أبحرت مع بداية مساء اليوم الإثنين 14 يونيو 2022 سفينة صيد فولادية الصنع من الجيل الجديد تحت إسم LORPEX-2، في إتجاه دولة موريتانيا الشقيقية، بعد أن تم تصنيعها في الورش المتخصص في صناعة السفن الحديدة سوس ماسة بميناء أكادير، ضمن مشروع ضخم يراهن على تزويد هذه الدولة الجارة بعدد من السفن المتخصصة في صيد الأسماك السطحية الصغيرة.
وقال محمد سالم أحمد المشرف على المركب الجديد، أنه تفاجأ بالكفاءة التي صارت عليها الصناعة البحرية المغربية، مبرزا أن هذه السفينة الجديدة ستدشن سيادة موريتانيا على الصيد الصناعي الموجه للأسماك السطحية الصغيرة، حيث تعد هذه السفينة الأولى من نوعها في إطار مشروع يمتد لعشرة سفن متخصصة، ستشكل أسطول البلد الجار في هذا النوع من الصيد السطحي.
ولم يخفي محمد سالم أحمد إنبهاره وإعتزازه من جودة المركب في حلته النهائية، وكذا مكوناته المختلفة التي تستجيب للعصرنة، وتعطي مثالا حيا على الدرجة التي بلغتها صناعة السفن المغربية. كما أبرز في سياق آخر، أن السفينة الجديدة ستساهم في الإنفتاح على مصايد جديدة، لاسيما بعد أن ظل الموريتانيون يهتمون بصيد الأعماق عبر تقنية الجر، حيث تتجه سياسة البلد، للإهتمام بالصيد السطحي. فيما يعول على السفن الجديدة في الإنتاج والتشغيل والإستغلال الأمثل للثروة السمكية المحلية، لاسيما وأن البلد الشقيق ظل يعتمد على إستئجار السفن في تدبير مصايده حسب إفادة محمد سالم أحمد.
محمد باحمو المدير العام لورش سوس ماسة قال للبحرنيوز ، أنه فخور بالإنتهاء من هذا المركب في الأجل المحدد، وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهت المصنعين في هذه السنة، المرتبطة بمجموعة من التحديات الناجمة عن أزمة كوفيد 19 ، لكن بالرغم من ذلك فالمركب الذي إنطلقت عملية بنائه سنة 2021، اليوم يبحر في موعده المحدد ، ليكون سفيرا للصناعة المغربية بالمياه الموريتانية الشقية .
وأضاف باحمو في تصريح لجريدة البحرنيوز ، أنه فخور للعمل الذي ينجز، والثقة التي يضعها المستثمرون سواء بالمملكة أو القادمين من خارج الحدود في الصناعة المغربية، من قبيل هذه التي يقدمها ورشه. حيث أن هذا الورش داع إشعاعه على المستوى الخارجي، إذ يعتبر المركب الموريتاني الثاني من نوعه الذي يصدره هذا الورش إلى إفريقيا، بعد مركب تمت صناعته لفائدة مجهزين بالسنغال ، والخامس من نوعه بعد أن تم تصدير ثلاث مراكب من الجيل الجديد إلى أوربا وبالضبط إلى فرنسا .
من جانبها أكدت زينب سكنون مسؤولة بشركة “Moroccan Marine Engine Service” التي أشرفت على تزويد المركب بالمحرك من نوع كواسكور، إلى جانب مجموعة من المعدات التقنية لاسيما المرتبطة بالسلامة البحرية ، قالت للحرنيوز أن الشركة التي تمثلها فخورة للغاية في أنها تشكل جزءا من هذا المركب العصري والمتطور ، مبرزة أن مجموعة من المعدات الميكانيكية والتقنية المتواجدة على متن المركب تم تركيبها بإشراف من الشركة.
وأضافت زينب سكنون أن ما يحدث بين المغرب وموريتانيا اليوم، لأمر جيد للغاية في أفق تعزيز التعاون في مختلف المجالات، مشيرة أن هذا المركب يشكل مؤشرا طيبا على مستوى التعاون الإيجابي، حيث أن الصناعة المغربية المرتبطة بالسفن تضع آخر صيحاتها في يد الأشقاء الموريتانين، من أجل تعزيز الإمكانيات على مستوى الإستغلال الأمثل للمصايد المحلية .
ولم يتوقف دور المغرب عند حدود صناعة المركب، بل عمل على وضع طاقم صيد مجرب وخبير في الصيد الصناعي، رهن إشارة البلد الجار من أجل نقل التقنية، وضمان حسن الإستغلال للمركب الجديد ، ما سيضمن للبحارة الموريتانيين الإستفادة من هذه التجربة عبر الإحتكاك بأشقائهم المغاربة، والإندماج في هذا النوع من الصيد الصناعي، الذي يحتاج لتقنيات دقيقة، بإعتبار الشباك هنا لا تنزل إلى الأعماق، وإنما تصطاد على مستوى السطح بين الماء والماء، ما يجعل من المركب في حاجة لطاقم مدرب وقادر على ترويض الشباك .
ويقدم المركب نموذجا حيا لمراكب الصيد المطلوبة في المستقبل، في ظل طبيعة تصميمه، وشكله الهندسي ، فضلا عن التجهيزات المهمة التي يتوفر عليها، والتي ستشكل طفرة كبيرة في الصيد البحري الموريتاني، حيث ان التطورات التي تعرفها المصايد في العالم وكذا التحديات البيئية ، أصبحت تفرض أنظمة خاصة في الصيد، وكذا سفنا صديقة للبيئة، في إتجاه تحقيق صيد مسؤول ومستدام. وهدا ما تم إستحضاره في مختلف مراحل بناء المركب بميناء أكادير.
ودعت مصادر مهتمة إلى إيلاء إهتمام خاص بأوراش صناعة السفن التي تبدع في هذا الإتجاه لتطوير أدائها ، من خلال تخفيف الإجراءات الإدارية، التي تسهل مأمورية إستقطاب زبناء جدد، لاسيما وأن المغرب يعرف طفرة قوية في الصناعات المختلفة ، خصوصا صناعة السيارات وكذا الطائرات، وقد حان الدور على الصناعات البحرية ، بإعتبارها صناعة تفتح أفاقا واعدة من حيث التشغيل والإستثمار ، وكذا العائدات المهمة سواء على مستوى السوق الإفريقية وحتى الأوربية . تماشيا مع متطلبات المرحلة ،حيث الدعوة متواصلة للإستفادة من الفرص التي يتيحها الإقتصاد الأزرق.
اقرأ أيضاً: بالفيديو: سابقة بإفريقيا.. المغرب يُصدّر مركبا للصيد ذو مواصفات عالمية
في سابقة بإفريقيا، تمكنت كفاءات مغربية بميناء أكادير، من صناعة مركب للصيد بالجر يعد الثاني من نوعه في العالم بمواصفات عالية ومميزات جعلت المستثمرين الأجانب يتهافتون عليه لاقتنائه، بتكلفة إجمالية ناهزت مليارين ونصف المليار سنتيم.
وقال فيصل المرابط الترغي، المدير الإداري والتجاري للشركة المتخصصة في صناعة السفن بأكادير في تصريح لـLe360، إن السفينة التي تصنف الثانية في العالم بعد الأولى بهولندا جرى صناعتها وتجهيزها بورشة ميناء أكادير، وتتميز بتوفرها على نظام تشغيل هجين “Hybride” يتضمن محرك كهربائي صديق للبيئة تغذيه أجهزة أخرى من نوع دييزيل.
وأضاف المتحدث أن توفر المركب على المحركين المذكورين يجعله يستهلك الوقود بأقل من 30 في المائة مقارنة بالمحرك العادي، مشيرا إلى أن طوله يبلغ 22 مترا وعرضه 7 أمتار ويشتغل على ظهره 4 بحارة، مضيفا أنه مجهز بآليات ذكية وبأنظمة كهربائية للتحكم عالية الجودة، في وقت كانت مدة إنجازه ستستغرق نحو 18 شهرا وبحكم تداعيات فيروس كورونا تأخرت الشركة في إنهائه في الوقت المتفق عليه حيث وصلت المدة لـ24 شهرا مع تفهم كبير للزبون المعني.
وبلغت التكلفة الإجمالية للمركب نحو مليارين ونصف المليار سنتيم، يقول المرابط، موردا أن مركب الصيد بالجر “BLUE WAVE” غادر ميناء أكادير متوجها لميناء “GUILVINEC” بفرنسا، ويعد ثالث مركب يغادر المدينة في ظرف أسبوع بعد الانتهاء من أشغال تشييده وتجهيزه من طرف الأيادي المغربية التي أبدعت في إخراجه للوجود ليبدو أنيقا ومسايرا للتطور الحاصل في الصناعات البحرية الدولية.
وشدد الترغي على أن الكفاءات المغربية استطاعت كذلك صناعة سفن أخرى متميزة، منها اثنتان بلغت القيمة المالية للواحدة منها نحو 800 مليون سنتيم ويبلغ طولهما 12 مترا بمحرك للدفع 460 حصان، بهندسة أثارت إعجاب المستثمرين الأفارقة والأوروبيين وغيرهم وبضمانات قوية، مؤكدا وصول المركبات الثلاثة لفرنسا لفائدة الزبناء الذين عقدت معهم الشركة عقدة الإنجاز وكان صدى وصولهم ايجابيا وسيساهم ذلك لا محالة، يقول المرابط، في تلميع صورة الصناعة البحرية المغربية باعتبارها من الصناعات الثقيلة.
وأكد المرابط أنه وبفضل تميز الكفاءات المغربية في مجال صناعة السفن أصبح الإقبال عليها من لدن المستثمرين الأوروبيين والأفارقة، بحيث توصلت الشركة بطلبات مختلفة من عدد من الزبناء من مجموعة من الدول لتشييد سفن أخرى ضمنها موريتانيا وتنزانيا والغابون وأنغولا وغيرها، ما يؤكد جدارة الصناعة البحرية المغربية ويجعلها تنافس القطاع في أوروبا المعروفة بهذه الصناعة.
ونوه المتحدث بتعاون وزارتيْ الصناعة والصيد البحري والوكالة الوطنية للموانئ والجمارك وغيرها من المؤسسات العمومية والخاصة مع الشركة العاملة بالمجال، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة وافقت على مقترح وزارة الصناعة للدخول ضمن مخطط التسريع الصناعي بجهة سوس-ماسة الموقع أمام الملك محمد السادس أثناء زيارته لأكادير سنة 2018، بقيمة استثمارية بلغت 10 ملايين درهما تهم النوعية والتطوير في الصناعة البحرية من خلال الاعتماد على آخر ما جادت به التكنولوجيا الحديثة من آليات وتجهيزات جد متطورة.
وتابع الترغي قائلا: “المغرب يجب أن يكون فخورا بكفاءاته وبشركاته في مجال تصنيع السفن، التي استطاعت منافسة السوق الأوروبية التي تنظر للمغرب اليوم كمنافس قادم بقوة لعدة امتيازات توفرها المملكة ضمنها الظروف المناخية الملائمة والأثمنة المناسبة التي تجعل الأوروبيين غير قادرين على منافستها”، على حد قوله.
المصدر: البحر نيوز – مواقع إلكترونية