تقارير

سيتمتّع 7 ملايين منزل في بريطانيا بوصول حصري إلى الكهرباء الموثوقة من موارد الرياح والشمس المغربية.. إليك التفاصيل الكاملة لأطول كابل بحري في العالم

سيصبح مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا منشأة جديدة لتوليد الكهرباء تعمل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إضافة إلى مرفق تخزين البطاريات.

ويقع المشروع في جهة كلميم واد نون المغربية الغنية بالطاقة المتجددة، وسيغطي مساحة تقريبية تبلغ 1500 كيلومتر مربع، وسيُربَط حصريًا ببريطانيا عبر خطوط تيار الجهد العالي المستمر (إتش في دي سي) تحت سطح البحر بطول 3800 كيلومتر.

وسيولّد المشروع “الأول من نوعه” 10.5 غيغاواط من الكهرباء المحايدة كربونيًا من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتوفير 3.6 غيغاواط من الكهرباء الموثوقة لمدة تزيد عن 20 ساعة في المتوسط ​​يوميًا، وفقًا لما نشر موقع شركة إكس لينكس.

وهذا يكفي لتوفير كهرباء نظيفة ومنخفضة التكلفة لأكثر من 7 ملايين منزل بريطاني بحلول عام 2030، وبمجرد اكتمال المشروع، سيكون المشروع قادرًا على توفير 8% من احتياجات بريطانيا من الكهرباء.

إلى جانب توليد الكهرباء المتّسق من الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، توفر منشأة بطارية 20 غيغاواط/ 5 غيغاواط في الموقع تخزينًا كافيًا للربط الكهربائي الموثوق يوميًا.

مصدر مرن للكهرباء النظيفة

يُعدّ مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا مصدرًا مخصصًا وشبه ثابت للكهرباء النظيفة المرنة والمرغوبة في بريطانيا، وهو مصمم لاستكمال الطاقة المتجددة المتولدة في جميع أنحاء بريطانيا.

وعندما ينخفض ​​توليد الطاقة المتجددة المحلية في بريطانيا بسبب انخفاض هبوب الرياح وقصر أوقات سطوع الشمس، سيستفيد المشروع من فوائد ساعات سطوع الشمس الطويلة في المغرب؛ لتوفير مصدر ثابت ومرن كهرباء المحايدة كربونيًا.

علاوة على ذلك، سيوفر المشروع -الذي تنفّذه شركة إكس لينكس، وسيكلف 21.9 مليار دولار- كهرباء متجددة تعمل لتوفير كهرباء الحمل الأساسي.

وستكون خطوط النقل المزدوجة لتيار الجهد العالي المستمر بقدرة 1.8 غيغاواط هي الأطول في العالم، حسبما أورد موقع شركة “إلكتريك” في الولايات المتحدة المعني بشؤون التنقل الكهربائي والطاقة المستدامة.

وستقوم شركة إكس إل سي سي المصنّعة لخطوط الربط تحت سطح البحر ببناء مصنع في مدينة هانترستون، في إسكتلندا، وسيكون أول إنتاج لها لصالح مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا.

وستقوم الشركة بتزويد 4 خطوط بطول 2361 ميلا (3800 كيلومتر) تحت سطح البحر، وتستمر المرحلة الأولى بين عامي 2025-2027 لربط طاقة الرياح والطاقة الشمسية المولدة في المغرب بقرية ألفردسكوت، بمقاطعة ديفون الشمالية في بريطانيا.

ستعمل هذه المبادرة على مضاعفة الإنتاج العالمي الحالي تقريبًا لتصنيع خطوط التيار المستمر عالي الجهد.

وستحتاج أطول خطوط النقل الكهربائي البحرية في العالم إلى 90 ألف طن متري من الفولاذ. وقد وقّعت شركة إكس إل سي سيميثاق الصلب البريطاني في البرلمان هذا الأسبوع، و التزمت بموجبه باستخدام الفولاذ البريطاني.

وتُعدّ شركة الطاقة المتجددة “إكس ينكس”، ومقرّها في بريطانيا مطوّر المشروع، وسوف تمتد خطوط الربط الكهربائي البحرية في طريق المياه الضحلة من المغرب إلى بريطانيا، بعد عبورها إسبانيا والبرتغال وفرنسا.

وسيُفَعَّل الخط الأول في أوائل عام 2027، ومن المقرر إطلاق الخطوط الـ3 الأخرى في عام 2029.

أطول خط كهرباء بحري في العالم

تمّ التوصل إلى اتفاق مع الشبكة الوطنية في بريطانيا لخطّي ربط بقدرة 1.8 غيغاواط في ألفيرديسكوت بمقاطعة ديفون.

وستمكّن محطات تحويل مصدر الجهد مشروع إكس لينكسمن تأمين عقود موازنة عالية القيمة مع الشبكة الوطنية في بريطانيا، وقد تمّت دراسة الجدوى التقنية لتيار الجهد العالي المستمر للتحقق من الموثوقية والتكلفة.

مزايا المشروع

يوفر مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا 0.5 غيغاواط من الكهرباء النظيفة من منشآت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق واسع في المغرب، يضاف إلى ذلك كثافة عالية للرياح والشمس توفر كهرباء منخفضة التكلفة للغاية ومحايدة كربونيًا.

وثُبِّتَت تكنولوجيا خطوط ربط تيار الجهد العالي المستمر على طريق بطول 3800 كم تحت قاع البحر؛ لتصبح مصدرًا مخصصًا للطاقة المتجددة لتزويد بريطانيا حصريًا بالكهرباء.

جدير بالذكر أن توفير إمدادات الطاقة في بريطانيا يحدث من خلال التنويع من خطوط الربط البيني ضمن الاتحاد الأوروبي والاعتماد على الغاز الطبيعي المسال والكتلة الحيوية من أميركا الشمالية.

ويوفر المشروع 1350 وظيفة خضراء دائمة جديدة في بورت تالبوت وهنترستون والشمال الشرقي في بريطانيا بحلول عام 2024، إضافة إلى آلاف الوظائف في سلسلة التوريد، وخلق 10.000 فرصة عمل في المغرب والإسهام في طموحها الصناعي المتجدد.

لماذا المغرب؟

أصبح المغرب، على مدى السنوات الـ10 الماضية، بلدًا رائدا دوليًا في مجال الطاقة المتجددة، ونجح المغرب في تطوير مشروعات الطاقة المتجددة الكبيرة والمبتكرة في جميع أنحاء العالم، مثل مجمع نور ورزازات، الذي يضم أكبر مشروع للطاقة الشمسية المركزة على مستوى العالم، أو برنامجه المتكامل لطاقة الرياح.

علاوة على ذلك، أنشأ المغرب إطارًا قانونيًا متينًا لتعزيز الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة.

تجدر الإشارة إلى أن المغرب يستفيد من موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المثالية اللازمة لتطوير مشروعات متجددة يمكن أن تضمن إنتاجًا مناسبًا للكهرباء على مدار العام.

ويتمتع المغرب بثالث أعلى إشعاع شمسي أفقي عالمي في شمال أفريقيا، وهو أكبر بنسبة 20% من إشعاع شمسي أفقي عالمي في إسبانيا، وأكثر من ضعف نظيره في بريطانيا.

علاوة على ذلك، لا يزال أقصر يوم شتاء يوفر أكثر من 10 ساعات من ضوء الشمس، ويساعد هذا في توفير مستلزمات التوليد التي تلبي احتياجات سوق الكهرباء في بريطانيا، خصوصًا خلال أوقات انخفاض توليد الكهرباء بالرياح البحرية.

وسيعتمد مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا على الخبرة المغربية القوية في مجال الطاقة المتجددة، إضافة إلى دعم دور المغرب الرائد عالميًا في مكافحة تغير المناخ، وتقديم قيمة إضافية لموارده الطبيعية، وتعزيز صناعة الطاقة المتجددة.

وتتوافق سياسة شركة إكس ليلنكس مع إستراتيجية تصدير الطاقة في المغرب، وهذا هو سبب كونها منخرطة في هذا المشروع.

لماذا بريطانيا؟

تعمل بريطانيا بشكل واضح على تنفيذ التزامها بالطموح العالمي المتمثل في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وتتجه لإزالة الكربون بسرعة من اقتصادها، من خلال دعم الإجراءات الدولية للوفاء باتفاقية باريس للمناخ.

في عام 2019، تجاوزت مصادر الطاقة الكربونية في بريطانيا توليد الكهرباء من الوقود الأحفوري لأول مرة منذ الثورة الصناعية، وبحلول عام 2025، ستغير هيئة تشغيل نظام كهرباء الشبكة الوطنية الطريقة التي يعمل بها نظام الكهرباء؛ للاستغناء عن استخدام الوقود الأحفوري.

ومن أجل الوصول إلى قطاع كهرباء محايد كربونيًا بالكامل بحلول عام 2035، يجب على بريطانيا تحويل نظام الطاقة لديها بوتيرة سريعة، مع ضمان بقائه موثوقًا وميسور التكلفة بالنسبة للصناعة والمنازل.

عندها فقط يمكن للقطاعات الأخرى كثيفة الكربون، مثل النقل والتدفئة، إزالة الكربون بسرعة كافية لتحقيق اقتصاد محايد كربونيًا بحلول عام 2050.

وتعدّ طاقة الرياح البحرية أساسية لشبكة كهرباء ملائمة للاعتبارات البيئية، ولكن توليد الكهرباء بطاقة الرياح يتسبّب في عدم الاستقرار وضعف النظام، ويمكن أن يختلف الناتج بشكل كبير من أسبوع لآخر.

يؤكد التحليل التاريخي -الذي أصدرته مؤسسة ثورنتون في عام 2017، للمطابقة بين إمدادات الرياح في بريطانيا والطلب على الكهرباء- حقيقة أن أعلى عرض لتوليد الكهرباء بطاقة الرياح يحدث خلال أضعف طلب على الكهرباء، والعكس صحيح.

ويمكن أن تتزامن أوقات التوليد المنخفض مع ذروة الطلب؛ مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وبالمثل، فإن أوقات الذروة في التوليد ليلًا تخلق ضغطًا على شبكة النقل الكهربائي، وتسهّل خطوط الربط البينية التجارة الفعالة عبر الحدود للكهرباء.

وليس من الواضح أن التوليد المتصل بشبكات الكهرباء الخاصة بالدول المجاورة لبريطانيا سيكون متاحًا للمستهلكين البريطانيين بسعر مناسب عند الحاجة.

وسيكون التوليد عن بعد والربط الكهربائي بين المناطق الجغرافية البعيدة ذات أنظمة الطقس المترابطة عكسيًا مجديًا بمعالجة الاختلالات في العرض والطلب على مدى أوقات زمنية أطول.

سعة التوليد

ستستخدم مزرعة طاقة الرياح، التي يحركها اختلاف درجات الحرارة بين المحيط الأطلسي والقارّة الأفريقية، تزداد سرعة الرياح في موقع التوليد طوال فترة الظهيرة والمساء، ما يضمن إمكان توصيل الكهرباء إلى بريطانيا خلال أوقات ذروة الطلب.

وستغطي مزرعة الطاقة الشمسية ما يقرب من 200 كيلومتر مربع، وتتبع الشمس من الشرق إلى الغرب على مدار اليوم.

ولن يؤدي هذا إلى زيادة التوليد في مزرعة الطاقة الشمسية فحسب، بل سيزيد أيضًا من توليد الكهرباء في وقت مبكر من الصباح، وفي وقت متأخر بعد الظهر، ما يوفر ظروف التوليد الملائمة لبريطانيا.

وعلى الرغم من أن مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا سيستفيد من تصاميم الألواح الشمسية المتطورة، فإنه سيعمل بالطريقة نفسها التي تعمل بها الألواح التي رُكِّبَت على منازل الناس، في جميع أنحاء بريطانيا، ومواقع التوليد الحالية داخل المغرب.

ومع ذلك، فإن زيادة موارد الطاقة الشمسية تعني أن الألواح الكهروضوئية نفسها تولّد في المغرب ما يقرب من 3 أضعاف الطاقة التي تولّدها في بريطانيا.

الأهم من ذلك، أن الألواح الشمسية ستولّد ما يصل إلى 5 أضعاف الكهرباء من تلك الموجودة في بريطانيا، ما سيساعد على إبقاء المصابيح مضاءة والمنازل دافئة في بريطانيا، طوال أيام الشتاء الأكثر برودة.

تخزين الكهرباء

سيستفيد مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا من منشأة بطارية 20 غيغاواط/ساعة/5 غيغاواط، التي ستوفر إمكان تخزين الكهرباء المولّدة وتسليمها إلى بريطانيا في الأوقات التي تشتد فيها الحاجة إليها.

وسيُوَفَّر ذلك أساسًا من خلال بطاريات ليثيوم أيون التي تُستخدَم في السيارات الكهربائية وأنظمة البطاريات المنزلية ومشروعات التخزين على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم.

وستسمح هذه البطاريات أيضًا لمشروع شركة إكس لينكس للربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا بتثبيت المزيد من أنظمة الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح، ما سيزيد من استخدام نظام النقل تحت سطح البحر.

بدوره، يؤدي توفير ما يزيد عن 20 ساعة يوميًا في المتوسط ​​من الكهرباء إلى تقليل تكلفة النقل لكل وحدة من الكهرباء التي تُوَصَّل إلى بريطانيا.

وسيمنح المشروع الثقة للشبكة الوطنية في بريطانيا؛ لأن المشروع سوف يمدّ بريطانيا بالكهرباء، حتى في أوقات انخفاض هبوب الرياح وانخفاض إنتاج الطاقة الشمسية في أنحاء شمال أوروبا.

التيار المستمر عالي الجهد

للسماح بنقل الكهرباء، تقوم شركة إكس لينكس البريطانية أيضًا بتثبيت نظام نقل من موقع التوليد في المغرب إلى بريطانيا، ويمتد معظمه عبر المحيط.

وستُننقَل الكهرباء المولدة مباشرة إلى بريطانيا دون الاتصال بشبكات النقل المغربية أو الإسبانية أو البرتغالية أو الفرنسية، وهذا يوفر الثقة في أنه -بغضّ النظر عمّا يحدث لأيّ شبكة كهرباء- ستتمتع بريطانيا بوصول حصري إلى الكهرباء الموثوقة من موارد الرياح والشمس المغربية.

وسيستخدم نظام النقل خطوط التيار المستمر عالي الجهد لنقل الكهرباء من المغرب إلى بريطانيا. وتخضع تقنية التيار المستمر عالي الجهد الآن لاختبار؛ لتحديد موثوقيتها وتنافسيتها من حيث التكلفة لنقل حجم كبير التيار عبر مسافات طويلة.

علاوة على ذلك، ستُستَخدَم محطات التحويل لتغيير كهرباء التيار المستمر عالي الجهد بموقع التوليد في المغرب، التي تُنقَل بعد ذلك عبر خط ربط بحري، مع خسائر منخفضة جدًا.

وستقوم محطة تحويل أخرى في بريطانيا بتغيير كهرباء التيار المستمر عالي الجهد مرة أخرى إلى التيار المتناوب عالي الجهد، من أجل ربطها بشبكة النقل البريطانية.

وفي حين إن خط الربط البحري لمشروع شركة إكس لينكس الخاص بالربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا أطول بكثير من خطوط الربط البيني الحالية، فإن تقنية كهرباء التيار المستمر عالي الجهد هي التكنولوجيا المثبتة المستخدمة لربط بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى نفسها.

المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى