المكدوس في سوريا “شهوة” والحبة بـ ألف ليرة.. لماذا استغنى معظم السوريين عن هذه الأكلة المحببة؟.. لهذه الاسباب
المكدوس في سوريا “شهوة” والحبة بـ ألف ليرة.. لماذا استغنى معظم السوريين عن هذه الأكلة المحببة؟.. لهذه الاسباب
المكدوس، الأكلة الشعبية المشهورة في سوريا، والتي تعتبر من أهم الأكلات الشعبية التراثية، فهي أساس “مونة” البيوت السورية، لكن يبدو أنها في العام الحالي تحضَّر بشكل “خجول” على موائد البيوت السورية، نظرا لارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، إذ باتت مونة المكدوس من الكماليات أو مقتصرا على كونه حاجة لفئات معينة، أو شراء كيلو واحد فقط من البقاليات كنوع من الشهوة، حيث بلغت تكلفة المكدوسة الواحدة، قرابة الـ1000 ليرة سورية.
ضعف الإقبال عليه
العائلات السورية اعتادوا خلال هذه الفترة من كل عام على إعداد مونة المكدوس، وتختلف تكاليف صناعة المكدوس باختلاف المواد الداخلة، فوسطيا أقل تكلفة للمكدوسة الواحدة تبلغ 500 ليرة سورية، وهذا يعود إلى كمية الجوز والفليفلة الموضوعة فيها؛ أي من الممكن أن تكلّف المكدوسة الواحدة 1000 ليرة إذا كانت “مدبوكة بالحباشات”، كما يقول عضو لجنة مصدري الخضراوات والفواكه في سوق الهال محمد العقاد.
وتابع العقاد: “لا يوجد إقبال على تموين المكدوس هذا العام فالقوة الشرائية شبه معدومة، ففي مثل هذه الأيام كانت السيارات الخاصة تملأ سوق الهال لشراء الباذنجان والفليفلة بالجملة، أما اليوم فأغلب المواطنين باتوا يقومون بشراء كيلو واحد فقط من محلات السمانة القريبة من منازلهم كنوع من الشهوة”، وفق ما نقلته صحيفة “تشرين” المحلية، يوم أمس الثلاثاء.
ولفت العقاد، إلى أن سعر الباذنجان يتراوح بين 500 و 600 ليرة والفليفلة الحمراء 1200، والثوم 2500 ليرة، مشيرا إلى أن موسم مونة المكدوس لا يزال في بدايته، وقد يرتفع سعر مكوناته في ذروة الموسم، أي بعد حوالي شهر من الآن وهذا يعتمد على كمية العرض والطلب.
الشراء بعد خفض السعر
في المقابل، قال العقاد، في حديث للصحيفة المحلية، إن “المواطن السوري يستطيع الآن تذوق الفاكهة التي نسي طعمها لسنوات بعد تخفيض أسعار بعض أنواعها قليلا، حيث انخفض سعر البطيخ وبلغ سعر الكيلو منه 250 ليرة والأناناس 300 إلى 400 ليرة”، مشيرا إلى أن سعر البطيخ هذا العام أقل من العام الماضي، والسبب في رأيه يرجع لانقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة، فمعظم المواطنين توافدوا على شراء البطيخ الصغير بدلا من البطيخ الكبير، لأن البطيخ سريع التلف.
ولفت العقاد، إلى قرب انتهاء موسم الفواكه الصيفية من الخوخ والمشمش والدراق والكرز، وبدء موسم الإجاص والتفاح والتين والعنب، متأملا أن تكون الأسعار منخفضة هذا العام.
وأشار العقاد، إلى أن حركة السوق تكون جيدة في أول 10 أيام من الشهر (عند استلام الراتب)، ما تلبث أن تقل في آخر الشهر إلى حوالي 50 بالمئة، مبينا أن أسعار الخضراوات مقبولة نوعا ما، فسعر البندورة يتراوح ما بين 1000 إلى 700 والبصل ما بين 600 – 700 والكوسا ما بين 500 – 600 ليرة، كما لا تزال البطاطا محافظة على سعرها ما بين 800 إلى 1000، والسبب وفرة الموسم وقلة تصديرها، حيث يتم تصدير 200 طن يوميا منها فقط، على حد تعبيره.
التخلي عن مونة الخضار
صحيفة “الثورة” المحلية، قالت في تقرير سابق لها، أن “الارتفاع طال أيضا أنواع المونة المفرزة لدى البائع حيث أظهرت ارتفاعا مضاعفا عن العام الماضي”.
وبحسب الصحيفة المحلية، نقلا عن أحد الباعة في سوق الشيخ سعد بالمزة بالعاصمة دمشق، أن ارتفاع سعر البازلاء المفرزة للكيلو الواحد وصل إلى 16 ألف ليرة سورية، وعزا الباعة ذلك إلى أن “سعر البازيلاء أساسا مرتفع حيث سجل بين 3500- 4500 ليرة للكيلو إضافة لأجور اليد العاملة، فالكيلو مفرز يحتاج لـ 3 كيلو منها”.
بينما سجل سعر كيلو الفول 2500 ليرة سورية، والمفرز بـ8 آلاف ليرة، والثوم يباع حاليا حسب النوع بين 1500- 2500 فيما سجلت فاكهة الفريز التي تستخدمها ربات المنزل لصناعة المربى 5 آلاف ليرة، و كيلو السكر الذي يضاف إليه 4 آلاف ليرة، وهذا يعني أن هناك ارتفاعا في أسعار المربيات المعلبة أيضا.
ويبدو أن ارتفاع الأسعار على هذا النحو، وسط تراجع القوة الشرائية في عموم الأسواق السورية، نتيجة عدم تناسب الرواتب والمداخيل مع الواقع المعيشي في البلاد، ما يطرح تساؤل عن حصة المونة التي تراجعت إلى حدودها الدنيا خلال السنوات الأخيرة لدى أغلب العائلات السورية، أما بسبب ارتفاع أسعار خضار وفواكه المونة أو بسبب ساعات التقنين الكهربائية الطويلة.
ومن جانبها، أكدت صحيفة “الثورة” المحلية في تقرير سابق، على هذا الكلام إذ قالت: “تكلفة المونة هذا العام تضاعفت عن الأعوام السابقة، بسبب ضعف القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار وكذلك المخاوف من ساعات التقنين الكهربائي خلال أوقات الذروة في فصل الصيف”.
وهكذا يتجنب الكثير من السوريين صنع المونة خلال الموسم الحالي، مثل الفاصوليا والبازلاء وغيرها من الخضار، بسبب عدم قدرتهم على شرائها، نظرا لارتفاع الأسعار، ونقص التمويل الذي تسببت به الأزمة الاقتصادية.
وفي حال طرأ ارتفاع آخر في الأسعار بشكل عام في البلاد، سيكون المواطنون السوريون من أكثر المتضررين من ذلك، خاصة وأن مستوى الرواتب والمداخيل بعيد كل البعد عن واقع العيش في سوريا، وبالتالي نسبة كبيرة منهم سيمتنعون عن “مونة” الكثير من المواد الغذائية، وبالتالي حرمان الموائد السورية من الأكلات التي اعتادوا عليها كل عام.
اقرأ أيضاً: أسباب عديدة تهدد “المونة” في سوريا
ارتبطت ثقافة المونة بتاريخ البلدان الحافل بالحروب، حيث اعتاد السكان تخزين كميات كبيرة من الطعام استعدادا لظروف الحصار وندرة الغذاء، إلا أنه وفي الوقت الحاضر، حالت أسباب عدة في سوريا دون قدرة العائلات على تموين غذائهم.
توصف “المونة” بأنه ما يتم حفظه من قبل السكان من الطعام، و”بيت المونة” هو المكان الذي يتم فيه تخزين هذه المواد الغذائية، إذ يعد تموين الطعام في المنازل السورية ممارسة قديمة، تركز على الاحتفاظ بالوجبات الموسمية بكميات كبيرة بهدف تناولها في أوقات أخرى من العام.
لهيب الأسعار
تجنب الكثير من السوريين صنع “المونة” خلال الموسم الحالي، مثل الفاصوليا والبازلاء وغيرها من الخضار، بسبب عدم قدرتهم على شرائها، نظرا لارتفاع الأسعار ونقص التمويل الذي تسببت به الأزمة الاقتصادية.
وبسبب ضعف القوة الشرائية، نقلت صحيفة “تشرين” المحلية، أمس الأحد، عن سيدة في ريف دمشق قولها، إن عادة تحضير “المونة” الشتوية بدأت تتحول إلى شيء من الماضي ونوعا من الرفاهيات، وذلك بسبب تراجع قدرة المدنيين على الشراء في ظل الأسعار المرتفعة للخضروات مقارنة بالسنوات السابقة، خاصة عندما تصل هذه المواد إلى السوق لأول مرة (القطفة الأولى).
وقالت السيدة، “الكيلو من البازلاء وصل سعره في الأسواق إلى 5000 ليرة فأكثر، وهذا لا يتناسب مع القوة الشرائية للعديد من العائلات”، مضيفة أنه “حتى الفاصوليا الخضراء تتفاوت في السعر من سوق إلى سوق”، علما أنه حدث انخفاض كبير في سعرها والذي يتراوح الآن بين 1800 و2000 ليرة.
الكهرباء.. المشكلة المستمرة دون حل
وبحسب الصحيفة، قررت العديد من الأسر السورية، عدم شراء والتحضير لتخزين “المونة” للعام الحالي، خوفا من مشاكل الكهرباء، فيما بعض العائلات لجأت إلى الاحتفاظ بكمية أقل بكثير مما كان عليه في السنوات الماضية، فارتفاع ساعات التقنين خلال العام المنصرم أدى إلى تلف “المونة” لدى كثير من المواطنين.
وبحثا عن بدائل جديدة، بعيدا عن “التفريز” الذي يعتمد على الكهرباء، بدأت بعض العائلات بالاعتماد على طريقة “التيبيس” – تجفيف المواد الغذائية – أو تخزين نصف ما كانوا يحتفظون به سابقا.
إذ تشكل الكهرباء العنوان الأبرز لمعاناة ملايين السوريين في مختلف المحافظات السورية، حيث تصل ساعات التقنين في بعض المناطق إلى 22 ساعة يوميا مقابل ساعتين تغذية فقط، في حين هناك خطوط معفية من التقنين تذهب إلى مناطق المسؤولين الحكوميين وأصحاب السلطة بشكل علني.
المونة باتت من ذكريات السوريين
ارتفاع الأسعار، إضافة إلى تدني الجودة مقارنة بالعام الماضي، دفعت الشريحة التي تنتظر هذه الفترة من العام للعزوف عن المونة نهائيا إضافة إلى الشريحة التي عزفت عنه الأعوام السابقة، ومنهم من أجّل التموين هذا العام حتى شهر آخر أملا بانخفاض الأسعار أكثر.
في مثل هذه الأوقات، أي في منتصف شهر أيار/مايو من كل عام، تعمل العائلات السورية على صناعة المونة المنزلية للاحتفاظ بها في أيام فصل الشتاء، وخلال هذه الفترة أيضا، يزداد العرض على البقوليات مثل البازلاء والفاصولياء والثوم وبعض المربيات التي تعتمد على أنواع من الفاكهة، ويبدو أن أسعار خضار المونة مثل غيرها من السلع قد ارتفعت بشكل غير مسبوق هذا العام رغم أنها في موسمها.
وحول ارتفاع أسعار الخضار هذا العام، قال مسؤول حكومي في تصريح سابق لوسائل الإعلام المحلية، إن موجات الصقيع المتلاحقة، ومن بعدها دخول شهر رمضان وعيد الفطر أسهموا جميعا في موجة الغلاء التي ضربت الأسواق السورية في الفترة الماضية.
وفي حال طرأ ارتفاع آخر على الأسعار بشكل عام في البلاد بحسب مؤشر منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” الحالية، فإن المواطنين السوريين سيكونون من بين أكثر المتضررين من ذلك، خاصة وأن مستوى الرواتب والمداخيل بعيدة كل البعد عن واقع العيش في سوريا.
المصدر: مواقع إلكترونية