هل سبق لك وسمعت بالسياج الأسترالي البالغ طوله 5614 كيلومتر وقصة بنائه؟.. إليك قصة السياج الأطول بالعالم
تنتشر «كلاب الدينغو» أو «الكلاب الأسترالية» في أستراليا بشكل كبير، وتقتل هذه الحيوانات المتوحشة الأغنام وتتغذى عليها، لذلك لم يكن أمام الحكومة الأسترالية سوى بناء سياج كبير في القسم الجنوبي الشرقي من البلاد، لإبقاء هذه الحيوانات بعيدة عن المناطق الزراعية والسكنية.
تشبه كلاب الدينغو الكلاب العادية ولكنها أسوأ بكثير، فهي تصنف ضمن لائحة الحيوانات المفترسة، فهي تأكل أي شيء يظهر أمامها، مثل الكناغر والجرذان والأبقار والأغنام والأسماك وغيرها من الحيوانات.
عانى المزارعون بشكل خاص من حيوانات الدينغو التي كانت تهاجم مزارعهم وتأكل ماشيتهم، ولكن هل من الممكن أن تهجم حيوانات الدينغو على البشر؟
الأمر ليس مستبعداً على الإطلاق، ولكنه نادر الحدوث، فقد تم تسجيل بضعة هجمات لحيوانات الدينغو على البشر، من بينها هجوم كلب دينغو على طفلة تبلغ من العمر شهرين وقتلها داخل خيمة في مخيم في (آيرز روك) أثناء تواجدها مع ذويها. تمت محاكمة والدة الفتاة بتهمة قتل طفلتها، وقضت أكثر من ثلاث سنوات في السجن، قبل أن يُثبت أن الدينغو هو من قتل هذه الفتاة الرضيعة.
تم الإفراج عن الأم وإعطاؤها تعويضاً قدره 1.5 مليون دولار، بعد أن بلغ إجمالي نفقاتها القانونية أكثر من 4 مليون دولار! لذلك لم تكن الأم راضية عن هذا التعويض.
ليس لهذه الحالة أي علاقة ببناء سياج الدينغو، وذلك لأنه تم بناء هذا السياج في القرن التاسع عشر.
ما يجب عليك معرفته عن أستراليا هو أن معظم سكانها يعيشون في قسم البلاد الجنوبي الشرقي. في الواقع، يعيش 18% فقط من السكان في الإقليم الشمالي وغرب وجنوب أستراليا، على الرغم من أن هذه المناطق تشكل 63٪ من إجمالي مساحة البلاد.
الآن، السبب الذي يدفع معظم سكان أستراليا للعيش في القسم الجنوبي الشرقي من البلاد، هو أن هذه المنطقة أكثر خصوبة، أي أنها المنطقة التي تتواجد فيها معظم المزارع. ولزيادة معلوماتك، تفوق مساحة مزارع الماشية في أستراليا مساحة دولة لبنان مرتين.
بما أن معظم السكان يعيشون في هذه المنطقة الخصبة، توجب إيجاد حل لفصل المنطقة الخصبة والسكان في أستراليا عن المناطق الجافة التي تتواجد بها الحيوانات المفترسة، لذلك بنت الحكومة سياجاً بطول 5613 كلم.
لم يكن هذا السياج مخصصاً لإبعاد حيوانات الدينغو، بل كان مخصصاً لإبعاد الأرانب! ففي عام 1859، أطلق رجل يدعى (توماس أوستن) سراح 24 أرنباً في الغابات الأسترالية لتشجيع رياضة الصيد، وبسبب خطوته تلك، تكاثرت هذه الأرانب بشكل رهيب ليصل عددها إلى 600 مليون أرنب! اجتاحت هذه الأرانب المزارع وأكلت المحاصيل الزراعية، وهنا جاء قرار الحكومة ببناء هذا السياج وإنشاء مناطق خالية من الأرانب لكي يتمكن المستوطنون من الزراعة.
كما تعلمون، لأستراليا تاريخ طويل مع محاربة الحيوانات، حيث نشبت حروب حقيقية وجندوا أشخاصاً وزودوهم بالأسلحة للقضاء على بعض الحيوانات، كطائر الإيمو الأسترالي والأرانب وغيرها.
مع مرور الوقت، لم يعد هذا السياج فعالاً في السيطرة على حيوانات الدينغو، ربما لأنها طورت مهاراتها بالقفز، ولكن مع ازدياد عدد حيوانات الدينغو وزيادة عدد السكان، وجدت الحكومة أنها بحاجة لحماية الأراضي الزراعية، لذلك أنفقت ملايين الدولارات لجعل هذا السياج أكبر.
بُني السياج على مراحل وفي أوقات مختلفة، ولكنه اكتمل بحلول منتصف القرن العشرين. بلغ طول السياج 5632 كيلومتر، كما يبلغ ارتفاعه 180 سم.
يمتد السياج من جنوب أستراليا على طول الطريق إلى حوالي 160 كيلومتر غرب (بريزبان)، وهو يقوم بعمل ممتاز في إبعاد حيوانات الدينغو عن المناطق السكنية. أما من الناحية الاقتصادية، فهو الحل الأمثل، حيث تبلغ تكلفة وصيانة السياج حوالي 10 ملايين دولار سنوياً، بينما تُكلف هجمات الدينغو على الماشية أكثر من هذا المبلغ بكثير.
المصدر: قناة Half as Interesting