تقارير

عمره 120 مليون عام ويفتح شهية العلماء على دراسة الكواكب.. ماذا تعرف عن الإكتشاف “المذهل” الذي أسهم فيه عباقرة المغرب وعلماؤه؟

تمكن فريق بحث دولي من علماء الفلك من اكتشاف 3 كواكب خارجية، تدور حول نجم يبعد عنا نحو 400 سنة ضوئية، باستعمال التلسكوبات الفضائية التابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، وتم الإعلان عن الاكتشاف من قبل الوكالة في في العام 2021.

ووفق الدراسة العلمية التي نشرت في المجلة العلمية “ذا أسترونوميكال جورنال” (The Astronomical Journal) في 14 يناير/كانون الثاني الماضي؛ فإن هذه الكواكب المكتشفة ساخنة، وتوجد في مدارات قريبة حول نجم شاب يشبه الشمس، ويبلغ مدار الكوكب الداخلي 1.9 يوم، كما يبلغ حجمه نحو 1.9 مرة حجم الأرض، وتتراوح كتلته المقدرة بين 2 و12 ضعف حجم الأرض.

كواكب تتراقص بتناغم عجيب

ويدور الكوكب الثاني كل 9.2 أيام، ويبلغ حجمه نحو 3 أضعاف حجم الأرض، وبين 3 و16 ضعف كتلة الأرض. أما أبعد وأكبر كوكب في المجموعة فيدور حول النجم كل 16 يوما، ويبلغ حجمه 4 أضعاف حجم كوكبنا، ويزن ما بين 4 و19 ضعف كتلة الأرض.

وقال مدير مرصد أوكايمدن زهير بن خلدون المشارك في الاكتشاف في تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني؛ إن “هذا الاكتشاف الجديد يضم 3 عوالم ساخنة أكبر بقليل من الأرض تدور حول نجم أصغر بكثير من شمسنا يسمى “تي أو آي 45” (TOI 45).

ويوجد النظام في برج الحوت المكتشف مؤخرا (Eridanus Current)، وهو عبارة عن مجموعة من النجوم عمرها أقل من 3% من عمر نظامنا الشمسي، وتمتد على أكثر من ثلث السماء.

النظام المكتشف يوجد في برج الحوت وهو عبارة عن مجموعة من النجوم عمرها أقل من 3% من عمر نظامنا الشمسي (ناسا)

3 كواكب جديدة

وحسب البيان الصحفي الذي أصدرته وكالة ناسا، وأصدره مرصد أوكايمدن المشارك في الاكتشاف؛ فإن هذا النظام الشمسي يتميز بوجود 3 كواكب وحزام للكويكبات، بالإضافة إلى نجمين آخرين يدوران حول النجم الأم، وتحمل اسم “تي أو آي 451” (TOI 451)، ويتراوح حجم هذه الكواكب بين حجمي كوكب الأرض ونبتون.

وأوضح ابن خلدون أن “هذا النظام الواعد يبلغ عمره 120 مليون سنة فقط، ويبعد 400 سنة ضوئية فقط، مما يسمح بمراقبة تفصيلية لهذا النظام الشاب، ونظرا لوجود 3 كواكب يتراوح حجمها بين ضعفين و4 أضعاف حجم الأرض، فهي أهداف واعدة بشكل خاص لاختبار النظريات حول كيفية تطور الغلاف الجوي للكواكب”.

ويضيف البيان الصادر من قبل الباحثين المشاركين في الدراسة بمرصد أوكايمدن أن هذه الكواكب المكتشفة توفر فرصة مهمة للباحثين لدراستها، حيث ما زالت في مراحلها الأولى من التطور، مما يساعد العلماء على فهم تكون وتطور مجموعتنا الشمسية.

كما أكد البيان أن هذه الكواكب ستوفر فرصة للباحثين لدراسة غلافها الجوي نظرا لتقارب حجمها مع حجم كوكب الأرض، حيث يمكن اختبار نظريات كيفية تطور الغلاف الجوي للكواكب الخارجية بصفة عامة.

نظام TOI 451هذا الرسم يوضح الخصائص الرئيسية لنظام كوكبي ثلاثي يقع على بعد 400 سنة ضوئية في كوكبة برج الحوت (ناسا-الجزيرة)

فريق بحث دولي

شارك في إنجاز هذه الدراسة فريق بحث دولي من علماء الفلك ينتمون إلى 34 مؤسسة بحثية مرموقة، من بينهم مغربيان، وهما مدير مرصد أوكايمدن الدكتور زهير بن خلدون، وطالب الدكتوراه عبد الرحمن السوبكيو من مختبر فيزياء الطاقات العليا والفيزياء الفلكية بكلية العلوم التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش.

واشتغل فريق البحث تحت قيادة الباحثة إليزابيث نيوتن، الأستاذة المساعدة للفيزياء وعلم الفلك في “كلية دارتموث في هانوفر، نيو هامبشاير” (Dartmouth College in Hanover, New Hampshire).

وعلى مدى السنوات الماضية منذ سنة 2009 قام فريق البحث الدولي بتجميع المعطيات الرصدية حول هذا النظام الشمسي باستخدام مجموعة من التلسكوبات الفضائية والأرضية الموجودة في عدة أماكن حول العالم.

وحول نتائج الدراسة، يقول زهير بن خلدون إن قياسات “تي إي إس إس” (TESS) أعطت القمر الصناعي التابع لناسا دليلا دامغا على وجود بقع في النجوم، وأفرزت كذلك الدوران السريع بين النجوم في تيار برج الحوت، وبناء على هذه النتيجة تم استنتاج أن التدفق كان عمره 120 مليون عام فقط، مثل مجموعة الثريا (Pleiades) الشهيرة.

وهذه النتيجة الجديدة أصغر 8 مرات من التقديرات السابقة، والكتلة والعمر والقرب من تيار برج الحوت تجعله مختبرا أساسيا مثيرا لدراسة تكوين وتطور النجوم والكواكب.

ويختم زهير بن خلدون حديثه بخصوص مستقبل البحث في هذا الاكتشاف قائلا إن “أي اكتشاف جديد يتحدانا بشأن ما تبقى من الأسئلة العالقة، ومن الواضح أن التقدم الكبير جدا المتوقع من تحقيق مشاريع التلسكوبات الكبيرة جدا (الأميركي الذي يبلغ قطره 30 مترا، والأوروبي الذي يبلغ قطره 40 مترا، بالإضافة إلى تلسكوب جيمس ويب الفضائي) ستتيح لنا تحقيق المزيد من الاكتشافات المثيرة.

بمشاركة مغربية.. اكتشاف خصائص كوكب خارج المجموعة الشمسية

تمكن فريق من الباحثين من مختبر فيزياء الطاقات العالية والفيزياء الفلكية من جامعة القاضي عياض ومرصد أوكايمدن، بالتعاون مع باحث من مختبر تابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وباحث من جامعة هارفارد بالولايات المتحدة، من الكشف عن خصائص الغلاف الجوي لكوكب خارج المجموعة الشمسية.

وقال زهير بن خلدون مدير مرصد أوكايمدن للرصد الفلكي التابع لجامعة القاضي عياض بمراكش، في حديث للجزيرة نت، إن “هذه أول مرة يستطيع فيها فريق بحث مغربي اكتشاف خصائص الغلاف الجوي للكواكب الموجودة خارج المجموعة الشمسية”.

وبحسب بن خلدون، فإن “الهدف من الدراسة المعنية هو محاكاة قدرة التلسكوب الفضائي جيمس ويب (JWST) على كشف المؤشرات الحيوية في الغلاف الجوي لنظام كواكب خارجية، تم اكتشافها مؤخرا بمشاركة مرصد أوكايمدن”.

الماء في الغلاف الجوي

وركزت الدراسة على واحد من نوع محدد من الكواكب الخارجية یسمى بـ”سب نبتون” (Sub-Neptune) -أو “ما دون نبتون”- وتتمیز هذه الكواكب بخصائص یمكن أن تجعل منها وسطا ملائما لوجود الماء في الحالة السائلة مما یجعل من دراستها أمرا مهما، حسبما أوضحت جميلة شوقر باحثة الدكتوراه في مختبر فيزياء الطاقات العالية والفيزياء الفلكية التابع لجامعة القاضي عیاض بمراكش، والتي تدرس “الغلاف الجوي للكواكب الموجودة خارج النظام الشمسي”.

وتقول جميلة “نهدف في هذه الدراسة إلى الكشف عن البنیة الكیمیائیة والحراریة للغلاف الجوي لهذه الكواكب، للكشف عن مكوناته الكیمیائیة بما فیها تلك الضروریة للحياة، وأيضا تغیرات درجاته الحراریة، بما یعطینا فكرة عما إذا كانت هذه الكواكب توفر ظروفا ملائمة للحياة أو لا”.

ويقول زهير بن خلدون “من حسن حظها أن جاء هذا الاكتشاف الجديد الذي استطاعت أن تطبق عليه تلك النماذج التي تشتغل عليها، وهذا مهم بالنسبة لها وسيكلل أطروحتها بنجاح”.

ويتكون فريق البحث في هذه الدراسة من اثنين من طلبة الدكتوراه وأستاذين باحثين من مختبر الفيزياء العالية الطاقة والفيزياء الفلكية بجامعة القاضي عياض ومرصد أوكايمدن، إضافة إلى باحث من مختبر تابع لوكالة ناسا، وآخر تابع لجامعة هارفارد.

قاعدة بيانات “جيمس ويب”

وجاء في البيان الصحفي الذي نشره فريق البحث المغربي بجامعة القاضي عياض ومرصد أوكايمدن: “نتوقع أن توفر هذه النتائج تنبؤات مفيدة للمجتمع العلمي، قد تقترح استخدام المنظار الفضائي جيمس ويب للكشف عن جو هذه الكواكب”.

ويؤكد زهير بن خلدون مدير مرصد أوكايمدن أن “هذه الدراسة توفر أرضية علمية وقاعدة بيانات سينطلق منها فريق تلسكوب (جيمس ويب) الذي يتكون من عدة فرق دولية متنوعة من وكالات الفضاء، لبرمجة الكواكب والنجوم التي ستراقب بواسطة التلسكوب لسنة 2021 بمعطيات علمية دقيقة”.

وأضاف بن خلدون -في حديث للجزيرة نت عبر الهاتف- “هذا الاكتشاف يعد سابقة بالنسبة لفريق بحث مغربي يقوم بدراسة الغلاف الجوي للكواكب الموجودة خارج المجموعة الشمسية.

الدراسة ركزت على أحد الكواكب الخارجية من المجموعة التي تسمى بـ”سب نبتون” أو “ما دون نبتون” (ناسا)
وتشير نتائج الدراسة المنشورة في دورية “مانثلي نوتيسز أوف ذا رويال أسترونوميكال سوسيتي” بتاريخ 2 مايو/أيار الماضي، إلى أن كواكب نبتون الصغيرة الواقعة خارج المجموعة الشمسية قد تكون كواكب مائية خلافا لكواكب الأقزام الغازية.

ويقول بن خلدون “نحن ننتظر بفارغ الصبر إطلاق تلسكوب جيمس ويب الذي سيحدث ثورة في معرفتنا بالكواكب الخارجية على وجه الخصوص، حيث سيسمح لنا مراقبة نظام كوكب TOI-270 الذي خضع للبحث في هذه الدراسة بواسطة هذا التلسكوب، لتأكيد النتائج التي حققناها”.

المصادر : مواقع إلكترونية – الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى