الليثيوم.. للسيطرة على سوق بطاريات السيارات الكهربائية.. الصين تستحوذ على استكشاف الليثيوم في جمهورية الكونغو
تتسابق شركات تعدين الليثيوم الصينية لتأمين إمدادات المعادن اللازمة لصنع بطاريات السيارات الكهربائية مع توقّع ارتفاع الطلب عليها خلال السنوات المقبلة.
وفي هذا الإطار، أعلنت شركة زجين مينيغ الصينية، اليوم الإثنين، الإطلاق الرسمي لأولى مشروعاتها لاستكشاف الليثيوم في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بخطوة لتحسين قدرتها التنافسية في القطاع الجديد، حسب وكالة رويترز.
وشكّلت الشركة الصينية شراكة مع شركة تنمية المعادن الوطنية في جمهورية الكونغو “كومينيير”، وتمتلك 70% من المشروع.
حقوق التعدين
قالت الشركة في بيان، إنها حصلت على حقوق التعدين لموقعين تابعين لمنجم مانونو، الذي يعدّ أحد أكبر مناجم الليثيوم في العالم، في أغسطس/آب الماضي.
وأوضح البيان أن المنجم يخضع لسيطرة شركة “إيه في زي مينرالز” الأسترالية، وتبلغ احتياطيات المنجم من أكسيد الليثيوم قرابة 8.78 مليون طن.
وقال ممثّلو الشركة الصينية في الكونغو، إن أعمال الاستكشاف الأولية ستبدأ قريبًا.
الليثيوم في الكونغو
رغم أن الكونغو لم تُنتج الليثيوم بعد، لكن من المتوقع أن تصبح واحدة من أهم المورّدين العالميين لهذا المعدن.
وبفضل تزايد الطلب العالمي على الليثيوم، حشدت العديد من الشركات مواردها وخبراتها لتطوير هذا القطاع.
وكانت أستراليا والصين في الخطوط الأمامية للاستثمار في الكونغو من خلال تطوير مشروعات مشتركة مع شركة التعدين الكونغولية “كومينيير”.
وتقوم شركة “إيه في زي مينرالز” الأسترالية وكومينيير بتطوير مشروع مانونو للليثيوم والقصدير، إذ يحتوي على 44.6 مليون طن من الاحتياطيات المؤكدة، و48.5 مليون طن من الاحتياطيات المحتملة.
ومن المتوقع أن يُنتج المنجم أقلّ قدرًا من الانبعاثات الكربونية في العالم مقارنة بمشروعات الليثيوم الأخرى؛ نظرًا لاعتماده على الكهرباء من محطة الطاقة الكهرومائية مبيانا موانجا.
التوغل الصيني
منذ قرابة 15 عامًا، دخلت الشركات الصينية مجال التعدين، وبدأت بشراء شركات أميركية وأوروبية للسيطرة على مناجم في الكونغو.
وسيطرت شركات التعدين الصينية على معدن الكوبالت الأكثر قيمة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وسيطرت شركة “تشاينا موليبدينوم” على أكبر منجم للكوبالت في العالم.
في الوقت نفسه، وقّعت شركة “إيه في زي مينرالز” الأسترالية العديد من اتفاقيات شراء المعادن مع شركات صينية.
ففي أواخر ديسمبر/كانون الأول 2020، وقّعت اتفاقية شراء مع شركة “جي إف إل إنترناشيونال” -التابعة لشركة غانفنغ ليثيوم، وفي مارس/آذار الماضي مع شركة شنتشن تشنغشين ليثيوم، وشركة “آيبين تياني ليثيوم”.
على صعيد آخر، أطلقت شركة زجين مينيغ الصينية مشروعين للنحاس، وهما منجما كاموا-كاكولا وإفانهو مينز في جمهورية الكونغو الديمقراطية، في خطوة للحدّ من الاعتماد على مصاهر الطرف الثالث، وهي مصاهر تابعة لجهات خارجية لمعالجة الخام.
يأتي ذلك في وقت دعت فيه وكالة الطاقة الدولية الحكومات بالبدء في تخزين معادن البطاريات، مشيرةً إلى أن الطلب على الليثيوم سيزيد 40 ضعفًا خلال الأعوام الـ20 المقبلة.
مشروعات الليثيوم في 2021.. زخم كبير لمواكبة الطلب المتزايد
شهد 2021 زخمًا كبيرًا في مشروعات الليثيوم واستثماراته حول العالم، لمواكبة الطلب المتزايد على المعدن الرئيس في إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية.
ومع الطفرة المتزايدة للتحوّل إلى السيارات الكهربائية في إطار خطط خفض انبعاثات الكربون، تزايدت الفجوة بين الطلب والمعروض من الليثيوم، ما دفع الأسعار إلى مستويات قياسية، خاصةً في الصين.
وارتفعت أسعار الليثوم في الصين العام الماضي بنحو 5 أمثال مقارنة مع عام 2020؛ بسبب تزايد الطلب، وفق صحيفة كايشن غلوبال الصينية، إذ تجاوز سعر الطن 31 ألف دولار، أواخر نوفمبر/تشرين الثاني.
وبحسب تقرير لموقع مايننغ دوت كوم -اعتمد على تقارير رويترز وبلومبرغ- لم يساعد نقص الإمدادات على ارتفاع أسعار الليثيوم فحسب، بل دفع الشركات إلى التحرك لتلبية الطلب، ورغم ذلك، فإن حالة عجز المعروض مستمرة.
مشروع جادار
في يوليو/تموز الماضي، أعلنت شركة التعدين، ريو تينتو، بدء مشروع الليثيوم، وهو مشروع جادار لإنتاج الليثيوم في صريبا بقيمة 2.4 مليار دولار.
ومن المقرر أن ينتج المنجم المقترح 58 ألف طن من كربونات الليثيوم و160 ألف طن من حمض البوريك و255 ألف طن من كبريتات الصوديوم سنويًا.
وكانت ريو تينتو -ثاني أكبر شركة مناجم في العالم- قد قالت منتصف العام الماضي، إنه بحلول عام 2030 سيحتاج صانعو السيارات نحو 3 ملايين طن من الليثيوم مقارنةً مع ما يقارب من 350 ألف طن يستهلكها العالم حاليًا.
ورغم ذلك، تواجه الشركة معارضة شديدة حيال مشروع الليثيوم، من قبل السكان المحليين، ما أجبر السلطات على تعليق خطة استخدام الأراضي للمنجم المقترح، رغم أنها لم ترفض المشروع بالكامل.
وهذا دفع ريو تينتو، في 23 ديسمبر/كانون الأول، إلى إعلان أنها تخطط لإيقاف مشروع الليثيوم في جادار، والانخراط في مناقشات عامة حول المشروع.
مشروعات الليثيوم في الصين
تأتي الصين في المرتبة الرابعة عالميًا من حيث الأكثر امتلاكًا لاحتياطيات الليثيوم، إلّا أن الشركات الصينية تعمل على إنتاج المعدن في أماكن الأخرى، نظرًا لأن غالبية الاحتياطيات توجد في بحيرات الملح حول هضبة شنغهاي-التبت، ما يُصعّب عملية تعدين ونقل الليثيوم.
وفي يوليو/تموز 2021، قدّمت شركة غانفينغ ليثيوم -أحد أكبر المنتجين في العالم- عرضًا لشراء حصة في شركة التعدين الكندية ميلينال ليثيوم، كما رغبت شركة صينية أخرى في ذلك، وهي سي إيه تي إل، الرائدة في صناعة البطاريات، لكن شركة ليثيوم أميركاس، استحوذت على الحصة في النهاية.
بينما تمكنت الشركة الصينية غانفينغ من الاستحواذ على مشروع باستوس غرانديز في الأرجنتين، بالإضافة إلى مشروع سونورا في المكسيك، كما استحوذت على مشروع ماريانا في الأرجنتين بعد شراء شركة إنترناشونال ليثيوم، التي كانت شريكتها في هذا المشروع، الذي يحوى أحد أكبر الاحتياطيات في العالم.
واستمرارًا لرغبة الشركات الصينية في تعزيز مشروعات الليثيوم، استحوذت شركة زيجين مايننغ على نيو ليثيوم الكندية.
وبحسب التقرير، سافر ممثّلو 5 شركات صينية إلى أفغانستان أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، لتحديد مواقع تصلح لإقامة مشروعات الليثيوم الخاصة بإنتاج المعدن.
وفي 2010، أوضح تقرير نيويورك تايمز، نقلًا عن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أن أفغانستان قد تصبح السعودية من حيث مشروعات الليثيوم.
عمليات الاندماج والشراء في أستراليا
في أبريل/نيسان 2021، استحوذت شركة أوروكوبر الأسترالية على غالاكسي ريسورسز، ما أدى إلى إنشاء شركة بقيمة 3.1 مليار دولار، الأمر الذي جعلها خامس أكبر منتج في العالم للّيثيوم.
كما شهد 2021 استحواذ شركة بيدمونت ليثيوم وإحدى الشركات التابعة لها على شركة نورث أميركا ليثيوم الكندية، فضلًا عن مشروع موبلان في كندا.
وأكدت لينتون ريسورسز خططها لبدء إنتاج المعدن في مشروع كاثلين فالي غرب أستراليا، قبل عام من الموعد المستهدف.
تشيلي تعود للمنافسة
طرحت تشيلي في أكتوبر/تشرين الأول مناقصة لاستكشاف وإنتاج 400 ألف طن من الليثيوم، في إطار سعيها للعودة إلى صدارة منتجي العالم، وهو اللقب الذي فقدته عام 2018 لصالح أستراليا.
وفي غضون أسبوعين فقط، أبدت 57 شركة اهتمامًا بالعقود الجديدة، في الدولة التي تمتلك أكبر احتياطيات من الليثيوم في العالم، وفقًا للأرقام الرسمية.
وفي هذا الصدد، تخطط شركتا ألبيمارل وشركة إس كيو إم -وهما أكبر وثاني أكبر منتج لليثيوم عالميًا- للتوسع في مشروعات الليثيوم المملوكة لهما في تشيلي.
وتستهدف إس كيو إم الوصول إلى قدرة إجمالية تبلغ 180 ألف طن سنويًا في 2022، بزيادة 60 ألف طن سنويًا، بينما تتوقع إنتاج نحو 140 ألف طن بزيادة 40 ألفًا عن مستويات 2021.
سوق الليثيوم إلى أين؟
بحسب تقرير موقع ماينينغ دوت كوم، فإنه رغم تسارع الشركات لمواكبة الطلب، من المرجح أن يستمر نقص الإمدادات في السوق على المدى القريب، بل تتوقع وكالة فيتش سوليوشنز تزايد العجز حتى حلول عام 2030.
ويخشى بعض لاعبي الصناعة من أن يؤدي ارتفاع أسعار الليثيوم إلى رفع تكاليف البطاريات والمركبات الكهربائية، ما يعوق استهلاك مصادر الطاقة النظيفة.
ويُقدّر بنك يو بي إس أنه بحلول عام 2030 سيحتاج العالم إلى إنتاج 2700 غيغاواط/ساعة من بطاريات الليثيوم أيون سنويًا، لمواكبة الطلب من صناعة السيارات الكهربائية، وهذا يعادل 13 مرة من السعة المنتجة حاليًا.
وبحسب تقرير وكالة الطاقة الدولية -الصادر في مايو/أيّار- فإن الطلب على هذا المعدن قد يزيد 40 مرة في الـ20 عامًا المقبلة.
وفيما يتعلق بالمعروض، من الممكن أن يؤدي التطوير المستمر لتقنيات مشروعات الليثيوم الجديدة حول استخراجه إلى تعزيز الإمدادات، خاصة مع تحوّل المعدن إلى بؤرة اهتمام الحكومات، فقد أضافته المفوضية الأوروبية إلى قائمتها للمواد الخام المهمة لأول مرة في عام 2020.
المصادر: مواقع إلكترونية – الطاقة