على طول شبكة تن-تي.

وتمثّل تن-تي شبكة على مستوى أوروبا من خطوط السكك الحديدية والطرق والممرات المائية الداخلية والبحرية طرق الشحن والموانئ والمطارات ومحطات السكك الحديدية.

تكاليف الأمونيا الخضراء

في المرحلة الحالية، تعدّ الأمونيا الخضراء أكثر تكلفة من خيارات الوقود التقليدية المستخدمة في صناعة الشحن.

ومن المتوقع أن تنخفض التكاليف مع دخول عدد متزايد من مشروعات الإنتاج واسعة النطاق إلى السوق، في نهاية هذا العقد.

وقد أدى الارتفاع الأخير في أسعار الوقود الأحفوري أيضًا إلى تحسين القدرة التنافسية من حيث التكلفة للأمونيا النظيفة، مقارنةً بالوقود الأحفوري.

على المدى القصير، من الممكن مع ذلك استخدام حصة من الأمونيا الرمادية لتلبية الطلب الناشئ في قطاع النقل، اعتمادًا على تكاليف المواد الأولية والأهداف الإستراتيجية للمستخدم النهائي.

ومن المرجح أن تتطلب القدرة التنافسية المستمرة من حيث التكلفة مع الوقود التقليدي مزيجًا من انخفاض تكاليف الإنتاج وإشارة أسعار الكربون طويلة الأجل.

وسيكون تحسين الوصول إلى الطاقة المتجددة منخفضة التكلفة أو التطوير واسع النطاق لاحتجاز الكربون وتخزينه مفيدًا أيضًا في خفض تكاليف وتوافر الأمونيا النظيفة.

المشهد التنافسي

من أصل 176 مليون طن من الأمونيا التي تُنتَج على مستوى العالم سنويًا، يذهب 80% لإنتاج الأسمدة الزراعية، ومع ذلك، تقدّم التقنيات الناشئة استخدامات جديدة للأمونيا في النقل.

وسيساعد استخدام الأمونيا وقودًا للنقل أو حامل الهيدروجين في إزالة الكربون من القطاعات التي يصعب تخفيف انبعاثاتها، وتمثّل المنافسة مع أنواع الوقود الأخرى عقبة أمام اعتماد الأمونيا في هذا القطاع.

وفي حين توفر أنواع الوقود الحالية، مثل الوقود البحري والديزل ومشتقات الوقود الأحفوري الأخرى، استقرارًا للبنية التحتية القائمة والأسواق القائمة والخدمات اللوجستية المعروفة، تواجه الأمونيا منافسة من الوقود الحيوي والوقود الصناعي.

في بعض تطبيقات التنقل، يمكن أن تحقق تقنيات البطاريات كفاءات طاقة تصل إلى 90% مقارنة بـ60-65% للأمونيا داخل أنظمة التسيير والتشغيل، وحتى داخل قطاع الأمونيا، لا تزال أفضل طريقة لاستخدام المادة الكيميائية وقودًا محلّ نقاش.

الاستنتاجات

توفر الأمونيا فرصة واعدة بصفتها وقودًا نظيفًا مناسبًا للاستخدام في السفن قصيرة المدى وعابرة للمحيطات، والشاحنات، والمركبات على الطرق الوعرة، وتطبيقات توليد الكهرباء الثابتة.

ومن بين نواقل الهيدروجين، تجمع الأمونيا بين كثافة الطاقة الحجمية العالية والوعد بقابلية التوسع وميزة الحياد الكربوني عند نقطة الاستخدام.

ويمكن التخفيف من انبعاثات أكسيد النيتروز من الاحتراق المباشر من خلال اعتماد التقنيات المناسبة على متن الناقلة.

إلى جانب ذلك، يجري تحسين كفاءة تحويلات الطاقة في مراحل الإنتاج والاستخدام النهائي لسلسلة توريد الأمونيا باستمرار، مع تطور طرق الإنتاج وأنظمة التسيير.

المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية

Exit mobile version