صادرت الولايات المتحدة الأميركية شحنة من النفط الإيراني قبالة سواحل اليونان، وهو الأمر الذي دفع خارجية طهران إلى استدعاء مبعوث سويسرا، اليوم الجمعة 27 مايو/أيار 2022، وإبلاغه باحتجاجها الرسمي.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان نقلته وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”، إنها استدعت القائم بالأعمال السويسري باعتباره الراعي للمصالح الأميركية في طهران، وأبلغته باحتجاج طهران الشديد على ممارسات الإدارة الأميركية.
شحنة النفط
جاء الاحتجاج في أعقاب مصادرة الولايات المتحدة شحنة من النفط الإيراني، أمس الخميس، كانت على متن سفينة يديرها طاقم روسي بالقرب من اليونان؛ إذ طلبت طهران من واشنطن الإفراج الفوري عن السفينة وحمولتها.
وعلى الرغم من العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، في أعقاب انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي؛ فإن طهران لم تتوقف عن بيع النفط الإيراني؛ إذ حققت مكاسب كبيرة من بيع النفط، العام الماضي، بفضل ارتفاع الأسعار، التي اقتربت من حاجز الـ100 دولار للبرميل من خام برنت مع نهاية 2021
تهريب النفط
فرضت الولايات المتحدة، الأربعاء الماضي، عقوبات على ما وصفتها بأنها شبكة لتهريب النفط وغسل الأموال تابعة لفيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني وتدعمها روسيا.
وعبّرت وزارة الخارجية الإيرانية للدبلوماسي السويسري عن احتجاج طهران الشديد لاستمرار ما وصفته بالانتهاك الصارخ من قِبل أميركا للقوانين الدولية التي تضمن حرية الملاحة والتجارة الدولية الحرة.
كانت وزارة الشحن اليونانية قد أكدت أن وزارة العدل الأميركية أبلغت اليونان بأن الشحنة على السفينة هي نفط إيراني.
أسباب المصادرة
لم يتضح إن كانت الشحنة صودرت لأنها تحمل نفطًا إيرانيًا أم بسبب العقوبات على الناقلة لصلتها بروسيا، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
وذكرت مصادر أن الولايات المتحدة تعتزم إرسال شحنة النفط الإيراني إلى أراضيها على متن سفينة أخرى.
كانت وزارة النفط الإيرانية قد أكدت، في تصريحات سابقة، أن العقوبات الأميركية حرمت طهران من أكثر من 100 مليار دولار من العوائد النفطية.
اقرأ أيضًا: تنقلان النفط الإيراني منذ 2020.. أميركا تصادر سفينتين تهربتا من العقوبات
بعد عامين من المحاولات، صادرت أميركا سفينتين تحملان النفط الإيراني، جالتا في البحار منذ خريف عام 2020، بهدف التهرب من العقوبات الاقتصادية.
وحامت الشكوك في الولايات المتحدة حول السفينتين، بأنهما تحملان النفط الإيراني، وتزوران المستندات بجانب تغيير طلاء سقفهما؛ لطمس هويتهما في محاولات الهروب من كاميرات الأقمار الصناعية.
وانكشفت تفاصيل القضية المدنية الفيدرالية، الشهر الماضي، بعدما أفرغت السفينتان التابعتان لشركة يونانية، حمولتهما التي تصل إلى ما يقرب من 750 ألف برميل من النفط الإيراني، بقيمة 38 مليون دولار.
تركيز أميركي على النفط الإيراني
صادرت أميركا السفينتين اللتين تحملان النفط الإيراني، في الوقت الذي تتواصل فيه محاولات إحياء الاتفاق النووي الإيراني، في ظل اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت أسبوعها الثالث.
وخرجت تحذيرات في الولايات المتحدة مؤخرًا، من ضرورة ألا تُبعد الحرب الروسية الأوكرانية الانتباه عن إيران، ومحاربة الحركات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، مثل الحرس الثوري الإيراني، الذي تَعُده واشنطن من المنظمات الإرهابية.
لذلك أثنت مديرة فريق نيويورك لمنظمة “يونيتد أجانيست نكلاير إيران”، كلير جونغمان، على مصادرة السفينتين، وقالت: “إن مصادرة السفينتين نموذج ممتاز يُظهر ضرورة عدم تخلي أميركا عن عقوباتها على إيران”.
بداية العملية
بدأت عملية تهريب النفط الإيراني في السفينتين في خريف 2020؛ بأن أعاد ملاك السفينة “إم تي ستارك1″، التي تخضع لعقوبات أميركا الاقتصادية منذ عام 2018، طلاء سقفها؛ لعدم كشف كاميرات الأقمار الصناعية لها.
وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول من 2020، تسللت إلى جزيرة “كارغ” الإيرانية، وحُمِّلت بالنفط، وبعد 4 أيام، نقلت السفينة نحو 734 ألف برميل نفط إلى سفينة “إم تي آرينا” في البحر، بعدما أوقفت السفينتان كل أجهزة الإرسال والاستقبال؛ لتجنب تعقبهما، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.
وزوَّر القائمون على السفينة مستندات تُظهر أن النفط المنقول قادم من سلطنة عُمان، وأنها ستتخذ من قناة السويس المصرية مسارًا لها، لكنها تعرضت للعديد من التأخيرات على طول الرحلة؛ ما جعلها تنتقل إلى إسطنبول في تركيا؛ حيث خضعت لبعض الإصلاحات، ثم اتجهت إلى رومانيا، وفق بيانات تتبع السفن التي حللتها جونغمان.
فشل في العثور على مشترين
فشلت السفينة التي تحمل النفط الإيراني في إيجاد مشترين للشحنات حتى 26 أغسطس/آب من 2021، غير أنها نجحت في نقل جزء من شحنتها إلى سفينة أخرى وهي “إم تي نوستوس” قبالة سواحل قبرص، وكانت تحمل علم ليبيريا.
وحاولت السفينتان، آرينا ونوستوس؛ تفريغ النفط في منشأة تخزين في تركيا، لكن اكتشفتهما السلطات الأميركية، التي أمرتهما بتفريغ حمولتهما واحدة في هيوست والثانية في جزر البهاما.
يُذكر أن الرئيس السابق للولايات المتحدة، دونالد ترمب، كان قد انسحب من الاتفاق النووي مع إيران، عام 2018، وطلب تعديل الاتفاق، بوصفه شرطًا رئيسًا لعودة أميركا إليه، وطلب ضم الصواريخ الباليستية التي تطورها إيران إليه.
إلا أن خلف ترامب، جو بايدن، بدأ مفاوضات جديدة عقب توليه الحكم في يناير/كانون الثاني 2021؛ لإعادة إحياء الاتفاق النووي.
مكاسب كبيرة
حققت إيران مكاسب كبيرة من بيع النفط، العام الماضي، رغم العقوبات الاقتصادية، بفضل ارتفاع الأسعار، التي اقتربت من حاجز الـ100 دولار للبرميل من خام برنت مع نهاية 2021، تزامنًا مع زيادة الطلب بسبب التعافي من وباء كورونا، إلا أنه ارتفع إلى أكثر من 120 دولارًا، بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
وكشف البنك المركزي الإيراني، في فبراير/شباط الماضي، عن تحقيق طهران إيرادات بلغت 18.6 مليار دولار من مبيعات النفط في النصف الأول من العام المالي الجاري، وهي أكثر بمقدار الضعف من المدة ذاتها العام الماضي، حيث بلغت 8.5 مليار دولار، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس، نقلًا عن صحيفة حكومية.
وعادة ما تتولى عمليات تهريب النفط الإيراني شركات خاصة، لديها أساليب متطورة في التمويه، لذلك من النادر تعقبها، وتُعد المصادرة الأخيرة هي الثانية.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية