علوم وتكنولوجيا

مادة نادرة الوجود تستخدم لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية.. فريق من العلماء يُصنِّعون أحد أنواع الغرافيت من الفحم

طرح الباحث الفيزيائي ديفيد درابولد، والمهندس جايسون تريميبال، في جامعة أوهايو، تساؤلًا بشأن إمكان صنع الغرافيت من الفحم، وذلك في ظل زيادة الطلب العالمي على المواد القائمة على الكربون.

ونشرت مجلة “فيزيكل ريفيو لترز” العلمية الأميركية دراسة بحثية بعنوان “المحاكاة الأولى للغرافيت غير المتبلور” لفريق من الباحثين في جامعة أوهايو الأميركية، الذين قدموا دليلًا، هذا الأسبوع، على مادة كربونية صلبة جديدة أطلقوا عليها اسم “الغرافيت غير المتبلور”.

ويُعدّ الغرافيت مادة كربونية مهمة نظرًا إلى استخداماتها المتعددة، التي تشمل صناعة الأقطاب الموجبة “الأنودات” لبطاريات الليثيوم أيون، وهو أمر بالغ الأهمية لصناعة السيارات الكهربائية، حسبما نشر موقع جامعة أوهايو (ohio.edu)، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

الغرافيت والسيارات الكهربائية

تُصنّف هذه الأقطاب الكهربائية بأنها الأفضل إذا كانت مصنوعة من مواد كربونية نقية، التي أصبح الحصول عليها أكثر صعوبة بسبب الطلب التكنولوجي المتصاعد.


وتحتاج السيارة الكهربائية تيسلا طراز إس في المتوسط إلى 54 كغم من الغرافيت، وفقًا لما نشرت منصة نانو ويرك الأميركية (nanowerk).

وأجرى الباحثون العديد من الحسابات المختلفة، وتوصلوا إلى أن “الغرافيت غير المتبلور” عبارة عن مادة ذات طبقات تتكوّن عند درجات حرارة لونية عالية جدًا (نحو 3 آلاف درجة كلفن).

وأشاروا إلى أن طبقات الغرافيت غير المتبلور تبقى متماسة بسبب تكوين غاز إلكتروني بين الطبقات، لكنها ليست الطبقات المثالية من السداسيات التي تشكل مادة الغرافين النموذجية.


تحويل المواد الكربونية

قال الباحثون إن هذه المادة الجديدة تحتوي على الكثير من الحلقات السداسية، وتحتوي أيضًا على الحلقات الخماسية والسُّباعية.

وأوضحوا أن اضطراب الحلقة يقلل من الناقلية الكهربائية للمادة الجديدة مقارنة بالغرافين، في حين لا تبقى الناقلية عالية في الأسطح التي تهيمن عليها الحلقات السداسية بصفة كبيرة.

وتسمى عملية تحويل المواد الكربونية إلى هيكل غرافيتي متعدد الطبقات عن طريق المعالجة الحرارية عند درجة حرارة لونية عالية “الغَرْفَتة”، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ومن خلال عمليات المحاكاة الديناميكية الجزيئية الأولى والتعلم الآلي، كشف باحثو جامعة أوهايو عن أن شبكات الكربون النقية لديها نزعة شديدة للتحويل إلى بنية ذات طبقات وسط كثافة ودرجة حرارة كبيرة نتيجة حدوث طبقات لتكوينات البداية العشوائية.

الغرافين غير المتبلور

قال أستاذ الفيزياء والفلك في كلية الآداب والعلوم بجامعة أوهايو، ديفيد درابولد، إن الطبقات المسطحة تمثل الغرافين غير المتبلور، مشيرًا إلى أن ذرات كربون ثلاثية الأبعاد المتناسقة بنيويًا تكون مرتبة في سطوح مستوية بها حلقات كربون خماسية وسداسية وسباعية.

وأضاف درابولد أن الكربون هو العنصر المعجزة، لأنه يدخل في تركيب الألماس والغرافيت وكرات بوكي التي تملأ الفراغ بين النجوم، والأنابيب النانوية والغرافين.

ويتوقع الباحثون أن يؤدي إعلانهم هذه النتائج إلى تحفيز التجارب والدراسات التي تتناول وجود الغرافيت غير المتبلور، حسب تقارير اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

اقرأ أيضًا: صناعة بطاريات السيارات الكهربائية تواجه تهديدًا بسبب الغرافيت


ينضم الغرافيت -الذي يُستخدم في تصنيع القطب السالب لبطاريات السيارات الكهربائية- إلى باقي المعادن التي قد تواجه أزمة في الإمدادات وارتفاع الأسعار، ما يزيد من العوامل المُهدّدة لكهربة النقل، وتحوّل الطاقة.

وشهدت أسعار المعادن التي تُستخدم في تصنيع بطاريات السيارات، مثل الليثيوم والنيكل والنحاس، ارتفاعات كبيرة مؤخرًا.

ودفعت زيادة الطلب على تلك المعادن منذ بداية العام الماضي -تزامنًا مع التعافي من وباء كورونا، ثم غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط- إلى زيادة كبيرة في أسعارها.

القطب السالب للبطاريات

يُستخدم معدن الغرافيت في تصنيع القطب السالب لبطارية ليثيوم أيون، فيما يُعرف باسم “أنود”، واللازمة لصناعة بطارية السيارة الكهربائية.

ورغم أن الكرة الأرضية تضم كميات ليست بالقليلة من معدن الغرافيت، فإن إمدادات تلك الخامة الرئيسة في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية تتعرض لضغوط كبيرة.

ومن المتوقع أن تشهد سوق الغرافيت نقصًا، وسط قفزات للطلب على الخامة اللازمة لصناعة بطارية السيارة الكهربائية، ما قد يعوق خطوات الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، حسبما ذكرت صحيفة “ساوث تشينا مورنينغ بوست”، أمس الأحد الموافق 10 أبريل/نيسان.

مبيعات السيارات الكهربائية

تشير التوقعات إلى أن مبيعات السيارات الكهربائية ستتجاوز 11 مليون مركبة خلال العام الجاري، ما يعني أنه قد تواجه تلك الصناعة نقصًا في خام الغرافيت بنحو 40 ألف طن في 2022، وفق المحلل من بيانات مواد البطاريات ومزود المعلومات الاستخبارية”بنشمارك مينرال إنتيليجنس”، جورج ميلر.

وقال ميلر: “إن هناك توقعات بعجز في المعروض من خام الغرافيت..إن هذا سيضرّ يمعدلات إنتاج خلايا البطاريات، والسيارات الكهربائية”.

وتوقّع ميلر أن تضطر شركات إنتاج السيارات الكهربائية إلى مواصلة رفع الأسعار، بسبب معدن الغرافيت.

أسعار تيسلا


يُذكر أن شركة “تيسلا” -وهي عملاق صناعة السيارات الكهربائية الأميركي- قد رفعت أسعار مركباتها مؤخرًا، بسبب الزيادات المتواصلة في أسعار النيكل، وهو من خامات تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية.

وصرّح رئيس ومؤسس تيسلا، إيلون ماسك، عقب رفع الأسعار، الشهر الماضي، بأن منتجي السيارات الكهربائية في أميركا يواجهون ضغوطًا تضخمية شديدة جراء ارتفاع الخامات، وتكلفة الشحن، وذلك بعد غزو روسيا لأوكرانيا.

ورغم أن المحلل يستبعد أن تؤثّر تلك المسألة سلبًا في الطلب على السيارات الكهربائية، فإنه يعتقد أنها ستطيل المدة الزمنية لدمجها في المجتمعات المحلية.

حوافز تصنيع

تعمل حكومات الدول على حثّ المنتجين على تصنيع السيارات الكهربائية، عبر تقديم حوافز داعمة لها، وتعديل التشريعات لخلق بيئة ملائمة لتطويرها، في وقت تحظى فيه تلك المركبات بقبول متنامٍ بين المستهلكين، وفق محلل “بنشمارك مينرال إنتيليجنس”.

وتوقعت شركة “بنشمارك مينرال إنتيليجناس” أن ينمو الطلب على الغرافيت بنسبة 18% في المتوسط سنويًا، حتى عام 2030.

وقال ميلر: “إنه من المؤكد أن الطلب على الغرافيت سيظل قويًا..إنه معدن أساس في تصنيع بطارية السيارات الكهربائية، ومن ثم تحول الطاقة”.

وذكر ميلر أن كل بطارية سيارة كهربائية تحتاج من 50-100 كيلوغرام من شرائح الغرافيت.

تضاعف الطلب

توقعت شركة “وود ماكينزي” أن يتضاعف الطلب على الغرافيت بحلول عام 2035، بفضل نمو صناعة البطاريات القوي.

ورغم أن احتياطي الغرافيت ليس قليلًا إلى الحدّ المقلق، كما أن المعروض يعادل المطلوب منه عادةً، فإن الغرافيت الذي يُستخدم في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، تواجه إمداداته ضغوطًا أكبر، حاليًا، وفق المحلل الأساسي في وود ماكينزي، سوزان شاو.

وقالت شركة الاستشارات في أسواق المال والسلع، وود ماكينزي، إن الصين تمثّل مصدرًا لنحو 76% من الغرافيت الطبيعي، و 56% من الصناعي على مستوى العالم.

الغرافيت الصيني

قالت محللة وود ماكينزي، سوزان شاو: “إن الغرافيت الصيني -بصورة عامة- يتّسم برخصه مقارنة بباقي دول العالم المنتجة له، بفضل انخفاض تكلفة العمالة، والطاقة اللازمة”.

وقد بلغ إنتاج الصين، العام الماضي، نحو 820 ألف طن من الغرافيت الطبيعي، وهو يمثّل 79% من إجمالي الإنتاج العالمي في 2021، وفق تقرير لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية، صادر في يناير/كانون الثاني الماضي.

وفي نهاية فبراير/شباط الماضي، أشار تقرير لشركة “فروست آند سوليفان” إلى أنه من المتوقع أن يبلغ إنتاج الصين من الغرافيت الطبيعي 913 ألف طن في 2025.

أسعار الغرافيت


أكد محللو شركة “دايوا كابيتال ماركتس” استقرار أسعار الغرافيت في الأسواق، رغم ما يواجهه من ضغوط، وتبلغ 35 ألف يوان (5.8 ألف دولار أميركي) لمنخفض الجودة، و60 ألف يوان (9.4 ألف دولار أميركي) لمرتفع الجودة.

يُذكر أن الصين تعاني حاليًا من تفشٍّ حادّ لوباء كورونا، ما دفعها إلى إغلاق تامّ لمدن كبرى، مثل شنغهاي، التي يمثّل ميناؤها منفذًا لـ17% من الصادرات.

ويتوقع محللون أن تؤثّر أزمة الإغلاقات في بكين على سلاسل الإمداد العالمية في كل المجالات.

ويمثّل الغرافيت من 5-15% من التكلفة في بطارية السيارة الكهربائية.

بينما ترى شركة بنشمارك مينرال إنتيليجناس أن هناك عجزًا محتملًا في المعروض من الغرافيت على المدى القريب، وهو ما قد يدفع إلى ارتفاع الأسعار، ما يزيد المعروض منه مجددًا، لجني مكاسب أكبر.

وقال محلل الشركة: “إنه من غير المعروف ما إذا كانت زيادة المعروض ستفي بالاحتياجات المطلوبة من عدمه”.

المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى