تقارير

أحدهم كان يبني مسجداً كل يوم جمعة وآخر أقرض أميركا.. إليك قائمة بأغنى الأغنياء الذين عرفتهم البشرية

يعد كل من إيلون ماسك وجيف بيزوس من بين أغنى أغنياء العالم حاليًا، لكن ثروات المليارديرات المعاصرين لا تقارن بما امتلكه بعض أغنى الأشخاص في التاريخ.

وفي مقال نشره موقع “إنفيستوبيديا” (investopedia) الأميركي، تحدث الكاتب ديفيد فلويد عن بعض أغنى الشخصيات في التاريخ، الذين كان لثرواتهم تأثير على اقتصاد دول بأكملها.

ما قيمة كنز جنكيز خان؟

من الصعب تقدير ثروة الأغنياء في العصور الماضية لأن مفهوم الثراء يختلف من حقبة إلى أخرى؛ فكيف يمكن مثلا تحديد مدى ثروة أباطرة الفرس؟ وهل يمكن تقدير قيمة ثروة كنز جنكيز خان لو علمنا أن سعر أونصة الذهب يساوي 1769.75 دولارا (حسب بيانات أبريل/نيسان 2021)؟

من غير المنطقي استعمال الدولار لتقدير ثروات أشخاص عاشوا في عصور كانت فيها الاقتصادات لا تعتمد عملات حقيقية، وكانت الضرائب عبارة عن حبوب، لكن مجرد تخيل قيمة ثرواتهم في الوقت الحالي أمر لا يخلو من الطرافة.

هل يمكن تقدير قيمة ثروة كنز جنكيز خان لو علمنا أن سعر أونصة الذهب يساوي 1769.75 دولارا (حسب بيانات أبريل/نيسان 2021)؟ (غيتي)

ماركوس ليسينيوس كراسوس واستثمار العقارات

من بين أغنى الشخصيات التاريخية ماركوس ليسينيوس كراسوس الذي عاش خلال القرن الأول قبل الميلاد، وكان صافي ثروته في ذلك الوقت يقدر بنحو 170 مليون سيستر.

كان هذا الجنرال من أوائل المستثمرين في العقارات، حيث اشترى مساحات شاسعة من الأراضي والمنازل في روما بعد تدميرها، واعتمد على جيش عبيده من بنائين ومهندسين ومعماريين لترميمها وإعادة بنائها.

وتقول الأسطورة إنه مات عندما سُكب الذهب المصهور في فمه، في إشارة إلى مدى تعطشه للثراء.

circa 1897: US philanthropist and industrialist John D Rockefeller (1839 – 1937). (Photo by Hulton Archive/Getty Images)التقديرات تشير إلى أن ثروة جون دي روكفلر (1839-1937) كانت تتراوح بين 300 و400 مليار دولار (غيتي)

ثروة جون دي روكفلر

مع ذلك، لا نحتاج إلى العودة بالتاريخ إلى العصور القديمة للعثور على أشخاص فاحشي الثراء.

فعلى سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن ثروة جون دي روكفلر (1839-1937) كانت تتراوح بين 300 و400 مليار دولار.

جي بي مورغان يقرض أميركا

تجدر الإشارة إلى أن جي بي مورغان أقرض الولايات المتحدة وأنقذها من الأزمة الاقتصادية والكساد الذي تبعها عام 1893، وذلك قبل إنشاء الاحتياطي الفدرالي.

جي بي مورغانجي بي مورغان أقرض الولايات المتحدة وأنقذها من الأزمة الاقتصادية والكساد عام 1893 (مواقع التواصل)

شخصان امتلكا ثروة لا مثيل لها

وبدلاً من محاولة قياس ثروة أغنى الشخصيات في التاريخ بالقيمة المطلقة، يمكن تقدير حجم هذه الثروة من خلال معرفة أغنى شخص في ذلك العصر وفي منطقة جغرافية معينة، واتخاذه مرجعًا لقيمة المال.

وفي التاريخ كله، كان هناك شخصان امتلكا ثروة لا مثيل لها؛ لدرجة أن إنفاقها في العصر الحالي يمكن أن يغرق الاقتصاد العالمي في حالة من الفوضى.

مسجد جديد كل يوم جمعة

في عام 1324م، ذهب مانسا موسى حاكم الإمبراطورية المالية لأداء فريضة الحج مع حاشيته التي تألفت من نحو 60 ألف شخص، ومعه كمية لا تحصى من الذهب وزعها على الفقراء في مدن البحر الأبيض المتوسط التي مرّ بها أثناء رحلته. ووفقًا لإحدى الروايات فإم مانسا كان يبني مسجدًا جديدًا كل يوم جمعة.

وهو المَلِكُ الأَشْرَفُ الحَاج مانسا موسى أو كانجا موسى أو كانكو موسى نياري نياكاتي أو موسى الأول، وولد نحو 1280 وتوفي عام 1337م، وهو المانسا العاشر لمملكة مالي بين 1312 و1337م. وعند اعتلائه العرش كانت مملكة مالي تتكون من الأراضي التي كانت تابعة لإمبراطورية غانا ومالي وما جاورهما، حسب ما ذكرته ويكيبيديا.

كان يُنفق ببذخ في القاهرة والمدينة المنورة بشكل خاص، وأدى التدفق المفاجئ للأموال إلى ارتفاع أسعار السلع اليومية في ذلك الوقت.

وإدراكًا منه لموجة التضخم المفرط التي ابتليت بها منطقة بأكملها بسببه، لجأ مانسا إلى ما يسمى اليوم “التسهيل الكمي”، حيث قام بشراء كل الذهب في القاهرة على سبيل الإعارة بسعر فائدة مرتفع.

مانسا موسى أو الملك الذهبي، أعظم زعماء امبراطورية مالي، ومن أشهر زعماء أفريقيا والإسلام في القرون الوسطى (ويكي كومنز)مانسا موسى أعظم زعماء إمبراطورية مالي وأشهر زعماء أفريقيا والإسلام في القرون الوسطى (مواقع التواصل)

فدية تملأ غرفة كبيرة بالذهب

ماذا عن الأميركتين؟ في عام 1532م، كانت حرب الخلافة الوحشية بين الإخوة غير الشقيقين أتاهوالبا وهواسكار توشك على الانتهاء، وكانت إمبراطورية الإنكا بدأت مرحلة التعافي.

والغريب أن هذه الحضارة الوحيدة المعقدة وواسعة النطاق التي تطورت من دون وجود أي شكل من أشكال السوق، ولم تكن لديها أي فكرة عن المال على الإطلاق.

كانت الدولة بأكملها في ذلك الوقت قائمة على نظام الوحدة الأسرية، حيث كان الإنكا (الإمبراطور) يتحكم في كل شيء: الطعام، والملابس، والسلع الفاخرة، والمنازل، والأشخاص.

وكان الناس آنذاك يخدمون الإمبراطور مقابل تزويدهم بكل ما يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة.

وعندما نصب الغزاة الإسبان كمينًا لأتاهوالبا في مدينة كاخاماركا وأخذوه أسيرًا، كان قادرًا على دفع فدية لا مثيل لها تملأ غرفة كبيرة بالذهب.

وحاليا، تقدر الفدية التي دفعها آنذاك بنحو 1.5 مليار دولار. لكن الإسبان قتلوه واستولوا على إمبراطوريته، وقيل إن ثروته من الذهب والفضة التي أغرقت أوروبا بعد ذلك تسببت في تضخم كبير وركود اقتصادي.

إمبراطور الذهب والملح أغنى رجل بالتاريخ

لعل أكثر ما يثير الاستغراب والصدمة أنَّ أغنى أغنياء البشرية، ليس بيل غيتس ولا عائلة روتشيلد. ولم يمتلك يوماً بنوكاً أو آباراً للنفط. بل هو ملك إفريقي مسلم، عاش في القرون الوسطى، ويدعى مانسا موسى الأول. حكم مملكة مالي الإسلامية، والتي قامت على أنقاض دولة غانا الوثنية، التي أسقطها المرابطون عام 1087. وتعد مالي الآن من أفقر الدول الإفريقية.

يُعتبر مانسا موسى أغنى رجل في التاريخ، وذلك بناءً على دراسة أعدها ونشرها موقع «Celebrity Net Worth website»، حيث تقدر ثروته بأربعمائة مليار دولار، وذلك بعد أخذ معيار التضخم الزمني بعين الاعتبار. وإذا تساءلت عن مصدر تلك الثروات، فهو الذهب والملح! فبحسب بعض المؤرخين، كانت مالي تنتج نصف ذهب وملح العالم، كما كان سعر الملح في ذلك الوقت، يعادل سعر الذهب لأهميته وندرته. ولذلك لُقِّب بسيد الذهب والملح.

حكم مانسا موسى بلاده لمدة خمسة وعشرون عاماً، امتدت فيها دولته من مراكش شمالاً، إلى المحيط الأطلسي غرباً، ودولة الهوسا شرقاً. وازدهرت التجارة في عهده، فأصبحت مدينة تمبكتو ملتقى للقوافل التجارية، من شمال إفريقيا ومصر. وتعني مانسا ملك الملوك. وقد كان مانسا موسى تقياً كريماً، كما أنه بالنسبة لقبائل الماندنيك التي كانت تعيش في مالي، فإنه لا يعد ملكاً وحاكماً فحسب، وإنما اعتبروه ولي من أولياء الله الصالحين. وأجمعت الكثير من المصادر التاريخية على أنه كان متديناً، كثير الصلاة، وقارئاً للقرآن.

ومن أشهر أعماله، وما جعله حديث زمانه، رحلة الحج التي قام بها، كما يقال، تكفيراً عن ذنبه بعد أن قتل أمه خطأً. فسار إلى مكة بموكب يتكون من ستين ألف جندي، وأربع عشرة ألف جارية، لخدمته وخدمة مرافقيه. كما خرج معه عدد كبير من أعيان مملكته. وحمل معه حِمل مائة جمل ذهباً. وكان يقيم الولائم أينما حل، ويوزع الصدقات على شكل ذهب على كل من مر في طريقه. وقد قُدر ما وزعه من ذهب في رحلته الأسطورية بعشرين ألف قطعة ذهبية. وقد تسبب ما أنفقه من ذهب في مصر وحدها بانخفاض سعر الذهب لأكثر من عشرين عاماً. حيث انه سافر إلى مكة عبر القاهرة والتي استقبله فيها المماليك استقبالاً عظيماً، وأظهروا له حفاوة بالغة.

ونظراً لما أنفقه في هذه الرحلة، اضطر إلى الاستدانة من أجل العودة. وعاد معه العديد من التجار ليستردوا أموالهم، مما جعل صيت مانسا موسى واسم بلده يبلغ الآفاق حتى وصل أوروبا، ولفت أنظار المستعمرين الأوائل إليها، ودفعهم إلى محاولة احتلالها فيما بعد نظراً لغناها وأهميتها. كما ذكره كلٌ من ابن خلدون وابن بطوطة في كتاباتهم. وقد أحضر معه أيضاً العديد من العلماء والمهندسين المعماريين، الذين ساهموا في بناء المساجد والقصور الفارهة، مثل مسجدي تامبكتو وجاو الذين ما زالا قائمين حتى الآن. كما شيدوا بناءً على طلبه الكثير من المدارس والمكتبات.

ويُسَجَّل لهذا الملك المسلم العظيم انه بنى أول جامعة في مالي، في وقت لم تكن فيه بأوروبا أي جامعة بعد، سميت الجامعة “سانكور مدراش” وقد استقطب من أجلها أفضل العلماء في عصره. لقد اتصف حكم مانسا موسى الأول بالأمن والسلام، والرقي العلمي والاقتصادي. إلا أنَّ ورثته مع الأسف لم يحافظوا على هذا الإرث، فقامت فيما بين أبناءه حرب أهلية خسروا خلالها المملكة وثرواتها، وأصبحت البلاد مطمعاً للجيوش المستعمرة.

وما زال العلماء حتى الآن يسعون لإيجاد الكنوز المدفونة في مالي، منذ عصر مانسا موسى والتي تتمثل في المخطوطات والكتب القيمة، التي جمعها في حياته، واحتفظ بها بعض الاهالي في أغلفة من الجلد، أو في الكهوف، أو في صناديق تحت الأرض. توفي رحمه الله عام 1337، بعد أن أصيب في رحلته إلى الحج بمرض يصيب الإبل. وكرمه التاريخ مؤخراً، وبعد مئات السنين بصفته الأثرى في تاريخ البشرية جمعاء.

المصدر : مواقع إلكترونية – الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى