علماء فلك يرصدون كويكبات من أكوام حطام عصية على التدمير قد تشكل خطراً على الأرض
رصد عدد من علماء الفلك نوعاً من الكويكبات الفضائية “صعبة التدمير” لأنه مكون من أكوام صخور، وربما نحتاج إلى استراتيجيات جديدة من قبيل “الانفجار النووي”، بغية حرف مساره ودرء أي تصادم محتمل له مع الأرض.
وقد درس البحث الذي نشر في مجلة “بناس” PNAS (“وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم”)، الإثنين الماضي، ثلاثة جزيئات صغيرة من التراب جيء بها من سطح كويكب ضارب في القدم يسمى “إيتوكاوا” Itokawa طوله 500 متر، ويتكون من كومة أنقاض.
[في علم الفلك يطلق وصف كومة أنقاض على أجرام في الفضاء لا تتشكل من جسم واحد صلد، بل من مجموعة أجسام متراوحة الأحجام تلتصق ببعضها البعض من طريق جاذبيتها الخاصة، إذ تنجذب نحو بعضها مشكلة كتلة واحدة، لكنها تبقى مفككة وتتخللها فراغات].
وبالتالي، أشار تحليل تلك الجزيئات من التراب التي أتى بها مسبار الفضائي “هايابوسا 1” Hayabusa 1 التابع لوكالة الفضاء اليابانية “جاكسا” Jaxa، إلى أن الكويكب ربما يكون بمثل قدم النظام الشمسي نفسه.
كذلك وجد أولئك العلماء الذين ينتمي بعضهم إلى “جامعة كيرتن” في أستراليا، أن تدمير الكويكب “إتوكاوا”، البعيد عن الأرض نحو مليوني كيلومتر وحجمه يساوي ميناء سيدني، يكاد يكون مستحيلاً.
في العام الماضي، أثبتت وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” في اختبار لمهمتها “دارت” Dart إمكانية التحقيق الفعلي لمفهوم حرف مسار كويكب ما قبل وصوله إلى كوكبنا من طريق صدمه عمداً بمركبة فضائية.
[كلمة “دارت” تعني بالإنجليزية “السهم الصغير” مكونة في هذه الحالة من الأحرف الأولى لعبارة “دابل أستيرويد ريدايركشن تست” (اختبار إعادة توجيه كويكب مزدوج)].
في المقابل، تشير الدراسة الجديدة إلى أنه ربما يكون من “الصعب جداً” تغيير مسار كويكب مثل “إيتوكاوا” يكون مصنوعاً من كومة أنقاض وتراب عبر رميه عن قصد بمركبة فضائية.
في ذلك الصدد، أوضح فريد جوردان، باحث مشارك في الدراسة، إنه “على عكس الكويكبات المتجانسة، ليس “إيتوكاوا” كتلة واحدة من الصخور، بل ينتمي إلى فئة تسمى “كومة أنقاض”، مما يعني أنه مصنوعة بالكامل من صخور وأحجار متقلقلة، ونصفه تقريباً عبارة عن مساحات فارغة”.
وبالتالي، يعتقد الدكتور جوردان إنه “وفق التقديرات، لا تبقى الكويكبات المصنوعة من كتلة واحدة صلبة، من حجم كويكب كومة الأنقاض “إيتوكاوا”، سوى مئات الآلاف من السنين في حزام الكويكبات”.
استناداً إلى تلك المعطيات، دعا العلماء الذين أتموا تلك الدراسة إلى النهوض باختبارات على استراتيجيات جديدة بغية إخراج الكويكبات المكونة من أنقاض على غرار “إيتوكاوا”، من مسارها، والحيلولة تالياً دون اصطدامها المحتمل بالأرض.
ووفق الباحث المشارك في الدراسة نيك تيمز، “حينما يرصد كويكب في وقت يكون فيه قد فوات الأوان على استخدام أسلوب الدفع الحركي من أجل حرف مساره، يمكننا حينئذ اللجوء ربما إلى أسلوب أكثر قوة على غرار استخدام الموجة الصدمية لانفجار نووي قريب من أجل إزاحة كويكب مكون من الركام، بعيداً من مساره من دون تدميره”.
وكذلك ذكر الباحثون أن الارتطام الذي دمر الصخرة الأم للكويكب، وأدى بالتالي إلى تشكل “إيتوكاوا”، حدث على الأرجح قبل 4.2 مليارات سنة في أقل تقدير.
كذلك تشير الدراسة إلى أن بقاء كويكب بحجم “إيتوكاوا” لفترة طويلة من الزمن من دون أن يتعرض للتدمير، ربما يعزى إلى أن كومة الأنقاض تقدر على امتصاص الصدمات.
باختصار، “وجدنا أن “إيتوكاوا” أشبه بوسادة فضائية عملاقة، ومن الصعب جداً تدميرها”، أوضح الدكتور جوردان.
في الدراسة، استخدم العلماء طريقتين متكاملتين بغرض تحليل جزيئات التراب الثلاثة المأخوذة من الكويكب. وفي إحداهما، تفحصوا إذا كان “إيتوكاوا” صخرة فضائية تعرضت للصدم بأثر من ارتطام مع نيزك ما، فيما استخدموا الطريقة الأخرى لتأريخ اصطدام الكويكب. وكذلك لم تكن متانة ذلك النوع من الكويكبات الركامية معروفة في السابق.
ووفق العلماء، يؤثر الاكتشاف الأخير “سلباً” على القدرة على تصميم استراتيجيات تتصدى لذلك النوع من الكويكبات [أكوام الأنقاض] إذا اندفع أحدها نحو الأرض.
وأضاف الدكتور تيمز، “الآن بعد أن اكتشفنا أن هذه الكويكبات قادرة على البقاء في النظام الشمسي طوال عمرها تقريباً من دون أن تتحطم، لا بد من أعدادها الموجودة في حزام الكويكبات أكبر مما كان يعتقد سابقاً، مما يعزز بالتالي احتمالاً مفاده أنه إذا اندفع كويكب كبير نحو كوكب الأرض، فسيكون من نوع كويكبات أكوام الحطام”.
© The Independent