صحافةعلوم وتكنولوجيامناخ

الطاقة المتجددة.. سلاح تركيا لمواجهة التغير المناخي

أولت تركيا أهمية خاصة لأمن الطاقة والاكتفاء الذاتي، وزادت الاستثمارات في توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة ازديادًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، وأصبحت تركيا حاليًا واحدة من أكبر 10 أسواق لتكنولوجيا الطاقة المتجددة في العالم.

وبالتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية، وبناء على الخطة الإستراتيجية 2019-2023 لوزارة الطاقة والموارد الطبيعية التركية، تسعى تركيا إلى زيادة نسبة إجمالي الكهرباء المركبة الموَلَّدة من مصادر الطاقة المحلية والمتجددة من 59% إلى 65%.

وتهدف تلك الخطة للوصول إلى 32,037 ميغاواط من الطاقة الكهرومائية و2884 ميغاواط من الطاقة الحرارية الأرضية والكتلة الحيوية و11,883 ميغاواط من طاقة الرياح و10,000 ميغاواط من الطاقة الشمسية، لتبلغ 56,804 ميغاواط من المصادر المتجددة بحلول عام 2023.

واحتلّت تركيا، العام الماضي، المرتبة الخامسة في أوروبا لتوليد الكهرباء من مصادر متجددة، وأصبحت تركيا الآن مصدِّرًا رئيسًا لمكونات وتكنولوجيا طاقة الرياح، إذ تصدّر منتجاتها إلى أكثر من 45 دولة.

استثمارات الطاقة المتجددة

تسعى تركيا لتحقيق هدفين رئيسيْن، هما الاستقلالية وأمن الطاقة، بفضل وفرة إمكانات الطاقة المتجددة لديها، كما تهدف إلى تخفيف العبء الاقتصادي لواردات الطاقة وتعويض جزء من عجزها التجاري وتحقيق الأهداف البيئية.

وتعتزم الحكومة التركية الحدّ من آثار التغير المناخي، من خلال زيادة حصة الطاقة المتجددة، وتحتاج تركيا إلى استثمار 130 مليار دولار لتحقيق أهدافها في مجال الطاقة المتجددة؛ إذ انصَبَّ اهتمام وزارة الطاقة التركية على زيادة حصة الموارد المحلية وتقليل الاعتماد على الموارد الأجنبية.

توليد الكهرباء بالمصادر المتجددة

وفقًا لبعض الخبراء والمحللين، وصلت تركيا إلى هدفها قبل 4 سنوات في مجال الرياح و7 سنوات في الطاقة الشمسية، ووظفت الكثير من الإمكانات، ولكن هذا التحول لم يكن سهلًا.

ويشير المحللون إلى أن تركيا التزمت بتوليد 26 غيغاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية بحلول عام 2030، في بيان مساهمتها الوطنية ضمن نطاق اتفاقية باريس للمناخ.

وأصبحت مزارع الرياح التابعة لشركة نقل الكهرباء التركية أكبر مصدر لتوليد الكهرباء في البلاد لأول مرة في التاريخ، إذ تمثّل 6% من 791 ميغاواط/ساعة من إنتاج الكهرباء اليومي في تركيا.

وتصل القدرة الإجمالية لمزارع الرياح في تركيا الآن إلى 10585 ميغاواط، وهي ثاني أكبر مصدر لإنتاج الطاقة المتجددة في البلاد، بعد محطات الطاقة الكهرومائية.

في المقابل، تنتج محطات توليد الكهرباء بالغاز نحو 22% من إجمالي الكهرباء التي تحتاجها تركيا، ما يضعها في المرتبة الثانية، وتسهم الكهرباء التي تولّدها محطات توليد الكهرباء بالفحم، بحصة 17.8% من استهلاك الكهرباء في البلاد، لتكون في المرتبة الثالثة.

وفي حين تمثّل زيادة إنتاج مزارع الرياح إلى أكثر من 10 آلاف ميغاواط خطوة كبيرة بتطوير مصادر الطاقة المتجددة في تركيا، فإن الطاقة الإنتاجية لمحطات الطاقة الكهرومائية تُعدّ أكبر مصدر للطاقة النظيفة في البلاد.

تحوّل الطاقة في تركيا

وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، فإن نحو 80% من قدرة الطاقة المتجددة التي ستُستخدم في تركيا، 2021-2026، ستكون من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وقد ضاعفت قدرة الطاقة المتجددة التي جهّزتها تركيا العام الماضي السعة المسجلة في عام 2019.

وتهتم تركيا بالتركيز على استدامة قطاع الطاقة، وتقليل انبعاثات الكربون، من أجل إنشاء اقتصاد حديث وتنافسي.

ويوصي الخبراء بإعادة النظر في دور محطات توليد الكهرباء المولّدة من فحم الليغنيت ضمن مستقبل منخفض الكربون وتحديد أهداف جديدة، لأن الانبعاثات الصادرة من قطاع الكهرباء في تركيا زادت بنسبة 43% في السنوات الـ10 الماضية.

وقد نوّعت تركيا موارد الطاقة لديها في السنوات الـ10 الماضية؛ إذ أظهرت الطاقة المتجددة، وخصوصًا الطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، نموًا لافتًا في هذه المدة، إضافة إلى إحراز تقدّم ملموس في تحرير أسواق الطاقة وتعزيز أمن الطاقة.

الأهداف المناخية

كشف مؤتمر المناخ كوب 26، الذي عُقِد في مدينة غلاسكو، نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن بطاقات قياس أداء المناخ لـ60 دولة، بما في ذلك تركيا والاتحاد الأوروبي.

وبموجب مؤشر المناخ لعام 2021، الذي نشرته المنظمتان البيئيتان “جيرمان ووتش” ومعهد “نيو كلايمت”، احتلّت تركيا المرتبة 42 في الترتيب العامّ.

وأُخِذَت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتطوير الطاقات المتجددة واستهلاك الطاقة ومعايير سياسة المناخ التي تتّبعها الحكومة في الحسبان، عند إنشاء القائمة التي تشمل الاتحاد الأوروبي و 60 دولة تنتج 92% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم.

وصُنِّفَت تركيا بين الدول ذات الأداء المنخفض في ترتيب القائمة.

علاوة على ذلك، احتلّت تركيا المرتبة 36، وأُدرِجَت مرة أخرى في عِداد البلدان ذات الأداء المنخفض، بتقييم منفصل أُجْرِي وفقًا لمعايير انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وأشار التقييم إلى أنه، بالإضافة إلى البرازيل وتركيا وإندونيسيا، انضمت الهند هذا العام إلى دول مجموعة الـ20 ذات الأداء العالي في معيار الطاقة المتجددة، بينما تراجعت المملكة المتحدة من فئة الأداء العالي إلى فئة الأداء المتوسط.

وزاد استثمار تركيا في الطاقة المتجددة السنوات الأخيرة، لأنه يقلل من موارد الطاقة الأجنبية لتركيا.

ومع أن تركيا لم تحرز تقدمًا كبيرًا في معالجة تغير المناخ، فبوسعها إيلاء المزيد من الاهتمام بالطاقة المتجددة لاستخدامها بما يتماشى مع الأهداف البيئية، إذ سيؤدّي تنويع مصادر الطاقة دورًا مهمًا في سياسة الطاقة التركية.

من جهتها، يمكن لشركات الطاقة التركية أن تصبح مُصدِّرة للألواح الشمسية والتوربينات، وبوسع الحكومة التركية توفير المزيد من ظروف العمل من خلال زيادة الاستثمار في الطاقة النظيفة.

* أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب “دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001”.

المصدر: الطاقة
أومود شوكري – ترجمة: نوار صبح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى