50 مشروعا للطاقات المتجددة في المغرب والهدف الوصول إلى “صفر كربون” بحلول 2050
كشف رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، في إطار مشاركته في أعمال مؤتمر “كوب-26″، أن المغرب يمتلك خمسين مشروعا للطاقات المتجددة، بطاقة تبلغ حوالي 4 آلاف ميغاوات قيد الخدمة، بينما يوجد أكثر من 60 مشروعا آخر قيد التطوير أو التنفيذ.
وأوضح أخنوش، في معرض حديثه، أن النموذج التنموي الجديد، الذي يطمح إليه المغرب، حدد خمسة رهانات مستقبلية ينبغي رفعها في مجالات استراتيجية، من بينها “البحث والابتكار” و”الطاقة”.
وأشار رئيس الحكومة المغربية، خلال القمة العالمية للقادة حول تسريع الابتكار واعتماد التقنيات النظيفة، إلى أن هناك مسارا بدأ منذ ما يفوق عقد من الزمن، من خلال استراتيجية طاقية طموحة، تستند أساسا على صعود الطاقات المتجددة، والنجاعة الطاقية والاندماج الإقليمي.
وأكد أخنوش، أن المملكة أصبحت تمتلك أحدث بنيات البحث والابتكار في مجال الطاقات النظيفة، سعيا إلى مصاحبة التحول في هذا المجال.
ودخل المغرب التحول الطاقي من بابه الواسعة، وأطلق استثمارات ضخمة بغرض القطع مع الطاقات الأحفورية الملوثة للبيئة، والتركيز أكثر على إنتاج طاقات بديلة صديقة للبيئة.
وفي هذا الإطار، أنشأت المملكة شبكة منصات للبحث والابتكار. ويتعلق الأمر تحديدا بـ “غرين إنيرجي بارك”، التي تعتبر منصة للبحث والابتكار في مجال التكنولوجيات، و”غرين آند سمارت بيلدينغ بارك”، المنصة المخصصة للنجاعة الطاقية والشبكات الذكية والتنقل الكهربائي. كما أن هناك منصات أخرى قيد التطوير، والتي تتعلق بالهيدروجين والكتلة الحيوية، فضلا عن تحلية المياه.
التكوين والتمويل
في هذا السياق، قال شعيب خويلي، الباحث في الطاقات المتجددة والأنظمة الطاقية، إن المغرب يراهن بشكل كبير على الطاقات النظيفة، وهناك تناسل للمشاريع التي تنشد القضاء على التلوث واعتماد مصادر جديدة للطاقة تحترم المناخ.
وتابع الخبير في تصريح لسكاي نيوز عربية، قائلا: “في جل جامعات المملكة، هناك مسالك تكوينية جديدة متخصصة في الطاقات النظيفة، وهذا يعني أن النخبة المغربية واعية بأهمية هذا التوجه في المستقبل، ولا يخفى أن المغرب يخوض هذا الرهان منذ سنوات عديدة”.
ولفت خويلي إلى أن جهودا كبيرة تبذل كذلك، من أجل تيسير تمويل هذه المشاريع “الخضراء”، من خلال تشجيع مساهمة القطاع الخاص المحلي والدولي، مؤكدا أن المغرب يسلك طريق تنمية تقوم على اعتماد التكنولوجيات النظيفة، والنهوض بالبحث والابتكار الأخضر، وسيواصل لا محالة بذل جهوده في هذا الاتجاه.
صفر كربون في 2050
ودخل المغرب في سباق مع الزمن لتحقيق الحياد الكربوني في ظل تزايد الرهانات العالمية على الصناعات الصديقة للبيئة.
وقد سرعت السلطات من وتيرة خطواتها لاستكشاف الفرص الواعدة باتجاه تطوير الصناعات المحليّة حتى تكون خالية من الانبعاثات الضارة، بما ينسجم مع التوجه العالمي بشأن البصمة الكربونية في سلاسل الإنتاج والإمدادات.
ويعني تحقيق الحياد الكربوني ألا تصدر دولة ما كمية من غازات الدفيئة المسؤولة عن ظاهرة الاحتباس الحراري أكبر مما يمكنها امتصاصه، على سبيل المثال، من خلال غرس الأشجار أو تقنيات احتجاز ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الغلاف الجوي.
وفي هذا السياق، قالت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، إن المغرب وضع خطة واضحة المعالم للانتقال من الطاقات الملوثة إلى صفر كربون في أفق سنة 2050.
وتابعت المسؤولة الحكومية المغربية، أن المغرب يشتغل وفقا لاتفاق باريس للمناخ بغرض تحديث صناعته وتكييفها مع المنحى الذي يسير فيه العالم. وهو ما سيجعل المملكة تتوجه نحو صناعات جديدة، كما أنها ستقلص فاتورتها الطاقية، لأن الطاقات غير النظيفة غالبا ما تكون مكلفة.
وأشارت الوزيرة إلى أن المغرب يشتغل أيضا في إطار للنموذج التنموي الذي أطلقه ملك المغرب محمد السادس، في أفق سنة 2035، لافتة إلى أن خطة المغرب ستركز على سبعة مجالات أساسية للاقتصاد المغربي؛ الكهرباء والنقل والفلاحة والصناعة والبناء والنفايات والغابات. والغرض من هذه الاستراتيجية هو اقحام طاقات نظيفة بهذه المجالات وجعلها تشتغل في توافق تام مع التصور الذي رسمته البلاد.
اعتراف أممي
وكشف تقرير حديث للأمم المتحدة أن المغرب يقع ضمن الدول التي “لديها طموح حقيقي للتّقدم في الحفاظ على البيئة”. وتوجد المملكة في تصنيف يضم دول كينيا وإثيوبيا ونيجيريا وكولومبيا وبيرو وتشيلي والنرويج.
ووفق ما جاء في تقرير الأمم المتحدة، الذي صدر بالتزامن مع انطلاق القمة العالمية لبحث قضايا المناخ، فإن “المغرب يقوم بمجهودات جبّارة للحفاظ على التوازن البيئي، ويسير في المسار الصحيح الذي رسمه المجتمع الدولي، القائم على مبدأ الحفاظ على البيئة وضمان التوازن الإيكولوجي، وهو بذلك يوجد في قائمة الدّول الطموحة إلى جانب كينيا وكوستاريكا”.
الخبير شعيب خويلي، الباحث في الطاقات المتجددة والأنظمة الطاقية، علق على هذا التصنيف الأممي قائلا: “المغرب أضحى مثالا يحتذى به في المنطقة من حيث الحفاظ على الطاقة والاستثمار في النظيفة منها”.
وأكد في تصريح لسكاي نيوز عربية، بأن “خير دليل على ذلك هو المشاريع العملاقة من قبيل محطة نور جنوبي المملكة، والكدية البيضاء في الشمال، وبالتالي فإن المغرب سيحقق الاكتفاء الذاتي، بل سيتجاوزه إلى تصدير الطاقات إلى دول مجاورة”، على حد قوله.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن بريطانيا والمغرب يستعدان، لمدّ أطول كابل كهربائي عبر البحر في العالم بطول 3800 كيلومتر وبكلفة قد تصل إلى 16 مليار جنيه إسترليني، أي ما يعادل 21 مليار دولار.
والغرض من المشروع هو تزويد بريطانيا بطاقة “صديقة للبيئة”، حيث من المتوقع أن يوصل هذا الكابل التيار الكهربائي المولّد بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المغرب إلى بريطانيا بما يكفي لسد حاجيات الملايين من سكان المملكة المتحدة.
إشراف ملكي
وقال رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، إن الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس إلى المشاركين في الدورة الـ26 من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “كوب-26” يؤكد على مسؤولية قادة العالم تجاه الإنسانية.
وقال ملك المغرب في هذا الخطاب الذي تلاه رئيس الحكومة في غلاسكو الأسكتلندية التي تحتضن أعمال “كوب 26” ما بين 1 و12 نوفمبر الجاري، إنه مع “تواتر تقارير خبراء المناخ، يتأكد للجميع أن التوقعات الأكثر قتامة أصبحت واقعا مريرا، يضع البشرية أمام خيارين: إما الاستسلام للتقاعس المدمر للذات، أو الانخراط بصدق وعزيمة في إجراءات عملية وسريعة، قادرة على إحداث تغيير حقيقي في المسار الحالي الذي أثبت عدم فعاليته”.
وأكد الملك محمد السادس أن الاستجابة العالمية لتهديد وباء كوفيد-19 كشفت عن مقومات كانت توصف بغير المتاحة لدعم مكافحة التغيرات المناخية.
وأوضح في هذا الصدد أن مجموعة من الدول، التي تقع على عاتقها المسؤولية التاريخية والأخلاقية بشأن تدهور الوضع البيئي الحالي، تمكنت من تخصيص موارد تمويلية هائلة، كما أظهرت أن تخفيف أنشطتها المضرة بالمناخ والبيئة ممكن، من دون أن يكون لذلك نتائج لا يمكن تحملها.
المصدر: سكاي نيوز عربية