علوم وتكنولوجيا

باحثون يبتكرون تقنية أسرع وأكثر كفاءة لمراقبة الفيضانات وتقييم آثارها المدمرة عبر الأقمار الصناعية

ابتكر الباحثون في جامعة “كوينزلاند” الأسترالية تقنية جديدة لمراقبة الفيضانات، تعتمد على استخدام أقمار صناعية مزودة بأجهزة استشعار للتصوير بالرادار لرؤية الغيوم، والتي يمكن من خلالها تحسين رسم خرائط الفيضانات وتوقعات أحداثها.

وقال الباحثون في دراستهم التي نشرت في دورية “ريموت سينسنغ” (Remote Sensing)، إن هذه التقنية يمكن أن توفر معلومات أسرع وأكثر تفصيلا تساعد على مواجهة الفيضانات المدمرة للبيئة بكل مكوناتها البشرية والطبيعية، وتعمل أيضا على تقييم الأضرار بعد وقوع الكارثة، كما تساعد في التخطيط لجهود التعافي وإصلاح آثار ما دمرته تلك الفيضانات مباشرة بعد حدوثها.

الحاجة إلى تحسين مراقبة الفيضانات

مع التغيرات المناخية التي يشهدها كوكب الأرض، أصبحت الفيضانات التي تتجاوز حدودها الطبيعية، من أكبر الكوارث انتشارا في كل مكان في عالمنا المعاصر، إذ إنها تعمل على إتلاف المنشآت والمنازل وتتسبب في جرف الطبقة العليا للتربة، وقد تؤدي إلى فيضان الأنهار والبحار على الشواطئ.

ويقول البيان الصحفي الصادر من جامعة كوينزلاند في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي “شهدت أستراليا عواقب وتأثيرات يمكن أن تشكل ما يمكن اعتباره عواقب ظاهرة “النينيا” (La Niña)”.

وتتجلى بعض الأنماط المناخية المدمرة للطبيعة بسبب الفيضانات في تلك الجداول المنتفخة والمشبعة بالمياه، والأنهار التي تفيض على ضفافها مع زحف الفيضانات ببطء وأحيانا بسرعة مخيفة.

ويضيف البيان “تشترك هذه الأحداث في شيئين، الأرض الرطبة التي لا يمكنها ببساطة امتصاص المزيد من المياه، والحاجة إلى تحسين مراقبة الفيضانات حتى نتمكن من تقييم التغيرات المناخية والاستجابة لها بشكل أفضل”.

ويقول البروفيسور نعوم ليفين من كلية علوم الأرض والبيئة بجامعة كوينزلاند في تصريحه الذي تضمنه بيان الجامعة إن “مراقبة الفيضانات في البلدان والمدن تمثل تحديا كبيرا، حيث غالبا ما ترتفع مياه الفيضانات ثم تنحسر في غضون أيام قليلة، وبالتالي تبرز الحاجة إلى تحسين مراقبة الفيضانات حتى نتمكن من تقييم التغيرات المناخية والاستجابة لها بشكل أفضل”.

تقنية جديدة متطورة

ووفقا للبيان فإن رصد الفيضانات يمثل تحديا، خاصة في ما يتعلق برصد تغيراتها السريعة والأضرار المترتبة عن تلك التغيرات. ومن المفارقات في هذه التقنية الجديدة أن المساعدة في رصد الفيضانات والتنبؤ بتأثيراتها، ووضع الاستعدادات والخطط لمواجهتها يمكن أن تأتي من الغيوم المسؤولة عن تلك الفيضانات المسببة للكوارث.

وحول التقنية الجديدة التي ابتكرها الفريق العلمي في جامعة كوينزلاند يقول البروفيسور ليفين إنها “تتمثل في مشروع لجمع صور من “الأقمار الصناعية الضوئية” (optical satellites) مع معلومات من “أقمار التصوير بالرادار” (radar satellites)، وهي امتداد لجهود علمية سابقة في استخدام الأقمار الصناعية في رصد الفيضانات، حيث قدمت الأقمار الصناعية الكبيرة في الماضي صورا كل 7 إلى 14 يوما، بينما يمكن الآن لمجموعات من الأقمار الصناعية الصغيرة جمع عدة صور يوميا في الموقع نفسه”.

التصوير في الظلام

ووفق بيان الجامعة فإن ما يميز التقنية الجديدة هو قدرتها على التصوير في الظلام، حيث يمكن أن توفر مستشعرات التصوير بالرادار صورا في الليل، أو في الأيام ذات الغطاء السحابي السميك، وهي ميزة كبيرة في الظروف العاصفة.

ولمواجهة الغطاء السحابي والدخان يستخدم الباحثون “فلاشا ضوئيا” مثل فلاش الكاميرا، ويتم إرسال الضوء بأطوال موجية تتراوح بين 1 مليمتر و1.0 متر يمكنها أن تمر عبر السحب والدخان.

وحول ميزة التصوير في الظلمة وتجاوز الأغطية السحابية والدخانية يقول ليفين “مكنتنا هذه الخاصية في التقنية الجديدة من أن نرى المناطق التي أصبحت مظلمة مع زحف مياه الفيضان”.


من ناحية أخرى كان الباحثون قد أجروا تجارب على هذه التقنية الجديدة خلال فيضانات “بريسبين” (Brisbane)، عاصمة ولاية “كوينزلاند” الأسترالية، في فبراير/شباط 2022، إذ دمج الباحثون -عند رصدهم لتلك الفيضانات- صور الأقمار الصناعية النهارية التي تُظهر مدى الفيضان مع رادار التصوير وبيانات الليل البصرية للأضواء المرتبطة بالنشاط البشري.

ويقول ليفين إن هذه التقنية يمكن أن تلعب دورا حيويا في حماية الأستراليين أثناء أحداث الفيضانات المستقبلية. ويضيف “بالمقارنة مع تقنيات مراقبة ونمذجة الفيضانات الحالية، يمكن للأقمار الصناعية أن تغير الطريقة التي نراقب بها أحداث الفيضانات الكبرى، وفهم كيفية حدوثها، وتوجيه الاستجابات لحالات الطوارئ وغيرها”.

المصدر : مواقع إلكترونية + الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى