تمتلك صحراء شاسعة تؤهلها للريادة.. هذه مشروعات الطاقة الشمسية العملاقة في موريتانيا
في غضون 14 عامًا، انتقل إسهام الطاقة المتجددة في موريتانيا بمزيج الكهرباء من حصة قدرها “صفر” عام 2008 إلى 38% حاليًا، فيما تخطط نواكشوط لزيادة تلك الحصة لتصل إلى 50% بحلول عام 2030.
وتهدف الدولة العربية الأفريقية من تعزيز مشروعات الطاقة النظيفة إلى تلبية التزامات الأهداف المناخية الدولية، وفق تقرير أوردته صحيفة إنرجي كابيتال آند باور الأفريقية (Energy Capital & Power)، واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ورغم المشروعات الضخمة، فإن موريتانيا تحتاج إلى خطط على نطاق أوسع لتلبية الطلب على الكهرباء الآخذ في النمو بنسبة 10% على أساس سنوي.
ومع الطموحات المعلقة على أداء الطاقة المتجددة في موريتانيا لزيادة حصتها بمزيج الكهرباء منخفضة الكربون، يتعين على الحكومة زيادة طاقتها الإجمالية المركبة المقدّرة بنحو 549 ميغاواط، لا سيما أنها أنجزت أهدافها المقررة لعام 2035 بشغل حصص الطاقة المتجددة 35% من مزيج الكهرباء قبل الموعد المقرر بما يقارب 13 عامًا.
وخلال الآونة المقبلة، تعكف مشروعات الطاقة المتجددة في موريتانيا على إبراز إمكانات إحدى دول حوض “إم إس جي بي سي” التي تضم -إضافة إلى موريتانيا-: السنغال، وغامبيا، وغينيا بيساو، وغينيا كوناكري.
وفيما يلي تستعرض منصة الطاقة المتخصصة أبرز 5 مشروعات للطاقة المتجددة في موريتانيا، قبيل استعدادات عقد مؤتمر النفط والغاز والكهرباء لدول الحوض المقرر في سبتمبر/أيلول المقبل بالعاصمة السنغالية داكار، وكذلك قبيل قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب 27 المرتقب عقدها بمدينة شرم الشيخ المصرية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وتتنوع تلك المشروعات ما بين مشروعات تتعلق بتطوير الهيدروجين الأخضر (مشروعا أمان ونور)، ومشروعات الطاقة الشمسية (مشروعا توجونين وكليما)، بالإضافة إلى مشروع واحد يتعلق بطاقة الرياح (بولنوار).
أولًا: مشروعات الهيدروجين الأخضر
مشروع أمان:
وقّعت مجموعة “سي دبليو بي” الدولية مع حكومة نواكشوط مذكرة تفاهم واتفاقًا إطاريًا شهر مايو/أيار الماضي، حول مشروع أمان لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ليُعَدّ بذلك أحدث مشروعات الطاقة المتجددة في موريتانيا، وواحدًا ضمن أكبر مشروعات الهيدروجين الأخضر في قارّة أفريقيا.
وتبلغ قيمة استثمارات مشروع أمان 40 مليار دولار، ويحتاج إلى 30 غيغاواط من الطاقة المتجددة اللازمة للتشغيل وإنتاج الهيدروجين الأخضر عبر التحليل الكهربائي، مقسمة بمعدل 18 غيغاواط من طاقة الرياح، و12 غيغاواط أخرى من الطاقة الشمسية.
ويهدف المشروع إلى إنتاج 10 ملايين طن سنويًا من الأمونيا الخضراء.
وعلى الصعيد الاجتماعي، يُسهم مشروع أمان -الذي يمتد بين ولاية داخلة نواذيبو وولاية إنشيري شمال البلاد- في خفض معدلات البطالة بما يقارب الثلث بحلول عام 2035.
مشروع نور:
شهد شهر سبتمبر/أيلول الماضي توقيع مذكرة تفاهم بين الحكومة الموريتانية وشركة شاريوت البريطانية، حول مشروع نور لإنتاج الهيدروجين الأخضر الذي تلقّى دعمًا جديدًا خلال الشهر الماضي، وفق النتائج الإيجابية لدراسات الجدوى التمهيدية.
وتبلغ قيمة استثمارات مشروع نور 3.5 مليار دولار، في حين تعكف شركة شاريوت على البحث عن شركاء ضمن ائتلاف حتى تتمكن من بدء البناء فور إعلان قرار الاستثمار النهائي.
ويستهدف مشروع نور، الذي يُعَدّ أحد أبرز مشروعات الطاقة المتجددة في موريتانيا، 10 غيغاواط من الطاقة النظيفة.
وبحسب منصة الطاقة المتخصصة، تبرز أهمية مشروع نور للهيدروجين الأخضر في موريتانيا بكونه سوف يُشكّل مصدرًا لتزويد محطة الأمونيا الخضراء الجديدة بميناء روتردام الهولندي بما يصل إلى 600 ألف طن من الهيدروجين المُنتج من المشروع.
ولتنسيق ذلك، وقّعت شركة شاريوت البريطانية مذكرة تفاهم -خلال العام الجاري- مع إدارة الميناء لتنسيق الانتهاء من بناء المحطة وبدء الاستيراد بحلول عام 2026.
ثانيًا: مشروعات الطاقة الشمسية
محطة توجونين
انتهت أعمال محطة توجونين للطاقة الشمسية في موريتانيا عام 2017، وهي تخضع في الآونة الحالية لإدارة شركة الكهرباء الوطنية في البلاد “سوميليك”.
ومنذ تشغيل محطة الطاقة الشمسية، التي تحتلّ مكانة مهمة ضمن مشروعات الطاقة المتجددة في موريتانيا، تمكنت من تزويد صافي إنتاج الطاقة في نواكشوط بنحو 10%، إلى جانب إزالة 57 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون.
وبلغت التكلفة الاستثمارية للمحطة 35 مليون دولار، وأحرزت تقدمًا هائلًا، مستفيدةً من مناخ موريتانيا الذي لا يشهد أيامًا ممطرة طوال العام سوى 7 أيام فقط، وضمت المحطة 54 ألف لوحًا شمسيًا لتعزيز إنتاجها 50 ميغاواط.
ويسهم مشروع المحطة الشمسية بدور اجتماعي ومحلّي، إذ تعكف على فتح مجال التدريب حول دور الطاقة الخضراء أمام الطلاب والمهتمين بالقطاع.
مزرعة كليما
تبنّى مشروعُ مزرعة كليما للطاقة الشمسية -الذي أُعلِن في يوليو/تموز عام 2020 للمرة الأولى- فكرةً فريدة من نوعها على قطاع الطاقة المتجددة في موريتانيا، وربما في القارّة السمراء بأكملها.
وابتكرت الُشركة المُشغّلة التي حملت المزرعة الشمسية اسمها “كليما” نظامًا مكّنها من مشاركة 75 ألف مساهم من 70 دولة -منذ إطلاقها وحتى الآن- بدعم وتمويل مشروع الطاقة المتجددة في موريتانيا.
وابتكرت شركة كليما تطبيقًا للهواتف الذكية يسمح للراغبين في استخدام أرصدة الكربون لتعويض انبعاثاتهم بشراء أرصدة في المزرعة التي تمتد على مسافة 600 ألف متر مربع، وفق ما أوضحته الشركة في موقعها الإلكتروني.
ومن خلال تطبيق “كليما” للهواتف الذكية البالغ من العمر أقلّ من 3 سنوات، وفرت الشركة الكهرباء الشمسية -عبر مشروع الطاقة المتجددة في موريتانيا- لما يقرب من 100 ألف مواطن، بما يعادل تلبية 15% من إجمالي الطلب.
ثالثًا: مشروعات طاقة الرياح
مشروع مزرعة بولنوار
تدخل مزرعة بولنوار لطاقة الرياح، التي تُعدّ أكبر مشروعات الرياح في موريتانيا، حيز التشغيل خلال الربع الرابع من عام 2022 الجاري، إذ تبلغ طاقتها 102.4 ميغاواط، متفوقة على منشأة الرياح بالعاصمة نواكشوط التي تبلغ طاقتها 30 ميغاواط.
وتبلغ استثمارات مزرعة بولنور -التي تضم 39 توربينًا- 150 مليون دولار، وتعود ملكيتها لشركة سوميليك للكهرباء الموريتانية الحكومية، وتمتد على مسافة 754 كيلو متر لساحل البلاد الأطلسي، حسب البيانات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وكانت مشروعات الطاقة المتجددة في موريتانيا تترقب إضافة مشروع مزرعة بولنوار لطاقة الرياح منذ عام 2019، غير أن إرجاءات دفعت نحو بدء البناء عام 2020، ويُنتظر تشغيله نهاية العام الجاري.
اقرأ أيضًا: هل تكون الطاقة المتجددة ثروة موريتانيا الجديدة؟
ضوء الشمس، احد مصادر الطاقة المتجددة الرئيسة، وهو في الأساس مصدر مجاني للطاقة متاح في أيّ مكان على الأرض، بدرجة متفاوتة.
وفي الوقت الحالي الذي بدأ تغيّر المناخ العالمي يفرض فيه على الجميع التقيّد بمستوى عالٍ من المسؤولية عبر التخلّي التدريجي عن مصادر الطاقة المسببة لانبعاثات الكربون، أصبحت التكنولوجيا الكهروضوئية فرصة للبلدان والمجتمعات لتطوير البنية التحتية للطاقة وتكثيف انتقال الطاقة منخفضة الكربون.
ويتساءل بعضهم عمّا إذا كانت إمكانات إنتاج الطاقة الشمسية وما يصاحبها كالهيدروجين الأخضر في بلد أو منطقة معينة جيدة بما يكفي للاستفادة منها، وإن كان كذلك فعلى أيّ نطاق يمكن أن يكون؟ غالبًا ما يطرح هذا السؤال صانعو السياسات والمستثمرون على حدّ سواء.
تحوّل الطاقة
لقد بدأت الدول بالتخطيط للمرحلة القادمة فى هذه الحلقة المفصلية من تاريخ البشرية، أي التحول في مجال الطاقة.
وتتمتع موريتانيا بموارد كبيرة من الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية، مما يوفر جوًا جذابًا لمجموعة متنوعة من المبادرات والمشروعات في هذا القطاع، وليس سرًا أن موريتانيا من بين الدول الأكثر تعرضًا سنويًا لأشعة الشمس.
الشمس والرياح قد تكون ثروة موريتانيا التي تعتمد عليها من أجل مستقبل زاهر، إذ تخطو موريتانيا خطوات مهمة -ودون زخم إعلامي- لأن تكون فى مصافّ الدول الرائدة في العالم لإنتاج الطاقة الخضراء، عبر تشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة والخضراء، وفتح أبوابها أمام المستثمرين الدوليين والإسراع بعملية تطوير المشروعات في مجال الطاقة المتجددة، وجاء هذا التوجّه بوضوح على لسان وزير الطاقة الموريتاني الذي صرّح مؤخرًا أن “مشروعات الطاقة النظيفة ستجلب مزيجًا من الفوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية للبلد، وأن موريتانيا لديها الإمكانات والرغبة أن تكون رائدة عالميًا في مجال إنتاج الهيدروجين من مصادر الطاقة المتجددة”.
مشروعات موريتانيا الخضراء
في هذا المضمار وقّعت الحكومة الموريتانية في شهر مايو/أيار من هذه السنة مع شركة سي دبليو بي غلوبال CWP Global اتفاقية لبناء مجمّع لإنتاج 30 غيغاواط بواسطة طاقة الرياح والطاقة الشمسية في الجزء الشمالي من موريتانيا، والذي من المتوقع أن يكون أكبر مشروعات الطاقة المتجددة في العالم، وتبلغ تكلفة المشروع المسمّى “أمان” 40 مليار دولار أميركي، على أن تخصص له مساحة 8500 كيلومتر مربع في الصحارى الموريتانية.
ولم تمضِ 4 أشهر على هذا الاتفاق، حتى وقّعت شركة شاريوت مذكرة تفاهم بشأن مشروع كبير للهيدروجين الأخضر مع الحكومة الموريتانية.
ويُتوقع أن تصل طاقة المشروع المسمى “نور” إلى 10 غيغاواط، والمتوقع أن تخصص مساحة برية وبحرية تغطّي 14 ألفًا و400 كيلومتر مربع، كما سيكلّف المشروع نحو 3.5 مليار دولار.
مقوّمات موريتانيا
لكن، ماذا يجعل موريتانيا بلدًا جذابًا لمشروعات الطاقة الخضراء؟
إن موريتانيا يمكنها أن تنتج أرخص هيدروجين أخضر في أفريقيا، لقد صرّح بذلك العديد من خبراء المجال، وآخرهم رئيس شركة شاريوت التي تدير مشروع نور بموريتانيا.
ومن أهمّ الأسباب، نذكر الطاقة الإنتاجية المحتملة للطاقة الشمسية والتي تُقدَّر بـ 2000 إلى 2300 كيلوواط/ساعة لكل متر مربع، وهو ضعف المتوسط على الأرض.
كما إن موريتانيا لديها سرعة رياح تبلغ 9 أمتار في الثانية، خاصة في المناطق الساحلية.
ومن بين الميزات المهمة كذلك للبلد قربه من الأسواق الأوروبية المحتملة، والتي أعربت عن اهتمامها بالهيدروجين الأخضر، ومن بين ذلك ألمانيا التي تؤدي دورَا رائدًا في وضع آمال أوروبا على الهيدروجين الأخضر المنتج في أفريقيا.
فهل تغتنم موريتانيا هذه الفرصة، وتنجح فى امتحان التحول الطاقي، أو ستكون المنافسة على أشدّها؟
اقرأ أيضاً: الطاقة المتجددة في أفريقيا.. أكثر 5 دول استفادة
تُسهم الطاقة المتجددة في أفريقيا بإمكانات هائلة، غير أنها لم تُستَغل بالقدر الأمثل بعد؛ إذ ما زالت تواجه تحديات كبرى؛ أبرزها التمويل وانخفاض الاستثمارات الأجنبية.
ويتميز الاعتماد على الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء بأنها طاقة نظيفة تعمل على خفض الانبعاثات الكربونية وغازات الاحتباس الحراري؛ ما يدفع إلى تحول الدول الأفريقية إلى دول “خضراء”.
إنتاج الطاقة المتجددة في أفريقيا
طبقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا”؛ فإن توقعات القدرة الإنتاجية لها في القارة السمراء يمكن أن تصل إلى 310 غيغاواط بحلول عام 2030.
وتتنوع مصادر الطاقة المتجددة في أفريقيا بين الطاقة الشمسية، والطاقة المائية، وطاقة الرياح.
واحتلت 5 دول أفريقية الصدارة في إمكانات الطاقة المتجددة، هي: موزمبيق، إثيوبيا، زامبيا، كينيا، غانا.
تتمتع الدول الـ5 بإمكانات ضخمة ومتنوعة في مزيج الكهرباء المُنتج عبر مصادر متجددة ونظيفة، احتلت الطاقة الكهرومائية مكانة مميزة في 4 دول منها، فيما تفوقت الطاقة الحرارية في غانا.
تأتي الريادة الأفريقية في إمكانات الطاقة المتجددة في ظل معاناة أفريقية مع الظلام وانقطاعات متكررة للكهرباء طالت 600 مليون أفريقي.
وتبرز ميزة المصادر المتجددة، في إمكان تعزيز الشبكات الصغيرة عبر ربطها بالمناطق النائية والمعزولة لتوفير إمدادات الكهرباء.
المصدر: مواقع إلكترونية