اقتصاد

بعد عقود طويلة من البحث عن الثروات.. اكتشافات النفط في ناميبيا تفتح أملًا أمام الدولة الأفريقية في تحقيق حلم النمو الاقتصادي

بعد عقود طويلة من البحث، فتحت اكتشافات النفط في ناميبيا أملًا أمام الدولة الأفريقية في تحقيق حلم النمو الاقتصادي.

وأعلنت شركة شل الأنغلو-هولندية أنها اكتشفت النفط في بئر الاستكشاف “غراف1” البحرية في ناميبيا، في 24 فبراير/شباط الماضي، وهي المرة الأولى التي يُعثَر فيها على النفط في البلاد.

وقد أنعشت اكتشافات النفط في ناميبيا، التي توصلت إليها شركتا توتال إنرجي الفرنسية وشل، الآمال في تحقيق مكاسب اقتصادية مفاجئة، لكن سِجل سوء إدارة احتياطيات الغاز لديها يبعث برسالة تحذيرية للمستثمرين.

واكتشفت شركات النفط الكبرى مؤخرًا مقاطعة نفطية جديدة في حوض أورانج في ناميبيا لديها القدرة على تحويل البلاد إلى منتج للنفط، شريطة أن تتمكن الحكومة من تنفيذ نظام تنظيمي ناجح لتشجيع الاستثمار، وفقًا لما نشرته مجلة “أفريكان بيزنس” ومقرها العاصمة البريطانية لندن.

وقالت مفوضة النفط في وزارة المناجم والطاقة الناميبية، ماجي شينو، إن من السابق لأوانه توفير الكميات الدقيقة من النفط التي اكتُشِفَت في البئر البحرية العميقة، التي حُفِرَت على عمق 5000 متر.

تمتلك شركة شل حصة 45% في رخصة استكشاف النفط رقم 39؛ حيث تقع بئر الاستكشاف “غراف1” البحرية في ناميبيا، وتمتلك شركة قطر للطاقة حصة قدرها 45%، بينما تمتلك مؤسسة البترول الوطنية في ناميبيا (إن إيه إم سي أو آر) النسبة المتبقية البالغة 10%.

وفي 24 فبراير/شباط الماضي، أعلنت شركة توتال إنرجي الفرنسية الكبرى أيضًا اكتشاف النفط الخفيف والغاز المصاحب في حوض أورانج، وهذه المرة في منطقة الاستكشاف “فينوس”.

ويغطي المربّع رقم بي 2913 نحو 8215 كيلومترًا مربعًا في أعماق البحار في ناميبيا، وتشغِّل شركة توتال إنرجي المربع بنسبة 40%، إلى جانب شركة قطر للطاقة بنسبة 30%، وشركة إمباكت أويل آند غاز بنسبة 20%، ومؤسسة البترول الوطنية في ناميبيا بنسبة 10%.

ويقول خبراء إن اكتشافات النفط في ناميبيا لديها القدرة على إعادة صياغة المصير الاقتصادي والطاقة للبلد الساحلي ذي الدخل المتوسط، ولكن فقط إذا تجنب صانعو السياسة تكرار الأخطاء التي عاقت استغلال حقول غاز كودو.

قطر للطاقة توقع اتفاقية لاستكشاف النفط والغاز في ناميبيا
ناميبيا.. 3 آبار استكشافية تدل على مخزونات نفطية في حوض كافانغو

وقال الشريك في مجال النفط والغاز والتعدين في شركة المحاماة الدولية “أسافو وشركاه” ومقرها لندن، نيكولاس بونيفوي، إن ناميبيا وشركات النفط تواجه الآن تحديًا كبيرًا يتمثل في إدارة الاستكشاف والاستخراج والإنتاج الأول، المقرر إجراؤه في عام 2026.

وبيّن أن ناميبيا تشهد اختبارًا صعبًا؛ حيث تنتقل القوة التفاوضية من شركة البترول الوطنية إلى الدولة، وقد لا تكون مصالح كل منهما متوافقة تمامًا دائمًا.

وأضاف أن قوة النظام النفطي أو مجموعة القوانين واللوائح والاتفاقيات في ناميبيا التي تحكم الفوائد الاقتصادية المستمدة من التنقيب عن النفط وإنتاجه ستوضع قيد الاختبار لأول مرة.

يعتمد نجاح تسويق النفط في ناميبيا على الطريقة التي أرست بها الحكومة أسس نظامها النفطي، كما يقول نيكولاس بونيفوي.

وأشار نيكولاس بونيفوي إلى أن اكتشافات النفط في ناميبيا قادرة على إطلاق موجة من الاستثمارات الجديدة عبر سلسلة قيمة الطاقة بأكملها في البنية التحتية وتوليد الكهرباء والتوزيع والإنتاج.

وأوضح أن ولادة سوق النفط المحلية في البلاد أيضًا يمكن أن تؤدي إلى توفير آلاف الوظائف للسكان المحليين إلى جانب خلق طلب على الخدمات والشركات المحلية الجديدة في قطاعات النقل والخدمات اللوجستية والتعليم، وتمثل تلك السوق نقطة استقطاب وجذب لجميع الشركات الأخرى.

وبيّن أنه إذا كان استخراج النفط باهظ الثمن، أو إذا تعطل التطوير بسبب البيئة التنظيمية أو البنية التحتية أو انخفاض الطلب؛ فقد يظل النفط حبيسًا في قاع البحر.

وأكد أن كَوْن اكتشافات النفط في ناميبيا كبيرة لا يعني بالضرورة خروج النفط من البئر في أي وقت قريب، مشيرًا إلى أن الدولة ستبدأ في جمع حصتها من الغنائم مع بدء الإنتاج، وفقًا لشروط نظام النفط.

ناميبيا تسعى للتوسع باستثمارات الهيدروجين الأخضر في 2022
ودعا نيكولاس بونيفوي الدولة الناميبية إلى وضع نظام محتوى محلي فعّال؛ لضمان مشاركة الشركات والأفراد في العمليات والاستفادة منها.

وأردف قائلًا إنه يمكن لاكتشافات النفط في ناميبيا أن تعزز -على المدى الطويل- أمن الطاقة في البلاد ذات الكثافة السكانية المنخفضة، التي تعتمد بشكل كبير على واردات النفط والطاقة الكهرومائية المتقطعة.

وسيكون تطوير إمدادات طاقة محلية موثوقة أمرًا بالغ الأهمية لدعم الاقتصاد، إضافة إلى تقليل الواردات من البلدان المجاورة.

يرى الشريك في مجال النفط والغاز والتعدين في شركة المحاماة الدولية “أسافو وشركاه” ومقرها لندن أنه بينما تسعى ناميبيا إلى الاستكشاف والإنتاج، ينبغي على صانعي السياسة صياغة قانون موثوق ومناسب للنفط والغاز يوفر حُسْن التنظيم والثقة وحماية البيئة.

وقال بونيفوي إن مشروع القانون يجب أن يهدف إلى تحسين الثقة والشفافية في جميع أنحاء الصناعة، وتزويد شركات النفط الدولية والشركات المحلية بالوضوح بشأن إجراءات الصناعة وسياساتها، وضمان الإنتاجية وتقليص الوقت المستغرق لإنجاز المشروعات.

وأعرب عن أسفه لأن لدى البلدان الأفريقية سِجِلًا حافلًا من سوء إدارة الاستغناء عن منتجي الطاقة بمجرد اكتشاف الاحتياطيات.

واستشهد بالوعود بالازدهار الاقتصادي في منطقة دلتا النيجر في نيجيريا التي تلاشت بسبب سوء الإدارة؛ حيث تسعى المجتمعات المحلية لمواجهة التدهور البيئي والصحي وتراجع سبل العيش الذي أدى إلى تصاعد عنف المتمردين.

نظرًا لأن الاكتشافات الأخيرة في حوض أورانج في ناميبيا بدأت حقبة جديدة من اكتشافات النفط في ناميبيا؛ فإن الفشل التاريخي في استغلال حقول غاز كودو في ناميبيا يوجه رسالة تحذيرية للمستثمرين.

تجدر الإشارة إلى أن ناميبيا اكتشفت حقل غاز عملاقًا يحتوي على نحو 1.3 تريليون قدم مكعبة من الغاز في عام 1974.

وبعد 29 عامًا، على الرغم من امتلاك عدد من الشركات تراخيص؛ فإنه لم تُحَوَّل الاحتياطيات إلى عائدات وإيرادات نقدية بسبب مخاوف بشأن جدوى المشروع إلى جانب الخلاف بين شركات النفط والحكومة بشأن اتفاقيات التصدير.

وقال نيكولاس بونيفوي، إن التدخل السياسي من جانب الدولة، والنقاشات حول الضرائب والفوائد والمصافي، أسهمت في عرقلة المشروع.

علاوة على ذلك، اكتشفت شركة النفط الأميركية تكساكو عمليات البئر في البداية، ونُقِلَت عمليات البئر إلى شركة شل وإنرجي أفريكا، ثم شركة تولو أويل لاحقًا.

وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لموارد الطاقة، المدير الإداري الحالي لشركة “فانون غلوبال أدفيزرز”، فرانك فانون، إن أمام ناميبيا فرصة لاختيار أنسب ممارسات الصناعة من جميع أنحاء العالم في تصميم نظامها النفطي.

المصادر : مواقع الكترونية عربية – الطاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى