ابتكار جديد حير العلماء.. ألواح طاقة شمسية تولد الكهرباء في الظلام
بينما تعمل التقنيات التقليدية المستخدمة في ألواح الطاقة الشمسية، من خلال امتصاص أشعة الشمس فقط لتوليد الكهرباء، يواصل العلماء العمل لإيجاد تكنولوجيات حديثة، يمكن من خلالها توليد الكهرباء ليلًا.
وفي تكنولوجيا حديثة، يختبرها علماء في جامعتين، هما ستانفورد الأميركية ونيو ساوث ويلز الأسترالية، أظهرت التقنيات الجديدة إمكان توليد الكهرباء في الليل، من خلال تخزين الكهرباء أو الحصول على الموجات تحت الحمراء، وفق ما نقل موقع “سيا سات دايلي” العلمي.
وطوّر الباحثون بجامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا الأميركية نوعًا جديدًا من ألواح الطاقة الشمسية، تجمع وتحوّل أشعة الشمس إلى كهرباء في النهار، ولكنها قادرة على تحويل الطاقة المنبعثة من التبريد الإشعاعي إلى كهرباء بعد الغروب.
قال تقرير لموقع “مونت كارلو”، إن هذه التكنولوجيا يمكنها إطالة عمر ألواح الطاقة الشمسية بشكل كبير.
وبحسب التقرير، فإن هذه التكنولوجيا ستجعل من الألواح الشمسية مصدرًا دائمًا للطاقة لأكثر من 750 مليون شخص حول العالم يعيشون في الظلام، دون أيّ مصدر للكهرباء.
ورغم أن هذه التكنولوجيا ما زالت في بدايتها، وتحتاج لأعمال تطوير قبل استغلالها تجاريًا، فإنها قابلة للانتشار بشكل كبير.
استخدام الإشعاع الحراري
أمّا عن تقنيات جامعة نيو ساوث ويلز، فقد طوّر الباحثون جهازًا يشبه نظارات الرؤية الليلية، يمكن من خلاله توليد الكهرباء من الإشعاع الحراري بوساطة ألواح الطاقة الشمسية.
ووفقًا لمجلة “إيه سي إس” العلمية، التابعة لمركز التميز “إكسيتون ساينس”، التي نشرت نتائج الأبحاث الأميركية، فقد يتمكن العالم قريبًا من استخدام الطاقة الشمسية هائلة القوة، حتى في الظلام، قريبًا، لا سيما مع التقدم الكبير في تطوير تقنيات الالتقاط الحراري.
ويسخّن الإشعاع الشمسي القشرة الأرضية بشكل كبير خلال ساعات النهار، لكن هذه الطاقة تُفقَد في برودة الفضاء عندما تغرب الشمس، لذا عمل الباحثون على اختبار الجهاز القادر على تحويل الأشعة تحت الحمراء إلى طاقة كهربائية.
واستخدم الفريق، بما في ذلك أعضاء مركز التميز، جهازًا لتوليد الكهرباء يسمى “الصمام الثنائي الإشعاعي الحراري”، إذ يستخدم تقنية مشابهة تمامًا لتلك الموجودة في تقنيات الرؤية الليلية.
محاكاة تقنيات قديمة
قال الباحث المساعد في مركز التميز إكسيتون ساينس، نيكولاس إيكينز دوكس، إن العالم اكتشف، في أواخر القرن 18 ومطلع القرن 19، أن كفاءة المحركات البخارية تعتمد على اختلاف درجة الحرارة عبر المحرك، ومجال الديناميكا، الآن تنطبق المبادئ نفسها على الطاقة الشمسية.
سعة الطاقة الشمسية
وأضاف: “توفر الشمس المصدر الساخن، وتوفر ألواح الطاقة الشمسية الباردة نسبيًا على سطح الأرض امتصاصًا باردًا، وهذا يسمح بإنتاج الكهرباء.. ومع ذلك، عندما نفكر في انبعاث الأشعة تحت الحمراء من الأرض للفضاء الخارجي، فإن الأرض هي الجسم الدافئ نسبيًا، مع الفراغ الشاسع للفضاء شديد البرودة”.
وتابع: “عادةً ما نفكر في انبعاث الضوء على أنه شيء يستهلك الطاقة، ولكن بالنسبة للأشعة تحت الحمراء، التي تجعلنا نتوهج جميعًا بطاقة مشعّة، اتضح أنه من الممكن استخراج الطاقة الكهربائية”.
ولفت إلى أنه لا توجد حتى الآن المادة “المعجزة” التي ستجعل الصمام الثنائي الإشعاعي الحراري حقيقة مستخدمة في واقعنا اليومي، لكن حتى الآن، قُدِّم الدليل على إمكان تطبيق هذا المبدأ، مضيفًا: “نحن حريصون على معرفة مدى قدرتنا على تحسين هذه النتيجة في السنوات القادمة”.
اقرأ أيضاً: الجزائر تسعى للتحول إلى قطب للطاقة النظيفة من خلال الهيدروجين
تماشيا مع التطورات العالمية في مجال التحول الطاقي، ترفع الجزائر رهان الاستثمار في إنتاج الطاقات المتجددة، على غرار “الهيدروجين” الذي تمتلك فيه إمكانيات هائلة بحسب دراسات وتقارير خبراء في الطاقة.
وترغب الجزائر، المصنفة أكبر بلد مساحة في إفريقيا، في أن تصبح عبر “صناعة الهيدروجين” فاعلا طاقيا إقليميا في ظل الاهتمام الدولي بـ”الطاقة النظيفة”، التي توصف بـ”طاقة المستقبل”، نظرا للتعويل عليها كوقود مستقبلي خال من الانبعثات للوصول إلى الحياد الكربوني والحدّ من التغيرات المناخية.
ومن أجل تجسيد السيادة الطاقية وحفاظا على الطاقات الأحفورية للأجيال القادمة، فتحت الجزائر “ورشة الهيدروجين” عبر صياغة استراتيجية جديدة لتطوير “الهيدروجين” من خلال لجنة وزارية تضم قطاعات الطاقة والبحث العلمي والتعليم العالي.
استراتيجية لـ”تطوير الهيدروجين”
كلفت الحكومة الجزائرية وزارة الطاقة والمناجم من أجل صياغة “استراتيجية وطنية لتطوير الهيدروجين” عبر لجنة وزارية مشتركة متكونة من قطاعات الطاقة، الانتقال الطاقي، التعليم العالي والبحث العلمي، الشركات الناشئة والمالية، إضافة إلى محافظة الطاقات المتجددة والفعالية الطاقية.
وأوضح وزير الطاقة والمناجم الجزائري، محمد عرقاب، أن “المعلومات الأولية تظهر أن الجزائر تملك إمكانيات كبيرة، تسمح لها بأن يصبح لها دورا إقليميا بارزا في هذا المجال، من خلال توفرها على موارد هائلة من الطاقة الشمسية وشبكات واسعة ومندمجة لنقل الكهرباء والغاز واحتياطيات كبيرة من المياه، وكذا قدرات كبيرة في مجالات البحث والتطوير”.
وتابع الوزير، خلال الطبعة الـ26 ليوم الطاقة المنعقدة السبت، بالقول إن الجزائر تمتلك مقومات “كبيرة ومزايا تنافسية” تؤهلها للدخول في صناعة الهيدروجين، مشيرا على وجه الخصوص إلى توافر مصادر الغاز الطبيعي لدعم إنتاج الهيدروجين الأزرق.
وبحسب الوزير عرقاب، فإن “الجزائر تتمتع بموقع استراتيجي وموانئ ومنشآت قاعدية لنقل الغاز، كفيلة بتلبية الطلب المحلي والإقليمي والعالمي على الهيدروجين، إضافة إلى خبرتها الطويلة في التكنولوجيات المستخدمة في هذا المجال، وكذلك توافر الخبرات الفنية والقدرات التصميمية في قطاع الطاقة للمساهمة في التصنيع المحلي لمعدات إنتاج الهيدروجين”.
خبراء يشرحون المسعى
ويرى خبراء في الطاقة أنه بإمكان الجزائر التحول إلى “دولة منتجة موثوق فيها للهيدروجين”، خصوصا أن لهذه “الطاقة النظيفة” آفاقا كبيرة في الجزائر، إضافة إلى امتلاكها إمكانيات التصدير نحو أوروبا.
وفي هذا الصدد، أبرز خبير الطاقة، أحمد طرطار، أن الجزائر تتوفر على عدة مميزات وإمكانات تسمح لها بالتحول نحو خلق “الطاقة الخضراء”، وبالتالي لعب دور إقليمي في هذا الانتقال الطاقي.
وفي حديث مع “موقع سكاي نيوز عربية”، أوضح الخبير طرطار قائلا إن “الجزائر باستغلال إمكانياتها الطبيعية من رياح وطاقة شمسية وثروة مائية وقدراتها في البحث والتطوير إضافة إلى شراكاتها مع دول أوروبية، تستطيع النجاح في هذه الصناعة الطاقية المهمة”.
وشرح الخبير الطاقي الفرق الجوهري بين الطاقة الأحفورية وتلك المتأتية من الطاقات المتجددة كالهيدروجين، مشيرا إلى ضرورة تطويع التكنولوجيا لصالح الطاقات المتجددة التي يأتي إنتاجها بأقل تكاليف وعن طريق عملية كيميائية بأدنى انعكاسات غازية للمحافظة على البيئة.
من جانبه، يعتقد الخبير الاقتصادي، أحمد سواهلية أن “خلق ثروة طاقية بديلة، نظيفة ومحافظة على البيئة هو في حقيقة الأمر تثمين لقدرات الجزائر الطبيعية الكبيرة، علاوة على أنها إضافة حقيقية للاقتصاد الوطني في ظل التحولات الطاقية في العالم”.
وأبرز سواهلية، في اتصال مع “موقع ساي نيوز عربية”، أن “الجزائر بإمكانها التحول إلى قطب إقليمي في إنتاج الهيدروجين وغيرها من الطاقات المتجددة نظرا لتوفرها على مصادر الطاقة البديلة كالرياح والطاقة الشمسية للدفع بهذا الرهان المهم اقتصاديا”.
وتعزيزا لهذه الفكرة، أكد مدير قسم الهيدروجين في مركز تطوير الطاقات المتجددة، عبد الحميد مراوي، في تصريح إعلامي، أن “الجزائر بإمكانها أن تصبح دولة منتجة موثوق فيها لطاقة المستقبل، الهيدروجين”.
وتابع مراوي: “لا يمكن للدول الأوروبية أن تنتج كلّ ما تستهلكه من هيدروجين بل يجب عليها اللجوء إلى استيراد جزء منه لبلوغ هدف صفر كربون. وستختار هذه الدول بعض الموردين لاستيراد الهيدروجين. لذا، فإن الجزائر بإمكانها أن تكون منتجا موثوقا فيه”.
وتُبدي الجزائر في السنوات الأخيرة، اهتماما متزايدا بمجال الطاقات المتجددة، ولتجسيد هذا المسعى تم إنشاء وزارة جديدة باسم وزارة الانتقال الطاقي والطاقات المتجددة، ليتم تنصيب المجلس الأعلى للطاقة الشهر المنصرم، الذي من بين مهامه استحداث الطاقات الجديدة والمتجددة وتطويرها.
المصدر: مواقع إلكترونية