أول حافلة كهربائية في العالم محايدة للكربون وتحمل 47 راكبًا.. هل تصبح الحافلات الكهربائية الحل السحري لمستقبل خالٍ من الكربون؟
أطلقت شركة فليكس باص الألمانية أولى الحافلات الكهربائية في البرتغال، ضمن خطة الشركة لتعزيز خطط التنقل الكهربائي بين دول القارة الأوروبية.
وودّعت أولى الحافلات الكهربائية في البرتغال الكربون بنسبة 100%، وهي تُصنّف ضمن الحافلات السريعة التي تتسع لنحو 47 راكبًا، وتملك بطاريتها القدرة على إعادة الشحن بالكامل في غضون 3 ساعات، وفق صحيفة ذي برتغال نيوز المحلية الناطقة بالإنجليزية (The Portugal News).
وتسعى البرتغال لكهربة النقل العام والخاص، تماشيًا مع خطط القارة العجوز لتعزيز نشر السيارات والحافلات الكهربائية، في محاولة لخفض الانبعاثات، لا سيما في قطاع النقل الذي يُعد ضمن أكبر المساهمين بغازات الاحتباس الحراري.
خطط البرتغال وفليكس باص
بصورة إجمالية، عكفت البرتغال على تعزيز خطط النقل الكهربائي، في محاولة منها لدعم الخطط المناخية، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ولتحقيق ذلك، سلكت الدولة الواقعة جنوب غرب أوروبا مسارات عدة من ضمنها زيادة الاستثمارات، والتوسع بمحطات الشحن، مع تخصيص الحكومة حجم إنفاق لدعم عمليات شراء السيارات الكهربائية.
أما شركة فليكس باص فطورت خلال الآونة السابقة حافلات كهربائية بالكامل، وأخرى تعمل بالغاز بنسبة 100%، كما تستعد لإطلاق حافلات تعمل بواسطة الألواح الشمسية لرحلات دولية تقع البرتغال ضمن وجهاتها.
وتعمل الشركة الألمانية حاليًا -بالتنسيق مع مجموعة فرودنبيرغ الألمانية، والشركة المتخصصة في إنتاج قطاع غير السيارات “زد إف” الألمانية أيضًا- على تطوير أولى حافلات المسافات الطويلة الأوروبية المعتمدة على خلايا وقود الهيدروجين، وفق صحيفة بلونغ (Ploonge).
وأوضحت الشركة أن الحافلات العاملة بالألواح الشمسية على وشك الانطلاق على طريق الخط الدولي الرابط بين العاصمة البرتغالية لشبونة والعاصمة الإسبانية مدريد.
أولى الحافلات الكهربائية في البرتغال
تعد أولى الحافلات الكهربائية في البرتغال، التي أطلقتها شركة فليكس باص الألمانية إحدى الحافلات السريعة، ومقرها محطة حافلات مدينة براغانزا، وهي حافلة يمكنها السير لمسافات طويلة بصورة سريعة دون إطلاق أي انبعاثات بنسبة 100%.
ويربط خط أولى الحافلات الكهربائية في البرتغال بين مدينتي بورتو و براغانزا، بعدما خضعت الحافلة لاختبارات تجريبية في ألمانيا وفرنسا، وأُطلقت حافلات مماثلة بأميركا، وفق صحيفة يوروب سيتيز.
وجاءت أولى الحافلات الكهربائية في البرتغال بمثابة شراكة بين فليكس باص الألمانية والمُشغل المحلي “أوتو ترافيك فيرينس”، لترتيب إطلاق أولى الحافلات السريعة والمحايدة كربونيًا، للربط بين مدينتي بورتو وبراغانزل عبر المرور بمدن فيلاريال وأمارانتي.
من جانبه، أوضح المدير العام لشركة فليكس باص بمدن البرتغال وإسبانيا، بابلو باستيغا، إن إطلاق أولى الحافلات الكهربائية في البرتغال -المزودة بتقنيات تجعلها طرازًا سريعًا وخاليًا من الكربون- يُعد خطوة مهمة للنقل المستدام في لشبونة.
وأشار باستيغا إلى أن شركته تعتزم مواصلة خططها للتنقل الكهربائي لتوفير طرازات مستدامة لديها القدرة على حمل الملايين، مضيفًا أن إطلاق أولى الحافلات الكهربائية في البرتغال بمثابة مركز لثورة النقل الخضراء.
هل تصبح الحافلات الكهربائية الحل السحري لمستقبل خالٍ من الكربون؟
تشهد العديد من دول العام التحول التدريجي نحو استخدام الحافلات الكهربائية في إطار تحقيق هدف مدن دون انبعاثات وأكثر اخضرارًا بحلول 2050.
وفي الواقع، يُعدّ قطاع النقل مسؤولاً عن 24% من انبعاثات غازات الدفيئة عالميًا، مع حقيقة أن النقل البري -الأكثر استخدامًا- يمثّل نحو 75% من هذه الانبعاثات الضارة بالبيئة.
وبعبارة أخرى، فإن قطاع النقل هو أسرع المساهمين نموًا في الانبعاثات الناجمة عن السيارات والمركبات الأخرى -بما في ذلك الكربون الأسود وثاني أكسيد النيتروجين- ويُسهم أيضًا في الإصابة بمجموعة من الأمراض، بما في ذلك أمراض التنفس والسكتات الدماغية والنوبات القلبية والخرف ومرض السكري، نقلًا عن تقرير للأمم المتحدة.
وفي سبيل خفض انبعاثات قطاع النقل، توجَّه صنّاع السياسات عالميًا للاعتماد على الحافلات الكهربائية منخفضة الكربون في وسائل النقل العامّ.
وبحسب تقرير صادر عن بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس، من المتوقع انخفاض الطلب من جانب قطاع النقل على النفط -أحد مسبّبات الانبعاثات الكربونية الضارة- إلى ما يقرب من 25 مليون برميل يوميًا، حال تحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول 2050.
ويؤكد التقرير ضرورة التخلص التدريجي من المبيعات الجديدة لمركبات الاحتراق الداخلي بحلول عام 2035، للبقاء على المسار الصحيح نحو تحقيق سيناريو الحياد الكربوني، وتُعدّ الاستثمارات في النقل العامّ جزءًا مهمًا في تحقيق هدف التخلص من الانبعاثات.
السوق الأكبر
تُعدّ السوق الصينية والأوروبية الأكثر توجهًا عالميًا نحو استخدام الحافلات الكهربائية حتى الآن، بهدف تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن استهلاك النقل التقليدي عبر مصادر الوقود الأحفوري.
وبينما يوجد حاليًا ما يقرب من 600 ألف حافلة كهربائية تسير على الطريق عالميًا، فإن الصين استحوذت على الغالبية العظمى من جميع مبيعات الحافلات الكهربائية عام 2020.
وشهد العام الماضي بيع أكثر من 74 ألف حافلة كهربائية في الصين، كما لا يزال نحو 98% من أسطول الحافلات الكهربائية عالميًا في بكين، وفقًا لتقرير بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس.
وازداد التوجّه نحو الحافلات الكهربائية مؤخرًا في أسواق أوروبا وأميركا الشمالية وكوريا الجنوبية وجنوب شرق آسيا والهند وأمريكا الجنوبية، فقد وصلت مبيعات الحافلات الكهربائية خارج الصين خلال عام 2020 إلى 14 ألف حافلة، ارتفاعًا من 5 آلاف فقط.
وفي العام الذي شهد تفاقم وباء كورونا، ارتفعت مبيعات الحافلات الكهربائية في السوق الأوروبية بنسبة 22%؛ إذ جرى تسجيل 2062 حافلة كهربائية في 2020، وفقًا لتقرير نشره موقع سيستانبول باص (Sustainable Bus).
وبصفة عامة، شهدت أوروبا بيع أكثر من 5 آلاف حافلة كهربائية منذ عام 2012، مع حقيقة أنه جرى تسليم ما يقرب من 75% منها، عامي 2019 و2020.
وفي هذا السياق، من المتوقع أن تُشكّل الحافلات الكهربائية أكثر من 67% من أسطول الحافلات الكهربائية عالميًا عام 2040، وأن ترتفع لأكثر من 645 ألف حافلة كهربائية بحلول 2025، بحسب تعليقات رئيسة النقل المكهرب في بلومبرغ نيو إنرجي فايننس، ألكسندرا أودونوفان، خلال مقابلة مع موقع سيستانبول باص.
هولندا في المقدمة
تقود هولندا سوق الحافلات الكهربائية في أوروبا؛ إذ أصبح 10% من أسطول الحافلات الهولندية مكهربًا بالفعل أوائل العام الماضي.
كما توجد خطط بريطانية تهدف إلى أن تكون جميع الحافلات في المملكة المتحدة (نحو 8000) خالية من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2037.
وفي الولايات المتحدة، قررت إدارة النقل الفيدرالية التابعة لوزارة النقل الأميركية، منح تمويلًا قدره 182 مليون دولار للحافلات منخفضة الانبعاثات، أو دون انبعاثات، وهو ما يأتي في إطار تحقيق هدف إدارة جو بايدن المتمثل في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 50% بحلول نهاية العقد الحالي.
وبحسب بيان لوزارة النقل الأميركية، ستحصل هيئة النقل في شيكاغو على ما يقرب من 7 ملايين دولار لشراء حافلات كهربائية تعمل بالبطاريات ومعدّات شحن.
كما ستحصل هيئة الموانئ في مقاطعة أليغني في بيتسبرغ على 5.1 مليون دولار لشراء أجهزة شحن كهربائية لدعم الحافلات الكهربائية.
فيما ستحصل لجنة النقل الإقليمية في مقاطعة واشو بولاية نيفادا، على 6.5 مليون دولار لشراء حافلات تعمل بخلايا وقود الهيدروجين، بهدف تحويل أسطول حافلات الديزل إلى مركبات خالية من الانبعاثات.
المنطقة العربية
يأتي العديد من البلدان العربية في قائمة أكثر المدن تلوثًا في العالم، ما يؤكد ضرورة إسراع الحكومات العربية خطاها نحو اتّباع سياسات تقلل من الانبعاثات الكربونية، والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر.
وفي حقيقة الأمر، ازداد الاهتمام والتوجه العربي نحو الاقتصاد الأخضر لتقليل الانبعاثات الكربونية في إطار خطط التنمية المستدامة مؤخرًا، والتي برزت بشكل كبير نحو دعم مشروعات صديقة البيئة والتوسع في توليد الكهرباء عبر الطاقة الجديدة والمتجددة بصفتها أحد حلول تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، مع محاولة تطوير البنية التحتية لتلك المشروعات.
وفي قطاع النقل، كان أحدث تلك التحركات توجّه مصر نحو دعم انتشار وتصينع السيارات والحافلات الكهربائية محليًا، بالتعاون مع شركات محلية وصينية.
ووقّعت وزارة الإنتاج الحربي المصرية عقدًا لتصنيع أول حافلة كهربائية مصرية بنسبة تصنيع محلي تصل إلى 60%، مع شركة صناعة وسائل النقل (MCV)، نقلًا عن بيان للإنتاج الحربي.
جاءت تلك الخطوة في إطار سعي الحكومة المصرية نحو تعميق وتوطين تكنولوجية تصنيع الحافلات الكهربائية محليًا، وما يحققه من عوائد اقتصادية وبيئية، بالإضافة إلى توجّه الدولة لتصبح مركزًا إقليميًا لصناعة وتصدير هذه النوعية من السيارات للأسواق الاقليمية وأسواق دول القارّة الأفريقية.
ميزات تنافسية
تتمتع الحافلات الكهربائية -بحسب تصريحات وزيرة الصناعة والتجارة المصرية نيفين جامع- بميزات تنافسية كبيرة، تشمل انخفاض تكلفة الوقود وعمليات الصيانة، وهو ما يؤهلها للحصول على حصة سوقية كبيرة بالسوق المصري خلال المرحلة المقبلة.
ونقلًا عن بيان وزارة الإنتاج الحربي، تستطيع الحافلة الكهربائية التي ستصنعها مصر -وتحتوي على 49 مقعدًا- السير بشكل متواصل بشحنة واحدة لمسافة تبلغ من 300 كيلومتر إلى 350 كيلومتر، حسب ظروف التشغيل ودرجة الحرارة، على أن تبلغ السرعة القصوى 70 كيلومترًا/ساعة، بالإضافة إلى العمل في درجات حرارة متفاوتة تصل إلى 45 درجة مئوية.
وفي قطر، تعتزم عضو مجلس التعاون الخليجي تحويل نحو 25% من حافلات النقل العامّ لديها إلى الطاقة الكهربائية النظيفة مع حلول بطولة كأس العالم 2022 التي تستضيفها الدوحة، على أن يجرى تشغيل كامل أسطول حافلات النقل العامّ بالكهرباء بحلول 2030، بحسب موقع هيئة المناطق الحرة في قطر.
وبدأت الدوحة مؤخرًا التشغيل التجريبي لمحطة شركة مواصلات (كروه) لشحن الحافلات الكهربائية، بالتزامن مع وصول أول دفعة من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة.
وتهدف خطوة قطر إلى دعم مسيرتها نحو مستقبل أخضر، وتحقيق التوازن الاقتصادي والبيئي وتطوير وسائل النقل عبر توظيف الطاقة البديلة والنظيفة وفق أحدث الأنظمة العالمية الصديقة للبيئة للحدّ من الانبعاثات الكربونية الضارة.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية