تقارير

الصراع يحتدم.. هذه هي المشاريع اليابانية العملاقة لمواجهة الدب الروسي

اتخذ مشروع حقل سخالين 2 للغاز الطبيعي المسال في روسيا منحى جديد بعدما تصاعدت حدة الخلاف بين الحكومة الروسية من جهة وشركتي ميتسوبيشي وميتسوي اليابانيتين من جهة أخرى.

وتدرس الحكومة اليابانية التدخل لدعم تمسك الشركتين بحصصهما في المشروع، لا سيما أنه يُشكل مصدر مهم لإمدادات الطاقة بالنسبة لطوكيو، وفق ما نشرته رويترز اليوم 16 يوليو/حزيران.

وجاء التصعيد الياباني عقب ما يقرب الأسبوعين من ضرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عرض الحائط بحصص الشراكة في مشروع سخالين 2، وتوقيعه مرسومًا يسمح بتشكيل شركة جديدة لإدارة المشروع عقب تخارج شركة شل ويمنح للكرملين حق تحديد مصير المساهمين الأجانب، بحسب ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

تدخل الحكومة اليابانية

تدرس الحكومة اليابانية تقديم الدعم لشركتي ميتسوبيشي وميتسوي للحفاظ على حصصهما بمشروع سخالين 2 للغاز المسال، وضمان استقلال المصدر الرئيس لتطوير إمدادات الطاقة في طوكيو بعيدًا عن السيطرة الروسية، وفق مصادر.

ومن المقرر أن تتولى وزارة التجارة والصناعة اليابانية متابعة الأمر مع الشركتين المالكتين لحصص بمشروع سخالين 2، ويتوافق ذلك مع ما صرح به رئيس الوزراء فوميو كيشيدا قبل يومين حول العمل مع القطاع الخاص لضمان تأمين إمدادات الغاز المسال بصورة مستقرة.


وفي المقابل، أعلنت شركتا ميتسوبيشي وميتسوي اليوم السبت مناقشة تفاصيل مشروع سخالين 2 مع الحكومة اليابانية وشركائها، دون الإفصاح -حتى الآن- عن نيتهما في الاستمرار بالمشروع أو الانسحاب.

تستورد اليابان 10% من إمدادات الغاز المسال من روسيا بموجب عقد طويل الأجل من مشروع سخالين 2.

وبتصاعد الخلاف حول المساهمين بالمشروع ورغبة موسكو الانفراد به ردًا على تخارج شركة شل منه قبل أشهر رفضًا لحرب أوكرانيا، يواجه أمن الطاقة في طوكيو خطرًا في ظل اضطراب الإمدادات العالمية وشحها بالتزامن مع ارتفاع أسعارها إلى مستويات قياسية.

ويرجح أن يشكل تدخل الحكومة اليابانية ودعمها موقف شركتي ميتسوبيشي وميتسوي في مشروع سخالين 2 رسالة حول استثمارات الشركات التي لا زالت قائمة في روسيا.

تملك شركة ميتسوبيشي اليابانية حصة قدرها 10% بمشروع حقل سخالين 2 الواقع في شرق روسيا، بينما تقدر حصة شركة ميتسوي بنسبة قدرها 12.5%، وتستحوذ شركة غازبروم الروسية الحكومية على حصة (50%+1) ما يمنحها حق الإدارة.

تطورات مشروع سخالين 2

بدأ الجدل حول مشروع حقل سخالين 2 الواقع شرق روسيا بعدما أعلنت شركة شل تخارجها من المشروع، نهاية فبراير شباط الماضي، استجابة للعقوبات الغربية المفروضة على موسكو إثر غزوها أوكرانيا في 24 من الشهر ذاته.

وجاء قرار شركة شل -التي تملك حصة قدرها 27.5% في مشروع حقل سخالين 2- بالتخارج من كافة استثماراتها الروسية ليفتح باب الجدل حول تعويض استثماراتها بالمشروع.


وفاقم قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من الأمر بعدما وقع مطلع الشهر الجاري مرسومًا بتشكيل شركة روسية جديدة ونقل حقوق مشروع سخالين 2 لها مع منح الكرملين حق تقرير مصير الشركاء الأجانب بالمشروع.

واللافت للنظر أن الشركتين اليابانيتين لم تبديا رغبتهما في الانسحاب من المشروع عقب تخارج شل، وأعلنت الحكومة اليابانية حينها تمسكها بمصالحها في المشروع لاعتبارات أمن الطاقة وتوافر الإمدادت.

وأثر قرار بوتين حينها في أسهم شركتي ميتسوبيشي وميتسوي اليابانيتين، إذ انخفضت أسهمها بنسبة 6% فور إعلان القرار مطلع الشهر الجاري.

ويُشير مرسوم بوتين حول مشروع سخالين 2 إلى احتفاظ شركة غازبروم الروسية بحصتها، بينما يتعين على الشركاء الأجانب ترقب قرار الحكومة الروسية بالموافقة أو رفض طلب الحصول على حصة بالشركة الجديدة المشكلة بقرار رئاسي.

اقرأ أيضًا: قرار بوتين بنقل ملكية “سخالين 2” للغاز يهبط بأسهم ميتسوي وميتسوبيشي


في خُطوة تهدّد الاستثمارات اليابانية في حقل سخالين 2، وقد تفاقم من أزمات سوق الغاز الطبيعي العالمية التي تئن من الارتفاعات القياسية في الأسعار، وقّع الرئيس فلاديمير بوتين يوم الخميس 30 يونيو/حزيران، مرسومًا بنقل حقوق مشروع حقل الغاز الطبيعي المسال، إلى شركة روسية جديدة.

وقد تُجبر هذه الخُطوة شركة شل وشركتي ميتسوي وميتسوبيشي اليابانيتين على التخلي عن استثماراتها في الحقل الواقع في أقصى شرق روسيا.

وستتولى الشركة الجديدة جميع حقوق شركة سخالين إنرجي للاستثمار والتزاماتها، التي تمتلك فيها شركتا التجارة اليابانيتان وشل ما يقل قليلًا عن 50% من الأسهم، بحسب بيانات اطّلعت عليها منصّة الطاقة المتخصصة.

حقل سخالين 2 للغاز الطبيعي المسال

يشير المرسوم المكون من 5 صفحات، الذي يأتي وسط عقوبات غربية على موسكو، إلى أن الأمر متروك للكرملين ليقرر ما إذا كان المساهمون الأجانب سيبقون في التحالف، بحسب رويترز.

وأعلنت شل عزمها الانسحاب من المشروع منذ أشهر، وأجرت محادثات مع مشترين محتملين، لكن اليابان قالت في وقت سابق إنها لن تتخلى عن مصالحها في مشروع سخالين 2، الذي يؤدي دورًا مهمًا في أمن الطاقة لديها، حتى إذا طُلب منها المغادرة.

وقالت شركة شل في فبراير/شباط الماضي، إنها ستتخارج من جميع عملياتها في روسيا، بما في ذلك حصّتها البالغة 27.5% في حقل “سخالين 2” للغاز الطبيعي المسال، وسط نزوح جماعي للشركات الغربية من البلاد.


وانخفضت أسهم ميتسوي وميتسوبيشي بنسبة 6%، في تعاملات اليوم الجمعة، وكان أداؤهما أقل من مؤشر “نيكي” الأوسع نطاقًا، الذي تراجع بنسبة 1.9%.

وقال متحدث باسم ميتسوبيشي، إن الشركة تناقش مع شركائها في سخالين إنرجي، والحكومة اليابانية، كيفية الرد على مرسوم بوتين، في حين لم تعلّق ميتسوي على الأمر.

وتمتلك ميتسوي حصة 12.5% في المشروع، في حين تمتلك ميتسوبيشي 10%، وتستحوذ شل على 27.5% من الأسهم، في حين تمتلك عملاقة الغاز الروسية “غازبروم” 51% من أسهم حقل سخالين 2.

ويقع مشروع سخالين 2 قبالة الساحل الشمالي الشرقي لروسيا، وينتح نحو 11.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًا تمثل نحو 4% من السوق العالمية، ويصَدَّر إنتاجه إلى الأسواق الرئيسة، بما في ذلك الصين واليابان وكوريا الجنوبية.

مصير الاستثمارات الأجنبية

ردًا على سؤال حول مرسوم بوتين، قال نائب رئيس مجلس الوزراء الياباني، سيجي كيهارا، إن الحكومة تدرس القرار وتحلّلَ نيات موسكو.

وأكد في مؤتمر صحفي: “بصفة عامة، يجب ألا تتضرر مصالح بلادنا في موارد الحقل”، رافضًا الكشف عما إذا كانت اليابان على اتصال بموسكو بشأن هذه المسألة.

ووفقًا للمرسوم، ستحتفظ غازبروم بحصتها في مشروع سخالين 2، لكن سيتعين على المساهمين الآخرين مطالبة الحكومة الروسية بحصة في الشركة الجديدة في غضون شهر واحد فقط، وستقرر الحكومة الروسية بعد ذلك ما إذا كانت ستسمح لهم بالاحتفاظ بحصة أم لا.


وقال الرئيس التنفيذي لشركة شل، بن فان بيردن، في تصريحات صحفية يوم الأربعاء الماضي 29 يونيو/حزيران، إن شركته تحرز تقدمًا جيدًا في خطتها للتخارج من المشروع المشترك مع سخالين إنرجي.

وأضاف: “لا يمكنني أن أخبرك أين نحن بالضبط، لأنها عملية تجارية، لذا يجب أن أحترم السرية؛ لكن يمكنني أن أخبرك عندما تلقيت تحديثًا الأسبوع الماضي، كنت سعيدًا حقًا بما وصلنا إليه”.

وقالت رويترز في مايو/أيار الماضي، إن شركة شل تجري محادثات مع تحالف مع شركات طاقة هندية، من بينها “أو إن جي سي فيديش”، و “غايل”، لبيع حصتها في سخالين 2، التي تقدر بقيمة 4.1 مليار دولار، وفقًا لبيانات وود ماكنزي التي رصدتها منصّة الطاقة المتخصصة.

تأثير القرار في السوق اليابانية

قال رئيس أبحاث الطاقة والموارد المتكاملة في كريدي سويس ساول كافونيك، إن إنتاج الغاز الطبيعي المسال من مشروعات مثل سخالين 2، من المحتمل أن يتضاءل بمرور الوقت، مع انسحاب الخبرات الأجنبية، وعدم توافر قطع الغيار.

وأضاف أن المرسوم الجديد سيسهم في زيادة أسعار الغاز الطبيعي المسال هذا العقد؛ وعلى جانب الطلب، فإن أي زيادة في مشاركة الحكومة الروسية، ستجعل عملية الشراء من هذه المشروعات أكثر صعوبة لكثير من العملاء.

وأشار إلى أن اليابان تسعى بصفة عاجلة إلى خيارات إمداد بديلة.

وقال محللو جيفريز اليابان في مذكرة: “نعتقد أن مرسوم بوتين، قد تكون له تداعيات ضخمة على مشتري الغاز والكهرباء في اليابان”.

ويمثّل مشروع سخالين 2، نحو 9% من واردات طوكيو من الغاز الطبيعي المسال، وتمتلك شركات الطاقة اليابانية عقود شراء لمدة 10 سنوات مع شركة سخالين إنرجي.

“حتى لو لم تَعد الشركات اليابانية مساهمة، فمن المحتمل أن تظل العقود طويلة الأجل سارية”، بحسب موقع نيكي آسيا.

واستحوذت روسيا على 9% من إجمالي واردات اليابان من الغاز الطبيعي المسال البالغة 74.32 مليون طن متري، بوصفها خامس أكبر مورد في عام 2021، و4% من إجمالي واردات النفط الخام البالغة 2.48 مليون برميل يوميًا، وفقًا لبيانات وزارة المالية.

المصدر: مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى