قصة طائر الكركي الذي يحفظ المعروف
زائرة ليلية
في قديم الزمان عاش رجل وامرأة عجوزان حياة فقيرة، وكانا يكابدان الكثير من العناء لتدبر أمرهما. كان الرجل يقوم بجمع الحطب من التلال المجاورة، أم المرأة فكانت تنسج القماش على نولها. وفي أحد الأيام في طريق العودة من بيع حطب للوقود في البلدة، وجد الرجل طائر كركي عالقا في فخ. وكلما زادت مقاومته للهروب من الفخ، كان يعلق بشكل أكبر. قال الرجل هامسا ’’اصمت يا هذا. لا تتحرك‘‘. وعندما حرر الطائر بضربة من سكينه، طار باتجاه التلال.
وبحلول الوقت الذي وصل فيه إلى المنزل، كان الظلام قد خيم على المكان والثلج تساقط لبعض الوقت. وبينما كان يخبر زوجته بما حدث، سمع صوت طرق على الباب حيث قامت العجوز بفتح الباب متسائلة عمن يكون الطارق. كانت شابة تقف على الثلج وقالت ’’عذرا على إزعاجكِ في وقت متأخر جدا، لكنني ضللت طريقي في العاصفة الثلجية. هل يمكنني المكوث هنا الليلة؟‘‘. وافق الزوجان المسنان على الفور.
استمر تساقط الثلوج على مدار اليوم التالي والأيام التي بعده. واستمرت الشابة في البقاء مع الزوجين المسنين، حيث كانت تطبخ وتغسل وتدلك ظهريهما قبل النوم. وباتا مغرمين بها، ومع مرور الوقت بدآ يعاملانها كابنتهما.
وذات صباح قالت الشابة إنها ترغب في نسج بعض القماش. ’’لكن عندما أكون أستخدم النول، لا تنظرا إلى الغرفة لتريا ما أفعل. عليكما أن تعداني بذلك‘‘. وافق الزوجان العجوزان على طلبها.
قعقعة نول
انهمكت الشابة في العمل طوال النهار وحتى الليل. وعلى مدار ثلاثة أيام كاملة بالكاد توقفت قعقعة النول، بينما كانت المرأة العجوز منشغلة بالأعمال المنزلية في الغرفة الرئيسية. أخيرا في الليلة الثالثة، خرجت الشابة بلفافة من القماش وقالت: ’’خذا هذه إلى المدينة وبيعاها غدا‘‘. كانت أجمل قطعة قماش رآها الزوجان العجوزان على الإطلاق.
في اليوم التالي ذهب الرجل العجوز إلى المدينة حاملا لفافة القماش. عندما توصل لاتفاق لبيعها أصابته الدهشة من سعرها الباهظ الثمن. ضغط عليه التاجر ليعطيه وعدا بأنه سيعود إذا كان لديه مثل تلك المواد الجيدة مرة أخرى. تحدث الزوجان العجوزان في دهشة عن مدى الراحة التي يمكن أن يعيشاها، وسألا الشابة بتردد إن كانت تستطيع صنع لفافة أخرى.
مرة أخرى ضجت أرجاء المنزل بقعقعة النول. كانت المرأة العجوز تستمع عبر الباب المغلق كل يوم، وعندما عاد زوجها إلى المنزل في وقت متأخر من مساء اليوم الثالث قالت: ’’أتساءل كيف تفعل ذلك‘‘. في تلك الأثناء أحضرت الشابة لفافة القماش الثانية.
قالت للزوجين ’’هذا كل شيء، هذه هي آخر لفافة‘‘. بدت منكمشة على نفسها إلى حد ما في الضوء الخافت. ولكن بعد أن باع الرجل العجوز لفافة القماش الثانية، سألها وزوجته إن كان بمقدورها صنع لفافة أخرى أخيرة.
تكشف الحقيقة
تطلب الأمر بعض الجهد لإقناع الشابة التي وافقت في النهاية. عاد الرجل العجوز إلى المنزل من جمع الحطب في وقت أبكر من المعتاد، وكان شديد الحرص على رؤية لفافة القماش التالية. تحدث الزوجان العجوزان همسا في مساء اليوم الثالث، متسائلين كيف يمكن إنتاج مثل هذه المواد الرائعة على النول العادي. قال الرجل: ’’يمكننا فتح الباب ليتشكل شق صغير جدا فقط. لن تلاحظ ذلك على الإطلاق‘‘.
عندما فتحا الباب بهدوء وألقيا نظرة خاطفة من خلال الشق شاهدا أكثر الأشياء إثارة للدهشة على الإطلاق. شاهدا طائر كركي ينتف ريشه بمنقاره وينسجها على النول. تسمّرا في مكانهما لعدة لحظات وهما يحدقان في الطائر إلى أن لمس الرجل كتف زوجته، وتراجعا إلى الوراء، وأغلق الباب على عجل.
لم يمضِ وقت طويل قبل أن تخرج الشابة وبدت أضعف من أي وقت مضى. سلمت بصمت اللفافة الثالثة من القماش للرجل العجوز. ثم أشاحت بوجهها بعيدا عنهما. ’’لقد وعدت أنك لن تشاهدني وأنا أعمل، لكنك خالفت وعدك. أنا طائر الكركي الذي أنقذته من الفخ، وقد أتيت إلى هنا عرفانا مني بالجميل. لكن لا يمكنني العيش هنا معك بعد الآن‘‘.
خرجت من المنزل وتحولت مجددا إلى شكلها الأصلي. عندما شاهد الرجل الطائر لأول مرة أثناء وجوده في الفخ، كان الريش يغطي جسده بوفرة، أما الآن فهناك بقع عارية على جسده. وبينما كان الزوجان العجوزان يتتبعان الطائر بنظريهما، انطلق في الهواء محلقا مثل السهم نحو الأفق مطلقا صرخة واحدة مدوية.
اليابان بالعربي