قلادة منقوشة يدويا قبل 41500 عام قد تساعد في فهم ظهور السلوك الرمزي لدى الإنسان
كشفت دراسة نُشرت الخميس 02 ديسمبر 2021 أن قلادة اكتُشفَت في بولندا سنة 2010 ويبلغ عمرها 41500 عام، تُعتَبَر أقدم قلادة في التاريخ منقوشة باليد على شكل “نقاط”، وهي الوحيدة المؤرخة بدقة بفضل تقنية متطورة.
ويبلغ ارتفاع هذه القلادة المصنوعة من عاج قرن حيوان الماموث والتي دكن لونها بمرور الوقت، 4,5 سنتيمترات. وما زال يظهر الثقب الصغير الذي تمر من خلاله سلسلة لوضع القلادة حول الرقبة. كذلك تحيّر سلسلة من 50 “نقطة” منقوشة وهي شقوق صغيرة نفذت على شكل منحنيات متناغمة، علماء الأحافير.
واكتشفت هذه القطعة المكونة من جزءين في كهف ستانيا، وهو غطاء طبيعي يطل على واد في جنوب بولندا. واحتل المكان عناوين مجلات علم الأحافير عندما اكتشفت فيه أضراس تعود إلى إنسان نياندرتال يرجع تاريخها إلى أكثر من 40 ألف عام.
وكان ذلك العصر غنيا بإنتاج قطع مزخرفة اعتبرت مظاهر لسلوك رمزي، خصوصا في ظل وجود الإنسان العاقل الذي كان قد وصل حديثا إلى القارة الأوراسية من إفريقيا، لكن أيضا إنسان نياندرتال.
واكتشاف القلادة التي يعود تاريخها إلى العام 2010، يضعها بمنزلة حفنة من القطع “المنقطة” التي اكتشفت في فرنسا وسلسة جبال الألب السوابية في ألمانيا وروسيا وخارج الدائرة القطبية الشمالية.
وتعود تواريخ هذه القطع إلى ما بين 30 ألفا و40 ألف عام، خلال الحضارة الأورينياسية التي تعود إلى العصر الحجري، ما أشعل مناقشات لمعرفة ما إذا كان هذا الفن قد نشأ في مكان محدد، وإذا كان الأمر كذلك، أين هو ذلك المكان، وفق الدراسة التي نشرت في مجلة “ساينتيفك ريبورتس”.
– دورة قمرية؟
يقول البعض إن منطقة الألب السوابية، خصوصا مع احتوائها على تمثال صغير مجسم منقط، هي “المركز الذي ولدت فيه هذه التقنية ثم انتشرت في أوروبا” على ما قالت لوكالة فرانس برس البروفيسورة ساره تالامو مديرة مختبر التأريخ بالكربون في جامعة بولونيا الإيطالية والمؤلفة الرئيسية للدراسة.
لكن “لا نعرف شيئا عنها لأننا لا نعرف التواريخ الدقيقة لهذه القطع التي استحصل على تأريخها بشكل غير مباشر” عبر دراسة البيئة التي اكتشفت فيها، وبمعنى آخر “بدون استخدام تقنيات متقدمة”، كما أضافت.
من ناحية أخرى، وبالتعاون مع فريق من معهد ماكس بلانك للتطور الأنثروبولوجي، تمكنت العالمة من تحديد عمر القلادة التي اكتشفت في ستانيا بدقة، وذلك بفضل مطياف الكتلة المسرع. وتتطلب هذه التقنية المتقدمة مادة أقل بما يتراوح بين 200 إلى ألف مرة من مواد التأريخ بالكربون التقليدية. في هذه الحال، كان يكفي أخذ عينة من نصف غرام فقط من القلادة الثمينة لتحديد عمرها.
ومن ناحية الدقة، من الضروري “فهم كيف تمكنت هذه التقنية من الانتشار” في القارة خلال الحضارة الأورينياسية وفق الباحثة.
ولا سيما مع اعتبار الميزة التي تتشارك فيها قلادة ستانيا مع عظمة منقوشة أخرى يعود تاريخها إلى نحو 38 ألف عام، وهي لوحة بلانشار التي سميت تيمنا بموقع في دوردونيه الفرنسية على مسافة ألفي كيلومتر من موقع ستانيا: كلاهما يحمل سلسلة من النقاط منظمة في حلقة طويلة ومنحنى.
وهو رسم فسّر كأنه طريقة لعد الطرائد التي اصطيدت أو نظام للعد “يشبه منحنى تموضع القمر” وهو شكل يجسّد المواقع المتغيرة للكوكب كما نراه كل يوم من مكان واحد خلال الدورة القمرية ويسمى خط الميل.
وبالتالي، فإن التحدي، وفقا لمؤلفي الدراسة، يتمثل في مراجعة تأريخ الأجسام الأخرى المنقطة، وعلى صعيد أوسع “الفن المتحرك، لفهم ظهور السلوك الرمزي والإدراك الحديث في التطور البشري بشكل أفضل”.
المصدر: MCD