تقارير

ما هو أدنى مبلغ يحتاجه المواطن السوري لشراء عقار في منطقة متواضعة؟.. وكم سنة يحتاج ليشتري من راتبه منزل؟.. إليك القصة الكاملة

إذا أردنا الحديث عن أدنى مبلغ يمكن لمواطن سوري أن يشتري مقابله عقارًا يؤويه في منطقة متواضعة، فلعله من الحكمة أن نبتعد عن العاصمة دمشق قليلًا، وعن العاصمة التجارية حلب أيضًا، ولنتوجه إلى اللاذقية مثلًا.

في هذا الصدد، يوضح الخبير العقاري “فراس سليمان” أن سوق العقارات كبقية أسواق الاقتصاد يخضع إلى قوى العرض والطلب لتحديد سعر العقار بيعاً وشراء من جهة، وأسعار الإيجارات من جهة أخرى، مؤكداً أنه لا يستطيع أحد أن يشتري منزلاً على الهيكل في أطراف المدينة إذا لم يكن في جيبه على الأقل 50 مليون ليرة.

وبالفعل فحتى محافظة اللاذقية قد شهدت ارتفاعاً “جنونياً” بأسعار العقارات خلال سنوات الأزمة، علماً أن ارتفاع الأسعار لم يقتصر على تجار مواد البناء فقط، وإنما انسحب إلى عدد من أصحاب المكاتب العقارية الذين لعبوا الدور الأساس في عملية البيع والشراء.

وعلى هذا المنوال أصبح شراء المنزل بالنسبة للمواطن العادي ضرباً من المستحيل، فعند سؤال أصحاب مكاتب العقارات يؤكد المواطنون أن الأرقام التي يسمعونها وكأنهم يشترون منزلاً في باريس أو في لندن، وليس في اللاذقية.

ركود وأسعار “فلكية”:

يقول “أبو رضا”، وهو صاحب مكتب عقاري في حي الزراعة بمدينة اللاذقية: “تشهد العقارات جموداً كبيراً في حركة البيع والشراء، وبالرغم من ذلك فإن العقارات التي تباع في بعض أحياء المحافظة بأسعار فلكية، تظن للوهلة الأولى أنك تعيش في أغلى مدن العالم.”

ويدلل على ذلك، في حديثه لموقع “أثر بريس” بالأرقام الضخمة التي تباع بها المنازل في منطقة الكورنيش الجنوبي التي تعتبر من أغلى المناطق في المحافظة، حيث يتراوح سعر العقار السكني فيها بين 500-900 مليون ليرة، ويتجاوز المليار ليرة في عدد من الأبنية.

وأضاف: “يأتي حيا مشروع ياسين والأمريكان في الدرجة الثانية بالأسعار الفلكية، حيث بلغ سعر متر البناء السكني على الهيكل مليوني ليرة”. مشيراً إلى أن مساحة العقار والمزايا التي ترافقه من إطلالة ووجوده ضمن البناء والحي، تلعب دوراً كبيراً في رفع سعره.

علاوةً على وجود أحياء أخرى ضمن مدينة اللاذقية أسعار المنازل فيها مرتفعة للغاية، لكنها تحافظ على فارق كبير مقارنةً بأسعار أحياء الدرجة الأولى والثانية، كحي المشروع السابع فالأسعار تتراوح فيه بين 150-300 مليون ليرة حسب موقع المنزل وإطلالته وارتفاعه.

أما “عبد الله محمد”، وهو أحد الأشخاص الذين قضوا سنوات طويلة بجمع المال عن طريق القروض والجمعيات ليحققوا حلمهم بشراء منزل، فيقول للموقع ذاته: “ظننت أنه يمكنني بمبلغ 35 مليون ليرة (شقا العمر)، شراء منزل لعائلتي والتحرر من عناء الإيجارات، إلا أنني تفاجأت بأن المبلغ الذي ادخرته لا يشتري لي، ولا حتى غرفة واحدة مستقلة، فالواقع العقاري فلكي، ولا يمت للمنطق بصلة”.

قانون البيوع العقارية يضع ملحًا على جرح السوريين:

أكد الباحث الاقتصادي الدكتور “سنان ديب” أن قانون الضرائب والبيوع العقارية كان من أسباب رفع الأسعار، بالإضافة لصدور قرارات متتالية وغير مرنة من المصرف المركزي كرفع الفوائد وحجز الأموال، وزعزعة ثقة التعاطي مع البنوك.

وأضاف أن “عدم وجود رؤية صحيحة لقطاع العقارات أوصلنا لأسعار تتجاوز التضخم وتعتبر خيالية وأغلى من دول العالم”، موضحاً أن الأسعار لا تعكس التضخم ولا العقلية الصحيحة في المجال التجاري.

كما كان لأسعار مواد البناء دور كبير في الغلاء فقد أثر رفع سعر الأسمنت مؤخراً بشكل مباشر على العقارات وارتفعت الأسعار حوالي 5% .

وتابع “ديب” قائلًا: “في مرحلة معينة كان يظن بعض العاملين بقطاع البناء أن أموال المغتربين ومن هم خارج البلاد ستحرك السوق ولكن لم تصدق ظنونهم، إذ حتى هؤلاء استغلوا الأسعار، فكيف المواطن ممن يعتمد على مردود العمل المحلي”.

العقارات السورية هي الأغلى بالعالم قياسًا مع متوسط الدخل:

أكد الخبير العقاري “عمار يوسف” أن أغلى سعر للعقار بعد طوكيو في العالم هي سورية وأن ارتفاع أسعار مواد البناء هو معادل إضافي لزيادة الأعباء وزيادة أسعار العقارات.

وقال “يوسف” إنه ليس هناك خطوات بهدف تخفيض سعر العقار بالنسبة للمواطنين، والمواطن من المستحيل أن يشتري عقار ضمن المعادلات الحالية بالسوق السورية للعقار وهو موظف يتقاضى راتب 25 دولار وقيمة العقار تبلغ 300 ألف دولار.

وتابع أن هناك حالة انهيار للقدرة الشرائية و”آخر هم المواطن السوري” هو شراء عقار أو سكن. فمن المفترض أن يصبح هناك عملية مساعدة للمواطنين بما يخص العقار من خلال تخفيض الضرائب والرسوم ودعم مواد البناء وتقديم تسهيلات لرخص البناء.

واعتبر أن الحكومة هي الوحيدة القادرة على حل مشكلة ارتفاع أسعار العقارات وسبب المشكلة هو عدم تأمين الأراضي الصالحة للبناء، ما دفع الناس للبناء نحو المخالفات، وأن الحكومة هي الوحيدة القادرة على طرح أراضٍ صالحة للبناء من خلال إما الأراضي المستملكة أو من خلال المخططات التنظيمية للمدن.

وأشار إلى أن الحكومة أراحت نفسها من تأمين السكن للمواطن من خلال تجاهله أو تسهيل عملية المخالفات. كما بين أن سوق العقارات يعاني من جمود مطلق وأن الناس بدأت تلجأ لبيع عقارها أو شراء عقار أرخص أو حتى شراء أكثر من عقار وتأجيرهم لتأمين مستلزماتهم وغذائهم.

اقرأ أيضاً: خطة من البحوث لإنقاذ محصول القمح السوري وتحقيق الاكتفاء الذاتي كما في الماضي


قدم “تيسير فؤاد حاتم”، مدير البحوث والدراسات الاقتصادية في هيئة البحوث الزراعية، مصفوفة إنقاذ تتضمن مقترحات لتنمية وتطوير زراعة القمح، وقد اعتبرها الباحث منطقية لإنقاذ محصول القمح وتطوير زراعته في سورية، والتي تهدف مبدئيًا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.

وحتى يتم الحصول على النتائج المطلوبة، أوضحت المصفوفة أنه لابد من تنفيذ الخطة الزراعية للقمح بشكل كامل وتمكين المزارعين من زراعة أراضيهم، واعتماد أصناف عالية الإنتاجية ومقاومة للتغيرات المناخية.

وفي حال تنفيذ الخطة المقدمة ضمن تلك الشروط، سيمكن تأمين طلب السوق المحلي من القمح وتأمين حاجة المطاحن وحاجة معامل المواد الغذائية من المعكرونة والبرغل والفريكة وغيرها.

النواحي التي يجب أخذها بعين الاعتبار في مصفوفة الإنقاذ:

الناحية الأهم حسب المصفوفة “أن نحد من خروج المساحات المزروعة من القمح، والعمل على خلق بيئة تمكينية لزراعة القمح وذلك بتقديم كامل الدعم للفلاحين وتعويضهم عن الكوارث والأضرار وأن يكون هناك شركات للتأمين الزراعي يتمكن من خلالها الفلاحون من التأمين على محاصيلهم.”

كذلك فلا بد من تأمين البذار وتوزيعها على المزارعين بحيث يكون كل صنف ملائماً لكل منطقة واعتماد أصناف جديدة من البذار والأهم تنفيذ الزراعة الذكية مناخياً ومراقبة مدى ثباتية كل صنف في المنطقة المزروعة المعتمدة.

إضافة إلى توفير الأسمدة في الوقت والكمية المناسبة، وتغطية الحاجة الفعلية للمزارعين منها، وتأمين المبيدات ومصادر الري وعدد الآبار وطاقتها الإنتاجية، والأهم تأمين الوقود والطاقة.

وأخيرًا لا بد من تأمين نظم الإنذار المبكر سواء للحرائق والجراد أو انتشار الأمراض ومراقبة التغيرات المناخية ومراحل النمو وغيرها، وتأمين وسائط النقل والحصادات أوقات الحاجة لها.

أما عن مشكلة الهدر والفاقد، فقد بينت المصفوفة أن نسب خفض الفاقد والهدر يكون من خلال تطبيق برامج تستهدف المنتج على طول سلسلة الإمداد، وبالوقت نفسه لابد من دعم وتعويض الخسائر عن الجوائح والكوارث. وعند استلام المحصول لابد من وجود دعم للأسعار بحيث تكون تشجيعية مع تسهيل إجراءات الاستلام.

وعن تطوير وتمكين زراعة القمح، فقد أكدت المصفوفة أن هناك محاصيل زراعتها أفضل من القمح مثل الشعير والحمص لذلك لابد من تأمين الأصناف الملائمة زراعتها لكل منطقة بحيث تعطي مردوداً أكبر، وأن تكون البذار الموزعة لزراعة القمح جيدة حتى لا ترتفع نسب الشوائب إضافة لذلك الفلاح لديه مشكلة في صعوبة الحصول على السماد لذلك يجب تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في إنتاج وتأمين مصادر دائمة للأسمدة والتشجيع على إنتاج الأسمدة الطبيعية.

ومن أهم الأمور التي طرحها “حاتم” في المصفوفة، أنه لابد من تأمين مصادر دائمة للري، فاليوم لا يوجد طاقة لضخ المياه وتوزيعها ونظم الري معظمها قديمة، الأمر الذي يتطلب تحسين نظم الطاقة البديلة وتأمين الآبار بالطاقة الإنتاجية لزيادة الإنتاجية مع التأكيد على تأمين الحدود الدنيا من احتياجات الطاقة بما يضمن سير العملية الإنتاجية.

في الاتجاه المقابل، وأمام كل تلك الافتراضات، يخشى البعض أن الحكومة غير مستعدة لبذل كل هذا الجهد، وتفتقر للإدارة والعقليات المناسبة لتحويل هذه النظريات والأفكار إلى واقع. أما نقص التمويل فهو مشكلة أخرى لكن إذا كانت النتيجة هي الوصول إلى الاكتفاء الذاتي وإشباع بطون الناس من الخبز، فإن الضغط على الميزانية قليلًا سيكون مخاطرة تستحق أن تخاض.

المصدر: مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى