النشاط المظلم.. تعرف على أهم الطرق السرية لنقل النفط الروسي.. تحايل غير متوقع على العقوبات الغربية

تُعدّ أوروبا أكبر أسواق النفط الروسي، ما يعني أن العقوبات الغربية التي تشمل قرار حظر الخام، ستجعل موسكو تبحث بشتى الطرق عن الوصول إلى مشتريين آخرين، وإلا فإنها ستضطر إلى خفض الإنتاج.

وفي أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، بدأت الشركات التي لم تحظر شراء الخام الروسي، التعامل بحذر مع الموردين الروس، خوفًا من الوقوع تحت طائلة العقوبات.

ويوضح تقرير لصحيفة ذي تلغراف البريطانية، كيف تتحايل الشركات الروسية على العقوبات الغربية لبيع النفط؟، والطرق الخفية التي تتبعها بلاد الدب الأبيض في تصديرها الخام وسط عقوبات الغرب.

3 طرق مختلفة جميعها تؤدي في النهاية إلى هدف واحد وهو تفادي العقوبات الغربية على النفط الروسي، بحسب التقرير، الذي اطلعت عليه وأعادت تحريره إلى اللغة العربية وحدة أبحاث الطاقة، كالتالي:

صادرات النفط الروسي

تُصدّر روسيا 45% من النفط الخام والمنتجات النفطية إلى الاتحاد الأوروبي، وفق بيانات وكالة الطاقة الدولية حتى نهاية العام الماضي.

وخلال عام 2021، استورد الاتحاد الأوروبي 2.2 مليون برميل يوميًا من النفط الخام الروسي، ونحو 1.2 مليون برميل يوميًا من المشتقات النفطية الروسية.

وفي نهاية مايو/أيّار الماضي، قرر الاتحاد الأوروبي، حظر نحو 90% من واردات النفط من روسيا بنهاية 2022، وذلك ردًا على غزو أوكرانيا.

وتُقدّر وكالة بلومبرغ خسائر روسيا من قرار الحظر الأوروبي بنحو 22 مليار دولار، في حين يرى رئيس مركز تطوير الطاقة الروسي، كيريل ميلنيكوف، أن الخسائر ستتراوح بين 5 و10 مليارات دولار.

وبالفعل، تراجعت واردات أوروبا منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا وقبل قرار الحظر، فبحسب بنك مورغان ستانلي، تراجعت تدفقات النفط الخام الروسي إلى شمال غرب أوروبا بنحو مليون برميل يوميًا عن مستويات ما قبل غزو أوكرانيا.

وفي بيان لوزارة الاقتصاد الألمانية، فإن حصة النفط الروسي من واردات برلين تراجعت من 35% العام الماضي إلى 12% خلال الأسابيع الأخيرة بنهاية أبريل/نيسان المنصرم.

ونتيجة لذلك، لجأت موسكو إلى تعزيز صادراتها إلى الصين والهند، كما تبحث عن مشتريين آخرين، لتعويض خفض الطلب من أوروبا، لذلك لم تتغير الحصيلة النهائية كثيرًا منذ بدء الغزو.

النشاط المظلم

أحد أكثر طرق التجارة الخفية شيوعًا هو الاختفاء أو ما يعرف بـ”النشاط المظلم أو Dark Activity”، وهو إيقاف تشغيل نظام تحديد الموقع التلقائي للسفينة بحيث لا يمكن تتبع موقعها.

وارتفع هذا النشاط المظلم، أو بعبارة أخرى: أحد ممارسات الشحن الخادعة، 3 مرات عبر ناقلات النفط التابعة لروسيا منذ بداية الصراع الروسي مع أوكرانيا، وفقًا لما نقله التقرير عن شركة الاستشارات ويندورد “Windward”.

ومن حيث السفن التي تخفي موقعها، يوجد ناقلات النفط الخام وكذلك ناقلات المنتجات النفطية، وناقلات النفط والكيماويات.

وحتى الآن، تُعدّ الصين أكبر دولة مستورد للنفط الروسي غير المعروف وجهته مسبقًا بأكثر من 11 مليون برميل، تليها الهند بما يقرب من 5 ملايين برميل، بحسب بيانات ويندورد التي اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.

وتشمل القائمة كذلك، الإمارات والسعودية وتايلاند والولايات المتحدة وسنغافورة وإيطاليا وهولندا وأستراليا، بما يتراوح بين أقل قليلاً من مليون برميل وحتى 2.5 مليون برميل تقريبًا.

واستفادت الصين والهند من بيع خام الأورال الروسي بخصم يبلغ 30 دولارًا للبرميل عن خام برنت منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي.

النقل من سفينة إلى أخرى

يُعدّ النقل غير المشروع من سفينة إلى سفينة أو ما يعرف بـ”Illicit ship-to-ship transfers” هو خدعة أخرى شائعة، ففي حين تُسجل عمليات نقل السلع من السفن في المواني، لا توجد مثل هذه الإجراءات في البحر، ما يعني أنه من السهل إخفاء عملية النقل إذا كانت السفينة داخل البحر.

وتقول المحللة في مجموعة لويدز ليست إنتليجينس، ميشيل وايز بوكمان، إن عملية تكوين أسطول غامض لنقل النفط الروسي أصبحت واضحة حاليًا، بحسب صحيفة ذي تلغراف.

وهذه السفن هي جزء من أسطول مظلم -يعمل أيضًا تحت أعلام دول أخرى مثل الغابون أو بيليز (دولة في أميركا الوسطى)- يخدم 2% تقريبًا من السوق البحرية العالمية عن طريق نقل النفط الخاضع للعقوبات نيابة عن كاراكاس -عاصمة فنزويلا- وطهران -عاصمة إيران- وبيونغ يانغ -عاصمة كوريا الشمالية-.

تغيير ملكية السفن

تعمل العديد من الشركات الروسية على نقل ملكية سفنها لأسماء مُلاك آخرين بطريقة قد تساعدهم في تجنب العقوبات المستقبلية.

ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، تغيرت 180 سفينة من مالك روسي إلى غير روسي، وهو معدل أسرع بكثير مما كان الوضع عليه في السنوات السابقة، بحسب ما نقلته وحدة أبحاث الطاقة عن صحيفة ذي تلغراف.

وهذا يدل على أن تركيبة الشركات التي تتعامل مع النفط الروسي قد تغيّرت بصورة كبيرة، رغم أن مستويات الصادرات الروسية لم تتغير إلا قليلاً.

ويأتي ذلك بفائدة على العديد من شركات الشحن الأوروبية، فعلى سبيل المثال تدخل عدد كبير من مشغلي البحر الأبيض المتوسط ​​لسد الفجوة، التي تركتها شركات؛ مثل شل بحظرها شراء النفط الروسي.

وزاد حجم الوقود المنقول من الموانئ الروسية من قبل السفن التي تملكها أو تديرها أو ترفع علمها في اليونان وقبرص ومالطا 3 مرات منذ بداية الصراع الروسي الأوكراني، وفقًا لبيانات رفينيتيف.

ورغم ذلك، فإن هذا الأمر لن يستمر طويلًا، بعد قرار الاتحاد الأوروبي بحظر واردات النفط الروسية المنقولة بحرًا، والتي تمثل أكثر من ثلثي جميع شحنات الخام الروسي للكتلة، بحلول نهاية العام.

ماذا بعد قرار الحظر؟

يرى تقرير ذي تلغراف، الذي كتبه لويس أشوورث، أن قرار حظر النفط الروسي سيؤدي إلى تحول تاريخي في هيكل الأسواق العالمية، ما يكسر العلاقة التي طالما دعمت اقتصادات أوروبا وروسيا.

وبالنسبة إلى أوروبا، بمجرد انتهاء العقود الحالية وبدء الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على الخام الروسي، ستحتاج الكتلة إلى إيجاد مصادر بديلة، وهو الأمر الذي لن يكون سهلًا، وفقًا لما ذكره التقرير.

وفي الوقت نفسه، تخطط دول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى حظر التأمين على السفن التي تحمل نفط موسكو، من غالبية سوق التصدير البحري، ما يعني تأزم الموقف بالنسبة لروسيا.

وبحسب التقرير الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة، فإن أوروبا تستحوذ على العديد من شركات تأمين السفن، التي تغطيها المجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض، إذ تمثل نحو 90% من أسطول الشحن العالمي.

ومن شأن ذلك أن يرفع تكاليف الشركات الناقلة للنفط الروسي، مع منعها من الرسو على العديد من الموانئ العالمية.

كما تحتاج موسكو إلى إيجاد مشترين جدد أو مواجهة المزيد من الضغوط لخفض إنتاج النفط، وفي هذا الصدد، قد لا يُسعف الطلب من الصين والهند مبيعات النفط الروسي، خاصة مع امتلاك نيودلهي لعقود طويلة الأجل مع السعودية والإمارات والعراق بالإضافة لعمل مصافي التكرير الهندية بكامل طاقتها.

وحال رغبة موسكو في بناء أسطول جديد للسفن وخفيًا حتى لا يخضع للعقوبات، فإنها بحاجة إلى أكثر من 70 سفينة لنقل النفط إذا أرادت الحفاظ على وتيرة الإنتاج الحالية.

وقد يكون العثور على هذه السفن وتوفير التأمين عليها خارج أسواق الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة أمرًا صعبًا للغاية، كما يرى المحلل في شركة بوتين آند بارتنرز، إريك بروخويزن.

اقرأ أيضًا: بعد قرار أوروبا حظر النفط الروسي.. كم تبلغ خسائر موسكو؟


منذ إعلان الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء 31 مايو/أيار، الموافقة على حظر النفط الروسي، بدأت التكهنات بمدى خطورة التطورات على روسيا وحجم خسائرها المتوقع.

وسبق أن قدرت بلومبرغ خسارة روسيا الناجمة عن الحظر النفطي الأوروبي بنحو 22 مليار دولار، إلا أن رئيس مركز تطوير الطاقة الروسي، كيريل ميلنيكوف، كان لديه رأي مختلف.

وصرّح ميلنيكوف بأن شركات النفط الروسية قد تخسر بين 5-10 مليارات دولار، بسبب قرار الاتحاد الأوروبي فرض حظر جزئي على إمدادات النفط الروسية، حسب وكالة أنباء تاس الروسية.

ويرى ميلنيكوف أن تقديرات بلومبرغ غير صحيحة، لأنها لم تضع في الحسبان ارتفاع أسعار خام برنت، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

خسائر موسكو

وفقًا لتقديرات بلومبرغ، قد تخسر موسكو قرابة 22 مليار دولار من عائدات النفط بسبب الحظر.


فقد تصل خسائر روسيا من الحظر المفروض على إمدادات النفط المنقولة بحرًا للدول الأوروبية إلى 10 مليارات دولار.

بالإضافة إلى ذلك، قد تخسر روسيا 12 مليار دولار بعد وقف الإمدادات إلى بولندا وألمانيا عبر الفرع الشمالي من خط أنابيب دروجبا.

وفي الوقت نفسه، ستواصل روسيا الحصول على إيرادات تبلغ نحو 6 مليارات دولار من الإمدادات عبر الفرع الجنوبي من خط أنابيب دروجبا، الذي يزوّد المجر وجمهورية التشيك وسلوفاكيا.

وتعتمد تقديرات بلومبرغ على بيانات متعلقة بصادرات روسيا إلى الدول الأوروبية لعام 2021، ومتوسط سعر تصدير نفط الأورال الروسي البالغ 85 دولارًا للبرميل.

وقال رئيس مركز تطوير الطاقة الروسي، كيريل ميلنيكوف، إن تقديرات بلومبرغ تستند إلى افتراض أن إمدادات النفط الروسي المنقولة بحرًا غيّرت مسارها من أوروبا إلى آسيا، وبيع خام الأورال الروسي بخصم يصل إلى 34 دولارًا للبرميل، مقابل خام برنت.

وأضاف أن بلومبرغ افترضت -أيضًا- عدم بيع الإمدادات النفطية عبر الفرع الشمالي لخط أنابيب دروجبا.

وتابع: “نعتقد أن التقديرات غير صحيحة، لأنها لم تأخذ في الحسبان ارتفاع أسعار خام برنت، ونرى أنه مسألة حتمية”.

تقديرات روسية

يرى رئيس مركز تطوير الطاقة الروسي، كيريل ميلنيكوف، أنه حال ارتفاع سعر خام برنت بمقدار 15 دولارًا للبرميل، مقارنة بسيناريوهات من دون حظر النفط الروسي واستمرار سعر خام الأورال عند المستويات نفسها، فستخسر الشركات الروسية قرابة 3 مليارات دولار من إعادة توجيه شحنات النفط المنقولة بحرًا من أوروبا إلى آسيا.

وتوقع تغير مسار نصف صادرات النفط الروسي على الأقل من الفرع الشمالي لخط أنابيب دروجبا إلى آسيا بوساطة مواني بحر البلطيق.

وقال: “في هذه الحالة، قد تصل الخسائر إلى قرابة 6-7 مليارات بسبب تراجع الكميات، وقرابة مليار دولار بسبب الخصم، وبناءً على ذلك، يمكن أن يصل إجمالي الخسائر إلى قرابة 10 مليارات دولار”.

في الوقت نفسه، أكد ميلنيكوف أن هذه الأرقام مجرد تقديرات، وقد يتسم الوضع الحقيقي بالإيجابية.


وقال ميلنيكوف: “على سبيل المثال، إذا كان من الممكن إعادة توجيه جميع الإمدادات من دروجبا إلى آسيا، فستقل الخسائر إلى 5 مليارات دولار، وفي حال تجاوزت أسعار النفط التوقعات، قد لا نتكبد أي خسائر على الإطلاق”.

الخسائر تعادل ثلث الميزانية العسكرية

بعد قرار حظر النفط الروسي، قال وزير الطاقة الأوكراني، هيرمان هالوشينكو، إن خسائر موسكو من الحظر النفطي الذي اتفق عليه الاتحاد الأوروبي ستعادل ثلث الميزانية العسكرية في روسيا في عام 2021، مستندًا إلى بيانات وكالة بلومبرغ.

ويرى أن قرار حظر النفط الروسي يفتح الباب أمام موردين جدد، والأهم أنه سيقوّض قدرة الكرملين الاقتصادية على تمويل الحرب.

وأعرب عن امتنانه لجميع قادة الاتحاد الأوروبي لتضامنهم مع أوكرانيا، وكذلك المفوضية الأوروبية، التي بذلت قصارى جهدها لاتخاذ هذا القرار.

أوروبا وحظر النفط الروسي

بعد تردد دام أسابيع، توصل قادة الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق يتعلق بالحزمة السادسة من العقوبات ضد روسيا.

وتتضمن حزمة العقوبات حظرًا فوريًا لقرابة 75% من النفط الروسي المنقول بحرًا، وسيرتفع إلى 90% بحلول نهاية العام الجاري.

ويهدف الحظر إلى السماح لبعض الدول، مثل المجر، بمواصلة استيراد النفط الروسي عبر خطوط الأنابيب.

ووفقًا لشركة ريستاد إنرجي، يستورد الاتحاد الأوروبي ما بين 3-3.5 مليون برميل من خام الأورال الروسي يوميًا، واستبدال 75% بسعر 120 دولارًا للبرميل يعني زيادة في التكلفة لا تقل عن ملياري دولار شهريًا.

المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية

Exit mobile version