كيفية الاستفادة من المخلفات الصلبة في توليد الكهرباء.. الإمارات ومصر وقطر في المقدمة

في إطار التوجه العالمي نحو حماية البيئة من الانبعاثات الضارة، ومحاولة الوصول إلى حيادية الكربون، جاءت إعادة تدوير المخلفات الصلبة بصفتها أحد الحلول للتخلص الآمن من تلك المخلّفات الضارة واستخدامها في توليد الكهرباء.

ومع زيادة المخلفات الصلبة، والتي تُشكّل مخاطر بيئية، برزت فكرة إعادة استخدامها مبصفة صادر بديلة لتوليد الكهرباء ضمن خطط رفع مزيج الطاقة للدول، وذلك بدلًا من دفنها واحتمال تعرّض المياه الجوفية لسمومها، أو القيام بحرقها، مما يزيد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.

وتمتلك العديد من الدول العربية خططًا مازال أغلبها في طور التنفيذ نحو استخدام المخلّفات الصلبة في توليد الكهرباء وإدخالها ضمن نسبة مزيج الطاقة؛ لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الضار بالبيئة.

الإمارات


جاءت الإمارات في مقدمة الدول العربية الساعية صوب تحويل المخلّفات الصلبة إلى كهرباء، إذ تنفّذ دبي مشروعًا لبناء إحدى أكبر محطات العالم لتحويل النفايات الصلبة إلى طاقة كهربائية، بتكلفة تصل إلى 4 مليارات درهم (1.08 مليار دولار).

وفي نهاية مارس/آذار 2021، وقّعت “دبي القابضة” مع ائتلاف مكون من “دوبال القابضة” و”إيتوشو” و”هيتاشي زوسن إنوفا” ومجموعة “بيسيكس” و”تك جروب”، لإنشاء مركز دبي لمعالجة النفايات في منطقة الورسان، وسيتولى الائتلاف بناء وتشغيل المحطة مع بلدية دبي بموجب حق امتياز لمدة 35 عامًا، وفقًا لوكالة الأنباء الإماراتية.

ومن المقرر أن يكون مركز دبي لمعالجة النفايات قادرًا -من خلال 5 خطوط حرق- على معالجة 5.666 طنًا من النفايات البلدية الصلبة التي تُنتجها إمارة دبي يوميًا.

ومن المفترض كذلك أن يقوم المركز بتحويل نحو 1.9 مليون طن من النفايات سنويًا إلى طاقة متجددة ستعمل على تغذية شبكة الكهرباء بـ200 ميغاواط من الطاقة النظيفة.

وتتوقع الإمارات أن تعالج المحطة ما يصل إلى 45% من حجم النفايات البلدية في دبي.

وفي مارس/آذار 2022، قالت بلدية دبي، إن نسبة تنفيذ مركز دبي لمعالجة النفايات الصلبة وصلت إلى 62%، إذ تتولى 30 شركة تنفيذ أعمال المقاولة والتوريد والخدمات الاستشارية.

وكانت الإمارات قد انتهت، في أبريل/نيسان 2022، من تنفيذ أعمال تشييد أول محطة لتحويل النفايات إلى طاقة في البلاد بإمارة الشارقة، بطاقة إنتاجية 30 ميغاواط.

وتسعى إماراة الشارقة، من خلال المحطة الجديدة، بأن تكون أول مدينة بالشرق الأوسط خالية من النفايات.

والمحطة البالغة مساحتها 80 ألف متر مربّع هي مشروع مشترك بين “بيئة للطاقة” -إحدى شركات مجموعة بيئة- وبين شركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر”.

ومن المقرر أن تُحول محطة الشارقة ما يصل إلى 300 ألف طن سنويًا من النفايات غير القابلة لإعادة التدوير، لإنتاج 30 ميغاواط من الكهرباء منخفضة الكربون تمدّ نحو 28 ألف منزل من الكهرباء بالشارقة.

وتعتمد آلية تشغيل المحطة على وضع النفايات غير القابلة لإعادة التدوير في مرجل النفايات الحراري؛ لتوليد بخار عالي الضغط يعمل على تشغيل التوربينات الكهربائية.

وتجمع المحطة كذلك رماد القاع لإعادة استخراج المواد المعدنية والمكونات الأخرى التي يمكن استخدامها في البناء وأعمال الطرق، مع جمع الرماد المتطاير بشكل منفصل لمعالجته.

ومن المتوقع أن تسهم المحطة في منع انبعاث نحو 450 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، بالإضافة إلى توفير 45 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي.

قطر


تمتلك قطر مركزًا لمعالجة المخلّفات الصلبة يهدف إلى تحويل تلك المخلفات لطاقة كهربائية وسماد مواد قابلة للتدوير.

ويُنتج المركز نحو 50 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، منها 8 ميغاواط تُستخدم في تشغيله، بينما تذهب 42 ميغاواط إلى شبكة الكهرباء الحكومية.

وبحسب مدير مركز معالجة النفايات الصلبة في قطر، سفر مبارك آل شافي، يتولى المركز تدوير ما بين 90 و95% من المخلّفات التي تدخل المركز، والـ5% الباقية تُدفن بشكل رماد بعد تجفيفه وعزل الشوائب منه حتى لا يؤثّر في باطن الأرض والمياه الجوفية.

ويتضمن عمل المركز 5 مراحل، تبدأ بالميزان لوزن المخلّفات، والثانية الفصل وإعادة التدوير، والثالثة مرحلة الحرق للحصول على الطاقة.

أمّا المرحلة الرابعة، فهي إعادة التدوير للحصول على السماد عالي الجودة، سواء كان سائلًا أو صلبًا، في حين تتمثل الخامسة في مدفن صحّي يستقبل 5% من تلك النفايات.

مصر

لدى مصر هي الأخرى، خطط نحو الاستفادة من المخلفات الصلبة في توليد الكهرباء، وذلك في إطار هدف البلاد نحو رفع نسبة مزيج الطاقة لديها.

وفي سبتمبر/أيلول 2021، خصصت مصر قطعة أرض بمنطقة أبو رواش الواقعة بمحافظة الجيزة؛ لإقامة محطة لمعالجة المخلفات الصلبة البلدية وتحويلها إلى طاقة كهربائية، بصفة حق انتفاع بمدة زمنية محددة.


وتأتي محطة المخلفات الصلبة في الجيزة ضمن مخطط تنفّذه مصر لتحويل المخلفات الصلبة لطاقة كهربائية بالمحافظات، إذ تستهدف خلال المرحلة الأولى 16 محافظة، وفقًا لوزيرة البيئة، ياسمين فؤاد.

ومن المقرر أن تقوم محافظة الجيزة بتوريد نحو 1200 طن يوميًا من المخلفات الصلبة للمحطة.

وبحسب وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد، ستحول المحطة المخلفات إلى كهرباء، من خلال حرقها في محارق خاصة دون الحاجة لفصلها قبل الحرق، وهو ما يمثّل حلًا بديلًا يناسب المحافظات التي ليس لها ظهير صحراوي، بما يوفر تخصيص مدافن صحية بها.

وكانت الهيئة القومية للإنتاج الحربي المصرية قد وقعت اتفاقًا، في مارس/آذار 2020، مع شركة “جرين تيك إيجيبت” وشركة “أوك القابضة”، يهدف إلى تأسيس شركة مساهمة لإقامة وتشغيل مصانع تحويل النفايات، ومنها المخلفات الصلبة، إلى طاقة كهربائية.

ويشار إلى أن مجلس الوزراء المصري أصدر قرارًا بشأن تعرفة التغذية الكهربائية المولدة من المخلفات بقيمة 140 قرشًا لكل كيلوواط، وذلك في إطار تقديم حوافز للقطاع الخاص، وإتاحة فرصة استثمارية للمشاركة في رفع نسبة توليد الطاقة الكهربائية من النفايات.

وتضمنت حوافز مصر لتشجيع القطاع الخاص توفير الأراضي بنظام حق الانتفاع، وتوفير كمية المخلفات للتحويل إلى كهرباء وضمان إستدامة توريدها، والتعاقد على شراء الطاقة الكهربائية المولَّدة، لمدة تتراوح بين 20 و25 سنة.

واختارت وزارة البيئة المصرية 8 شركات مصرية لتنفيذ تحويل المخلفات لطاقة كهربائية للبدء في 8 محافظات، هي الجيزة والغربية والإسكندرية والفيوم والبحيرة ودمياط والمنوفية والشرقية، لإنشاء مصانع تدوير القمامة، باستثمارات تقارب 385 مليون دولار.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، فازت شركة بيئة الإماراتية بعقد إنشاء محطة لمعالجة النفايات الصلبة وإعادة تدويرها في العاصمة الإدارية، بطاقة تدوير تصل إلى 1500 طن من النفايات الصلبة يوميًا، لتُستخدم في توليد الكهرباء ووقود لصناعات الأسمنت.

السعودية


في 28 فبراير/شباط 2022، دعت الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير “سرك” الشركات المتخصصة في تدوير النفايات للتسجيل بصفة شركاء محتملين بشراكة إستراتيجية لتطوير نظام متكامل لإدارة النفايات وإعادة التدوير الخاص بمدينة الرياض.

وتتضمن الإستراتيجية الخاصة بالرياض محطات الفرز، وإعادة التدوير، ومعامل تحويل النفايات إلى طاقة كهربائية، وإنتاج الوقود البديل، وإنتاج السماد العضوي.

وبهدف توفير براميل النفط، دشّنت السعودية، مطلع العام الجاري (2022)، منشأة لفرز النفايات البلدية الصلبة و إنتاج الوقود البديل بمدينة الرياض، وهو الأول من نوعه في المملكة؛ لإنتاج الوقود البديل، لتزوّد به الصناعات، خصوصًا صناعة الأسمنت.

ومن المتوقع أن تنتج الوحدة أكثر من 40 ألف طن سنويًا من الوقود البديل المستعاد من النفايات البلدية، مع استعادة ما يزيد عن 7500 طن سنويًا من النفايات القابلة للتدوير.

وتؤكد المملكة أن المشروع، البالغة مساحته 4500 متر مربع، سيوفر سنويًا ما يزيد عن 100 ألف برميل من الزيت الثقيل.

وفي عام 2019، نقلت وسائل إعلام محلية عن الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير، اعتزامها إطلاق مشروع أول محطة لمعالجة النفايات الصلبة وتحويلها إلى طاقة كهربائية خلال عام 2023، ولكن لا يوجد أيّ بيانات محدّثة بخصوص ذلك حتى الآن.

وكانت المملكة قد أنشأت في عام 2017 الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير “سرك”، والتي تتبع بشكل كامل صندوق الاستثمارات العامة السعودي، لكي تكون المسؤولة عن تدوير كل أنواع النفايات والعمل على بناء اقتصاد دائري.

ومن بين أهداف الشركة إعادة تدوير 81% من النفايات الصلبة، وتحويل 19% منها إلى طاقة كهربائية.

الكويت


رغم محاولات الكويت منذ سنوات لإنشاء مصنع لتحويل المخلفات الصلبة إلى طاقة، فإنها لم تحقق حتى الآن أيّ تقدُّم في ذلك الطريق.

وتستهدف الكويت إنشاء مصنع لمعالجة النفايات البلدية الصلبة وتحويلها إلى طاقة كهربائية بمنطقة كبد، بمساحة إجمالية تُقدَّر بنحو 500 ألف متر مربع، وذلك عن طريق استخدام المحارق وطمر الرماد المتبقي من المحارق في مردم نفايات صحية.

واختارت الكويت تحالفًا من عدّة شركات بقيادة كونستركسيون إنديستريال لي ميدتريان الفرنسية، لتنفيذ مشروع المخلفات الصلبة في منطقة كبد، ولكن مستثمر المشروع اعتذر عن عدم تنفيذ المشروع، وقرر عدم تجديد عرضه المالي والفني.

وهو ما أرجعته صحف كويتية محلية -نقلًا عن مصادر لم يُفصَح عن هويتها- إلى تعرُّض المستثمر لتعطُّل خارج عن إرادة هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العامّ والخاص.

ويأتي المشروع في إطار تلبية احتياجات البلاد لمعالجة المخلفات الصلبة بما يتناسب مع كمية النفايات الناتجة عن زيادة عدد السكان حتى 2050.

وبحسب هيئة مشروعات الشراكة، سيوفر المشروع -حال تنفيذه- للدولة نحو 223 مليون دينار كويتي (728.5 مليون دولار) على مدار 25 عامًا، وذلك عبر توفير الطاقة الكهربائية.

وأوضحت أن تكلفة توليد الكهرباء عبر حرق المخلفات الصلبة تعادل 5.6 فلس كويتي للكيلوواط، مقارنة بنحو 37 فلسًا من محطات الكهرباء التقليدية التي تستخدم الوقود.

اليمن


أنشأ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في سبتمبر/أيلول 2021، محطة في اليمن لتحويل المخلفات الصلبة إلى طاقة كهربائية، والتي تأتي أحد حلول لمواجهة أزمة الطاقة التي تعاني منها البلاد.

وبحسب موقع الأمم المتحدة، تُحوِّل المحطة المخلّفات الزراعية الصلبة وكذلك المخلفات المحلية إلى غاز يمكن استخدامه لتوليد الكهرباء.

ومن المتوقع أن تحوّل المحطة ما يصل إلى 5 أطنان من المخلّفات الصلبة المحلية ومخلفات الزراعة يوميًا، لتوليد 100 كيلوواط في الساعة من الكهرباء، وطن واحد من الحبيبات البلاستيكية، وهو ما قد يكفي لتشغيل 100 محلّ تجاري.

وتضمن محطة إنتاج الطاقة الكهربائية من المخلفات، الحصول على الكهرباء بسعر 2 دولارًا لمدة 12 ساعة، مقارنة بـ20 دولارًا أميركيًا لمدة 12 ساعة عن طريق الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى الاستفادة من بيع حبيبات البلاستيك المعاد تدويرها والتي تبلغ قرابة 900 دولار للطن.

المصدر: الطاقة

Exit mobile version