أعلن المغرب مشروعين تجريبيين لإنتاج الأمونيا الخضراء، إذ يحتلّ الهيدروجين الأخضر مكانة إستراتيجية في المملكة.
وتوجد وحدتان بحثيتان لإنتاج الأمونيا الخضراء في ميناء الجرف الأصفر، ومن المقرر إدارة هذين المشروعين التجريبيين من قبل “إنوفيت فور إندستري” (الابتكار للصناعة) -كيان تابع لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية-، بعد الوصول إلى درجة معينة من النضج الصناعي.
يدير هذا الكيان -الذي أُنشئ في مايو/أيار 2021- مشروعات تجريبية وصلت إلى درجة نضج قريبة من النطاق الصناعي في جميع مجالات اهتمام الجامعة ومجموعة أو سي بي والمغرب وأفريقيا.
أول مشروع بحثي في المغرب
أوضح مدير شركة إنوفيت فور إندستري، محمد بوستة، أن المشروع الأول يتكون من بحث وإنتاج تجريبي لما قبل الصناعة يبلغ 4 أطنان يوميًا من الأمونيا الخضراء، مزوّد بقدرة التحليل الكهربائي تبلغ 4 ميغاواط.
وقال: “يُمكن تشغيل هذا المشروع بالطاقة الكهروضوئية و/أو طاقة الرياح، وسيُجهز بنماذج تُحاكي العديد من ملفات تعريف الإمداد بالطاقة”.
وتابع: “نُغذّي التحليل الكهربائي لإنتاج ثنائي الهيدروجين وثنائي الأوكسجين.. وبعد ذلك، يُخزن ثنائي الهيدروجين ويُدمج مع ثنائي النيتروجين لإنتاج الأمونيا التي يمكن استخدامها في العمليات اللازمة لإنتاج الأسمدة”.
نتيجة للشراكة بين مجموعة “أو سي بي” وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، ومعهد بحوث الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، ستُجهَّز منصة غرين إتش تو إيه -التي ستقع في قلب موقع الجرف الأصفر الصناعي لمجموعة أو سي بي، على مساحة أولية تبلغ 5 هكتارات- بمشروعات تجريبية أخرى في الخارج، ومبنى يضم مختبرات “داخلية”، بالإضافة إلى مكاتب الباحثين، حسبما نقلت منصة “ماروك إبدو” (Maroc Hebdo).
وأضاف بوستة: “سنستخدم تقنيات جديدة، لذلك من الضروري إطلاق مشروعات تجريبية للتعلم وإجراء البحوث، سيسمح هذا للباحثين وطلاب الدكتوراه والطلاب بالقدرة على إجراء البحوث والتدريب. الهدف هو أيضًا تدريب وإعداد المهارات التي يمكن أن تعمل في هذا المجال الجديد، ونعمل حاليًا في المراحل النهائية للتوقيع مع شريك سيقدم هذا المشروع التجريبي الشامل في غضون 19 شهرًا”.
ثاني مشروع بحثي في المغرب
أمّا بالنسبة للمشروع الثاني -الذي أُطلق بشكل مشترك من قبل مجموعة أو سي بي وشل وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية- فهو يهدف إلى تقييم جدوى إنتاج الأمونيا منخفضة الكربون على نطاق واسع باستخدام الهيدروجين المنتج من الطاقة المتجددة.
سيشمل المشروع التجريبي منشأة تنتج ثنائي الهيدروجين والنيتروجين لإنتاج الأمونيا.
يقول بوستة: “نضع حاليًا اللمسات الأخيرة على المواصفات الفنية لإطلاق العطاءات.. يهدف هذا المشروع إلى بناء وحدة تجريبية لإنتاج الأمونيا، وإجراء دراسة جدوى للتحرك نحو قدرة إنتاج أكبر للأمونيا الخضراء”.
دور الأمونيا الخضراء
تُظهر الأمونيا مرونة كبيرة في تسهيل نقل الهيدروجين وتخزينه، بالإضافة إلى مزايا الهيدروجين بحدّ ذاته، مع الاتجاه العالمي لتعزيز دور الهيدروجين الأزرق والأخضر في خفض انبعاثات الكربون.
وتُدمج الأمونيا والهيدروجين في أكثر من 85% من مشروعات توريد الهيدروجين العالمية، بحسب تقرير حديث لشركة الأبحاث وود ماكنزي.
للأمونيا الخضراء قدرة على دفع إزالة الكربون، ويمكن أن تحلّ محلّ الأمونيا الرمادية أو أنواع الوقود الأحفوري الأخرى في القطاعات الحالية، وتوفر نموًا محتملًا في قطاعات جديدة أيضًا.
بالإضافة إلى ذلك، تؤدي الأمونيا دورًا في إزالة الكربون من قطاع النقل، خاصةً الوسائل التي يصعب كهربتها، مثل قطاع الشحن البحري.
اقرأ أيضًا: الهيدروجين والأمونيا الخضراء في المغرب.. شركة فرنسية تستثمر 11 مليار دولار
يُشكّل مشروع إنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء في المغرب، الذي تتبنّاه شركة إنتاج الكهرباء الفرنسية المستقلة توتال إرين، نقلة نوعية للدولة الواقعة شمال أفريقيا، سواء على الصعيد المحلي أو على صعيد الإنتاج للتصدير.
ويسمح مشروع الهيدروجين والأمونيا الخضراء المزمع استكماله في منطقة كلميم واد نون، بإزالة الكربون من الاقتصاد المغربي، في قطاعات رئيسة كالتعدين والنقل البحري.
كما يدفع المشروع باتجاه استخدام القطاع المغربي الصناعي للطاقة الخضراء، ما ينتج عنه توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وهي وظائف ثابتة ذات ميزة تنافسية.
بخلاف الصعيد المحلي، يمهد المشروع طريق المغرب نحو الريادة العالمية للنظام البيئي للهيدروجين الأخضر، وتزويد أوروبا بإمدادات الطاقة النظيفة.
تفاصيل المشروع
حددت توتال إرين مبلغ 10.69 مليار دولار أميركي مخصصات إنفاق لمشروع إنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء في المغرب، بجهة كلميم واد نون.
ويعدّ المشروع المغربي الفرنسي -الممتد على مساحة 170 ألف هكتار- مشروعًا هجينًا يقوم على دمج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بتقنيات تسمح بإنتاج 10 غيغاواط.
ويشهد عام 2025 المرحلة النشطة للمشروع، على أن يدخل حيز الإنتاج بدءًا من عام 2027، وفق ما نقلت الصحيفة الإلكترونية لمجلة كونستركشن ريفيو أون لاين عن توتال إرين الفرنسية.
وأنهت الشركة الفرنسية، التي تهتم بتطوير وتمويل استثمارات بناء وتشغيل المحطات طويلة الأمد للطاقة المتجددة، الدراسات الطبوغرافية للمشروع (الموقع والخصائص البيئية للأرض والمنطقة) وكذلك التصميم المبدئي، كما أجرت تحليلًا للموارد المتجددة بالموقع.
وتعكف توتال إرين -خلال المرحلة الثانية من المشروع- على الانتهاء من الدراسات الفنية والاقتصادية للمحطة، والانتهاء من تصميمات البنية التحتية الكهربائية، والبدء في عقد شراكات مع المورّدين والمزوّدين.
وحصل مشروع الهيدروجين والأمونيا الخضراء في المغرب على موافقة هيئة الاستثمار الإقليمية الموحدة (وهي هيئة معنية بالفصل في القرارات الإدارية وتراخيص المشروعات الاستثمارية، وتصم كل مراكز الاستثمار الإقليمية بالمغرب) في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي.
وتُدعم موافقة هيئة الاستثمار الإقليمية الموحدة مواصلة الأعمال التحضيرية لمشروع إنتاج الهيدروجين والأمونيا في المغرب، بجهة كلميم واد نون (وهي واحدة من مناطق المغرب الـ12).
المغرب والهيدروجين
كان تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” -قبل 3 أيام- قد أكد أن المغرب سيؤدي دورًا رئيسًا في السباق العالمي للهيدروجين، بدخول عالم التصدير، محتلًا المرتبة الرابعة عالميًا.
وتُشير تقديرات الوكالة إلى تشكيل الهيدروجين 12% من الاستخدام العالمي للطاقة بحلول 2050.
كما وقّع المغرب اتفاقًا مع آيرينا -منتصف يونيو/حزيران العام الماضي- لتعزيز التعاون في إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر.
جاء ذلك عقب إعداد المغرب -في إبريل/نيسان العام الماضي- خارطة طريق للبلاد للعقد الجاري من 2021 حتى 2030، والتي تُركّز على الهيدروجين بصورة أساسية.
ويأتي التركيز على الهيدروجين في إطار خطوات المغرب لتزويد السوق المحلية بما يعادل 4 تيراواط/ساعة، وتصدير ما يعادل 10 تيراواط/ساعة بحلول عام 2030، الأمر الذي يعزز مكانتها في أسواق الهيدروجين الأخضر، وفق صحيفة إنرجي نيوز بيز.
ويتحقق ذلك عبر التوسع في استثمارات البنية التحتية الجديدة لمشروعات متجددة، بقدرة تصل إلى 6 غيغاواط، وطبقًا لسياسة وزارة التنمية المستدامة يمتلك المغرب إمكانات ضخمة في سباق الهيدروجين بما يسمح بالاستحواذ على 4% من الطلب العالمي عليه.
ويهدف المغرب إلى أن تشغل الطاقة المتجددة حصة قدرها 52% من إجمالي السعة المركبة بحلول عام 2030، ترتفع إلى 70% بحلول عام 2040، و80% بحلول عام 2050.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية