تقاريرصحافةعلوم وتكنولوجيا

من أين جاءت مياه الأرض؟ دراسة حديثة ترجح أنها جاءت من الشمس

توصلت ورقة بحثية -نشرتها دورية “نيتشر أسترونومي” (Nature Astronomy) في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي- إلى أن أقدم مياه الأرض ربما تكون قد أتت من الشمس، بواسطة الرياح الشمسية والصخور الفضائية.

وتأتي نتائج هذه الدراسة -التي قام بها فريق علمي دولي بقيادة جامعة غلاسكو البريطانية- بعد تحليل عينات من نيازك مأخوذة من كويكب إيتوكاوا، التي تم جمعها بواسطة المسبار الفضائي الياباني “هايابوسا”.

تأثير الرياح الشمسية

حسب التقرير الذي نشرة موقع “لايف ساينس” (Live Science)، فقد توصلت الدراسة إلى أن المياه ربما تكون أمطرت على الأرض في وقت مبكر على شكل حبيبات غبار ناتجة عن تفاعل الرياح الشمسية وتيار الجسيمات المشحونة المنبثقة من الشمس، مع أجسام مختلفة في النظام الشمسي.

ويقول الدكتور لوك دالي، عالم الكواكب بجامعة غلاسكو، والمؤلف الرئيسي للورقة البحثية -في البيان الصحفي الصادر عن الجامعة- “الرياح الشمسية عبارة عن تيارات تتكون في الأغلب من أيونات الهيدروجين والهيليوم التي تتدفق باستمرار من الشمس إلى الفضاء، وعندما تصطدم أيونات الهيدروجين بسطح خال من الهواء مثل كويكب أو جسيم غبار محمول في الفضاء، فإنها تخترق بضع عشرات من النانومترات تحت السطح، حيث يمكن أن تؤثر على التركيب الكيميائي للصخور”.

وأضاف دالي أنه بمرور الوقت يمكن أن يؤدي تأثير أيونات الهيدروجين للتجوية في الفضاء إلى إخراج ما يكفي من ذرات الأكسجين من المواد الموجودة في الصخر لتكوين الماء، الذي يظل محبوسا داخل الكويكب.

ويشير بيان الجامعة إلى أنه قد تكون هذه الآلية هي الحلقة المفقودة التي تشرح الوفرة والتركيب الكيميائي للمياه على الأرض، التي حيّرت العلماء فترة طويلة، في حين أن 70% من سطح الأرض مغطى بالمياه، وهو ما يعد أكثر بكثير من أي كوكب آخر في النظام الشمسي.

لكن -كما يقول بيان الجامعة- لا يمكن لأي من النظريات الموجودة شرح كل ذلك بشكل كامل، وفقا لوجهة النظر السائدة التي تشير إلى أن الكويكبات الغنية بالكربون- التي ضربت الأرض مبكرا ومنذ نحو 4.6 مليارات سنة- هي التي أوصلت هذه المياه إلى الكوكب.

كما أن التحليل الكيميائي المفصل للنيازك -المعروفة باسم الكوندريت الكربوني، وهي قطع من هذه الكويكبات الغني بالكربون- كشف عن أن الماء المحبوس داخلها لا يتطابق تماما مع البصمة الكيميائية لمياه الأرض.

بحثًا عن مصدر إضافي لمياه الأرض

حسب تقرير “لايف ساينس”، فإن هذا التناقض في ما يسميه العلماء التركيب النظائري دفع الباحثين إلى الاعتقاد بأنه يجب أن يكون هناك على الأقل مصدر إضافي واحد للسائل الواهب للحياة على كوكبنا؛ فالنظائر أشكال من العناصر الكيميائية التي تختلف فقط في عدد النيوترونات غير المشحونة التي تحتوي عليها.

وإضافة إلى ذلك، فإن النيازك -المعروفة بالكوندريتات الكربونية- تميل إلى الحصول على ماء يحتوي على المزيد من الديوتيريوم، وهو شكل من أشكال الهيدروجين مع نيوترون واحد، بينما يكون هيدروجين الأرض في الأغلب شكلا أخف وزنا يسمى البروتيوم الذي لا يحتوي على نيوترونات.

ويقول تقرير “لايف ساينس” إنه وفي سياق البحث عن معرفة مصدر إضافي لمياه الأرض، قام فريق الباحثين بتحليل تكوين نوع صخري من الكويكب الغني بأكسيد السيليكون باستخدام تقنية جديدة تسمى التصوير المقطعي لمسبار الذرة. وباستخدام هذه التقنية قاس الباحثون التركيب الذري لهذه الحبوب، بمعدل ذرة واحدة في كل مرة لاكتشاف جزيئات الماء الفردية.

وجاءت العينات التي تم تحليلها في هذه الدراسة من الكويكب إيتوكاوا الذي اشتهر بزيارته من قبل المسبار الياباني هايابوسا، والذي أرسل قطعا صغيرة من هذه الصخرة الفضائية إلى الأرض عام 2010.

وحول نتائج التحليل الذي توصل إليه فريق العلماء، يقول البروفيسور فيل بلاند، مدير مركز علوم وتكنولوجيا الفضاء في جامعة كيرتن في أستراليا المشارك في الدراسة -في تصريح تضمنه البيان الصحفي- “لقد سمح لنا التحليل برؤية أن هذه القطعة من الحافة التي تعرضت للعوامل الجوية في الفضاء تحتوي على كمية كافية من الماء، إذا قمنا بتوسيعها، فستصل إلى نحو 20 لترا لكل متر مكعب من الصخور”.

 

وأضاف بلاند أن الجسيمات الناتجة عن تفاعل غبار إيتوكاوا والرياح الشمسية تحتوي على شكل أخف من الهيدروجين أكثر من الكويكبات الغنية بالكربون.

وقال بلاند “يشير ذلك بقوة إلى أن الغبار الناعم (الحبيبات) الذي تضربه الرياح الشمسية وينتقل إلى الأرض المتكونة منذ مليارات السنين يمكن أن يكون مصدر الخزان المفقود لمياه الكوكب”.

الماء في الأجسام الفضائية الأخرى

من ناحية أخرى، ووفقا للبيان الصحفي، فقد قال الباحثون إن النتائج تشير أيضا إلى أن الماء قد يكون محبوسا في الصخور السطحية للعديد من الأجسام الفضائية، بما في ذلك القمر والكويكبات. ومن ثم فقد تكون هذه أخبار جيدة للاستكشاف البشري مستقبلا في الفضاء السحيق، حيث قد يكون العثور على الإمدادات الضرورية أسهل مما يخشى العلماء.

وتقول هوب إيشي، عالِمة الجيوفيزياء بجامعة “هاواي” في مانوا المشاركة في الدراسة؛ “تتمثل إحدى مشكلات استكشاف الإنسان للفضاء في المستقبل في كيفية إيجاد رواد الفضاء ما يكفي من الماء لإبقائهم على قيد الحياة وإنجاز مهامهم من دون حملها معهم في رحلاتهم”.

وأضافت إيشي “نعتقد أن من المعقول افتراض أن نفس عملية التجوية الفضائية التي خلقت الماء في إيتوكاوا ستحدث بدرجة أو بأخرى في العديد من العوالم الخالية من الهواء، وهذا قد يعني أن مستكشفي الفضاء قد يكونون قادرين على معالجة إمدادات المياه العذبة مباشرة من الغبار الموجود على سطح الكوكب لتلبية احتياجاتهم من المياه أثناء رحلاتهم الاستكشافية”.

المصدر : الجزيرة (لايف ساينس + مواقع إلكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى