أغرب مخططات الحرب العالمية الثانية والتي لم تبصر النور قط
لا شك بأن الحرب العالمية الثانية كانت أكبر صراع عالمي في التاريخ البشري بأكمله، فعدا عن كونها تضمنت صراعات في مناطق متعددة من العالم مع ذهابها بأرواح عشرات الملايين من المقاتلين والمدنيين على حد سواء، فقد تضمنت بعضاً من أكبر العمليات العسكرية في التاريخ الحديث، كما أنها كانت فترة مميزة بالكثير من الابتكارات وتقديم العديد من التقنيات الحديثة إلى ساحات المعركة، بالإضافة لخطط معقدة وأحياناً مبالغ في تعقيدها حتى.
على الرغم من أن الكثير من الخطط التي تم تنفيذها في الحرب العالمية الثانية كانت غريبة أصلاً ومعقدة للغاية، فهي كانت أبسط وأقل غرابة بمراحل من العديد من الخطط التي رسمت على الورق لكن لم يتم تنفيذها أبداً، إما لكونها غير ممكنة أصلاً، أو لعدم الحاجة لها وتغير الأوضاع التي تستلزمها قبل أن يتم تنفيذها.
في هذه القائمة سنتناول بعضاً من أغرب هذه الخطط التي تم صياغتها ورسمها سواء من قوى الحلفاء: السوفييت بالإضافة لبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، أو دول المحور: ألمانيا واليابان، وإيطاليا كذلك.
عملية (بيرنهارد): المخطط النازي لتزوير العملة البريطانية
عشرة جنيهات مزورة من عملية (بيرنهارد) Bernhard خلال الحرب العالمية الثانية موسومة بتاريخ 18 يونيو 1934 – صورة: موقع London Coins
قبل أن يصبح الدولار الأمريكي هو العملة العالمية التي تستخدم بين الدول وتعد العملة الأقوى في العالم؛ كان هذا اللقب يعود للجنيه الإسترليني الذي يعد العملة البريطانية، وأكثر عملة منتشرة في العالم حينها بفضل الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس والممتدة في جميع قارات العالم دون استثناء من أستراليا حتى أمريكا الشمالية.
هذه القيمة الكبرى للعملة البريطانية تسببت بمخطط نازي كموح للغاية، يتضمن تزوير أوراق نقدية بريطانية بكميات كبيرة جداً ومن ثم إرسالها لإغراق السوق البريطاني بالمال، هدف هذا الإغراق هو التسبب بالتضخم (ارتفاع سعر السلع) وبالتالي إضعاف الاقتصاد البريطاني إلى حد بعيد، وحتى التسبب باضطرابات شعبية تقوض القوة البريطانية الكبرى.
كان الجزء الأول من العملية طباعة المال بالطبع، ولهذه الغاية فقد جمع النازيون أفضل خبرائهم في المجال، وحتى أنهم طوعوا بعض المختصين اليهود ممن أخرجوهم من معسكرات الاعتقال لهذه الغاية. سارت الأمور بشكل جيد في البداية حيث كان النازيون يطبعون قرابة مليون جنيه إسترليني (مع احتساب التضخم تساوي حوالي 60 مليوناً من عملة اليوم) بشكل شهري على مدار سنوات الحرب.
على أي حال فالجزء الثاني من الخطة لم يكن بقدر نجاح الجزء الأول، فمع أن النازيين تمكنوا من طباعة المال بكميات كبيرة فهم لم يتمكنوا من إدخاله إلى بريطانيا بسهولة من ناحية، وحتى لو نجحوا بإدخاله فكميات بالملايين لن تحدث تأثيراً كيراً حقاً على اقتصاد بلد يمتلك امبراطورية بحجم بريطانيا، لذا كان لا بد من استخدام المال لأغراض أخرى، وهذا ما فعله النازيون في الواقع حيث استخدموا الأموال المزورة لدفع المال للحكومات الأخرى وبالأخص إيطاليا، كما أنهم استخدموه للدفع لجواسيسهم حول العالم، ومن المثير للاهتمام هنا أن أحد الجواسيس النازيين من الجنسية التركية حاول مقاضاة الحكومة الألمانية بعد الحرب لأنها أعطته مالاً مزوراً، لكن محاولته باءت بالفشل ولم يحصل على أي تعويض. [مصدر] و[مصدر]
عملية (تاننباوم) Tannenbaum: المخطط النازي لغزو سويسرا
في حال نظرت إلى الخريطة أعلاه والتي تمثل الرايخ الثالث (الإمبراطورية الألمانية الثالثة، أو فترة الحكم النازي) في أقصى توسعها ستلاحظ أمراً غريباً، فعلى الرغم من أن الألمان كانوا يمتلكون السيطرة على معظم أجزاء القارة الأوروبية تقريباً، فهناك مكان أبيض في المنتصف غير خاضع للألمان، هذا المكان هو سويسرا التي بقيت حيادية خلال الحرب العالمية الثانية بأكملها متجنبة الاصطفاف مع دول المحور أو مع الحلفاء، وعلى الرغم من أن حياديتها لم تكن محط إعجاب أي من الطرفين (فكل طرف يرى العالم من وجهة نظر: إن لم تكن معي فأنت ضدي) فقد تمكنت من الحفاظ على استقلالها وأمانها.
لم يكن الزعيم النازي (أدولف هتلر) معجباً بسويسرا في الواقع، فمع نظامه الفاشي ورؤاه المتطرفة؛ كان وجود قوة حيادية ضمن إمبراطوريته التي يبنيها أشبه بوجود عدو في المنتصف، حيث يؤرخ أن (هتلر) قال متحدثاً إلى (موسوليني) –الزعيم الفاشي الإيطالي– أن سويسرا تمتلك أبغض وأتعس ناس ونظام سياسي، والسويسريون هم عدو أزلي لألمانيا الجديدة، لذا وبعد سقوط فرنسا عام 1940 بدأت المخططات والتجهيزات لغزو كامل لسويسرا ينهي نظامها السياسي ويضمها إلى الإمبراطوري الألمانية بالقوة، لكن هذا الغزو لم يحدث قط طوال سنوات الحرب.
لا يوجد سبب محدد لإيقاف مخطط الغزو، لكن هناك العديد من العوامل التي جعلت الأمر غير ممكن من ناحية، وغير ذي فائدة من الناحية الأخرى. فالسويسريون كانوا وسيلة للألمان للوصول للعملات الأجنبية وبالتالي إمكانية شراء البضائع والعتاد الضروري لجهودهم الحربية، كما أنهم رفضوا استقبال أي يهود أو لاجئين آخرين هاربين من بطش النازيين، وحتى أنهم سمحوا للألمان باستخدام السكك الحديدية السويسرية لوصول أسهل وأسرع إلى الأراضي الإيطالية الحليفة.
بالإضافة لما سبق والذي يجعل الغزو ضاراً للمصالح، فالأمر لم يكن سهلاً أصلاً، فسويسرا تقع بجزء كبير منها ضمن سلسلة جبال الألب وتمتلك طبيعة وعرة للغاية ومدنها محمية جغرافياً إلى حد بعيد، ومع انشغال الألمان في الجبهة الشرقية ضد السوفييت، وكون السويسريين قد جهزوا قوة عسكرية من قرابة نصف مليون شخص مجهزين بعتاد جيد ويمتلكون خبرة أفضل في المنطقة فمحاولة الغزو كانت لتكون فاشلة بامتياز، ويترتب عليها آثار سلبية على الألمان مع معاداة السويسريين لهم.
مشروع الحمامة: استخدام الحمام كنظام توجيه أفضل للصواريخ
في حال لم تكن قد سمعت سابقاً بالعالم (ب. ف. سكينر)، فبحث سريع على موقع غوغل سيظهر بسرعة أنه واحد من أهم علماء السلوكيات في التاريخ، ويعود الفضل إليه في العديد من الاكتشافات المهمة التي استخدمت لاحقاً في الكثير من الأبحاث ولعل أشهرها الإعلانات والألعاب. على أي حال، فأشهر تجارب (سكينر) كانت قدرته على إثبات قابلية التعلم والتكييف للحيوانات وبالأخص الحمام، الذي أجرى عليه العديد من التجارب أظهر قدرة تعليمه سلوكيات معينة محببة، وتجنيبه لأخرى مكروهة.
خلال فترة الحرب العالمية الثانية، كانت الأسلحة الصاروخية وبالأخص بعيدة المدى منها تفتقد لأي مستوى من الدقة، حيث كانت تعاني من غياب أنظمة التوجيه الحديثة فيها حينها، لذا فقد اقترح (سكينر) على الجيش الأمريكي استخدام الحمام الذي تم تدريبه مسبقاً لتوجيه الرؤوس الصاروخية وسواها بحيث تمتلك فرص إصابة هدف أعلى من السابق. تضمنت الخطة وضع حمامة أو أكثر أمام شاشة تعرض مشهداً مركزاً للهدف المفترض إصابته، وبمجرد أن يبتعد الهدف عن الشاشة تقوم الحمامات بنقر زر معين يقوم بإعادة معاسرة للحساسات وإعادة الصاروخ أو الطائرة إلى الهدف.
في البداية نجح (سكينر) بتأمين تمويل من الجيش للاستمرار بأبحاثه حول الموضوع وتطوير طريقته المبتكرة والغريبة للتوجيه، بالرغم مع وجود بعض النتائج غير أن هذا لم يشفع لمشروع الحمامة الذي تم الغاؤه في أكتوبر من عام 1944، بسبب اعتقاد صناع القرار أن استثمار المزيد من الوقت والمال في ذلك سوف يؤخر تطوير المشاريع الأخرى التي كان نجاحها واعدا أكثر.
لاحقاً قامت البحرية الأمريكية بدراسة الأمر مجدداً، وبدأت مجموعة جديدة من التجارب والاختبارات بداية من عام 1948، لكن بحلول عام 1953 كان المشروع قد ألغي كذلك بسبب التطورات الكبيرة في الإلكترونيات التي باتت دقيقة أكثر وأنهت أي حاجة لأسلحة موجهة بالحمام. [مصدر] و[مصدر]
قنبلة الخفافيش: المخطط الأمريكي لاستخدام الخفافيش لإحراق اليابان من السماء
مع اتجاه الحرب العالمية الثانية نحو نهايتها على الجهة الأوروبية وكون الولايات المتحدة قريبة للغاية من الأراضي اليابانية على جبهة المحيط الهادئ، فقد كان الأمريكيون يبحثون عن طرق فعالة تتيح لهم إجبار اليابانيين على الاستسلام غير المشروط دون الحاجة للغزو البري للبلاد، ومع كون اليابان كانت قد أنهكت بشكل كامل وباتت تفتقر للسلاح والعتاد وتعاني من دمار كبير في مدنها فالأمر لم يكن ليحتاج سوى بعض الهجمات القوية لفعل ذلك.
كان التصميم الأساسي لقنبلة الخفافيش يأتي بطول 3 أمتار ونصف وفق الشكل المعتاد للقنابل، لكن بدلاً من أن تنفجر؛ كانت القنبلة تفتح أثناء هبوطها وينطلق منها مئات الخفافيش الصغيرة التي ستبدأ بالانتشار في كل مكان باحثة عن مكان مظلم.
كل من هذه الخفافيش مزود بجهاز تفجير صغير من المفترض أن يقوم بالانفجار بعد وقت محدد من فتح القنبلة، ومع كون الخفافيش تنتشر بسرع على مساحة كبيرة، سيكون هناك العديد من الحرائق الصغيرة في كل مكان من المنطقة المستهدفة، وقد ينتشر أي منها ليصبح حريقاً كبيراً.
كانت القنبلة الخاصة بالخفافيش تحتوي على النابالم داخلها (مادة دبقة سريعة الاشتعال، من الصعب إزالتها أو إخماد لهبها بمجرد أن تشتعل)، وتم اختيار الخفاش المكسيكي حر الذيل (نوع صغير من الخفافيش) لهذه المهمة وبدأت التجارب على أهداف في الولايات المتحدة أولاً، ومع أن التجربة الأولى تسببت بحريق في قاعدة جوية أمريكية، فالتجربة الثانية والتي تمت على نموذج لقرية يابانية كانت ناجحة للغاية وآذنت ببدء استخدام السلاح.
لم يتم استخدام السلاح أبداً، فالأبحاث حول القنبلة النووية كانت قد أظهرت ثمارها وتقرر ضرب مدن يابانية بالأسلحة النووية لإرغامها على الاستسلام بسرعة.
عملية (داونفال): مخطط الحلفاء لغزو اليابان
كان قرار قصف مدينتي (هيروشيما) و(ناغازاكي) اليابانيتين بالقنابل النووية ولا يزال جدلياً إلى حد بعيد، فمع أن القرار كان يبرر بكونه الطريقة الوحيدة لإخضاع اليابانيين وإجبارهم على الاستسلام وإنهاء الحرب بسرعة، فالبعض يعتقد أن اليابانيين كانوا ليستسلموا على أية حال دون القنابل النووية أصلاً (ولو أن الفقرة التالية ستشرح كون ذلك خاطئاً تماماً). على أي حال، فالأمريكيون كانوا قد رسموا خطة بديلة لإجبار اليابان على الاستسلام في حال لم يتم استخدام القنابل النووية: الغزو الكامل للبلاد.
كان المخطط مكوناً من عمليتين جزئيتين ضمنه، فالأولى والمسماة (أوليمبك) كان من المفترض أن تبدأ في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1945 وتتضمن احتلال جزيرة (كيوشو) –الجزيرة الجنوبية من اليابان–، بينما الجزء الثاني والمسمى (كورونات) تضمن المرحلة الأصعب ربما وهي احتلال العاصمة (طوكيو) وتثبيت وجود قوات الحلفاء فيها تمهيداً للتمدد واحتلال باقي الأجزاء من اليابان بالاعتماد على 50 قسماً من الجيش الأمريكي، بالإضافة إلى مساعدة من القوات البريطانية.
بالطبع فمخطط الغزو لم يكن مثالياً أبداً، فقد كانت التقديرات تتوقع بين 300 ألف ومليون قتيل بين قوات الأمريكيين الغزاة، ومع كون اليابانيين كانوا قد نظموا قوات دفاع مدنية سابقاً فقد كان من المتوقع تنظيمهم لدفاعات مدنية في هذه الحالة أيضاً مما رفع توقعات الضحايا اليابانيين حتى 10 ملايين قتيل إجمالي.
بالطبع فالعدد الهائل من القتلى اليابانيين كان منطقياً ومتوقعاً، خصوصاً مع كون دخول الحلفاء إلى ألمانيا كان قد كلف أكثر من هذه العدد من الضحايا. على أي حال فالعملية لم تنفذ أصلاً كون القنابل النووية تم إسقاطها حقاً، وبعد أقل من عشرة أيام استسلمت اليابان بشكل غير مشروط. [مصدر] و[مصدر]
عملية (كتسوغو): دفاع اليابان ضد الغزو الأمريكي المتوقع
كما ذكرنا أعلاه، فبالوصول إلى عام 1945 كان اليابانيون قد خسروا معظم قواتهم المقاتلة وقدرتهم على القتال حتى، ولم يعودوا قادرين على إبقاء الحرب مع الأمريكيين فوق مياه المحيط الهادئ حيث بدا من الواضح أنها ستنتقل للأراضي اليابانية عاجلاً أم آجلاً، ومع كون اليابانيين لم يكونوا يعرفون عن القنابل النووية التي كانت قيد التطوير في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد توقعوا غزواً شاملاً يبدأ من إنزال بحري مشابه لإنزال (نورماندي) الذي قاد البريطانيين والأمريكيين لاستعادة فرنسا والوصول إلى ألمانيا بعدها. بالطبع فاليابانيون لم يكونوا ينوون الوقوف مكتوفي الأيدي، بل خططوا لكيفية الدفاع ضد هذا الغزو.
يعني اسم هذه العملية ”الدفاع“ باللغة اليابانية، وهذا ما كان يخطط له اليابانيون تماماً، فقد قاموا بسحب معظم قواتهم من كوريا ومنشوريا (الجزء الشمالي الشرقي من الصين الحالية) وبدأوا بنشرها في المناطق التي يتوقعون أن يقوم الحلفاء بإنزالات ضمنها لحمايتها إلى الحد الأقصى، كما أنهم بدأوا بتأسيس كتائب مقاتلة من المدنيين حيث تضمنت هذه الكتائب جميع الذكور الأصحاء من عمر 15 حتى عمر 60 عاماً، بالإضافة لجميع الإناث بين عمر 17 و40 سنة، وبالمجموع فقد كان تعداد هذه القوة حوالي 28 مليون شخص مخصصين لمواجهة الغزو.
بالإضافة لما سبق، فقد خطط اليابانيون لاستخدام كل ما تبقى لديهم من طائرات وغواصات وقوارب انتحارية في هجمات تفجير ذاتي ضد قوات الحلفاء في المحيط الهادئ لإضعافها إلى الحد الأقصى، لكن على الرغم من أن القوة البشرية اليابانية كانت هائلة حقاً من حيث التعداد، فقد كانوا يعانون من نقص كبير جداً في الوقود والمعدات والأسلحة، ولو أن الخطة جرت كما كان متوقعاً حيننها فالنسبة الأكبر من المقاتلين المدنيين كانوا ليقاتلوا بأسلحة بدائية مثل الرماح المصنوعة من الخشب والقصب.
على أي حال فالخطة لم تنفذ قط، فالهجوم النووي لم يترك خياراً أمام اليابانيين سوى الاستسلام.
مشروع (أميريكا): المخطط النازي لقصف الولايات المتحدة باستخدام طائرات طويلة المدى
كان النازيون خلال الحرب العالمية الثانية مهووسين بالوصول إلى الشواطئ الأمريكية وقصف الأمريكيين في بلادهم، فطوال الحرب تعرضت جميع البلدان لأضرار كبرى وقصف مستمر بينما أبقت الولايات المتحدة المعارك بعيدة عن أراضيها، وعدا عن الهجوم الياباني على (بيرل هاربر) –وهو ما بدأ الحرب بين الولايات المتحدة واليابان–، فالأمريكيون بقوا بأمان عن أخطار الحرب على عكس أنظارهم الأوروبيين والآسيويين.
بحلول عام 1942 كان هناك ثلاثة نماذج قيد التطوير لطائرات من الممكن استخدامها لهذه الغاية، وكانت من إنتاج ثلاث من أكبر شركات الطيران والتسليح الألمانية في ذلك الوقت، ومع كون محركات الطائرات كانت تحتاج لكميات كبيرة جداً من الوقود في ذلك الوقت؛ كان استخدام التصاميم التقليدية مستحيلاً، لذا تم التركيز على الطائرات المنزلقة التي لا تعتمد على محركات، بل تقلع باستخدام طائرة أخرى تجرها عن المدرج، وعند وصولها إلى الارتفاع المناسب تعتمد على الانزلاق مع التيارات الهوائية كما الطيور الكبيرة من حيث المبدأ.
كانت الطائرات المصممة كبيرة جداً، وتمتلك إمكانيات مناورة سيئة للغاية مما جعلها خياراً صعباً أصلاً، ومع كون أي منها لم تظهر نتائج مبشرة، فقد تم ترك المشروع الطموح والتركيز على الصواريخ والأسلحة الأخرى.
لاحقاً، حاول النازيون تنفيذ مخطط آخر للهجوم على الأمريكيين وذلك بحمل منصات صواريخ على الغواصات النازية بحيث تستطيع إطلاق الصواريخ على المدن الأمريكية الساحلية، واجه المشروع عقبات متكررة وتأخيرات عديدة، وبالوصول لنهاية الحرب سقطت المصانع والشركات المسؤولة عن تطوير المشروع أمام تقدم الحلفاء من الجبهتين الشرقية والغربية. [مصدر] و[مصدر]
عملية (فيليكس): الهجوم النازي على جبل طارق، وتحويل إسبانيا إلى بلد من بلدان المحور
بعد أن نجحت ألمانيا بالوصول إلى فرنسا وسقطت العاصمة باريس، سرعان ما وجه (هتلر) أنظاره نحو بريطانيا كونها العدو الثاني المهم والذي يجب التغلب عليه لضمان النصر، لكن على عكس فرنسا التي تتصل برياً بألمانيا، فبريطانيا تقع على جزيرة ولا تمتلك أية حدود برية مما يجعل اجتياحها ومحاولة احتلالها أمراً صعباً للغاية، خصوصاً مع كونها تمتلك قوة بحرية كبيرة جداً، لذا كان البديل لذلك هو الهجوم على مستعمرة جبل طارق البريطانية، فالمستعمرة الواقعة على المضيق الذي يحمل الاسم نفسه تمتلك قيمة استراتيجية كبرى، وسقوطها بيد الألمان كان من الممكن أن يكون مفيداً للغاية.
بالطبع فمحاولة الهجوم البحري على جبل طارق كانت أمراً صعباً للغاية بوجود حامية قوية هناك ودفاعات وتحصينات موجهة نحو البحر، لكن من البر الأمر مختلف إلى حدي بعيد، ويمكن أن تسقط المستعمرة بسرعة لولا مشكلة واحدة فقط: للوصول إلى جبل طارق يجب أن تمر القوات النازية عبر إسبانيا التي كانت حيادية تماماً في ذلك الوقت، وسماحها للنازيين بالمرور للهجوم على مستعمرة بريطانية كان ليعد انحيازاً واضحاً لدول المحور ويجعل كلاً من الأمريكيين والفرنسيين والسوفييت أعداء لها.
خلال ذلك الوقت كانت إسبانيا محكومة بقبضة حديدية من قبل الدكتاتور الشهير الجنرال (فرانكو)، ومع أنه لم يكن ليختلف حقاً عن دول المحور في سياساته وتوجهاته، فقد كان وصل إلى السلطة بعد حرب أهلية مزقت إسبانيا وأضعفتها إلى حد بعيد للغاية، ومع كون أعداءه الداخليين كانوا شيوعيين أصلاً، فالعبث مع الحلفاء لم يكن خياراً جيداً لألا يعطي فرصة للسوفييت بدعمهم وخلق المزيد من المشاكل الداخلية.
في النهاية استمر رفض (فرانكو) الانحياز لجانب (هتلر) و(موسوليني) من الحرب، وقد أفادته حياديته تلك في الواقع، فقد استمر بحكم إسبانيا لأكثر من ثلاثين عاماً تالياً. [مصدر] و[مصدر]
مشروع (حبقوق): حاملة الطائرات المصنوعة من الجليد
خلال الحرب العالمية الثانية كانت فكرة السفن الحاملة للطائرات غير موجودة بشكل حقيقي بعد، فالطائرات كانت تحتاج لمدارج طويلة لا تكفيها السفن من جهة، وكانت تمتلك دقة وتوجيهاً أسوأ بكثير من العصور التالية بطبيعة الحال، لكن غياب وجود سفينة حاملة للطائرات لم يمنع مخترعاً بريطانياً باسم (جوفري بايك) من التفكير بنوع آخر من حاملات الطائرات، معتمداً بذلك على فكرة كون الجليد يطفو على الماء من جهة، وكونه قابل للوضع في المكان المطلوب دون أن يذوب كون المخطط كان لشمال الأطلسي حيث تسمح التيارات المائية الباردة ببقاء الجليد صلباً في عدة أشهر في السنة.
قام (بايك) بإنشاء نموذج مصغر تم صنعه في بحيرة بحيرة (باتريسيا) في (ألبرتا) بكندا. كان النموذج بطول ثمانية عشر متراً وعرض تسعة أمتار فقط، لكنه كان مكلفاً جداً من ناحية بالإضافة إلى كونه يزن ألف طن
لسوء حظ (بايك) فالتجارب على مسطحات جليدية مكونة من الجليد فقط لم تكن ناجحة، فقد كانت هذه المسطحات سهلة التدمير للغاية بأي انفجار قريب يؤدي إلى تحطمها إلى أجزاء صغيرة، كما أنها لم تكن قادرة على تحمل وزن الطائرات أو المعدات والمخازن المفترض وضعها عليها لتحويلها لمحطة تذخير وتعبئة وقود للطائرات الحربية.
ومن باب الصدفة، كان باحثان في المعهد التقني في (بروكلين) في (نيويورك) قد نجحا في اكتشاف أنه إن تم مزج الخشب أو نشارة الخشب مع الماء وجمّدا، فينتج عن ذلك مادة أقوى بأربعة عشر مرة من الجليد الفعلي، وأقسى من الخرسانة. أطلق على هذه المادة الرائعة اسم (بايكريت) تيمنا بالعالم (بايك).
لاحقاً، عند المقارنة مع المخطط الأصلي تبين أن التكلفة والوزن سيكونان أكبر بكثير من أي فائدة حقيقية من الممكن استخدامها، حيث كان الخشب في ندرة كبيرة، ومنه فإن بناء سفينة (حبقوق) واحدة فقط كان ليؤثر على صناعة الورق بشكل سلبي وكبير جدا، وبحلول عام 1943 كان جميع داعمي (بايك) السابقين قد تخلوا عن المشروع وتم إلغاؤه نهائياً.
عملية (بايك): مخطط الحلفاء لتدمير حقول النفط السوفييتية
عام 1939 ومع بداية التوتر على الجبهة الأوروبية من النمو الكبير للقوة الاقتصادية والعسكرية لألمانيا وقبل شهر واحد من الغزو الألماني لبولندا، حصل أمر غير متوقع حيث وقع الألمان والسوفييت اتفاقية عدم اعتداء بحيث لا يقوم أي من الطرفين بمحاربة الآخر أو محاولة احتلال أراضيه والإضرار بمصالحه. كانت هذه الخطوة أمراً كبيراً جداً بالنسبة للفرنسيين والبريطانيين، فعدا عن كون الحرب مع النازيين تبدو قادمة لا محالة، فاتفاقية من هذا النوع أظهرت احتمال تعاونهم مع عدو آخر لغرب أوروبا: روسيا الشيوعية، خصوصاً وأنها كانت تتضمن بنوداً سرية عن التقسيمات المستقبلية لأوروبا الشرقية بين القوتين.
بالطبع فقد انهار الاتفاق تماماً بحلول عام 1941 مع غزو النازيين للاتحاد السوفييتي بعد إحكام النازيين لسيطرتهم على الجزء الغربي من القارة، لكن في عام 1939 كانت الأمور مختلفة للغاية، وبالنسبة للفرنسيين والألمان فتحالف نازي سوفييتي كان ليشكل كابوساً يجب التعامل معه، والشكل الأفضل لذلك هو تفجير حقول النفط السوفييتية المتوزعة في القوقاز، بحيث يدمر ذلك القدرات السوفييتية من ناحية، ويمنعهم من تزويد النازيين بالوقود الضروري للحروب طبعاً.
بدأ رسم الخطة في مطلع عام 1940، حيث خطط البريطانيون والفرنسيون لضرب حقول النفط هذه من قواعدهم المتوزعة في سوريا وإيران. لم يتم تنفيذ المخطط في وقته نظراً لكون فرنسا سقطت تحت السيطرة النازية خلال عام 1940، وانشغل البريطانيون جداً بالهجمات النازية المتكررة من البحر والجو بحيث لم يبادروا بأي هجمة وحيدة على السوفييت.
لاحقاً عادت فكرة الهجوم على حقول النفط السوفييتية للظهور مجدداً عام 1942 عندما اقترب النازيون من إسقاط الاتحاد السوفييتي والاستيلاء على حقول النفط الخاصة به.
عملية (أنثينكيبول): مخطط الحلفاء للهجوم على الاتحاد السوفييتي
قبل قيام الحرب العالمية الثانية أصلاً، كانت العلاقات بين الشطرين الشرقي والغربي من أوروبا متوترة للغاية، فبينما الدول الغربية تمتلك أنظمة اقتصادية رأسمالية وأنظمة سياسية قائمة على الديموقراطية والانتخابات للوصول إلى السلطة، فقد كان الشرق يتبع الشيوعية التي تشكل النقيض التام للرأسمالية الغربية، كما أن تولي (جوزف ستالين) وقبضته الحديدية للأمور كان دليلاً واضحاً على الآلية التي ستعمل فيها الأمور هناك، مع حزب واحد وحكم واحد ولو تغيرت الوجوه، وعلى الرغم من أن فرنسا وبريطانيا وحتى الولايات المتحدة كانت في نفس الخندق مع السوفييت ضد العدو المشترك المتمثل بألمانيا النازية، فالعداوة لم تكن قد انتهت أبداً.
عند زوال العدو المشترك المتمثل بالنازيين، بات من الواضح أن أوروبا ستعاني سنوات طويلة من التوتر بأفضل الحالات، وحرباً عالمية ثالثة في أسوأها، فالسوفييت كانوا قد سيطروا على الشطر الشرقي من القارة بشكل كامل وصولاً إلى ألمانيا الشرقية، ونواياهم تجاه التوسع العالمي كانت واضحة للغاية ومخيفة جداً للبلدان الأوروبية الأخرى، لذا فقد كانت فكرة شن الحرب مجدداً على السوفييت خياراً مطروحاً في الواقع، لكن المطالبين بها لم يكونوا الأمريكيين، بل رئيس الوزراء البريطاني الشهير (ونستون تشرشل).
اعتمد جزء كبير من رغبة (تشرشل) بالقيام بهذا الهجوم الكبير على السوفييت على القنابل النووية التي طورتها الولايات المتحدة وقصفت اليابان بها، لكن القنبلتين اللتين قصفتا اليابان كانتا الوحيدتين في الواقع حينها، ولم يكن من الممكن أن يتم قصف السوفييت نووياً، كما أن أي هجوم بري كان ليكون مكلفاً جداً وخاسراً بشكل شبه محتوم بسبب التفوق العددي والتسليحي الكبير حينها.
قاد عدم تنفيذ المخطط إلى سيناريو الحرب الباردة المعروف، والتوتر النووي الذي استمر لعقود قبل أن تنهار ألمانيا الشرقية ويسقط جدار برلين متبوعاً بانهيار الاتحاد السوفييتي نفسه. [مصدر]
خطة (رابر): مشروع الغزو الأمريكي للبرازيل
خلال الحرب العالمية الثانية؛ كان هناك العديد من البلدان الحيادية والغير مشاركة في الحرب، وبالأخص بلدان أمريكا الجنوبية التي لم تأخذ طرف أي من الحلفاء أو دول المحور، لكنها كانت تمتلك ميلاً أكبر نحو دول المحور كون بعضها مثل البرازيل والأرجنتين كانت محكومة من قبل أنظمة فاشية دكتاتورية، ومع أن موقف البرازيل لم يكن يميل إلى طرف النازيين بقدر الموقف الأرجنتيني (هناك نظريات مؤامرة عن كون هتلر هرب إلى الأرجنتين ولم يمت في ألمانيا) فقد كانت هدفاً محتملاً للغاية لغزو أمريكي ذي طابع دفاعي.
بالنسبة للأمريكيين، فالعامل الأهم في الحرب العالمية الثانية كان كونها تجري بعيداً عن أراضيهم وعبر المحيط الأطلسي، وبينما أنها تؤثر على الجنود الأمريكيين بالطبع؛ فالعامة كانوا بعيدين عن الخطر بسبب غياب أي منافذ سواء لليابانيين أو النازيين في النصف الغربي من الكرة الأرضية، لكن على عكس اليابانيين فالنازيون كانوا يمتلكون متعاطفين معهم وأماكن محتملة للاعتماد عليها لغزو القارة وبالأخص شمال البرازيل، ومع كون الأمريكيين يريدون النازيين بعيدين عنهم قدر الإمكان، فقد تم طرح مشروع غزو البرازيل والاستيلاء على أهم مدنها الشمالية.
تم اقتراح الخطة للمرة الأولى عام 1941، خصوصاً مع احتمال وصول النازيين إلى البرازيل عبر أفريقيا، وكان من المفترض أن تقوم البحرية الأمريكية بغزو مدن البرازيل الشمالية الشرقية مثل (فورتاليزا) و(ريسيفي) و(ناتال).
لم تنفذ الخطة أبداً، لكن مخطط الغزو استخدم كورقة ضغط وتخويف على الرئيس البرازيلي حينها، وتحت التهديد وافق على وضع ”مستشارين“ أمريكيين في قواعده الجوية، ومع دعم أمريكي بالسلاح حددت البرازيل موقفها المؤيد للحلفاء بحلول عام 1942.
عملية (أف أس): المخطط الياباني لحصار وعزل أستراليا لإرغامها على الاستسلام
في عام 1941 قام اليابانيون بهجوم (بيرل هاربور) على الولايات المتحدة الامريكية، وبذلك بدأوا حربهم على الولايات المتحدة في المحيط الهادئ، ومع أن أستراليا لم تكن مشاركة في الحرب في ذلك الوقت، فكونها مستعمرة بريطانية سابقة وعلاقاتها القوية مع الولايات المتحدة وبريطانيا جعلاها مكاناً استراتيجياً للحلفاء قد يستخدم للهجوم على اليابان وتحقيق مكاسب كبرى عليها، لذا وفي عام 1942 خطط اليابانيون لمحاولة إنهاء هذا التهديد بشكل نهائي وعزل أستراليا عن أن تكون مصدراً لأي تهديد من الحلفاء.
سميت الخطة اليابانية باسم (أف أس) FS، ومع أنها كانت تستهدف أستراليا بالمحصلة فلم تتضمن غزواً مباشراً أو هجوماً على أستراليا حتى، كون الأمر مكلفاً جداً وصعب التحقيق أصلاً، لكنها تضمنت الهوم على واحتلال كل من جزر (فيجي) و(ساموا) و(كاليدونيا الجديدة) في المحيط الهادئ، ومن ثم فرض حصار على أستراليا لإجبارها على الاستسلام أو التحالف مع دول المحور بشكل يقوي موقف اليابان في المحيط الهادئ.
لاحقاً تعرض اليابانيون لخسارة كبرى في معركة (ميدواي) وتعرضت بحريتهم لضربة قوية أجبرتهم على التخلي عن الفكرة، والتركيز على قتال الأمريكيين بدلاً من ذلك.
عملية (لونغ جمب): مخطط اغتيال رؤساء الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي ورئيس وزراء بريطانيا في إيران
وفق الرواية السوفييتية، ففي عام 1943 كان النازيون قد تجسسوا على الاتصالات البحرية الأمريكية وكسروا تشفيرها ليكتشفوا اجتماعاً على مستوىً عالٍ جداً سيحدث في طهران بين (ستالين) رئيس الاتحاد السوفييتي والرئيس الأمريكي (روزفلت) بالإضافة إلى رئيس الوزراء البريطاني (ونستون تشرشل)، لذا فقد اقترح النازيون خطة للتخلص من القادة الثلاثة الأساسيين للحلفاء دفعة واحدة باغتيالهم في طهران أثناء المؤتمر. وفق السوفييت؛ حصلت الخطة على موافقة (هتلر)، وتم تعيين ضابط الشرطة السرية (أوتو سكورزني) للقيام بالمهمة.
عام 1943؛ سافر فريق نازي من ستة جواسيس نازيين إلى إيران، ومن هناك التقط السوفييت بثّهم إلى ألمانيا وتم إلقاء القبض عليهم وإفشال الخطة، وقام (ستالين) برواية الأحداث إلى كل من (تشرشل) و(روزفلت)، مع كون كل من الطرفين لم يقتنع حقاً بالقصة وشك بمصداقيتها بسبب غياب أي مصدر غير سوفييتي يؤكدها.
لاحقاً وبعد سقوط النازيين ونهاية الحرب العالمية الثانية، جرى تحقيق مع شخصيات أساسية في الاستخبارات الألمانية ومنهم (سكورزني) نفسه، لكنهم نفوا جميعاً وجود هكذا خطة أصلاً مما زاد الشكوك حولها.
المصدر: دخلك بتعرف