تقاريرعرب وعالمعلوم وتكنولوجيا

تجربة شمسية مميزة ستكون الأولى أفريقياً وعربياً في “متحف محمد السادس”.. النموذج المثالي لتجانس الفن مع المسؤولية البيئية

بدأ المغرب اتخاذ عدّة خطوات لإنارة العديد من المرافق بمصادر الطاقة المتجددة، ومن بينها متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، ضمن مساعية لرفع حصة الطاقة النظيفة في مزيج الكهرباء الوطني.

ويخطط المغرب أن يكون متحف محمد السادس أول متحف في قارّة أفريقيا يدمج حلًا للطاقة الشمسية مع نظام ذكي لتخزين الكهرباء وتدبيرها، وذلك في إطار الخطط الوطنية لرفع حصة الطاقة المتجددة من مزيج الكهرباء الوطني.

ويسعى المغرب لإنتاج 52% من احتياجاته من الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، مع مساعي لخفض استهلاك الطاقة بنسبة 15% بحلول عام 2030، من خلال تعزيز كفاءة الطاقة.

تفاصيل المشروع

أشارت المؤسسة الوطنية للمتاحف ومعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة إلى أن المبادرة ستجعل من متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر النموذج المثالي للتجانس المتناغم للفن مع المسؤولية البيئية.

تأتي المبادرة تنفيذًا لتعهدات المغرب المناخية، في التحول إلى الطاقة المتجددة، وخفض الانبعاثات في إنتاج الكهرباء، من أجل مستقبل أفضل للبشرية.

وكانت المؤسسة الوطنية للمتاحف قد وقّعت مع معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة ومنصّتها الدولية للبحث “غرين إنرجي بارك” اتفاقية شراكة في أكتوبر/تشرين الأول 2020، لتطوير نموذج مبتكر لإنتاج الكهرباء وتدبيرها على مستوى متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر.

إدماج الطاقة المتجددة

يعتمد النموذج، الذي طوّرته منصة “غرين إنرجي بارك” التابعة لمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، على مقاربة مزدوجة تجمع بين إدماج مصدر الطاقة المتجددة من خلال إنشاء محطة للطاقة الشمسية على السقف بطاقة استيعابية تبلغ 130 كيلوواط، بالإضافة إلى نظام طاقة شمسية أرضي مندمج، مما يوفر الطاقة للمبنى، ويقلّص فاتورة الطاقة بنسبة 50%.

كما طُوِّر نظام إشراف جديد في الوقت الحقيقي، مع مراعاة متطلبات الحفاظ على التحف، مما يسمح بالتحكم الآلي في مختلف المعايير، ومن ثم تحسين استهلاك الطاقة للمحطات كثيفة الاستهلاك، مشيرًا إلى أن النموذج يشمل حلًا لتخزين الكهرباء بطاقة 20 كيلوواط/ساعة، ما يسمح بتدبير أفضل للاستهلاك خلال ساعات الذروة.

وتخطط المؤسسة الوطنية للمتاحف لتعميمه على جميع المتاحف، من خلال مشروعات شراكة مع مؤسسات قطاع الطاقة المغربي، ما يجعل المتاحف المغربية مؤسسات رائدة في مجال تحوّل الطاقة على مستوى قارّة أفريقيا.

المغرب الأول في الطاقة المتجددة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا

“ربّ ضارّة نافعة”، بهذه المقولة نجح المغرب في إدارة ملف الطاقة، فالدولة التي تعاني من فقر شديد في موارد الوقود الأحفوري، تفوقت بجدارة في مجال الطاقة المتجددة.

يأتي هذا بعد أن احتلّ المغرب المرتبة الأعلى باستثمارات الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقًا للتصنيف القائم على أبحاث الطاقة المتجددة الجارية والبنية التحتية التي تطورها كل دولة، وفقا لتقرير “إرنست آند يونغ”.

ويُعدّ المغرب الموقع الأكثر جاذبية لاستثمارات الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حسب تقرير التصنيف العالمي.

وفي إطار توسع البلاد بإنتاج الطاقة المتجددة لمحاولة تقليل الاعتماد على استيراد الوقود الأحفوري من الخارج، تمكّن المغرب من خفض استيراد الطاقة من 97.5% عام 2009 إلى 90.5% حاليًا.

ويستهدف المغرب الحصول على أكثر من نصف احتياجاته من الكهرباء من خلال مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وكامل احتياجاته بحلول 2050.

المغرب يتصدر

أصدرت شركة المحاسبة والتدقيق المالي البريطانية “إرنست آند يونغ” تصنيفها في أكتوبر/تشرين الأول 2021 لأفضل 40 دولة تتمتع بإمكانات أكثر مواءمة للاستثمار والتنمية في مجال الطاقة المستدامة.

وصممت الشركة تقريرها بناءً على مجموعة معقدة من المعايير لتصنيف البلدان، بما في ذلك السياسة الوطنية والبنية التحتية القائمة والتمويل، حسب موقع “موروكو وورلد نيوز” المحلي.

وصُنّفت البلدان -وفقًا لهذه المعايير- بدرجات من مجموع 100 درجة، وحصل المغرب على 58.1 درجة.

وبلغت القدرة الإجمالية للطاقة المتجددة في المغرب نحو 4 آلاف ميغاواط، وبلغ إسهامها في تلبية الطلب على الكهرباء نحو 37%.

تنوع مصادر الطاقة المتجددة

يرجع تصنيف المغرب المرتفع إلى منشآت طاقة الرياح البرية والبحرية، بالإضافة إلى محطات الطاقة الشمسية والطاقة المائية والطاقة الحرارية الأرضية والكتلة الحيوية.

وتصدر المغرب دول القارة الأفريقية، متقدمًا على مصر وجنوب أفريقيا وكينيا، كما تفوق على الأردن وإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لهذا العام.

وعلى الصعيد العالمي، حافظت الولايات المتحدة على المركز الأول بدرجة 72.8 تلتها الصين بـ 70.7، والهند 70.2، وفرنسا بـ 67.4، والمملكة المتحدة بـ67.3.

وعلى الرغم من أن معظم هذه البلدان تتصدّر منتجي الملوثات، فإن تقرير”إرنست آند يونغ” يؤكد تمتّعها بأعلى استثمار في مجال الطاقة المتجددة.

ارتفاع الاستثمارات العالمية

أبرز محللو “إرنست آند يونغ” ارتفاع الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة بنسبة 2% مقارنة بالعام الماضي.

كما زاد عدد منشآت الطاقة المتجددة بنسبة 45%، وقدرة إجمالية تبلغ 265 غيغاواط؛ ما يعادل كمية الطاقة المنتجة من 9100 توربين رياح.

وفي حين جددت الهيئات الدولية التأكيد على أهمية التحول إلى الطاقة المتجددة للوفاء بمعايير المناخ العالمية، فإن تقرير “إرنست آند يونغ” يشكّل مؤشرًا على الإمكانات الاقتصادية الضخمة للمستثمرين الأجانب المتحمسين للاستفادة من هذا القطاع المتنامي.

وعبّر محللو “إرنست آند يونغ” عن تفاؤلهم بشأن مستقبل الطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم، مشيرين إلى أن الزيادة المتوقعة في العام المقبل يمكن أن تمثّل أسرع نمو خلال سنوات.

كيف تحول المغرب إلى عملاق في مجال الطاقة الشمسية؟

يشتهر المغرب بمصفوفاته الشمسية الضخمة والرائدة على مستوى العالم، لكن هذه المشاريع الضخمة هي مجرد بداية للعمل الذي يمكن للمغرب القيام به في مجال مكافحة تغير المناخ.

صنع المغرب لنفسه اسما كبيرا كدولة رائدة في مجال مكافحة تغير المناخ، وأصبحت الطاقة المتجددة تشكل ما يقرب من خمسي الطاقة الكهربائية في البلاد، وألغي بعض الدعم الذي كان موجها للوقود الأحفوري تدريجياً، كما تنفذ الدولة بعضا من أكبر مشروعات الطاقة النظيفة في العالم.

ونتيجة لذلك، تلقت البلاد الكثير من الثناء على إجراءاتها التي تهدف للحد من انبعاثات الكربون.

ورغم أن المغرب يستحق هذه الإشادة، لكنه لا يزال يواجه تحديات حقيقية، فموقعه الجغرافي في نقطة ساخنة لارتفاع درجات الحرارة يجعله عرضة لتأثيرات تغير المناخ. وحتى في الوقت الذي تسعى فيه البلاد إلى إنهاء اعتمادها على الوقود الأحفوري، فإن احتياجاتها من الطاقة آخذة في الارتفاع بسرعة كبيرة.

وعلى الرغم من هذه التحديات، يتمتع المغرب بإمكانيات طبيعية هائلة لإنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية، وقد اتخذ خطوات مهمة لتحقيق ذلك.

ويعود العمل الوطني المغربي بشأن مكافحة تغير المناخ إلى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما اتخذت البلاد قرارًا بالعمل على أن تصبح دولة رائدة إقليميا في مجال الطاقة النظيفة وأن تدفع مشروعات الطاقة المتجددة الضخمة إلى الأمام.

ويراهن قادة البلاد على هذه التحولات الكبرى كوسيلة لتكون قادرة على المنافسة اقتصاديًا في المستقبل، وكذلك لتقليل الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري وضمان أمن إمدادات الطاقة، كما يقول محمد علاوي، العضو المنتدب لشركة “أفريكا كلايمت سولوشنز” (حلول المناخ في أفريقيا)، وهي شركة استشارية تتخذ من الدار البيضاء مقرا لها.

وفي عام 2009، وضع المغرب خطة طاقة طموحة تهدف إلى أن تُشكل الطاقة المتجددة 42 في المئة من إجمالي قدرة الطاقة المركبة بحلول عام 2020. وقد أدت هذه الخطة إلى توسع قوي في كل من طاقة الرياح والطاقة الشمسية على مدى العقد التالي، وزادت قدرة الطاقة الشمسية الكهروضوئية 16 ضعفًا (وإن كانت النسبة الأساسية في البداية منخفضة) وزادت طاقة الرياح ستة أضعاف بحلول عام 2020.

كما بنى المغرب مجمع نور ورزازات، والذي يعد أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم، ومجموعة هائلة من المرايا المنحنية التي تمتد على مساحة 3000 هكتار (11.6 ميلا مربعا) والتي تركز أشعة الشمس نحو أنابيب من السوائل، ثم يستخدم السائل الساخن لإنتاج الطاقة.

وفي نهاية المطاف، أخفق المغرب في تحقيق هدفه لعام 2020، إذ شكلت الطاقة المتجددة 37 في المئة من إجمالي الطاقة في عام 2020. لكن البلاد قطعت شوطًا طويلاً في هذا المجال.

ومنذ ذلك الحين، تعهد المغرب بزيادة مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى 52 في المئة بحلول عام 2030 (20 في المئة من الطاقة الشمسية، و20 في المئة من طاقة الرياح، و12 في المئة من الطاقة المائية).

وبالمقارنة بالعديد من البلدان الأخرى، يُبلي المغرب بلاءً حسنًا نسبيًا فيما يتعلق بمكافحة التغير المناخي، إذ تقترب سياساته وتعهداته من أن تتماشى مع الهدف المتمثل في الحد من درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية، وفقًا لتحليل من مجموعة أبحاث “تعقب العمل المناخي”.

وفي يونيو/حزيران 2021، حدَّث المغرب تعهده للأمم المتحدة بشأن المناخ، من خلال وعد بتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تتراوح بين 17 و18 في المئة بحلول عام 2030، بل وتعهد بالعمل على رفع هذه النسبة إلى ما يتراوح بين 42 في المئة و46 في المئة في حال تلقيه دعما دوليا.

كما بذلت البلاد جهودًا كبيرة لتقليل الدعم الحكومي للوقود الأحفوري، مستفيدةً من انخفاض أسعار النفط في عامي 2014 و2015 لإلغاء دعم البنزين وزيت الوقود.

وحظيت البلاد بإشادة كبيرة لاستخدامها الأموال التي وفرتها من رفع الدعم عن الوقود الأحفوري في زيادة الأموال المخصصة للتعليم وتنفيذ خطة التأمين الصحي. ومع ذلك، لا يزال الدعم المالي للمنتجات النفطية يصل إلى حوالي 3.4 مليار دولار (2.5 مليار جنيه إسترليني)، أي حوالي ثلثي عجز الميزانية السنوية للمغرب.

وعلى الرغم من أن انبعاثات المغرب صغيرة مقارنة بالعديد من الدول المتقدمة، فإن حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة والأسمنت لا يزال مصدرًا كبيرًا للانبعاثات في البلاد.

ولا يزال المغرب يستورد معظم طاقته لتلبية استهلاكه المتزايد للطاقة، والذي زاد بمعدل سنوي قدره 6.5 في المئة في المتوسط خلال الفترة بين عامي 2002 و2015. ويجري توليد الكثير من تلك الطاقة المستوردة من الوقود الأحفوري.

ويعتمد المغرب بشكل خاص على طاقة الفحم، التي يتوسع فيها إلى جانب مصادر الطاقة المتجددة، ويُستخدم الفحم في توليد حوالي 40 في المئة من الكهرباء في البلاد. ومع ذلك، في مؤتمر المناخ الذي عقد في غلاسكو هذا الشهر، كان المغرب من بين البلدان العشرين التي التزمت التزامًا جديدًا بعدم بناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم.

تقول فاطمة درويش، أستاذة الأرصاد الجوية في جامعة محمد السادس للفنون التطبيقية ونائبة رئيس اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، إن تقليل الانبعاثات يتطلب تنفيذ تحول “سريع وجذري” للصناعات والتخطيط الحضري والبنية التحتية على الفور.

تقول درويش: “يجب أن نبدأ في الحد من انبعاثات الاحتباس الحراري اليوم إذا كنا نريد الحد من الاحترار بمقدار 1.5 درجة مئوية، وبالتالي الحد من تداعيات تغير المناخ”.

وتشير إلى أنه يمكن تجنب العديد من تأثيرات تغير المناخ في بلدان مثل المغرب إذا تحركنا في الوقت المناسب.

وبالإضافة إلى الاعتماد بشكل أقل على الفحم لتقليل انبعاثات الكربون، هناك حجة مفادها أن صانعي القرار في المغرب يجب أن يركزوا أكثر على المشاريع الصغيرة وليس فقط المشاريع الضخمة، وهو ما يسمح لرجال الأعمال بالاستجابة للاحتياجات المحددة للمناطق المختلفة.

يقول علاوي: “إذا قارنا أنفسنا بتونس أو مصر، فإننا متقدمون جدًا في المشروعات الكبيرة، لكن عندما نتحدث عن الطاقة للأفراد والصناعات، فإن التنظيم غير موجود”.

ويضيف: “لدينا قانون خاص بالمناخ، لكن ليست لدينا قرارات من شأنها أن تسمح للأشخاص والصناعات بتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة بسهولة”.

ويقول آخرون إن مبادرات الطاقة النظيفة الكبيرة في المغرب، مثل مشروع نور للطاقة الشمسية المركزة، تصب في الغالب في مصلحة بلدان أخرى، وليس السكان المحليين.

ويضع المغرب نفسه كمركز للطاقة النظيفة، مع إمكانية تصدير الطاقة المتجددة إلى أوروبا، ولديه بالفعل خطين للكهرباء يربطانه بإسبانيا، ويخطط لإنشاء خط اتصال تحت سطح البحر بالمملكة المتحدة.

لكن المشروعات الضخمة، مثل محطة نور، تتطلب استخراج كميات كبيرة من المياه في منطقة تعاني من ندرة المياه، كما يقول محمد التزروتي، الناشط في منظمة السلام الأخضر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي يضيف: “عندما تُصدر الطاقة فهذا يعني أنك تصدر المياه وتستثني المجتمعات الأخرى من هذه الموارد”.

كما حثت منظمة السلام الأخضر المغرب على إصلاح قانون الطاقة المتجددة “حتى يصبح أقل إزعاجًا وبيروقراطية للأفراد فيما يتعلق بامتلاك وبيع الطاقة المتجددة”. كما حثت على تنفيذ قانون يؤدي إلى ربط أنظمة الطاقة المتجددة صغيرة الحجم بالشبكة.

وبدأ المغرب يتأثر بتغير المناخ، ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة السنوية في البلاد بما يتراوح بين 1.1 درجة مئوية و3.5 درجة مئوية بحلول عام 2060، وفقا للتقديرات المناخية العالمية.

ويقع المغرب في منطقة ساخنة لتغير المناخ، ويتوقع معهد ماكس بلانك للكيمياء الفيزيائية الحيوية أن درجات الحرارة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سترتفع مرتين أسرع من المتوسط العالمي.

يذكر أن المغرب هو ثامن أكبر مستقبل للتمويل المناخي من البلدان الغنية في عامي 2018 و2019، إذ تلقى حوالي 600 مليون دولار (450 مليون جنيه إسترليني).

المصادر: مواقع إلكترونية عربية وأجنبية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى