بعد الاتفاق مع إسرائيل وحصولها على كامل حقوقها في ترسيم الحدود البحرية.. لبنان يطلب من “توتال” البدء بالتنقيب عن ثرواتها الطبيعية الهائلة
طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الثلاثاء من شركة توتال الفرنسية البدء فوراً بالاجراءات التنفيذية للتنقيب في المياه اللبنانية، إثر إعلان إسرائيل التوصل مع لبنان إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية.
واعتبرت رئاسة الجمهورية اللبنانية أن الصيغة النهائية للعرض الأميركي “مرضية للبنان (…) وحافظت على حقوق لبنان في ثروته الطبيعية”، أملة أن “يتم الإعلان عن الاتفاق حول الترسيم في اقرب وقت ممكن”.
والتقى ميقاتي ووزير الطاقة وليد فياض الثلاثاء بوفد من شركة توتال الفرنسية، التي حصلت في العام 2018 مع شركتين أخريين على ترخيص للتنقيب في رقعتين لبنانيتين من أصل عشر.
وخلال الاجتماع، طلب ميقاتي، وفق بيان صادر عن مكتبه، من “ممثلي شركة توتال المباشرة بالاجراءات التنفيذية للتنقيب في المياه اللبنانية فوراً”.
وقال فياض بدوره أن البدء بأعمال التنقيب وتنفيذها “هي عملية تأخذ وقتا اضافة إلى تحضير المواضيع الهندسية واللوجستية”.
وأضاف أن “الامور اللوجستية يلزمها وقت، ولكن ستبدأ الأعمال فوراً”.
إعلان لبيد
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، أعلن الثلاثاء 11 أكتوبر (تشرين الأول)، أن إسرائيل ولبنان “توصلا إلى اتفاق تاريخي” بشأن ترسيم حدودهما البحرية، علماً أن البلدين في حالة حرب نظرياً، بعدما لبى اتفاق أعدته الولايات المتحدة “جميع مطالب” إسرائيل وحصلت بيروت بموجبه على “كامل حقوقها”.
وقال لبيد إن “هذا الاتفاق التاريخي سيعزز أمن إسرائيل، ويضخ مليارات في الاقتصاد الإسرائيلي ويضمن استقرار حدودنا الشمالية”، مشيراً إلى أنه من المقرر عقد اجتماع لمجلس الوزراء الأمني المصغر الأربعاء حول “الاتفاق المبرم” بوساطة أميركية.
الرئيس اللبناني ميشال عون قال بدوره على “تويتر” الثلاثاء، إن بلاده تأمل في الإعلان عن الاتفاق حول ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل في أقرب وقت ممكن، خصوصاً أن الصيغة النهائية للاتفاق “مرضية” لبيروت. وأضاف أن مشاورات ستجري مع رئيس الوزراء ورئيس البرلمان لاتخاذ موقف نهائي بشأن صيغة الاتفاق.
ونقلت “رويترز” عن مصدرين لبنانيين كبيرين، قولهما إن ميليشيا “حزب الله” أعطت الضوء الأخضر لاتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل. وذكر مسؤول كبير في الحكومة اللبنانية وآخر مقرب من الحزب، أن الأخير وافق على بنود الاتفاق ويعتبر المفاوضات انتهت.
وعزز لبنان الآمال حيال إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إعلانه بأنه “حصل على كامل حقوقه” في المقترح، وفق ما جاء على لسان نائب رئيس مجلس النواب إلياس أبو صعب المكلّف متابعة الملف.
وأضاف بو صعب بعد اجتماعه مع الرئيس اللبناني ميشال عون الثلاثاء وإطلاعه على أحدث مسودة للاتفاق تسلمها في وقت متأخر الاثنين من الفريق الأميركي، أن الاتفاق النهائي يحتاج موافقة من الرئيس اللبناني الذي سيعلن قراره في وقت لاحق الثلاثاء.
ويمكن لاتفاق بين الدولتين المتجاورتين اللتين لا تزالان رسمياً في حالة حرب، أن يمثل خطوة كبيرة نحو إطلاق العنان لإنتاج الغاز البحري من الطرفين.
وقال رئيس هيئة الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا، في بيان باللغة العربية بشأن سير مفاوضات ترسيم خط الحدود البحرية مع لبنان “تمت تلبية جميع مطالبنا والتعديلات التي طلبناها قد قبلت. حافظنا على مصالح إسرائيل الأمنية. نحن في الطريق إلى اتفاق تاريخي”.
المسودة النهائية
وكان بو صعب اعلن أن لبنان تسلم المسودة النهائية لاتفاق بوساطة أميركية لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل تفي بجميع متطلبات لبنان ويمكن أن تؤدي قريباً إلى “اتفاق تاريخي”.
وأضاف بوصعب لوكالة “رويترز” بعد دقائق من تسلم المسودة النهائية، “إذا سارت الأمور على ما يرام، فإن جهود آموس هوكشتاين يمكن أن تؤدي إلى اتفاق تاريخي”.
وكان يشير إلى الوسيط الأميركي هوكشتاين، الذي انخرط في جهود دبلوماسية مكوكية لأشهر بين الدولتين، في محاولة للتوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية المشتركة.
وقال بوصعب “تلقينا قبل دقائق المسودة النهائية… شعر لبنان بأنها تأخذ في الاعتبار كل متطلبات لبنان ونعتقد أن الطرف الآخر يجب أن يشعر بالمثل”.
ملاحظات
وفي وقت سابق الأحد، قال الرئيس اللبناني ميشال عون إن بلاده ستتسلم الصيغة النهائية لاقتراح ترسيم حدودها البحرية مع إسرائيل في غضون ساعات.
وأضاف أن الوسيط الأميركي أبلغه في اتصال هاتفي بأنه تم تحديد الملاحظات بشأن الاقتراح. وجاء في بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية أن “الجانب اللبناني سوف يدرس الصيغة النهائية لاقتراح هوكشتاين بشكل دقيق تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب”.
ورفضت إسرائيل الأسبوع الماضي تعديلات أجراها لبنان في اللحظة الأخيرة على مسودة الاتفاق مما ألقى بظلال من الشك على جهود دبلوماسية امتدت لسنوات.
حل الخلافات
وكان مسؤولون من كلا البلدين على اتصال وثيق عبر الوسيط الأميركي خلال الأيام الماضية في محاولة لحل الخلافات القائمة.
وعلى رغم النطاق المحدود للاتفاق، فإن من شأنه أن يخفف من المخاوف الأمنية والاقتصادية في كلا البلدين اللذين يمتلئ تاريخهما المشترك بالصراعات.
وستحل الصفقة نزاعاً إقليمياً في شرق البحر المتوسط في منطقة يهدف لبنان إلى التنقيب فيها عن الغاز الطبيعي، وبالقرب من مياه عثرت فيها إسرائيل على كميات صالحة للاستخدام التجاري.
وكان مصدر خلاف الرئيسي هو حقل كاريش للغاز الذي لطالما أكدت إسرائيل وقوعه كاملاً ضمن حدودها البحرية الخالصة وأنه ليس خاضعاً للتفاوض في محادثات الحدود البحرية غير المباشرة مع لبنان، فيما تعتبر بيروت أن الحقل يقع في منطقة متنازع عليها.
ووجّهت ميليشيا “حزب الله” في الماضي سلسلة تهديدات إلى إسرائيل، محذرةً إياها من الإقدام على أي نشاط في كاريش قبل التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود البحرية.
وقالت إسرائيل سابقاً إن الإنتاج سيبدأ من كاريش في أقرب وقت ممكن، بغض النظر عن مطالب لبنان.
الانتخابات الإسرائيلية
وبدأت شركة “إينيرجيان” للطاقة المدرجة في بورصة لندن، الأحد إجراء اختبار للأنابيب بين الأراضي الإسرائيلية وحقل كاريش البحري للغاز في شرق البحر المتوسط. وقالت الشركة الأحد إنه “بعد الحصول على موافقة من وزارة الطاقة الإسرائيلية لبدء إجراء اختبارات معينة، بدأ تدفق الغاز من الشاطئ” إلى منصة تفريغ تخزين الإنتاج العائم في كاريش.
وزارة الخارجية الفرنسية أكدت من جانبها السبت أن لباريس “مساهمة واضحة في الوساطة الأميركية”. وستحصل شركة “توتال” الفرنسية على رخصة إنتاج الغاز من حقل قانا وستحصل إسرائيل على حصتها من إيراداته في المستقبل.
وفي هذا السياق، قال وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال بلبنان، وليد فياض، إن شركة “توتال” الفرنسية ستبدأ عملية التنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية فور وضع اللمسات النهائية على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وذلك بعد اجتماعه مع وفد رفيع من “توتال” في بيروت.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد إن حكومته ملتزمة بتصدير المزيد من الغاز إلى أوروبا للمساعدة في تخفيف الاعتماد على الشحنات الروسية التي تراجعت نتيجة الحرب في أوكرانيا.
وألقت الانتخابات الإسرائيلية التي تجرى في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بظلالها على المراحل الأخيرة من المفاوضات. وتعرض لبيد بعد إشادته بالمقترح الأميركي إلى انتقاد زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الذي اعتبر أنه “استسلم لتهديدات نصرالله” ومنح “حزب الله” “أراض إسرائيلية ذات سيادة”.
والخميس، جدد نتنياهو الذي يبدو أنه لم يطلع على المقترح الأميركي، التأكيد على أن الحكومة المتشددة التي يأمل في تشكيلها مع حلفائه في اليمين المتشدد واليهود المتدينين لن تكون ملزمة بأي اتفاق بحري مع لبنان.
المصدر: اندبندنت