غلطة فادحة “لا تخطر على بال” أدت إلى هدمه وتوحيد ألمانيا.. ماذا تعرف عن “الحدث التاريخي” وأغرب حكايا سقوط جدار برلين؟
يبدو من المستحيل التصديق أن حدثا بحجم انهيار جدار برلين وقع عن طريق الصدفة البحتة، ليتلو هذه الصدفة انهيار جمهورية ألمانيا الديمقراطية في ألمانيا الشرقية، وتوحيد الألمانيتين
تمر ذكرى هدم جدار برلين، والذي وقف حائلا بين شعب واحد على مدار 28 عاما، عانت فيها ألمانيا الانقسام الصوري فقط.
وذلك بعد الح..رب العالمية الثانية عام 1945، حيث قسمت ألمانيا في هذا التوقيت إلى 4 مناطق طبقا لاتفاقية يالطا، وكانت الدول هي الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي، والمملكة المتحدة وفرنسا
وكانت هذه الدول هي المتحكمة في المناطق الألمانية، وبالتالي قسمت العاصمة برلين أيضا إلى 4 مناطق، في حقبة الح..رب الباردة بين المعسكر الشرقي الاشتراكي، والغربي الرأسمالي.
بداية التقسيم
كانت البداية في عام 1949، بعد 4 سنوات من انتهاء الح..رب العالمي..ة الثانية، وفي هذا التاريخ أقيمت جمهورية ألمانيا الاتحادية ألمانيا الغربية في المناطق المسيطر عليها من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وفرنسا.
وأيضا قيام جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية) التي كان مسيطر عليها من الاتحاد السوفيتي، وبدأ العمل وقتها على الحدود بين البلدين.
كانت الحدود في البداية عن طريق وضع قوات من الشرطة وحرس الحدود، وبعد ذلك بدأ الجانب الشرقي بوضع السياج الشائك، ومع زيادة حدة الحرب الباردة، أدى ذلك لتقييد الحركة التجارية بين المعسكرين الشرقي والغربي
وبدأ تعزيز الحدود بشكل أكبر، وكانت تلك حدود ألمانيا الديمقراطية عبارة عن حدود بين المعسكر الشرقي والغربي وليس بين أقسام ألمانيا، أي بين أكبر قوتين سياسيتين و اقتصاديتين، عسك..ريتين في العالم ويمثلهما حلف وارسو بقيادة الاتحاد السوفيتي، وحلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة.
مغادرة الجانب الشرقي
نتيجة السياسات السوفيتية المتشددة، ومع بداية تأسيس ألمانيا الشرقية، بدأت أعداد كبيرة من الدولة الجديدة، الهجرة في أسرع وقت إلى ألمانيا الغربية، عبر برلين، خاصة لاستحالة مراقبة الحدود فيها، لأنها كانت تمر في وسط العاصمة واحيائها
وبين عامي 1949 و 1961، هاجر حوالي 3 ملايين ألمانية من الجانب الشرقي، إلى الغربي، وكانوا معظمهم من الفئات المتعلمة، وهو ما هدد قدرة الدولة الاقتصادية.
رأت السلطات الشرقية، أن الحل الوحيد، أمام تدفقات الهروب والهجرة، هي بناء جدار عازل يمكن السيطرة عليه، وبالفعل بني السور في 13 أغسطس عام 1961، بأمر من حكومة ألمانيا الشرقية، ليكون رادعا لمحاولات الهروب والتسلل إلى ألمانيا الغربية، وبالتزامن مع بناء السور قدرت محاولات الهروب بـ 100 ألف حالة.
بناء جدار برلين
وتم بناء الجدار العازل بطول 155 كم، منها 43 قطعت برلين من الشمال إلى الجنوب، بينما عزلت 122 كم برلين الغربية عن باقي أراضي ألمانيا الشرقية، وبنيت معظم أجزاء الجدا من الأسمنت المسلح بارتفاع يفوق 3 أمتار، مع تحصينات ومراكز مراقبة وأسلاك شائكة وإضاءات قوية، لمنع محاولات التسلل.
بقي بناء جدار برلين الذي فصل في وقت سابق بين شطري برلين الشرقي والغربي والمناطق المحيطة في ألمانيا الشرقية ثم انهياره في وقت لاحق؛ من الأحداث التاريخية المهمة في التاريخ المعاصر المحاطة بكثير من الأسرار واللحظات الحاسمة والمهمة.
وقدمت جيفري لوبيز في تقرير نشرته صحيفة “لاكروا” الفرنسية بمناسبة الذكرى السنوية الثلاثين لسقوط جدار برلين التي ستحل يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني القادم، نبذة تاريخية عن بناء وسقوط الجدار الذي فصل أوروبا أيام الحرب الباردة إلى قسمين.
وانطلقت لوبيز لدى استعراض أسرار مهمة حول بناء الجدار من يوم 8 مايو/أيار 1945 عندما دخلت الد..بابات الروس..ية برلين لتلتقي مع ج..يش الح..لفاء بقيادة الأميركيين وتنفذ ما تقرر خلال مؤتمر يالطا في الاتحاد السو..فياتي السابق
أرقام حول الجدار
أوضحت الصحيفة الفرنسية أن 136 شخصا ماتوا وهم يحاولون عبور الستار الحديدي، وأن أكثر من ألف شخص فقدوا حياتهم وهم يعبرون الحدود الألمانية خارج برلين.
وأضافت أن طول الجدار كان يبلغ 155 كلم -43 منها بين قسمي برلين- في حين أن 112 كلم منها كانت لفصل برلين الغربية عن أراضي جمهورية ألمانيا الديمقراطية.
وبينت الصحيفة أن قرابة 5000 شخص تمكنوا من الفرار عبر الجدار، وأنه تم حفر 70 نفقا لعبوره بين عامي 1961 و1989 من أجل الهرب من النظام الشيوعي، رغم أنه كان محروسا بـ302 برج مراقبة و14 ألف حارس و600 كلب.
هدم الجدار بسبب غلطة
في 9 نوفمبر عام 1989، أي بعد 28 عاما من بناء جدار برلين، كانت البداية لانهيار الجدار وذلك عن طريق الخطأ، عندما أعلن جونتر شابوفسكي، الناطق الرسمي وسكرتير اللجنة المركزية لخلية وسائل الإعلام وعضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الألماني
أعلن أن قيود التنقل بين الألمانيتين قد رفعت، وذلك خلال حوار إعلامي عن طريق الخطأ، حيث لم يكن تم تأكيد التاريخ وقت الإعلان.
تسبب هذا الإعلان الخاطئ في فوضى عارمة أمام نقاط العبور في الجدار، وتوجهت أعداد كبيرة من ألمانيا الشرقية عبر الحدود المفتوحة إلى برلين الغربية، مطالبين بالمرور عبر الجدار إلى برلين الغربية
وفي ظل المظاهرات المتزايدة اضطرت قوات حرس الحدود لفتح الحدود وصعد المتظاهرون أعلى الجدار، وفي اليوم التالي بدأت قوات ألمانيا الشرقية في تفكيك الجدار، ونتهي من هدمه بشكل كامل في نوفمبر 1991.
والخطأ الوحيد الذي اقترفه الحزب الحاكم وقتها هو اختياره غونتر شابوسكي لإعلان الخبر رغم أنه لم يحضر الاجتماع ذات الصّلة ولم يطّلع حتى على البيان الصحفي الذي صدر عنه
هكذا وفيما كان يقرأ شابوسكي البيان على مسامع الناس في المؤتمر الصحفي، بدت عليه المفاجأة بقدر الصحافيين الحاضرين. وفي ظلّ هذه المعمعة، أغفل عن ذكر تفصيلٍ حاسمٍ بشأن جوازات السفر. وعندما سأله برينكمان: متى يُمكن للألمان الشرقيين أن يُسافروا؟ أجابه شابوسكي: “حالاً، على ما أعتقد”.
تلك كانت غلطته الفادحة، يقول لي برينكمان، شارحاً أنّ الخطة كانت تقضي بفتح معبرٍ حدودي واحد جنوبي جمهورية ألمانيا الدّيمقراطية، بعيداً عن برلين. ولكنّ الخطة فشلت وجاءت نتيجتها كارثية
ففي ذلك المساء، أُذيعت كلمة شابوسكي على قناة ألمانيا الغربيّة وسمعها الملايين من الألمان الشّرقيين (ممارسة ممنوعة لكن شائعة في تلك الأثناء). وما إن أسدل الليل ستاره حتى توافد آلاف البرلينيين الشّرقيّين إلى نقاط التفتيش السّتة على طول الجدار مطالبين بحقّ العبور. إن إعادة توحيد ألمانيا هو الحدث الأبرز في التاريخ