اقتصاد

لماذا قفزت أسعار الذرة لأعلى مستوى منذ 10 سنوات.. و كيف أعاد الغزو الروسي لأوكرانيا رسم خريطة الذرة في العالم؟

تجاوزت العقود المستقبلية للذرة في شيكاغو سعر 8 دولارات للبوشل لأول مرة منذ عقد تقريباً، متجهة نحو تحقيق مستوى قياسي مرتفع في ظل تهديد الحرب للإمدادات العالمية، مما عزز الطلب على الحبوب الأمريكية.

صعد العَقد الأكثر نشاطاً بنحو 2.6% تقريباً، ليصل إلى 8.04 دولار للبوشل، مع عدم وجود علامات على تهدئة النزاع في أوكرانيا، بعدما هاجمت القوات الروسية مدينة ماريوبول بين عشية وضحاها.

الحرب في أوكرانيا تعيد رسم خريطة تجارة القمح والذرة العالمية

تضررت النظرة المستقبلية لإمدادات الذرة العالمية مع عرقلة غزو روسيا في أوكرانيا للزراعة، وتدفقات التداول في المنطقة المسؤولة عن 20% من صادرات الحبوب تقريباً.

ليس هذا فحسب؛ إذ إنَّ مزروعات الربيع تشكّل مصدر قلق حالياً أيضاً. وبالإضافة إلى كل ذلك خيَّم ارتفاع أسعار الأسمدة على آفاق المزروعات في الولايات المتحدة، وهي أكبر دولة لشحنات الحبوب على مستوى العالم.

زيادة الطلب

يصعد الطلب بدوره أيضاً، وأبلغت وزارة الزراعة الأمريكية عن بيع عدة شحنات ذرة من الولايات المتحدة إلى الصين، والتي يتجاوز حجمها مليون طن.

لم تلامس الأسعار مستوى 8 دولارات منذ سبتمبر 2012، حينما وقعت حالة من الجفاف المُضني ودرجات الحراراة القاسية، مما أدى وقتها إلى تدمير المحاصيل في وسط غرب الولايات المتحدة. وتقترب العقود المستقبلية حالياً من أعلى مستوى لها على الإطلاق عند سعر 8.49 دولار للبوشل والذي تحقّق في 2012 أيضاً.

مديرة صندوق النقد: الحرب في أوكرانيا تضر بالنمو العالمي

كتبت ناعومي بلوم، مديرة المستشارين السوقيين في شركة “توتال فارم ماركتينغ” (Total Farm Marketing)، ومقرها مدينة ويست بيند في ويسكونسن، في مذكرة، الإثنين: “يراقب الأشخاص أيضاً عن كثب الاقتصاد الصيني، وإغلاقات كوفيد، والطلب على السلع الرئيسية، وبصفة خاصة الذرة”.

تراجع المحاصيل

قد يتراجع محصول أوكرانيا التالي من الذرة بنحو 40% تقريباً مقارنة بالعام الماضي، بحسب ما توقَّعته رابطة محلية للحبوب في وقت سابق من هذا الشهر.

ويستعد المزارعون الأمريكيون لزراعة مساحة فول الصويا أكبر من الذرة، وتعتبر هذه هي المرة الثالثة فقط على الإطلاق التي يحدث فيها ذلك، إذ حفّزت أسعار الأسمدة القياسية المزارعين على التحول بعيداً عن الحبوب عالية التكلفة.

صعّدت أسعار العقود المستقبلية المرجعية للقمح في شيكاغو بما يعادل 3.5%، لتصل إلى 11.43 دولار للبوشل، بعدما هدد المناخ الأبرد من المتوقَّع في أنحاء متفرقة من سهوب البراري الكندية ونورث داكوتا بتباطؤ المزروعات.

اضطرابات جوية

كتب دايفيد توليرز، مالك شركة “وكس ريسك” (WXrisk)، في تقرير: “لا نشهد الكثير من درجات الحرارة الدافئة، كما لا تصعد حرارة التربة بنفس السرعة التي افترضناها. وهذا سيؤدي إلى مشكلة في مايو المقبل، إذا استمر ذلك الاتجاه”.

صندوق النقد: حرب أوكرانيا تتسبب في خفض توقعات النمو العالمي

قال جويل ويدينور، عالم الأرصدة الجوية في مجموعة “كوموديتي ويذر” (Commodity Weather)، إنَّ بعض المناطق في سهوب البراري الكندية تعاني من الثلوج على الأرض بارتفاع 8–10 بوصة (ما يعادل 20–25 سم) بعدما شهدت المنطقة عاصفة ربيعية.

ومن المتوقَّع هبوب عاصفة أخرى تؤدي إلى أمطار وثلوج بارتفاع 12 بوصة (ما يعادل 30 سم) في جنوب شرق مدينتي ساسكاتشوان ومانيتوبا في نهاية هذا الأسبوع. وقد تنخفض درجات الحرارة الصغرى في وينبيغ إلى 3 درجات فهرنهايت (ما يعادل -16 درجة مئوية) الإثنين، وفقاً لوزارة البيئة الكندية.

وتوقَّع كين بول، مدير مستشاري العقود المستقبلية في شركة “بي آي فاينانشيال” (PI Financial) تأخر بدء استزراع بعض المناطق في الدولة من أسبوع إلى 10 أيام.

اقرأ أيضاً: بايدن يسعى لترويض أسعار البنزين بالاعتماد على الذرة

يخطط الرئيس الأمريكي جو بايدن للسماح بمبيعات أكبر من البنزين عالي الإيثانول في محاولة لخفض أسعار الوقود ومواجهة الانتكاسة السياسية الناتجة عنها.

من المقرر أن يكشف بايدن عن المبادرة خلال زيارة اليوم الثلاثاء إلى محطة الإيثانول “بويت” (Poet LLC) في ولاية أيوا – أعلى ولاية إنتاجاً للذرة في الولايات المتحدة، ويلغي هذا التغيير، الذي سيطبق مؤقتاً خلال أشهر الصيف، قيود مكافحة التلوث التي تمنع بقوة مبيعات بنزين “E15” الذي يتسبب في زيادة حرارة الطقس في المناطق ذات الضباب الكثيف.

قال باتريك ديهان، رئيس تحليلات البنزين في متتبعة مبيعات التجزئة “غاز بادي” (Gas Buddy)، إن هذا التحول يمكن أن يسفر عن تأثير متواضع على أسعار البنزين في المحطات نظراً لأنه في المناطق التي يتوافر فيها بالفعل، يباع “E15″ بسعر أقل بـ5 إلى 10 سنتات لكل غالون من البنزين العادي، و”E15” هو بنزين 15% منه من الإيثانول. ويصنع الإيثانول عادة من الذرة.

قدر مسؤول كبير في الحكومة أن استخدام “E15” يمكن أن يوفر لسائقي السيارات، في المتوسط، 10 سنتات للغالون، وألقت الإدارة باللوم في ارتفاع الأسعار بشكل مباشر على الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال ديهان: “قد تقلص الخطوة أيضاً استهلاك النفط، مستبدلة إياه باستهلاك الذرة.. ومع ذلك، قد ترفع الحرب في أوكرانيا أسعار الذرة في الأشهر المقبلة ما قد يغير الحسابات”.

يمثل هذا الإجراء محاولة أخرى من جانب بايدن للتخفيف من ارتفاع تكاليف البنزين والتضخم الذي يلاحق الناخبين مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر، وفي استطلاع تلو الآخر، أشار الناخبون إلى التضخم كواحد من أهم اهتماماتهم، وستسمح هذه الخطوة ببيع “E15” على نطاق واسع من 1 يونيو حتى 15 سبتمبر عندما ينطلق العديد من الأمريكيين على الطرق في إجازات صيفية.

الوقود الحيوي

كان منتجو الإيثانول وحلفاؤهم في الكونغرس يناشدون الحكومة أن تجعل التغيير دائماً، بعد أن أدى طعن قانوني ناجح في محكمة من قبل شركات تكرير النفط العام الماضي إلى إلغاء محاولة أولية من قبل حكومة ترمب.

ويجادل المدافعون عن الوقود الحيوي بأن القيود الموسمية يمكن أن تثني محطات تعبئة البنزين عن تقديم مزيج أعلى من الإيثانول، وحالياً، تبيع حوالي 2300 محطة من بين أكثر من 150 ألف محطة في الدولة بنزين “E15″، ورغم توفره في ما يقرب من 30 ولاية، يتوفر الوقود على نطاق واسع في الغرب الأوسط.

يقول مونتي شو، المدير التنفيذي لجمعية الوقود المتجدد في ولاية أيوا، إن خطوة الرئيس “بشرى سارة للمزارعين ومنتجي الإيثانول”، مضيفاً أن مبيعات صيف العام الجاري يمكن أن تصل إلى حوالي 250 مليون غالون من “E15″، ويرى أن التأثير يتجاوز مبيعات الصيف في عام 2022، أي أن تجار التجزئة لن يكونوا مجبرين على التخلي عن “E15”.

قامت حملة بايدن الانتخابية على وعود بترويج الإيثانول ودعم قانون معيار الوقود المتجدد الذي سُن منذ 17 عاماً والذي يفرض استخدام أنواع الوقود البديلة النباتية، ومع ذلك، بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض، واجه نفس التحديات التي واجهها أسلافه في الموازنة بين المطالب المتعارضة من مصافي النفط وأصحاب المصالح الزراعية.

تقول وثيقة توجيهية لوكالة حماية البيئة إنه يمكن استخدام الإعفاءات في حالات محدودة مثل حالات الطوارئ المتعلقة بالإمداد، ولكن لا يمكن استخدامها للتعامل مع مخاوف الأسعار.

لا يزال من الممكن أن يؤدي الارتفاع في أسعار الذرة إلى تقليص أي وفورات من زيادة محتوى الإيثانول في إمدادات الوقود الصيفية، ولامست العقود الآجلة للذرة مؤخراً أعلى مستوى منذ عام 2012 عندما اجتاح الجفاف الشديد مناطق الزراعة الرئيسية في الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه، أدت الحرب في أوكرانيا إلى تعطيل النشاط الزراعي في مورد مهم.

ذكرت صحيفة وقائع تسرد جهود حكومة بايدن المتعلقة بالوقود أن وكالة حماية البيئة تقترح تغييراً من شأنه أن يسمح للوقود الحيوي القائم على الكانولا بالتأهل للائتمانات بموجب برنامج فيدرالي يجبر المصافي على مزج البدائل النباتية بالبنزين والديزل.

المصدر: الشرق – مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى