“نقلة ثورية” أول محطة غاز مسال في ميناء المحمدية.. “مشروع عملاق” سيحقق “الإكتفاء الذاتي” وسيمد محطات الكهرباء الأوربية بالطاقة
ستكون أول محطة غاز مسال في المغرب من المشروعات العملاقة المرتقبة التي تعمل الحكومة على إنجازها خلال الآونة الحالية.
وتخطط الحكومة لبناء المحطة في ميناء المحمدية بديلاً لخط أنابيب المغرب العربي-أوروبا.
وفي هذا الإطار، أطلقت الوكالة الوطنية للموانئ دعوة لتقديم عطاءات لاستكمال دراسة المحطة الفرعية “سي” في ميناء المحمدية.
وحددت الوكالة موعد غلق باب تقديم العطاءات في 25 يناير/كانون الثاني، بحسب ما ذكره موقع موروكو ورلد نيوز، في متابعة لمشروع أول محطة غاز مسال في المغرب.
أول محطة غاز مسال
أفادت وسائل الإعلام المحلية أن ميناء المحمدية سيستضيف أول محطة للغاز المسال في المغرب مزوّدة بوحدة عائمة للتخزين وإعادة التغويز.
وقالت، إن الدراسة -التي من المقرر إجراؤها في غضون 7 أشهر- تتضمن عدّة مهام، من بينها تحليل البيانات وإجراءات السلامة والإرساء والتصميم الأولي.
وتعتزم الوكالة الوطنية للموانئ دراسة تنفيذ المشروع لتعزيز إستراتيجية المغرب في توريد الغاز الطبيعي وضمان كفاءة إنتاجية ميناء المحمدية.
كان وزير التجهيز والنقل واللوجستيك السابق، عزيز رباح، قد أطلق الدعوة الأولى لتقديم العطاءات في أبريل/نيسان من العام الماضي، لبناء وحدة يمكنها تحويل الغاز المسال إلى غاز طبيعي قبالة سواحل المغرب.
ومن خلال المشروع، سيصبح من الممكن تصدير الغاز الطبيعي المسال المغربي بحرًا، وإعادة تحويله إلى غاز وتوزيعه بعد ذلك على العملاء الصناعيين ومحطات الكهرباء التي يديرها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعلنت وزارة الانتقال الطاقي تمديد مدة العطاءات بعدما أبدت العديد من الشركات العالمية اهتمامها بالمناقصة، مثل شركة ساوند إنرجي البريطانية المسؤولة عن تمويل المرحلة الأولى من حقل تندرارة المغربي.
بدائل الغاز الجزائري
منذ أن توقفت الجزائر عن إمداد المغرب بالغاز في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تعكف الحكومة المغربية للبحث عن مصادر بديلة لتأمين مصادر الطاقة.
ويُعدّ مشروع أول محطة غاز مسال في المغرب بديلاً لخط أنابيب المغرب العربي-أوروبا، الذي يمدّ إسبانيا بالغاز الطبيعي من الجزائر عبر المغرب.
وقالت وزيرة الانتقال الطاقي بالحكومة المغربية، ليلى بنعلي، إن استهلاك البلاد من الغاز سيرتفع من مليار متر مكعب في 2021 إلى 3 مليارات متر مكعب في 2040.
ومن المتوقع أن يبلغ إنتاج المغرب من الغاز المحلي 110 ملايين متر مكعب هذا العام، لكنه سيُظهر آفاقًا واعدة بعد اكتشاف شركات النفط العديد من الآبار في جميع أنحاء البلاد.
وترى السلطات المغربية أن الغاز الطبيعي المسال مصدرًا نظيفًا للحصول على الطاقة، ويناسب أهداف البلاد المتعلقة بخفض انبعاثات الكربون.
الموانئ المغربية
تحول الشأن المينائي بالمغرب الى مادة دسمة للاعلام الدولي، حيث تواثرت المقالات و التقارير الاعلامية المشيدة بالسياسة المينائية للمملكة المغربية .
و تركز أغلب المقالات على ميناء طنجة المتوسطي الذي تحول الى قطب بحري كسر احتكار موانئ تقليدية بكل من ايطاليا و فرنسا و اسبانيا و جبل طارق، و غذا يربط 186 ميناء حول العالم، حيث تمكن العام الماضي من مناولة 5.77 مليون حاوية كانت على متن 9702 سفينة، بنسبة نمو 20 في المئة مقارنة مع 2019، متجاوزا الظروف الطارئة التي واجهت حركة التجارة بسبب بجائحة كورونا.
وبلغ الحجم الإجمالي للتحميل والمناولة في الميناء خلال 2020 نحو 81 مليون طن، تشكل 47 في المئة من إجمالي الحمولة التي تعاملت معها كافة موانئ البلاد البالغة قرابة 171 مليون طن.
وكالة الاناضول التركية تناولت الملف حيث أشارت الى خطاب العاهل المغربي محمد السادس الذي أعطى الضوء الاخضر للشروع في تطوير الميناء، حيث جاء فيه «ميناء طنجة نعتبره حجر الزاوية لمركب ضخم مينائي ولوجستي صناعي وتجاري وسياحي».
وأضاف «المغرب في هذا المشروع يعمق جذور انتمائه للفضاء الأورومتوسطي ولمحيطه المغاربي والعربي، ويعزز هويته المتميزة كقطب للتبادل بين أوروبا وافريقيا، وبين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي».
و استطردت في استعراض المحطات التاريخية التي قطعها الورش الذي انتهي في 2019 بعد قرابة 17 عاماً من العمل على مراحل. وأصبح اعتبارا من ذلك العام الأكبر في افريقيا والمتوسط، حسب تصريحات للعاهل المغربي وبيانات منشورة على موقع الميناء الرسمي.
كما تناولت الاستراتيجية الوطنية المينائية مبرزه أنه من أصل 14 ميناءً تجارياً، منها 9 رئيسية، تحول المغرب إلى أحد أهم المناطق اللوجستية في القارة الافريقية، حيث يصنف الأول على مستوى القارة في قطاع المناولة والتحميل البحري.
وتتجه البلاد خلال وقت لاحق من العام الجاري، إلى الانطلاق في مشروع بناء ميناء الداخلة الأطلسي (جنوب غرب) بتكلفة تقدر بـ10 مليارات درهم (1.12 مليار دولار).
كما ستعطى انطلاقة أعمال الشطر الثاني من توسيع ميناء الجبهة (جنوب)، الخاص بالصيد، بكلفة مالية 210 ملايين درهم (23.5 مليون دولار).
ويعتبر ميناء الجرف الأصفر ثاني أكبر ميناء في المغرب، من حيث حجم الحمولة المنقولة بنحو 37.1 مليون طن خلال 2020، ويبعد عن مدينة الدار البيضاء (شمال غرب) بـ17 كيلومترا، فيما يشكل الفوسفات النسبة الأكبر من صادراته.
ويعُدُّ ميناء الدار البيضاء، ثالث أكبر ميناء في البلاد، من حيث حجم المناولة والتحميل خلال 2020، بحمولة 30.3 مليون طن.
أما باقي الموانئ الرئيسة، وعددها ستة، فقد بلغت الحمولة التي نقلتها مجتمعة عام 2020، نحو 25.1 مليون طن، تتمثل في ميناء آسفي (غرب)، وميناء أكادير (وسط)، ميناء المحمدية (شمال)، وميناء الناضور (شمال)، وميناء العيون (غرب).
وخلال العام الجاري، ستبدأ البلاد بإنشاء ميناء الداخلة الأطلسي في إقليم الصحراء، بتكلفة 10 مليارات درهم، لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية في المنطقة.
ومن المتوقع أن يشكل الميناء، نقطة رئيسية للربط البحري التجاري بين الدول الافريقية ونظيراتها في أمريكا اللاتينية، انطلاقا من المغرب.
ويرى المغرب أن تطوير حركة الملاحة التجارية البحرية سيكون منصة رئيسة للأنشطة الدولية التجارية والاستثمارية في القارة الافريقية.
وفي 2020، توقع «البنك الافريقي للتنمية» أن تنمو الطبقة الوسطى في القارة الافريقية من 350 مليون نسمة إلى ما يقرب من مليار نسمة في 2040.
ومن شأن هذا النمو أن يسهم في تطوير قطاع التجارة بالتجزئة وتحديثه، وزيادة حركة التجارة العابرة إلى القارة، من أجل تلبية حاجيات الأعداد المتزايدة من المستهلكين.
ويُظهر أحدث تحليل أجراه «معهد بروكينغز» حول اتجاهات السوق الاستهلاكية الافريقية أن إنفاق المستهلكين نما بمعدل سنوي مركب قدره 3.9 في المئة منذ عام 2010، وبلغ 1.4 تريليون دولار في 2015. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 2.5 تريليون دولار بحلول 2030.
وفي الوقت نفسه ما تزال القارة قبلة رئيسة للدول الصناعية في مجال استيراد المواد الأولية، وهدفا لإعادة بناء الأمن الغذائي من بوابة الزراعة العالمية.
خيارات المغرب بعدما أوقفت الجزائر إمدادات الغاز
يقول المغرب إن التداعيات المباشرة لقرار الجزائر وقف إمدادات الغاز عبر خط أنابيب “ضئيلة” لكنه لم يحدد كيف سيعوض أي نقص في الوقت الذي يتبنى فيه خططا طويلة الأمد لتعزيز مصادر الطاقة المتجددة واستيراد الغاز الطبيعي المسال.
ما هو الاتفاق ولماذا انتهى؟
رغم العلاقات المتوترة بين البلدين منذ سنوات، وهو ما يعود غالبا إلى مصير إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه، فقد اتفقا على صفقة خط أنابيب مع إسبانيا في عام 1996.
وأفضى الاتفاق إلى مد خط أنابيب بطول 1300 كيلو متر لنقل الغاز من الجزائر إلى إسبانيا عبر المغرب الذي حصل في المقابل على سبعة في المئة من الغاز بمتوسط 700 مليون متر مكعب سنويا.
وبعد عام تدهورت فيه العلاقات بين الجزائر والرباط قبل انتهاء أجل الاتفاق في 31 أكتوبر تشرين الأول، قالت الجزائر انها ستزود إسبانيا بالغاز عبر خط أنابيب آخر ولن ترسل الغاز بعد ذلك إلى المغرب.
ومع استمرار التوتر الشديد بشأن الصحراء الغربية وقضايا أخرى، يبدو أن هناك احتمالا ضئيلا لأي تحسن سريع في العلاقات.
إلى أي مدى أضر قرار الجزائر بالمغرب؟
يعتمد نحو عشر إنتاج المغرب من الكهرباء البالغ 38700 جيجاوات على الغاز الجزائري، المستخدم في محطتين لتوليد الكهرباء في شمال المغرب ولا يتم الاستعانة بهما إلا في فترات ذروة الطلب.
ومع ذلك، كان المغرب في السنوات الأخيرة يمتلك فائضا في الطاقة الكهربائية، ومنذ عام 2018 يقوم بتصدير الكهرباء إلى إسبانيا عبر خطين تحت البحر تبلغ قدرتهما معا 1400 ميجاوات.
وقال مسؤول كبير إن تقلبات الطلب في المغرب ترتبط بشكل رئيسي بالإنتاج الصناعي الذي انخفض خلال جائحة كورونا.
وأضاف أن محطات الطاقة الأخرى قد تزيد إنتاجها إذا اقتضت الحاجة. ويأتي معظم إنتاج الطاقة في المغرب من الفحم وزيت الوقود ومصادر الطاقة المتجددة.
ما هي الخيارات المتاحة الآن في حالة أي نقص؟
قال المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن يوم الأحد إن “الإجراءات الضرورية” اتخذت لضمان استقرار إمدادات الكهرباء تحسبا لقرار الجزائر لكنهما لم يحددا ما هي هذه الإجراءات.
وأضافا أن المغرب لديه “بدائل مستدامة في الأجلين المتوسط والبعيد” دون الخوض في تفاصيل.
وقال المسؤول المغربي الكبير إن الرباط ما زالت تتحدث مع إسبانيا بشأن إمكانية أن تزود المغرب بالغاز عبر خط الأنابيب الحالي.
وقال متعاملان إن إسبانيا، التي تعتمد على الجزائر في جزء كبير من إمداداتها من الطاقة، لن توافق على ذلك في الوقت الحالي.
كما منح المغرب تصاريح استيراد لبعض شركات الغاز الخاصة لكنه لم يفصح عما إذا كان يجري محادثات مع أي منها لتزويد محطات الكهرباء بالوقود.
ماذا عن الأمدين المتوسط والطويل؟
المغرب في المراحل الأولى من طرح مناقصة محطة عائمة للغاز الطبيعي المسال بسعة تصل إلى خمسة مليارات متر مكعب سنويا.
وغيَّر المواصفات مؤخرا لإضافة موقع جديد محتمل للمحطة قبالة طنجة، حيث يمكن توصيلها بخط الأنابيب الذي يربط بين الجزائر وإسبانيا المتوقف حاليا.
ومع ذلك، عادة ما تستغرق هذه المشروعات عامين أو ثلاثة لتكتمل حتى بعد إرساء العقود الرئيسية. وقالت الحكومة إنها تريد استبدال الفحم تدريجيا بالغاز، لكن مشاريع أخرى مقترحة، بما في ذلك المزيد من محطات الغاز الطبيعي المسال وخط أنابيب إلى نيجيريا، لن تنفذ إلا بعد سنوات في أفضل الأحوال.
وأصدر المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن تراخيص للتنقيب في البر والبحر على أمل زيادة الإنتاج الحالي البالغ 100 مليون متر مكعب سنويا.
وذكرت صحيفة لو ماتان الأسبوع الماضي إن المغرب يمضي في خطط لزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى 52 بالمئة بحلول 2025 و64 بالمئة بحلول 2030، من 36 في المئة في عام 2020.
وعلى الرغم من تأخره في تحقيق أهدافه في مجال الطاقة المتجددة، نفذ المغرب مشروعات كبرى في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ويخطط للمزيد. ولم ترد الوكالة المغربية للطاقة المستدامة على طلب رويترز للتعليق على أهدافها وخططها.(رويترز)
المصادر : مواقع الكترونية عربية