وسط تلال ممتدة من الذهب وجدوا قطعاً ذهبية في مدفن أميرة عربية لا تقدر بثمن.. ما لا تعرفه عن قصة “ثاج” التي دفن معها 18 كيلو من الذهب
“ثاج” التي تبعد 80 كلم غرب الجبيل، إحدى مراكز المنطقة الشرقية وواحدة من أهم المواقع التاريخية في السعودية، حيث تقبع منازل أهل القرية الصغرية على كنوز تاريخية هامة.
هناك تتناثر في أرض ثاج قطع الفخار في كل مكان، حيث اعتاد الأهالي على وجود مثل هذه القطع في كل مكان. وتمتد المواقع المحمية في ثاج لأكثر من 6 مواقع، حيث تمت حمايتها بسياج، بالإضافة لحماية الأهالي من القرية نفسها.
أميرة ثاج الصغيرة
في أحد تلال ثاج، قاد بناء منزل سيدة لاكتشاف كنز أثري مهم، حيث فُتح أحد المدافن القريبة من منزل سيدة، ليتم اكتشاف رفات طفلة يعتقد أنها تعود لعائلة ملكية في حضارة ثاج، عمرها لا يتجاوز العاشرة وضعت على سرير بقوائم برونزية شكلت بأشكال آدمية ونثرت قطعا ذهبية حول رفات الطفلة.
حول ذلك، أوضح عبدالحميد الحشاش مسؤول الآثار والمتاحف السابق في المنطقة الشرقية أن كشف أميرة ثاج يعد كشفا كبيرا، وهناك المزيد لهذه الحضارة المهمة التي اكتشفت في ثاج.
وقال إن الدراسات الأولية تؤكد أن الموقع كان قبل الميلاد بـ 500 عام وامتد في العصور التي تليها وحتى العصور الإسلامية، وهناك حضارة كبيرة في المكان وقرية متكاملة، متى ما تم الكشف عنها ستكون موقعا تاريخيا عظيما لا يقل عن العديد من المواقع الشهيرة والهامة.
وأضاف الحشاش: “الموقع محافظ عليه من قبل الأهالي فهم يعرفون قيمته التاريخية وقد تمت حمايته من العبث، خصوصا أن القرية الكاملة واقعة أسفل الركامات ودفنت أسفل الرمال ويحتاج الكشف عنها لعمل متكامل”.
في مدفن أميرة ثاج
القطع الذهبية والبرنزية التي وجدت في مدفن الطفلة لا تقدر بثمن، حيث نثرت حول رفات الطفلة، كما أن في المدفن وجد العديد من القطع البرونزية والفخارية وأيضا قطع للزينة من الذهب المطعم بالأحجار الكريمة وقناع للوجه من الذهب، وهو يعكس الحالة الثقافية والصناعية التي كانت عليها مملكة ثاج الممتد من عصور قبل الميلاد.
بدوره، أشار الدكتور عيد اليحيى الباحث في برنامج “خطى العرب” إلى أن “ثاج” قد تكون هي مملكة الجرهاء المفقودة، والتي تعكس حالة من الغنى والرفاء من الحياة.
وقال اليحيى إنهم وثقوا الموقع في برنامج “على خطى العرب” الجزء الثالث والذي سيعرض قريبا علي شاشة “العربية”، مضيفاً أن حضارة الجراهاء وصفها بعض المؤرخين بأنها تعيش حالة من الرخاء، خصوصا أن موقع ثاج يقع ضمن طرق البخور والتقائها بطرق الحرير البحرية، وثاج واقعة بالقرب من البحر وبالتالي يعكس حالة الثراء لهذا الموقع.
وتوقع اليحيى أن يكون مركز ثاج من أهم المواقع الآثارية في الجزيرة العربية مع اكتمال التنقيب فيه واكتشاف القرية بشكل كامل.
المتحف في الموقع
ناشد أهالي المنطقة مسؤولي المتحف بأن يرمم ويجهز ويحمل بعض القطع والموجودات في الموقع نفسه: “فليس هناك فائدة من نقل القطع من موقعها”، خصوصا للباحثين والدراسين والمهتمين.
لم تكن “أميرة ثاج” التي دفنت محاطة بالذهب قبل نحو 50 عاما قبل الميلاد تعرف أن المختص الأثري في متحف الدمام الإقليمي سعيد الصناع سيكتشف قبرها من بقعة الرماد التي امتزجت مع رمال تل صمد لمئات السنين دون أن تمسسه يد بشر من قبل، وذلك في محافظة الظهران بالمنطقة الشرقية ووضع دفانو “الأميرة” كما اصطلح على تسميتها الرماد لئلا يُسرق من قبل المجهولين، كما توضح طريقة الدفن ب”أن معتقدا دينيا” ساد المنطقة في تلك المرحلة الزمنية الغابرة، والتي لم يتحدث عنها مدونو التاريخ.
وعلى رغم اكتشاف أميرة ثاج في الخمسين عاما التي سبقت ميلاد المسيح، إلا أن مقابر أخرى اكتشفت في ذات المنطقة التاريخية نقلت الفترة الزمنية لتصبح أكثر عمقا في التاريخ، إذ حددت ب”1700 قبل الميلاد”.
ومع أن تلك المقابر لم تكن باذخة كما هو الحال مع قبر الأميرة،الا أن أهميتها تكمن في الفترة الزمينة التي تعود لها، ويرى مختصون أثريون بأن منطقة ثاج الواقعة على بعد 80 كيلو مترا غربي مدينة الجبيل غيرت وجهة النظر المتعلقة بتاريخ المنطقة والتي برزت بعد اكتشاف أميرة ثاج، ويقول المختص الأثري سعيد الصناع: “إن تواصل الحفريات بعد عام من العثور على الأميرة ساهم في اكتشاف مقابر أخرى أقدم من قبر الأميرة التي كانت يونانية اللباس”، موضحا أنها كانت صغيرة السن، حسب حجم هيكلها العظمي.
ويستدل الصناع على صحة العمق الزمني ب”طريقة الدفن”، إذ يقول: “إن الدفن القرفصائي يُبين نفس طريقة الدفن الموجود في حضارة ديلمون (1700 قبلالميلاد)”، مشيرا إلى أن ذلك يعطي قفزا نوعيا في عدد السنوات، مضيفا “إن المنطقة كانت غنية جدا، بدليل أن الأميرة كانت محاطة بالذهب، فحتى ملابسها كانت مطرزة بالذهب الخالص، وكانت ترتدي قناعا ذهبيا على وجهها، ووخاتمين ذهب بهما عقيق منقوش عليه صور لوجود مدقنة، إضافة إلى شريط ذهبي في شعرها وقلادة ذهبية وأساور ذهب يزن الواحد منها نحو 20 كيلو”. ويتابع “تم العثور أيضا على فخاريات نادرة جدا”، مشيرا إلى أسمها ب”الفخار الأتيكي”، وهو الوحيد المجلوب من الخارج