تقارير

ليس من الهواء فقط.. الكشف عن تقنية دقيقة لاستخدام “الكربون الوسيط” وتقليل الانبعاثات من “المشروبات ووقود طائرات”

تؤدي تقنية التقاط الكربون من الهواء مباشرة دورًا مهمًا في تحقيق الحياد الكربوني، خاصة في القطاعات التي يصعب بها خفض الانبعاثات، مثل النقل والصناعات الثقيلة.

وبحسب تقرير وكالة الطاقة الدولية، الصادر اليوم الإثنين، فإن تقنية التقاط الكربون من الهواء مباشرة قد تُجنّب العالم أكثر من 85 مليون طن سنويًا من انبعاثات الكربون بحلول 2030 و980 مليون طن سنويًا بحلول منتصف القرن، وذلك وفقًا لسيناريو الحياد الكربوني.

ورغم ذلك، فإن العالم لا يزال بعيدًا كل البعد، إذ تلتقط هذه التقنية 7.7 ألف طن من انبعاثات الكربون في الوقت الحالي

استخدام الكربون

بين عامي 2020 و2050، ستمثّل تقنية التقاط الكربون من الهواء مباشرة قرابة 11% من النمو في إجمالي عمليات احتجاز الكربون.

وبحسب التقرير، لا تنحصر أهمية التقاط الكربون من الهواء مباشرة في إزالة الكربون من الغلاف الجوي فقط، ولكن يمكن استخدام الكربون المحتجر بصفته مادة وسيطة لمجموعة من المنتجات من المشروبات إلى المواد الكيميائية ووقود الطائرات الاصطناعي.

وفي سيناريو الحياد الكربوني بحلول 2050، يمكن استخدام 350 مليون طن، أو 36% من الكربون المُلتقط من الهواء، لإنتاج الوقود الاصطناعي.

وباستخدام هذا الوقود في الطائرات، بدلًا من الوقود الأحفوري، فإن تقنية التقاط الكربون من الهواء مباشرة، تُسهم من جهة أخرى في خفض الانبعاثات من هذا القطاع.

مشروعات التقاط الكربون من الهواء

بحسب التقرير، فإنه يوجد 18 منشأة لالتقاط الكربون مباشرة من الهواء في كندا وأوروبا والولايات المتحدة، لكنها تعمل بقدرة صغيرة.

ويتطلب سيناريو الحياد الكربوني 2050 إضافة 32 منشأة لالتقاط الكربون مباشرة من الهواء، بقدرة مليون طن سنويًا بين عامي 2020 و2050.

ومن المقرر أن تشهد الولايات المتحدة أول مشروع على نطاق واسع، تصل قدرته إلى مليون طن من الكربون سنويًا، قد يبدأ مرحلة التشغيل بحلول منتصف العقد الحالي.

وترى وكالة الطاقة الدولية أن تقنية التقاط الكربون من الهواء لا تشهد الدعم المطلوب، فمنذ بداية عام 2020، التزمت الحكومات بنحو 4 مليارات دولار فقط لتطوير ونشر مشروعات هذه التقنية، منها 3.5 مليار دولار في الولايات المتحدة وحدها.

وعلى مستوى القطاع الخاص، فإن الشركات الرائدة في تقنية التقاط الكربون مباشرة من الهواء، جمعت 125 مليون دولار منذ بداية عام 2020، إذ تستثمر شركات كبيرة مثل مايكروسوفت ويونايتد إيرلاينز بهذه التقنية.

الحياد الكربوني

يأتي تخلّف الحكومات والشركات عن دعم مشروعات التقاط الكربون من الهواء، بسبب التكلفة المرتفعة للغاية، مقارنة باحتجاز الكربون وتخزينه من مصدر ثابت، مثل محطات الكهرباء.

وبحسب التقرير، تُقدَّر تكلفة البناء اللازمة لمصنع كبير، حاليًا، بما يتراوح بين 125 و335 دولارًا للطن من ثاني أكسيد الكربون.

وتتوقع وكالة الطاقة أنه مع تعزيز النشر والابتكار لهذه التقنية، فإن التكلفة قد تتراجع لأقلّ من 100 دولار للطن بحلول 2030.

وعلاوة على ذلك، يمكن أن يزيد سعر الكربون عن 160 دولارًا لكل طن من ثاني أكسيد الكربون، مما يجعل التقاط الكربون مربحًا، وفق التقرير.

6 أولويات لدعم التقاط الكربون من الهواء

جعل التقاط الكربون من الهواء مباشرة أولوية، من خلال دعم السياسات والبرامج التي تهدف إلى التوضيح والنشر على المدى القريب.

تعزيز الابتكار عبر سلسلة القيمة من أجل تقليل تكاليف التصنيع والتشغيل ودعم توافر مصادر طاقة منخفضة الكربون اللازمة لتشغيل تقنية التقاط الكربون من الهواء.

تحديد وتطوير إمكانات تخزين ثاني أكسيد الكربون المحتجز؛ حتى لا تكون عائقًا أمام توسّع التقنية.

تطوير مناهج متّفق عليها دوليًا، تكون شفافة وموحدة، تقدّم شهادات ومراجعات لمشروعات التقاط الكربون من الهواء مباشرة.

تعزيز دور التقاط الكربون من الهواء، وجميع العمليات المرتبطة بالتقنية في إستراتيجيات الحياد الكربوني.
دعم تعاون دولي لتحقيق النشر السريع للتقنية خلال المنظمات والمبادرات الدولية، مثل وكالة الطاقة الدولية وغيرها.

اختراق في مجال التقاط الكربون من الهواء…يحفّز بيل غيتس على الاستثمار فيه

حققت شركة ناشئة مقرها ولاية ماساتشوستس الاميركية، اختراقاً تكنولوجياً في مواد تستخدمها لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء، الأمر الذي أعطى الملياردير الاميركي بيل غيتس ثقة لضخ 80 مليون دولار لدعم تجاربها الهادفة لاحتجاز الغازات الدفيئة المتسببة بالاحتباس الحراري.

ووفق تقرير نشرته وكالة “بلومبرغ ” استقطبت شركة ” Verdox Inc” استثمارات من شركة “بريكثرو إنيرجي فينشرز” بقيادة غيتس رغم انها لا تزال تعمل فقط على نطاق الاختبارات.

ونظراً لأن العالم أصبح جاداً بشأن الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية في غضون عقود، فهناك اهتمام متزايد بالتقنيات التي يمكنها عزل ثاني أكسيد الكربون بشكل دائم في الغلاف الجوي.

وتعتمد ” Verdox” نهجاً مختلفاً عن التقنيات المتبعة حالياً تدعي أنه أكثر كفاءة وبالتالي أرخص، إذ طور معهد “ماساتشوستس” للتكنولوجيا نوعا خاصا من البلاستيك يمكنه بشكل انتقائي سحب ثاني أكسيد الكربون من مزيج من الغاز موجود في الهواء أو العادم بعد شحنه بالكهرباء.

ووفق الشركة فإن مادتها يمكن أن تخفض إجمالي الطاقة المستخدمة في التقاط الهواء بنسبة 70٪ أو أكثر، وستحتاج هذه العملية كهرباء منخفضة الكربون.

ووفق التقرير، نجحت الشركة بالتقاط ثاني أكسيد الكربون عبر مادتها الجديدة الا انها التقطت الأوكسجين أيضا.

ووفق الرئيس التنفيذي للشركة بريان باينز، فإن المادة كانت أكثر جاذبية لثاني أكسيد الكربون بمقدار 5000 مرة من الأوكسجين.

وسوف يستغرق الأمر سنوات قبل أن تتمكن ” Verdox ” من التقاط ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنويا، لكنها تهدف في النهاية إلى تحقيق ذلك بمعدل 50 دولاراً للطن أو أقل.

هل وصلنا إلى الحدِّ من انبعاثات الغازات؟

أُفتتحَ أول مصنعٍ تجاري في العالم بهدف التقاطِ الهواءِ مُباشرةً لإعادة التزوّد به مع مُناقشة ما إذا كانت التكنولوجيا قادرةً على لعبِ الدورِ الهام في إزالة الغازات الدفيئة الموجودةُ فعلًا في الغلاف الجويّ.

وبالتالي أصبحت مُنشأةُ (كلايموركس – Climeworks) الواقعة بالقرب من مدينة (زيورخ – Zurich) أول محطّةٍ لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء على المستوى الصناعيّ وبيعه للمُشتري مباشرةً.

ويقولُ المطوّرون أن هذا المصنع سيلتقط سنويًا ما يُقاربُ 900 طن من غاز ثاني أكسيد الكربون، أي ما يكفي تقريبًا لانطلاق 200 سيّارة وأنابيبَ الغاز المُستخدمةِ في إنباتِ الخضروات.

وفي حينِ أنَّ كميّة الغاز المُلتقط هي جزءٌ صغير مما تأمل الشركات ودُعاة المناخ أن يتلقطوه في مُنشآت الوقود الأحفوري الكبيرة، فإنَّ شركة كلايمووركس صرحت أنَّ مشروعها يمثل الخطوة الأولى لتحقيق هدفها المُتمثّل بالتقاطِ 1% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم وذلك باستخدامِ تقنيّات مماثلة، ولفعل ذلك، فإنّه يتطلّبُ بناء 250 ألف معملٍ مماثل.

يقول المؤسس المُشارك والمدير الإداري للشركة (كريستوف جيبالد – Christoph Gebald): «إن تقنيّات الانبعاثات السلبيّة القابلة للقياس بشدةّ أمر مصيريّ إذا كان لنا أن نبقى تحت الهدف وهو: درجتان لارتفاع درجة الحرارة العالميّة».

تدفع المراوح الهواء عبر نظام تصفية والذي يجمع غاز ثاني أكسيد الكربون، وعند تشبُّع الفلتر، يُفصل غاز ثاني أكسيد الكربون عند درجة حرارة تفوق 100C، إذ يقعُ المصنع على قمةّ مُنشأةٍ لاستعادة الحرارة الضائعة والتي من شأنها أن تدعم العمليّة.

وقال مؤسس شركة جيبالد وكلايمووركس (جان ورزباتشر – Jan Wurzbacher): «يمكن أن يكون لثاني أكسيد الكربون مجموعة متنوّعة من الاستخدامات الأخرى، كما هو الحال بالنسبة للمشروبات الغازية».
وقد تأسست كلايمووركس عام 2009 بعد العمل على التقاط الهواء في الدراساتِ العليا في زيورخ السويسريّة.

وقالت الشركة أن المصنع الجديدَ مُعدٌ للتشغيل كمشروعٍ وصفيّ مُدته ثلاثُ سنوات، وفي العام المقبل تخطط لإطلاق مشاريع تجاريّة إضافيّة، بما في ذلك بعض المشاريع التي من شأنها أن تدفنَ الغاز تحت الأرض لتبلغ هدفها بالحد من الانبعاثات السلبيّة.

ويقول ورزباتشر: «مع بيانات الطاقة والاقتصاد من المصنع، يُمكننا أن نضع حسابات موثوقة لمشاريع أخرى أكبر».

وقد ظهر العديد من ناقدي تقنية التقاط الهواء، والذين يقولون أنَّه سيكون من الأوفر بكثير أن يُلتقط الكربون مُباشرةً وبشكلٍ كاملٍ من محطّات الوقود الأحفوريّ والإبقاء على الغاز بعيدًا عن الاختلاط بالهواء الخارجيّ في المقام الأول.

وكان من بينِ النُقّاد، كبير الباحثين في معهد بحوث (ماساتشوستس – Massachusetts ) للتكنولوجيا المهندس ( هاورد هرتسوغ – Howard Herzog)، والذي وصفهُ بأنَّه “عرضٌ” خلال إحدى فعاليّات واشنطن في وقت سابق، وقدّر أن التكاليف الإجماليّة لنظام التقاط الغاز من الهواء يمكن أن تصل إلى 1000$ للطن الواحد من الغاز، أو حوالي 10 أضعاف كلفة إزالة الكربون من محطات الوقود الأحفوريّ.

وقال: «إن من السخرية التفكير بهذ الأمر الآن مع هذه التكلفة، ولدينا الكثير من الطرق الأخرى للقيام بذلك بأرخص من هذا بكثير».

ولم يُعلِّق تحديدًا على شركة كلايمووركس، ولكنّه أشار إلى أن تكلفة التقاط الهواء مُرتفعة إلى حدٍ ما لأن ثاني أكسيد الكربون مُنتشرٌ في الهواء، في حين أنَّه أكثر تركيزًا في انبعاثاتِ محطات الوقود الأحفوّري.

في حين أنَّ كلايمووركس لم تُعلِن على الفور عن المعلومات المُفصّلة عن تكاليفها، لكنّها قالت في بيانٍ لها بأن المكتب الفيدراليّ السويسريّ للطاقة سيُساعد في التمويل، بالإضافة إلى أنَّ الإتحاد الأوروبيّ قام بالتمويل أيضًا.

وفي عام 2015، أصدرت الأكاديميّات الوطنيّة للعلوم والهندسة والطب تقريرًا جاء فيه: «إن تكنولوجيّات التدخّل المناخيّ كالتقاط الغاز من الهواء ليست بديلًا للحد من الانبعاثات».

كما وصفَ اثنان من العلماء الأوروبيين في مجلّة “Science” أن تقنيّات التقاط الهواء وغيرها من تقنيّات الانبعاثات السلبيّة مُقامرةٌ غيرُعادلة، مما يصرف انتباه العالم عن حلول مناخيّة قابلة للتطبيق.

ولقد ظل المهندسون يفكرون في تلك التقنيّات لسنوات بجدية تارة وبعبثية تارة أخرى، ولكن كثيرون قالوا أنه خيار ضروريّ للحفاظ على درجات الحرارة ضمن حدود السيطرة، بينما يقول مُناصروّ المشروع أنها مُجرّد مسألة خفض التكاليف.

وقبل أكثر من عقدٍ من الزمن، أطلق رائدُ الأعمالِ (ريتشارد برانسون – Richard Branson) تحديًا أسماه (فيرجن إيرث – Virgin Earth) وعرضَ 25 مليون دولار لمؤسس تصميم التقاط الهواء.

وكانت شركة كلايمووركس في تلك المسابقة، كما كانت شركاتٌ أخرى مثل (هندسة الكربون – Carbon Engineering) مدعومة من قِبل مؤسس شركة مايكروسوفت (لمالكها بيل غيتس – Bill Gates) والتي كانت تختبر التقاط الهواء في مصنعٍ تجريبيّ في كولومبيا البريطانيّة.

المصادر : مواقع الكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى