علوم وتكنولوجيا

بينها “زخات الشهب”.. إليك أهم الأحداث الفلكية التي يمكن أن تتابعها في شهر رمضان

يمكن أن يكون شهر رمضان هذا العام، مع الطقس الربيعي المعتدل، فرصة ممتازة لتأمل بعض الأحداث الفلكية الهامة، خاصة أن أجملها يقع فترة الفجر، حيث يكون المسلمون في البلاد العربية مستيقظين لتناول وجبة السحور.

والواقع أن شهر رمضان هذا العام يعطينا نافذة بديعة لتأمل أحداث فلكية متنوعة، أولها اقتران القمر مع الدبران والثريا في 5 أبريل/نيسان الجاري. ولرؤيته يمكنك فقط أن تخرج إلى السماء ليلا بعد إتمام طعام الإفطار، ومع بداية حلول الظلام.

في هذه الحالة، سترى الهلال الجميل واقفًا بين نجم أحمر لامع، هذا هو الدبران Aldebaran، وهو عملاق أحمر كبير يعيش حاليا آخر مراحل حياته، وسلّة من نجوم خافتة قريبة من بعضها البعض في تجمع يشبه خطّاف الصنارة، تلك هي الثريا Pleiades، وهي عنقود نجمي مفتوح يحتوي على حوالي 800 إلى ألف نجم تبتعد عنا مسافة 410 سنوات ضوئية تقريبًا.

يلي ذلك، مساء يوم 9 أبريل/نيسان الجاري، مرور بديع آخر للقمر بجوار نجمين لامعين، وهما رأس التوأم المؤخر Pollux ورأس التوأم المقدم Castor من كوكبة التوأم Gemini، في هذه الحالة يكون سطح القمر مضاءً بنسبة أكبر قليلًا من النصف، في طور التربيع الأول تقريبًا.

المشهد كاملًا سيكون رائعا حينما تراه بعينيك، فقط ارفع رأسك للسماء في أي وقت بين المساء ومنتصف الليل. سيكون ممتعًا كذلك حينما تعرف أن رأس التوأم المؤخر يحتوي كوكبًا يتخذ مدارًا حوله، يسمى “ثيستياس” ويقع منه على مسافة تساوي مرة ونصف قدر المسافة بين الأرض والشمس، ويساوي ضعف المشتري في الكتلة.

أحداث السحور

كل ما سبق من الأحداث الفلكية كان مسائيًا بعد الإفطار، لكننا سننتقل إلى أحداث يمكن أن تراها فترة السحور، أهمها سيمتد خلال العشر الأواخر من رمضان، وهو رقصة الكواكب، حيث ستجتمع تلك الفترة 4 كواكب لامعة في سماء الليل فجرًا: المشتري وزحل والمريخ والزهرة، ويمكن أن تراها جميعًا بعينيك.

أفضل موعد لرؤية هذا الحدث البديع سيكون بعد صلاة الفجر، أيا كان توقيتك المحلي، وسترى الكواكب تصطف في خط واحد يبدأ عاليًا من زحل ثم ينزل بالتدريج، ينضم القمر بين يومي 24 و28 أبريل/نيسان الجاري لهذا المشهد فيضيف إليه جمالا.

مشهد آخر ممتع، سيحدث فجر يوم 20 أبريل/نيسان الجاري، حيث يقف القمر أعلى أحد ألمع نجوم السماء تلك الفترة من الليل، وهو قلب العقرب Antares.

قلب العقرب عملاق أحمر فائق، لو كان بحجم كرة قدم لكانت الشمس ربما بحجم حبة أرز أو أكبر قليلًا. يبتعد عنا مسافة حوالي 550 سنة ضوئية، وهي مسافة آمنة لنا نحن سكان الأرض، فإذا انفجر هذا النجم يومًا ما فسنكون بمعزل عن آثار ذاك الانفجار.

إلى جوار هذا المشهد، يمكن أن ترى نجما آخر أقل لمعانًا وهو الشولة، ويحمل نفس الاسم اللاتيني في الأطالس النجمية المعاصرة (Shaula) والكلمة ذات أصل عربي، وتعني ما ترفَعه العقارب مِنْ ذنبها أو شوكتها أو إبرتها، وهي أيضًا إحدى علامات الترقيم وتتخذ نفس الشكل وترسم هكذا (،).

مشهد آخر يمكن أن تستمتع به فترة السحور هو زخة شهب القيثاريات Lyrid التي سنراها جميعًا مساء 22 أبريل/نيسان الجاري، حيث تتساقط الشهب بمعدلات تصل إلى 20 شهابا في الساعة بالمناطق النائية والبعيدة عن إضاءة المدينة.

وتحدث زخات الشهب حينما تمر الأرض، أثناء دورانها المعتاد حول الشمس، ببقايا كويكب أو مذنب ما، فتدخل تلك البقايا إلى الغلاف الجوي بسرعات هائلة، وتحترق محدثة الشهب التي نراها في السماء.

بشكل خاص، ستهطل شهب القيثاريات مع وجود القمر، لذلك قد لا نتمكن من رؤية الكثير من الشهب، لكن في كل الأحوال حاول أن تخرج قبل الفجر للسماء وتتابعها، فربما ترى خلال ساعة 5-10 شهب، وهذا عدد لا بأس به.

مراصد الفلك العربية.. تاريخ عريق من التجسس على السماء

لم تكن الحضارة الإسلامية استثناء من الحضارات التي سبقتها في مراقبة النجوم ورصد الأجرام السماوية والاستدلال بها وربطها بحوادث دنيوية وإمكانية إنباء العوارض المستقبلية وفقا لمواضع النجوم، فظهور نجم الشعرى اليمانية (سوبدت: في الحضارة الفرعونية) كان يعد فأل خير للفراعنة إذ كان يحمل دلالة على بدء موسم فيضان نهر النيل وهو ما يصادف نهاية فصل الصيف.1

ورغم أنها مجرد مصادفة مثيرة تقع بسبب حركة دوران الأرض حول الشمس بدقة وتغير موقع النجوم المنتظم على مدار العام، فإن ذلك لم يمنع الفراعنة من تقديس نجم الشعرى اليمانية. وعلى العكس تماما من ذلك كان الإسلام نابذا لتقديس وتأليه كل مخلوق من نجوم وكواكب، لكن برز اهتمام العلماء والفلكيين المسلمين في الفلك في خدمة الشعائر الدينية كتحديد مواقيت الصلاة اليومية، بالإضافة إلى تطوير آلات وآليات للاستعانة بالنجوم في تحديد الاتجاهات، ولا سيّما اتجاه قبلة المسلمين نحو مكة المكرمة.

عرّف طفلك بعلم الفلك في رمضان

يمكننا استغلال السماء ليلا لتقديم بعض علم الفلك للأطفال بداية من سن الرابعة، فقط عبر متابعة القمر وحركاته في السماء، وهناك 3 أنشطة يمكن أن تقوم بها مع طفلك في رمضان أو أي شهر هجري آخر.

يبدأ النشاط الأول بتأمل موضع القمر كل يوم. اخرج مع الأطفال بعد غروب الشمس وتأمل أين يقع القمر في السماء، في أوائل أي شهر هجري ستجده أعلى الأفق، حدد موضعه بشكل نسبي ثم في اليوم الذي يليه خرج في نفس التوقيت بالضبط وابحث عن القمر، سيتفاجأ الطفل أنه ليس في نفس الموضع، بل أعلى قليلا.

يحدث ذلك لأن القمر يدور حول الأرض، وما بين الأمس والليلة تحرك القمر في السماء تلك المسافة، وهي مسافة شاسعة، فالقمر يجري بسرعة حوالي 3700 كيلومتر في الساعة، لكن لأنه بعيد جدا فإننا لا نلاحظ حركته بسهولة، يتطلب الأمر يوما كاملا لنلاحظ تلك الحركة.

استمر في هذا التمرين كل يوم، بعد نهاية الأسبوع الأول من الشهر الهجري ستجد القمر أعلاك تماما بعد غروب الشمس، وفي ليلة البدر ستجد أنه بعد أن تغرب الشمس من جهة الغرب فإن القمر يخرج من جهة الشرق المقابلة، وهكذا يستمر القمر بالتراجع يوما بعد يوم، وهذا التراجع ما هو إلا تمثيل حي لدورة القمر الشهرية حول الأرض.

أطوار القمر

في أثناء ممارسة التمرين السابق، يمكن أن تعلّم طفلك كذلك عن أطوار القمر، وهناك طريقة مميزة ليتعلم بها بعض أطوار القمر. نحن نعرف أن الشهر القمري يبدأ بالمحاق، وفيه يكون القمر مظلما تماما، لذلك لا نراه.

بعد المحاق يظهر الهلال المتزايد، ويشبه القمر شكل حرف C باللاتينية معكوس، بعد ذلك يزيد الضوء على سطحه شيئا فشيئا ليصبح بعد أسبوع مثل حرف D، ثم يزيد الضوء شيئا فشيئا ليصبح بعد أسبوع إضافي مثل حرف O، في تلك المرحلة يكون سطح القمر مملوءا تماما بالضوء.

بعد ذلك يبدأ الضوء بالتآكل شيئا فشيئا، وبعد أسبوع إضافي يشبه القمر حرف D معكوس، ويستمر الضوء في التناقص حتّى يصل القمر إلى مرحلة الهلال المتناقص، ليشبه حرف C.

استخدم هذه الطريقة واسأل طفلك عن شكل الطور القمري كل أسبوع، هل يشبه حرف C أم D أم O أم نفس الحروف لكنها معكوسة؟ سيساعده ذلك أيضا أن يتعلّم عن الوقت، فإذا ظهر القمر بشكل حرف D عادي فقد مر أسبوع منذ بداية الشهر القمري، أما إذا كانت معكوسة فقد مرت 3 أسابيع.

بحار القمر

أخيرا يمكن للطفل أن يتأمل القمر في طور البدر فيلاحظ وجود ملامح داكنة عليه، تشبه وجها حزينا أو أرنبا. هذه الملامح هي البحار القمرية، وإذا اقتربت منها فلن تجدها بحارا، لكن الفلكيين القدماء ظنوا أنها بحار كتلك التي على الأرض، وكان ذلك قبل أن نكتشف التلسكوبات ونعرف أنها مساحات منبسطة على سطح القمر.

سبب تكوّن تلك البحار هو حمم بركانية قديمة كانت موجودة على القمر، تحركت على سطحه وسوّته، بالإضافة لذلك فقد أعطتها تلك الحمم لونا داكنا عن بقية القمر.

المصادر : مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى