عرفت باسم شاعرة الرثاء واشتهرت بقوة شخصيتها.. ما لا تعرفه عن الصحابية الجليلة التي أطلق عليها لقب “الخنساء”
هي تماضر بنت عمرو بن الحارث السلمية ولقبها الخنساء، وسبب تلقيبها بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه
عرفت الخنساء بحرية الرأي وقوة الشخصية، ونستدل على ذلك من خلال نشأتها في بيت عـز وجاه مع والدها وأخويها معاوية وصخر
والقصائد التي كانت تتفاخر بها بكرمهما وجودهما، وأيضا أثبتت قوة شخصيتها برفضها الزواج من دريد بن الصمة أحد فرسان بني جشم؛ لأنها آثرت الزواج من أحد بني قومها، فتزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي
لم يدم زواج الخنساء من السلمي طويلاً، لأنه كان يقامر ولا يكترث بماله، لكنها أنجبت منه ولدًا، ثم تزوجت بعده من ابن عمها مرداس بن أبي عامر السلمي، وأنجبت منه أربعة أولاد
وأكثر ما اشتهرت به الخنساء في الجاهلية هو شعرها وخاصة رثاؤها لأخويها صخر ومعاوية والذين ما فتأت تبكيهما حتى خلافة عمر
ومما يذكر في ذلك ما كان بين الخنساء وهند بنت عتبة قبل إسلامه، نذكره لنعرف إلى أي درجة اشتهرت الخنساء بين العرب في الجاهلية بسبب رثائها أخويها
عندما كانت واقعة بدر قت..ل عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، فكانت هند بنت عتبة ترثيهم، وتقول بأنها أعظم العرب مصيبة
وأمرت بأن تقارن مصيبتها بمصيبة الخنساء في سوق عكاظ، وعندما أتى ذلك اليوم، سألتها الخنساء، من أنت يا أختاه، فأجابتها، أنا هند بنت عتبة أعظم العرب مصيبة، وقد بلغني أنك تعاظمين العرب بمصيبتك فبم تعاظمينهم أنت؟
قالت، بأبي عمرو الشريد، وأخي صخر ومعاوية. فبم أنت تعاظمينهم؟ قالت الخنساء، أوهم سواء عندك، ثم أنشدت هند بنت عتبة تقول، أبكي عميد الأبطحين كليهما، ومانعها من كل باغ يريدهـا، أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي
إسلام الخنساء
قال ابن عبد البر في الاستيعاب، قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومها من بني سليم فأسلمت معهم
وتعد الخنساء من المخضرمين؛ لأنها عاشت في عصرين: عصر الجاهلية وعصر الإسلام، وبعد ظهور الإسلام أسلمت وحسن إسلامها
قوة الشخصية
عرفت بحرية الرأي وقوة الشخصية ونستدل على ذلك من خلال نشأتها في بيت عـز وجاه مع والدها وأخويها معاوية وصخر، والقصائد التي كانت تتفاخر بها بكرمهما وجودهما
وأيضا أثبتت قوة شخصيتها برفضها الزواج من دريد بن الصمة أحد فرسان بني جشم؛ لأنها آثرت الزواج من أحد بني قومها
الخنساء شاعرة
يغلب عند علماء الشعر على أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها
كان بشار يقول، إنه لم تكن امرأة تقول الشعر إلا يظهر فيه ضعف، فقيل له، وهل الخنساء كذلك، فقال: تلك التي غلبت الرجال
البلاغة
في يوم من الأيام طلب من الخنساء أن تصف أخويها معاوية وصخر، فقالت: إن صخرًا كان الزمان الأغبر، وذعاف الخميس الأحمر
وكان معاوية القائل الفاعل. فقيل لها: أي منهما كان أسنى وأفخر، فأجابتهم، بأن صخر حر الشتاء، ومعاوية برد الهواء. قيل: أيهما أوجع وأفجع، فقالت، أما صخر فجمر الكبد، وأما معاوية فسقام الجسد
الشجاعة والتضحية
ويتضح ذلك في موقفها يوم القادسية واست..شهاد أولادها. فقالت، الحمد لله الذي شرفني باست..شهادهم
ولها موقف مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان يستنشدها فيعجبه شعره، وكانت تنشده وهو يقول، هيه يا خناس، أو يومي بيده
تربية الخنساء
تلك المرأة العربية التي سميت بالخنساء، واسمها تماضر بنت عمرو، ونسبها ينتهي إلى مضر. مرت بحالتين متشابهتين لكن تصرفها تجاه كل حالة كان مختلفًا مع سابقتها أشد الاختلاف، متنافرًا أكبر التنافر، أولاهما في الجاهلية، وثانيهما في الإسلام
أما الحالة الأولى فقد كانت في الجاهلية يوم سمعت نبأ مق..تل أخيها صخر، فوقع الخبر على قلبها كالصاعقة في الهشيم، فلبت النار به، وتوقدت جمرات قلبها حزنًا عليه، ونطق لسانها بمرثيات له بلغت عشرات القصائد
ومما فعلته حزنًا على أخويها ما روي عن عمر أنه شاهدها تطوف حول البيت وهي محلوقة الرأس، تلطم خديه، وقد علقت نعل صخر في خمارها
أما الحالة الثانية التي مرت بها هذه المرأة والتي هي بعيدة كل البعد عن الحالة الأولى، فيوم نادى المنادي أن هبي جيوش الإسلام للدفاع عن الدين والعقيدة ونشر الإسلام، فجمعت أولادها الأربعة وحثتهم على الق..تال
الغريب في الأمر يوم بلغها نبأ است..شهادهم، فما نطق لسانها برثائهم وهم فلذات أكباده، ولا لطمت الخدود ولا شقت الجيوب، وإنما قالت برباطة جأش وعزيمة وثقة، الحمد لله الذي شرفني باست..شهادهم، وإني أسأل الله أن يجمعني معهم في مستقر رحمته
ومن لا يعرف السبب الذي حول هذه المرأة من حال إلى حال يظل مستغربً، ويبقى في حيرة من أمره فهذه المرأة تسلل إلى قلبها أمر غــير حياته، وقلب أفكاره، ورأب صدع قلبه
إنها باختصار دخلت في الإسلام، نعم دخلت في الإسلام الذي أعطى مفاهيم جديدة لكل شيء، مفاهيم جديدة عن الم..وت والحياة والصبر والخلود
فانتقلت من حال اليأس والقنوط إلى حال التفاؤل والأمل، وانتقلت من حال القلق والاضطراب إلى حال الطمأنينة والاستقرار، وانتقلت من حالة الشرود والضياع إلى حالة الوضوح في الأهداف، وتوجيه الجهود إلى مرضاة رب العالمين
نعم هذا هو الإسلام الذي ينقل الإنسان من حال إلى حال، ويرقى به إلى مصاف الكمال، فيتخلى عن كل الرذائل، ويتحلى بكل الشمائل، ليقف ثابتًا في وجه الزمن، ويتخطى آلام المحن، وليحقق الخلافة الحقيقية التي أرادها الله للإنسان خليفة على وجه الأرض
مواقف الخنساء
لها موقف يدل على وفائها ونبلها مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فلم تزل الخنساء تبكي على أخويها صخرًا ومعاوية حتى أدركت الإسلام فأقبل بها بنو عمها إلى عمر بن الخطاب وهي عجوز كبيرة
فقالوا، يا أمير المؤمنين هذه الخنساء قد قرحت مآقيها من البكاء في الجاهلية والإسلام فلو نهيتها لرجونا أن تنتهي
فقال لها عمر، اتقي الله وأيقني بالموت فقالت: أنا أبكي أبي وخيري مضر: صخرًا ومعاوية، وإني لموقنة بالموت، فقال عمر، أتبكين عليهم وقد صاروا جمرة في النار؟ فقالت، ذاك أشد لبكائي عليهم؛ فكأن عمر رق لها فقال: خلوا عجوزكم لا أبا لكم، فكل امرئ يبكي شجوه ونام الخلي عن بكاء الشجي
كلمات الخنساء
كانت لها موعظة لأولادها قبيل مع..ركة القادسية قالت فيها، يا بني إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم
وإذا رأيتم الح..رب قد شمرت عن ساقها واضطرمت لظى على سياقها وجللت نارًا على أوراقه، فتيمموا وطيسه، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة